الخليفة المآمون العباسي وولاية العهد، درس من التاريخ لمن يتعظ؟
آراء الكاتب
د. عبد الجبار العبيدي
أستاذ جامعي
jabbarmansi@yahoo. com
أول ما يتبادر الى الذهن ونحن في صدد الحديث عن ولاية العهد في عصر الخليفة المآمون بن هارون الرشيد العباسي أن نتسائل في البداية:
هل ان اقامة الخلافة فرض على كل مسلم؟ وهل انها فرض عين او كفاية (1). مسألة شائكة في عصرنا هذا بعد سقوط الخلافة العباسية في بغداد عام 656 هجرية-1258 م. ثم سقوطها في
قاهرة المعز الفاطمي في مصر سنة 923 هجرية-1517 م واخيرا سقوطها في أستنبول -عاصمة العثمانيين سنة 1343هجرية-1924م.
ان هذه التساؤلات وغيرها تجرنا الى مثيلاتها في الصعوبة وحاجتها الى دراسة مفصلة وعميقة ومجردة نزيهة. كما تصل بنا الى مشارف بحثنا هل الخلافة حقا يجب ان تكون في قريش؟ وهل ان قريش هي
الوحيدة التي تملك حق قيادة الامة؟ مسألة الاجابة عليها في غاية الاهمية اليوم وغدا لمعرفة الحقيقة التي ماتت في الصدور وخلفت لنا ناراً لازلنا نكتوي بها فرقة وتدميرا.
كل الاحاديث التي وردتنا في هذا الموضوع جاءت الينا بصيغة خبرية وليست آمرية (طلبية) كقول الرسول: " الائمة من قريش"(2). وقوله: "لايزال هذا الامر في قريش ما بقي في الناس اثنان" (3).
فهي ان صحت تدل على الافضلية وليست واجبة الزامية كغيرها من صفات العلم والخبرة واللياقة الجسمية وامثالها فيمن تنعقد له الخلافة. ويعتقد بعض المؤرخين ان هذه ليست بأحاديث نبوية وأنما
هي جمل من المأثورات السياسية التي اضيفت الى الاحاديث كغيرها من الاضافات (4). وانها لوكانت احاديثاً نبوية صحيحة لكانت في مقدمة الاعتراضات والانتقادات التي وجهت للخوارج يومئذ هو
انهم خارجون على السُنة بهذه السابقة التي ارتكبوها عندما انتخبوا عبدالله بن وهب الراسبي وهو غير قرشي لامارة المسلمين (5).
ومهما يكن من امر فان نظام الخلافة والولاية من الموضوعات التي ترتبط بالسياسة من ناحية، وبالدين من ناحية اخرى لذى آراني سأتخذ الجانب التاريخي، محاولاً الابتعاد عن الناحيتين
السياسية والدينية قدر الامكان.
لم تبلغ دولة من العمر مثلما بلغته الدولة العباسية الذي امتد عصرها من 132-
656 للهجرة اي خمسة قرون واربعة وعشرون عاما ًولم نرى من حصيلتها العلمية والاجتماعية ما يعادل عمرها الزمني، ولم يشتهر من خلفائها سوى ثلاثة منهم هم المنصور والرشيد والمآمون وكان
لشخصية الثالث قدراً كبيرا من الاهمية في رعاية العلم والعلماء، وهو الذي اسس بيت الحكمة البغدادي ورعى حركة الترجمة وبهما اشتهر وتقدم، بالاضافة الى انه كان يملك من مواهب فذة في
عالم السياسة وادراك منقطع النظير في فهم النفوس البشرية وما تقتضيه من مدارات لاخضاعها بين لين وشدة، ورغبة ورهبة.
من المعروف لدارسي موضوع الخلافة في الاسلام وهو آمر لايغيب او يخفى على شخصية المآمون وهو: لايجوز-اولا يحق للخليفة ان يستخلف شخصا اخرأ غيره سواءً أكان قريباً له ومنه او كان بعيدا
عنه في عهده او اخذ البيعة له، لانه لا يملك هذا الحق لان الخلافة عقد اجتماعي للمسلمين مع من يرتضونه خليفة لهم لايتم الا بالبيعة له بعد توافر الشروط الاساسية فيه: من قبل ذوي الرأي،
فكيف يولي غيره عليها وهو لا يملك حق عقدها. وما وصلنا من استخلافات في عهد الخلفاء الراشدين انما هي من قبيل الترشيحات التي انتهت بتنصيب الخليفة. ومثل هذه الترشيحات تمت في خطبة
غديرخم عندما رشح الرسول (ص) علي بن ابي طالب لكفاءته فحسبها مؤيدوه تعيناً بالنص علماً ان الرسول لا يملك هذا الحق المقيد بآية الشورى (6).
ومن الثابت لدى المؤرخين بان تنصيب الخليفة لا يتم الا عن طريق البيعة كما ورد في الكتاب والسنة، واذا اخذت البيعة لاحد من قبل الخليفة اصبح وجود خليفتين في آن واحد، وهذا ما لايقره
الشرع الاسلامي ايضاً (7). ان العاطفة تتضارب مع الشرعية الدينية فعندما استخدمها معاوية باستخلافه ابنه يزيد وفي حياته، دق بذلك اول مسمار في نعش الخلافة الاموية. ان عصر المآمون
بحاجة الى دراسة معمقة بعيدا عن العاطفة، ليقف الباحث او الكاتب على سر اقدامه على هذه الخطوة الجريئة والمثيرة، وهي نقل الخلافة من العباسيين الى العلويين.
الخليفة المآمون وبيعة علي الرضا العلوي
ليس من شك في ان ما اقدم عليه الخليفة المآمون من اسناد ولاية العهد الى علي الرضا بن موسى بن جعفر الصادق (ع)، كانت مشكلة ترتبت عليها وقائع واحداث تاريخية في الدولة العباسية أبان
عهد الخليفة المآمون بالقدر الذي اثارته من جدل بين القدامى والمحدثين حول أمرين:
-
أولهما : الحوافز الحقيقية التي دفعت الخليفة المآمون الى ان يقدم على هذا العمل غير المآلوف.
-
وثانيهما : هل كان ما جرى ينم عن رغبة حقيقية عند المآمون في تحويل الخلافة الى العلويين لوضع حدٍ للصراع بين البيتين العباسي والعلوي،
أو ان الآمر كان لا يعدو مناورة بارعة من جانب المآمون لايجاد حلول لكثير من المشكلات التي واجهت خلافته آولا ولترسيخ الخلافة في البيت العباسي ثانياً.
وقبل الدخول في الموضوع من المفيد ان نثبت ان مشكلة الخلافة الاسلامية أوقل رئاسة الدولة، أثارت وما تزال تثير صراعات دموية وحروب كلامية
بعد وفاة الرسول (ص) مباشرة وحتى الوقت الحاضر، حتى ليذكر الشهرستاني "...ان أعظم خلاف بين الامة خلاف الامامة، أذ ما سل سيف في الاسلام على قاعدة دينية مثلما سُل على الامامة في كل
زمان (8).
ومهما قيل في الخلافة لكننا نلحظ ان لاول مرة يتجاسر بني آمية بأعلان الخلافة الوراثية اختراقاً لاية الشورى معللين ذلك بالبيعة العامة والخاصة، لكن ذلك كان تدليساً دينيا على منصب
رئاسة الدولة في الاسلام. ولعل ذلك كان من اسباب ظهور قوى المعارضة التي رعاها هذا التحول (9). والذي تمثل بشكل اساسي في معارضة أهل البيت والتي فشلت في البداية الامر الذي دعاهم الى
التحول الى الدعوة السرية معلنين شعار الدعوة "للرضا من آل محمد (10). لكن هذا الاتفاق بين البيتين العباسي والعلوي شابه في بداية الامر حرب كلامية بين المنصور ومحمد النفس الزكية
لاداء كل منها بوراثة الامامة في بيته (11), لكن الامر حينما تحول الى خصام سياسي حربي بدأ يلوح في الافق خطر العلويين على العباسيين بثورات حقيقية تزعمها
-
أبو السرايا في الكوفة
-
والحسين ابن ابراهيم في واسط
-
ومحمد بن اسماعيل في المدائن
-
وزيد بن موسى بن جعفر في البصرة
-
ومحمد بن سليمان العلوي في الحجاز
مما اصبح الوجود العباسي في خطر حقيقي محدق به. بالاضافة الى ثورات عديدة في اماكن اخرى كسبت فيها العلويين ولاء الناس (12).
لقد تولى الخليفة المآمون الخلافة وسط هذه الظروف الصعبة التي كانت تحيط
بالدولة العباسية في كل مكان. وفي خضم هذه الظروف الصعبة اقدم الخليفة المأمون على مبايعة الامام علي الرضا بولاية العهد سنة 201 ه- 817م) (13). الامر الذي أثار حفيظة البيت العباسي
الذي رفض البيعة وبايع ابراهيم بن المهدي بن جعفر المنصور منادين بعزل المآمون غير مكترثين بما يحصل لهم من جراء هذا الموقف الصعب (14).
لقد اختلفت وجهات النظر عند المؤرخين في الاسباب الحقيقية التي دفعت المآمون لهذه البيعة العلوية،
-
هل جاءت بقناعة متأثرأ بحركة المعتزلة الموالين لاهل البيت من العلويين،
-
أم كانت مناورة سياسية بارعة منه لامتصاص النقمة العلوية المتمثلة بالحركات والثورات المضادة للعباسيين؟
لقد دخل في حوار التأييد من عدمه الكثير من المؤرخين ويقف في المقدمة اليعقوبي والطبري والاصفهاني وابن الطقطقا والسيوطي، لكنهم جميعاً
لم يعطوا رأيأ واضحا في هذه القضية المعقدة، لان السيف كان بانتظار المعارضين لها، لذا نرى المؤرخين القدامي والمحدثين امثال الدوري وحسن ابراهيم حسن وهاشم معروف ─الذين اعتمدوا على أراء القدامى─ كلهم يتفقون على ان العمل كان بمحض ارادته أوبأيحاء من الفضل ابن سهل مستشاره
الخاص الذي كان يستهدف عن قناعة نقل الخلافة الى البيت العلوي.
لكن السؤال المطروح هو هل وافق الامام الرضا على هذا الطرح من قبل الخليفة المأمون؟ واذا لم يوافق كيف قبل العرض؟
يقول الاصفهاني في كتابه مقاتل الطالبين ص563: "ان المآمون بعث الفضل والحسن ابني سهل الى علي الرضا، نقلا اليه رغبة الخليفة في توليته عهده، فرفض الاستجابة فهدده بضرب عنقه ان هو
استمر في الاباء معللاً رايه بان الخليفة لم يكن جدياً بالامر لاسباب واقعية ادركها الامام، فدعاه المآمون لمجلسه ولكنه استمر في الرفض فهدده بالقتل قائلا: "لابد من قبولك ما أريد
فاني لا اجد محيصأً عنه، فأضطر الرضا بقبول الامر." لكن مفارقة لابد من ذكرها بين الامام موسى بن جعفر والامام الرضا، فالاول رفض عرض الرشيد من اغراءاته الكثيرة له من جهة وتهديده
بالقتل من جهة اخرى، طالباً منه ذكر الرشيد في خطبة الجمعة والدعاء له والاعتراف بشرعية ولايته فرفض حين ردَ على الرشيد بخطاب مكتوب من سجنه في بغداد يقول له فيه: "ياظالم العصر ان
الظلمَ فاشٍ ببابك، وان ما تمنين فيه فهو زائل بزوال الدنيا ولن ينقضِ عني يوم من البلاء، حتى ينقضي عنك يوم من الرخاء، بينما الامام الرضا رضخ للامر محتجاً بدرء الخطرالذي يتنافى
ومنهج مدرسة أهل البيت العظام. ولكن لربما هناك ظروفا اخرى سكت المؤرخون عنها.
لكن ما يثبت رأي الامام بان المآمون لم يكن صادقا فيما يرمي اليه هو تدبير مؤامرة القتل للامام الرضا والتخلص منه نهائيا والتي نفذت فعلا به بواسطة سم مدسوس له في العنب وهو في طريقه
الى بغداد فتوفي (ع) في طوس ودفن فيها ولا زال مقامه الجليل يزار اليوم باعتباره ضحية الغدر والخيانة العباسية وآماما من آل البيت بعد ان حقق مأربه من البيعة الشكلية له.
ان اعادة تسميم الشخصيات البارزة غير المرغوب فيها او المغضوب عليها كانت مألوفة في بلاط الخلفاء والامراء والوزراء في تلك العصور المضطربة، خوفاً من القتل المباشر الذي يسبب الكثير
من ردود الفعل السلبية على الدولة. ومع الاسف ظلت هذه الظاهرة المقيتة واللاشرعية سارية عند العرب والمسلمين الى يومنا هذا. وهي احدى الرذائل اللاحضارية التي تتهم بها الانظمة
السياسية اللاشرعية في حكم الدولة.
تقييم رأي المؤرخين في البيعة
نحن نرى خطأ هذا الرأي وخطله استنادا على تحليل دقيق لمجرى حركة الصراع الطويل الدامي بين العلويين والعباسيين ممسكين بالنص الهام الذي اورده الجهشياري (ت 331 للهجرة) رغم انه لم يفصح
بوضوح على ان الامر كان محض مؤامرة حين قال موجهاً خطابه للفضل بن سهل: " أنك أنما تريد ان تزيل الملك عن بني العباس الى ولد علي، ثم تحتال عليهم فتصير الملك كسروياً، ولولا أردت ذلك
لما عدلت عن لبسة علي وولده، وهي البياض الى الخضرة، وهي لباس كسرى والمجوس (15).
ان معطيات الواقع التاريخي تؤشر الى الوضع الحرج الذي به استلم المآمون الخلافة بعد مقتل اخيه الامين على الايدي الفارسية في بغداد وحنق العرب عليه وعدم مبايعة اهل الكوفة له، ورغبة
بعض العباسيين من نزع الخلافة منه، وهذا تشكيك بمشروعية خلافته من حيث انها لم يتوافر لها مبدأ الاجماع. لذا كان المآمون في ورطة تتطلب حلاً. ولم يكن هذا الحل سوى المناورة التي أقدم
عليها، ونحن نرجح ذلك استنادا الى الاحداث التي عبرت عن خطة المآمون في نقل ولاية العهد الى العلويين.
يبدو ان هذا الامر لم يتخذ من قبل المآمون الابعد مراجعة شاملة وتخطيط محكم اخذت كل الظروف والملابسات المحيطة بالخلافة والدولة بنظر الاعتبار. لذا وبناءً على هذا التصور المتكامل
للسياسة العباسية انئذٍ عمل الخليفة على تحقيق عدة خطوات مهمة في سياسته منها:
-
اتـباع سياسة الحياد تجاه كل الخلفاء من الامويين والعباسيين فلا يذكر احدا منهم بسوء، ولا حتى غيرهم من الصحابة حين قال: (والله ما
أستجيزُ أن أنتقص الحجاج الثقفي فكيف السلف الطيب 16). لذا فقد منع شتم معاوية على المنابر انتقاما منه لشتم الامام علي في عهده.
-
والسبب الثاني ان المآمون قد اقنع العباسيين بأن البيعة لصالحهم في النهاية وهذا ما يفسر سر المؤامرة السياسية البارعة التي اقدم عليها المآمون حين
يقول: (واما ماكنت اردته من البيعة لعلي الرضا، بعد استحقاق منه لها في نفسه، فما كان ذلك مني الا ان أكون الحاقن لدمائكم، والذائد عنكم، باستدامة المودة بيننا وبينهم ليس الا
(17). لذا يقول في نص آخر (.... لقد أردنا ان نجعله ولي عهدنا ليكن دعاؤه لنا، وليعترف بالملك والخلافة لنا(18). وكذلك ما خاطب به الحسن بن سهل حين يقول: ان علياً الذي أظهروا سخطهم
وتبرمهم من اسناد ولاية العهد له قد قضى، فلا شيء اذن يمنعكم من العودة الى طاعتي وموالاتي (19).
ان هذه الخطوات الجريئة والمتتالية انقذت الخلافة العباسية من القلاقل الكثيرة التي كانت تجابهها ولا تقوى عليها. كان اختيارا ًموفقا وخطوة ناجحة، حيث هدأت العواصف وبدأت تباشير
المودة بينهم تظهر، وتختفي مظاهر التزمت العلوي ضد خلافة المآمون. أنه دليل على حنكة ودهاء الخليفة وادراكه للاسباب الحقيقية التي كانت تحيط بخلافته. بعد ان ادرك الجميع المغزى
الحقيقي لما أقدم عليه الخليفة المآمون
نستخلص من هذا كله:
ان ماجاء به المأمون كانت مناورة سياسية بارعة استخدم فيها التدليس الديني والسياسي من اجل البقاء في السلطة وتثبيتها، متجاوزا الشرعية الدينية
التي بها كان يدعي ويعتقد، وجاء ذلك من عظمة لسانه حين قال مهددا الاعداء: "ما ظننت ان احدا من آل ابي طالب يخافني بعد ماعملته بالرضا (انظر الاصفهاني)، فقتل قياديا من اعظم القياديين
وفاءًٍ واخلاصاً للاسلام، وهذه هي سير اهل البيت العظام الذين فضلوا المبادىء على المصالح الشخصية والاخرة على الدنيا وما وهنوا ولا استكانوا لحاكم ظالم او خليفة مستبد ابتداءً من
جدهم رسول ال له(ص) الذي وقف وحده بوجه قريش الظالمة رغم أغراءاتها المادية والمعنوية، مرورا بالامام علي امير المؤمنين الذي رفض البقاء والانزواء في بيته بالكوفة بعد ان حذروه من
مؤامرات الخوارج لقتله، فقال: "ان من يحكم الناس عليه ان يكون بينهم ولا يتخلى عنهم". وفعلا فضل الموت على الحياة ايماناً بالمبادىء الي رسمتها مدرسة آهل البيت وانتهاءً بموسى بن جعفر
وموقفه الشجاع من الرشيد.
ان من يدعي الانتماء الى مدرسة آل البيت العظام عليه ان يتمسك بمبادئهم فلا دنيا تغريه ولا مال يغنيه ولا منصب يثنيه. نعم انها مدرسة الدساتير الانسانية التي قل نظيرها في العالم منذ
ان خلق الله الدنيا والى اليوم، وسيبٍقى التاريخ يذكرهم بأحرف من نور ولا احد يستطيع ان يتجاسر على تاريخهم الناصع بكلمة سوءٍ الى الابد، أنهم في صدور الناس أهيب من الأسد. وأن من
يقرأ تاريخ الاسلام السياسي يدرك تماما ان ما قاله الشهرستاني في كتابه الملل والنحل: "ما سُلَ سيف في الاسلام على قاعدة دينية مثلما سُلَ على الامامة في كل زمان" كان قولا
مأثوراً وصحيحاً لانه كان يدرك ما يقول لمعايشته الكثير من الاحداث السياسية والاجتماعية في عهده، ولان الخلافة منذ وفاة الرسول الكريم (ص) ظلت مصدر قلق واضطراب في الدولة الاسلامية،
لان العرب والرياسة صنوان لا يفترقان، ولانها بقيت موضع جدل بين من يؤيد انها بالنص وبين من يعارض انها بالشورى، لكن الاثنان لم يضعوا لها معاييرا معينة لمن ينتخب او يعين فيها، لذا
بقيت كالنار تحت التراب تظهر وتثور متى توفرت لها رياح التغيير. وتلك مشكلة من اصعب المشاكل التي واجهت الدولة الاسلامية قديما وحديثا . وسيبقى العرب والمسلمين اسرى هذه القاعدة ما
دامت الدنيا باقيه وبها أضاعوا الاسلام والمسلمين وحق شعوبهم في الوحدة والحرية والاخاء. لقد كانت فرصة كبرى لاتباع اهل البيت ان يغتنموها في العراق الجديد بعد التغيير في 2003
ليبرهنوا صدق ايمانهم بمدرسة أهل البيت ومنهجها القويم، لكنها فرصة يجب ان لا تضيع منهم حتى ولو كانت الظروف الصعبة هي التي حتمت عليهم السكوت لأن الفرصة لاتأتي الا مرة واحدة في
التاريخ، والمبادىء السامية تبقى تتعايش مع النفوس المؤمنة بها دائماًً، فهل لنا امل بالمالكي والاخرين. فلننتظر مع المنتظرين لان التاريخ لا يعيد نفسه ابداً.
المصادر المعتمدة
-
فرض عين واجب ديني شرعي ملزم لا يسقط عن المكلف بفعل سواه. وفرض كفاية واجب ديني شرعي غير ملزم بهدف وجود الفعل وكفى . قالاول ايمان بالله والصدق
والوفاء بالعهد، والثاني القضاء والافتاء وتعليم الامور الدينية. أنظر محمد جواد مغنية – علم اصول الفقه بيروت 1980 .
-
صحيح مسلم ج3ص1453 دار احياء التراث العربي، القاهرة 1952.
-
المصدر السابق.
-
محمد عمارة، الاسلام وفلسفة الحكم ص34،مؤسسة الدراسات، بيروت 1979.
-
نفس المصدر السابق ص110-111.
-
آية الشورى (وشاورهم في الامر) وهي مبدأ قرآني سياسي لايمكن تجاهله او الالتفاف عليه، فهو مبدأ قانوني ملزم.
-
قال رسول الله (ص)، اذا بويع لخليفتين فأقتلوا الآخر منهما. صحيح مسلم ج3 ص1480 .
-
الشهرستاني: الملل والنحل ج1 ص28 دار المعرفة للطباعة، لبنان 1975.
-
محمود اسماعيل نالمعارضة في الاسلام ص27 وما بعدها.
-
ابن الطقطقا، الفخري في الاداب السلطانية ص164-165 بيروت 1976.
-
نفس المصدر السابق.
-
عبد العزيز الدوري، العصر العباسي الاول ص159 وما بعدها، دار الطليعة، بيروت 1988.
-
الطبري، الرسل والملوك ج8ص557 وما بعدها.
-
المصدر السابق.
-
الجهشياري، الوزراء والكتاب ص313 مطبعة البابي الحلبي، القاهرة 1938.
-
أبن طيفور، كتاب بغداد ص45 مكتبة الثقافة، القاهرة 1949.
-
المجلسي، بحار الانوار، ص49،213.
-
نفس المصدر السابق.
-
عيون الاخبار ج2ص170 /طبعة طهران 1377هجرية.
Back
to Home