Back Home NextBack to Subject-Page

دولـة القانون... بين المر والأمر  ..

آراء الكاتب

حسن حاتم المذكور

http://www.abdulkhaliqhussein.com/news/342.html

ائتلاف دولـة القانون ’ وتجنباً لأخطار الاجتياح البعثي التي مهدت لـه دسيسـة تزوير الانتخابات في 07 / 03 / 2010  ، وجد نفسه مضطراً لقبول المر في التحالف مـع الائتلاف الوطني العراقي، وهو يقدر مسبقاً حجم الضريبـة التي سيدفعها مشروعه على امتداد الأربعـة سنوات القادمـة .

 الكثير من الكتاب والباحثين والإعلاميين والسياسيين وغيرهم، يتجنبون الاقتراب من ذكر الحقائق عندما يتناولون الشأن العراقي، حتى لا يكونوا هدفاً للإشاعات والتسقيط وفبركـة التهم الباطلـة، تلك العاهة المتبقية مـن ثقافـة الأزمنـة البعثيـة والتي يمارسها الآن البعض مـن كتبـة التقارير السريـة آنذاك .

 في الحالة العراقيـة الراهنة حيث اصبح الفساد تقاليد والتهريب هوايـة والارتزاق شطارة، والتبعيـة فنون لا تدعو للحرج، في مثل تلك الحالة يتجاهل البعض أدوارهم تجاه الوطن والأمـة وقد سحقت ضمائرهم عقدة الخوف من أن تزور دوافعهم وتشوه مواقفهم وتلوث نواياهم، وتلك نقطـة ضعف قاتلـة يجب تحديها وتجاوزها وإعادة الثقـة بالنفس.

مـن بين الأمور التي تحتاج الى موقف صريح، هي إعادة استقراء وتشخيص الإشكالية بين السيد نوري المالكي ـــ دولـة القانون ـــ وبين السادة من رموز وأطراف ـــ دولـة العائلـة والتيار والفيلق ـــ  للأئتلاف الوطني وكذلك ـــ دولـة البعث ـــ للعراقيـة .

 هنـا يمكن تلخيص تلك الإشكاليـة بالنقاط التاليـة:

1   ـــ إن السيد نوري المالكي (دولـة القانون)، هو من عامـة الناس، وقد حصل على الأغلبيـة الساحقـة لأصوات محافظات الجنوب والوسط في انتخابات مجالس المحافظات ومجلس النواب وهذا يعد تحـد قد يصل بالأمور إلى كسر العظم بالنسبـة للسادة الورثـة، ويدفع باتجاه انفلات التوازن وعمى الثأر وشهوة الكيد والتنكيل، وقد ظهر الأمر جلياً في تصرفات السيد عمار الحكيم، وطاقم مجلسه وكذلك وعيد وهمشريات السيد مقتدى الصدر، ورموز تياره، إنها صدمة غير متوقعة ان يحصل المالكي على أصوات تفوق غيره على عموم العراق، أفقدت السادة رشدهـم، ففي نظرهم، أن الآخر والطائفـة بشكل عام لا يتجاوز فعلهم غير طاعـة السادة والسير على أثرهم، وتقبيل أياديهم والتبرك بنيل رضاهم، لا أن يحاول البعض سحب البساط من تحت أقدامهم وهم الأوصياء على الجميع. كذلك لن يرغبوا أو تنقصهم الجرأة لمواجهـة الحقائق كون حبال الخديعـة وتجهيل واستغفال الناس قصير وهو على أبواب نهايتـة.

2   ـــ  السيد نوري المالكي قد طرح مشروعـه لدولـة القانون، وكان جاداً عبر تصديـه لمليشيات الموت اليومي وعصابات التهريب وأوكار التعذيب وزمر الاغتيالات والخطف والاغتصاب وخاصـة في محافظات الجنوب والوسط وبغداد بالذات ومناطق أخرى من العراق، واستطاع أن يعيد شيء لهيبـة الدولـة، وحقق قدراً معقولاً مـن الأمن والاستقرار وأعاد أمل الناس في الحريات والكرامـة والتحسن في الخدمات والمستوى المعاشي رغم ممانعـة مجلس النواب، وهذا الأمر غير مقبول مـن قبل:

  1. أ) السيد عمار الحكيم، الذي يحلم بدولـة المجلس والفيلق، وإمبراطوريـة فدراليـة العائلـة الغنيـة بالثروات في جوار أشقاء المذهب، وقد شكل فوز ائتلاف "دولـة القانون" هزيمـة قطعت عنق أحلام و أوهام السيد، ثم أن سيادة القانون وهيبـة العدالـة مدعاة للقلق وقد تثير أمام طاقمـه أموراً لا يرغبونها، فحق ضحايا الناس قد يؤجل، لكن من غير الممكن الالتفاف عليـه نهائياً ( ولا يضيع حق وراءه مطالب).

  2. ب) السيد مقتدى الصدر الذي يحلم هو الآخر بدولـة مليشيات التيار، ومؤسسات التهريب، والنهي عن المنكر لشريعـة الصبيان، الى جانب ذلك فالسيد تطارده إجراءات قانونيـة لا بـد أن تثار، فحق الناس وسلطـة القانون ومجرى العدالـة ستدق بابـه يوماً بالتأكيد كذلك يوجد أكثر من نصف قيادات التيار في السجون واغلبهم محكومين بين المؤبد والإعدام بتهم جنائية كالاغتيالات والخطف والاغتصاب وجرائم إرهابيـة بشعـة أخرى، خاصـة وان شبح التحقيق والاعترافات قد تجري من تحت بساط السيد والمتبقي من قيادات تياره، لهذا أصبح شعارهم الملح ( كلا..كلا.. دولـة القانون والمالكي) .

  3.  ج)  ـــ السيد أياد علاوي من جانبـه يضغط بحرائق تفجيرات المفخخات والعبوات الناسفة والانتحاريين بأحزمـة القتل الجماعي، والمستوردة إقليمياً أو المصنعـة محلياً في ورشات بعثيي قائمتـه، يضغط من اجل إعادة دولـة البعث ليتحكم بالمصير العراقي لأربعين سنـة قادمـة ليجنب نفسـه وبعثيي القائمة تسائلات، ومسائلات قد تذهب بـه وبهم حتى انقلاب 08 / شباط  63 حيث الجرائم التي ارتكبت بحق الناس في أقبية التعذيب والاغتصاب والتصفيات البشعـة .

 3 ـــ ان ميـل السادة، عمار الحكيم ومقتدى الصدر واغلب قياداتهما ــ رغم تناقضاتهما وصراعاتهما التاريخية ــ نحو القائمة العراقية ومكونها البعثي، تفرضـه مشتركات تاريخيـة ومسائلات مستقبليـة، ان سيادة القانون وهيبـة العدالـة ومراجعـة حقوق الضحايا وإعادة الحق إلى أصحابه سيطارد جميع القتلة مهما تقادمت الجرائـم لهذا أصبح الميل إلى الفوضى وانعدام الأمن والاستقرار، القاسم المشترك بين العراقيـة والمجلس والتيار.

 

4 ـــ  ان تبعيـة ائتلاف العراقيـة للسعوديـة ودول الخليج والمحيط العروبي والإسلامي بشكل عام، أمر لا يقبل الشك، كذلك ارتباط الائتلاف الوطني بالأجندة الإيرانيـة هو الأخر لا شك فيـه، وتلك الإشكالية لا يمكن معالجتها الا بمساومـة إقليمية برعايـة دولية حيث أن ضعف الدولـة العراقية وسهولة اختراقها عبر حكومـة توافق دولي إقليمي، يشكل القاسم المشترك بين ائتلافيَ العراقيـة والوطني العراقي بعد تبني مبدأ (عدو عدوي صديقي) وسيكون الائتلاف الوطني هو الأكثر حماقـة في تلك اللعبة، وهذا الأمر لا يمكن تحقيقه أو القفز عليه مع إصرار ائتلاف دولة القانون في الحفاظ على استقلاليتـه عن كل أشكال النفوذ الإقليمي والدولي إلى جانب تمسك الشعب العراقي بمستقبله في التحرر والديموقراطية، تلك الإشكالية يمكن معالجتها فقط في الضغط باتجاه تشكيل حكومة ضعيفـة مهمشة مشدودة الى إرادات إقليمية ودولية لا تمثل إرادة الناخب العراقي، وهنا تشكل المأزق العراقي الراهن بشكل عام وأزمة تشكيل الحكومـة بشكل خاص .

 في حوار مـع احد كوادر المجلس الأعلى الإسلامي في أوربا، قال:

"ان الشيوعيين وعبد الكريم قاسم كانوا أكثر خطراً من البعثيين، حيث أنهم يهددون نفوذنا الروحي والمعنوي على الطائفـة، وقد عانينا مـن إجراءات ــ يقصد انجازات ــ ثورة 14 /تموز / 1958، وكانوا وراء تجاهل الطائفـة لمراجعها ورموزها طمعاً في المكاسب الدنيويـة، أما البعث ورغم دكتاتوريته، فهو لم يحاول ولن يستطيع أن ينال من تأثير المراجع والرموز على الطائفة."

نعم تلك هي الحقيقة التي تقف خلف التصرفات المتناقضـة المرتبكـة وغير الحكيمـة للسيد عمار الحكيم وبعض قيادات المجلس الأعلى .

نقل عن السيد مقتدى الصدر، رداً على نصيحـة لبعض المقربين منـه، من عدم الاندفاع باتجاه القائمـة البعثيـة "العراقيـة" لأن الأمر مرفوض وغير مقبول مـن قبل الطائفـة وقد يلحق أضراراً بالتيار مستقبلاً،  فأجاب السيد: " حبيبي فكروا زين .. شبيهم البعثيين.. همـه غير معارضـه ومقاومـة للاحتلال  مثلنـه".

فالتيار الصدري مثلـه مثل البعث، لم يتصدوا حقيقـة لجنود الاحتلال مباشرة وليس في نيتهم ذلك، إنهم فقط يعبرون عن نواياهم الخلفيـة عبر تدمير أمن المواطنين، واستقرارهم وتدمير مؤسسات الدولـة الناشئـة والمشاريع الخدميـة واستباحة الشارع واغتصاب حريات الناس وكرامتهم وزرع الرعب والخوف والخراب والفوضى من خلال تصفيـة الآلاف بأحط وسائل التصفيات كالاغتيالات والخطف والاغتصاب، وفتح صفوفهم ومناطق نفوذهم كحاضنات لمجرمي القاعـدة .

العراقيـة والأئتلاف الوطني، ومن حيث ولاءاتهما وتبعيتهما يدفعا الآن بالعراق إلى حافـة مأزق وهاويـة التدويل والأقلمـة، وللتمويه يحاولا اتهام الآخر، والأمر لم يعد لغزاً بالنسبـة للمواطن العراقي، فالسلوكيات والفضائح اليوميـة جعلتـه فاضحاً كمؤخـرة العنزة.

ستتشكل حكومـة الشراكـة ومن جميع الأطراف التي فازت في انتخابات 07 / 03 / 2010 ومهما كان رئيس وزرائها وجمهوريتها ونوابها، ودون استشارة احد واحترام خيار أي طرف، وستبقى عصى طاعة الاحتلال والجوار على رأسها لتعيد جمع القطيع مع القطيع، وستبقى الأوضاع على حالها إن لم يكن الأسوأ، وستبقى دار التحاصص والفرهدة الشاملـة مأمونـة لأربعـة سنوات قادمة، ويبقى الشارع العراقي وحده قلعة للمعارضـة التي سنعول عليهـا، لهذا يجب الالتحاق بها والعمل من داخلها فالتغيير والنصر العراقي سيأتي من هناك فقط، ويبقى التمسك بعروة المشروع الوطني المشترك عبر تنظيم وتوحيد الرأي والوعي والموقف والإرادة والممارسة اليومية هو الملح والأهم في الأوقات العصيبة الراهنة ..

28 / 07 / 2010 .
 


Back Home NextBack to Home Pagego to top of page