ثقافة التعايش
آراء الكاتب
نــــزار
حيدر
NAZARHAIDAR@HOTMAIL.COM
لقد شاء الله تعالى ان نعيش، نحن العراقيون، في بلد متنوع ومتعدد في كل شئ، في الاجناس والاعراق والاديان والمذاهب والافكار والاحزاب والسياسات والثقافات والمناخ والطبيعة والتاريخ
والحضارات، وفي كل شئ، ولذلك، فاذا اردنا ان نعيد بناء العراق الجديد على اسس صحيحة، علينا ان نتشبع بثقافة التعايش التي تقوم على اساس الاعتراف بهذا التنوع وعدم السعي او بذل اي جهد
لالغائه او تجاوزه او عدم الاعتناء به.
العراقيون بحاجة الى ثقافة التعايش مع الذات ومع اعضاء العائلة الواحدة ومع الجيران ومع ابناء المحلة ومع اهل القرية والناحية والمدينة ومع ابناء الوطن الواحد، لان كل واحدة من هذه
الاجزاء والوحدات الادارية والجغرافية يحمل التنوع بكل اشكاله او على الاقل بشكل او شكلين منه، اوليس في العراق هنالك عوائل كل واحدة منها فيها تنوع ديني او مذهبي او سياسي او حزبي،
فكم من عائلة في العراق فيها الابناء منقسمو الولاءات الفكرية والسياسية، فهذا اسلامي والاخر شيوعي والثالث قومي؟ واخرى فيها الاب شيعي والام سنية او بالعكس، او ان الاب مسلم والام
مسيحية، او ان الام كردية والاب عربيا او تركمانيا، وهكذا؟.
ان هذا التنوع لا يمكن ان يكون مصدر قوة واستقرار وتكامل ما لم تكن الثقافة التي تحكمنا هي ثقافة التعايش، فبالتعايش نحيا بسلام، وبالتعايش نستقر وبه نتقدم ونتحاور ونتزاوج ونتكاثر
ونتعاون، فلندع ثقافة الاقصاء والتمايز على اساس العرق او الدين والمذهب جانبا، ولننس ثقافة الفوقية ونظرية شعب الله المختار او الحزب الاوحد او الفكر الشمولي التي ورثناها من النظام
البائد، جانبا، من اجل ان نتعايش ونتحاور فاذا اختلفنا ندع العقل هو الذي يحكم على صحة او خطأ اي من الطرفين المتحاورين، او ان يكون خيار الشعب هو القول الفصل، واذا اتفقنا على امر في
ظل التنوع فلنقرر التعاون من اجل انجاز المهمة.
كذلك فاننا بحاجة الى ثقافة التعايش مع الطبيعة ومع الكون، فالله تعالى الذي خلق كل شئ من اجل الانسان كما في قوله عز وجل
{وسخر لكم الفلك لتجري في البحر بامره وسخر لكم الانهار} |
وفي
قوله
{وسخر لكم الشمس والقمر دائبين وسخر لكم الليل والنهار}
|
وفي قوله
{وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات بامره} |
وفي قوله
{وهو الذي سخر البحر لتاكلوا منه لحما طريا وتستخرجوا منه حلية تلبسونها} |
وفي قوله
{الم تر ان الله سخر لكم ما في الارض والفلك تجري في البحر بامره} |
وفي قوله
الم تروا ان الله سخر لكم ما في السماوات وما في الارض واسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة |
انما من اجل ان يستغل الانسان كل هذه النعم المسخرة له من اجل حياة افضل، ومن اجل ان يعيش بسعادة وبحبوحة فيتمتع بالنعم ويتلذذ بفوائدها شريطة ان لا يغفل
عنها وذلك من خلال الانتباه لها والتعايش معها واستيعابها وهضم فلسفة خلقها من قبل الله عز وجل.
ان التعايش مع الطبيعة يعني ان نفجر طاقاتها ونوظف فوائدها سواء تلك التي في البر او في البحر او في السماء، اما القطيعة او التغافل عن الطبيعة، فسيخسر الانسان بسببه الكثير من النعم
التي اودعها الله تعالى فيها.
ان في العراق الكثير الكثير جدا مما خلق الله تعالى وسخره للانسان، الا ان ما يؤسف له حقا هو ان العراقيين غافلون عما اودعه الله تعالى في الطبيعة من حولهم، ولذلك تراهم يعيشون العوز
والحاجة والتخلف الاقتصادي والمرض والامية، بالرغم من كل النعم والخيرات التي وهبها لهم رب العزة والجلال، لماذا؟ لانهم غفلوا عن الطبيعة ولم يقرروا التعايش معها، وهذا خطا كبير لا بد
لهم من ان ينتبهوا اليه، ليسخروا ما خلق الله تعالى من اجل تحقيق حياة افضل لهم وللاجيال القادمة.
Home
Page