قصة تأسيس كلية الطب العراقية
د.سعد الفتال
الجمعة, 01 أكتوبر 2010
مقدمه
منذ اجتماع الجمعيه الطبيه البغداديه في ايلول 1921 واقتراحها بتأسيس
(مدرسه طبيه) في بغداد, تواصلت المشاورات والمراسلات بين الجهات الرسميه ذات العلاقه والمسؤولين في مديرية الصحه العامة، حول اهمية المشروع، حتى انتهت بأقتناع الملك فيصل
الاول بأن الظروف باتت ملائمه وضرورية لاتخاذ كافة الخطوات من قبل الجهات الحكوميه للاسراع في تأسيس الكليه الطبيه.
في يوم 6/11/1926 امرجلالة الملك فيصل الاول رئيس ديوانه السيد رستم حيدر بتوجيه كتاب الى رئاسة مجلس الوزراء يحثه للسعي في تأسيس الكليه الطبيه وينص الامر على مايلي:
أمرني حضرة صاحب الجلاله بأن أخاطب رئيس الوزراء في موضوع المدرسه الطبيه,ذلك المشروع الذي له التأثير الحيوي على مستقبل البلاد وأن أذكر له رغبته في لزوم مضاعفة العنايه
وتهيئة الاسباب الموجبه لانشاء المدرسه الطبيه لا تخفى على فخامة الرئيس, ففي سوريا وحدها ثلاث مدارس طبيه , وليس من الانصاف أن نكون عاله على غيرنا. ولقد تيسرت الان
وبدأت المدارس تخرّج بقدر الامكان التلاميذ الاكفاء من الوجهه العلميه,فلا يرجى من وراء التريث سوى ضياع الوقت وبذل الاموال دون خير, ولهذا ينتظر صاحب الجلاله من فخامة
رئيس الوزراء أن يشير الى وزارة الداخليه بتخصيص المال اللازم في الميزانيه الجديده لتحقيق هذا الطلب في أقصر وقت.
وبعد صدور الامر الملكي خصصت وزارة الداخليه مبلغ أولي مقداره 72230 روبيه لانشاء الكليه على أن تتم مناقشته في المجلس النيابي المنعقد بجلسته غير الاعتياديه في يوم
4/5/1927، وكانت محاور النقاش في مجلس النواب تدور حول المسائل التاليه:
تكاليف الكليه الطبيه، تهيئة واعداد الطلاب المتقدمين، تهيئة الكادر التدريسي
إختياراللغه التدريسية، شهادة الكليه الطبيه والاعتراف بها
مستوى الخريجين وكفاءة الاطباء.
وقبل انعقاد الجلسه الرسميه دارت حوارات في اروقة المجلس تتلخص بأن خريجي الكليه الطبيه لن يكونوا في المستوى المطلوب, ولهذا أنقسم الاعضاء بين مؤيد للمشروع ومعارض له,
ولربما يعود السبب الى أعتبارات حزبية آنذاك.
كلمة وزير الداخلية
وقد أفتتح وزير الداخلية السيد رشيد عالي الگيلاني, الجلسة لمناقشة ميزانية تأسيس الكليه الطبيه حيث شدد في كلمته على ضرورة أنشاء المدرسة وتخريج الاطباء الاكفاء وذلك لسد
النقص الخطير في عدد الاطباء العراقيين وبالتالي تحسين الوضع الصحي العام في البلاد, وهذا نص ماقاله ؛
أن دائرة الصحه قد قامت بخدمات جليلة للبلاد, ولا ننكر أن في البلاد أمراض متفشيه وقد قامت مديرية الصحه العامه بواجبها على قدر المستطاع, ولو نظرنا الى نفوس العراق وهي
على الاقل ثلاثة ملايين نسمه لوجب أن نستخدم ثلاثمائه طبيب على الاقل, وهذا أذا أعتبرنا لكل عشرة الاف نسمه طبيبا واحدا , مع أنه في البلاد الراقيه لكل ألف أو الف
وخمسمائه نسمه طبيب واحد , وعلى هذا القياس نحتاج الى ثلاثمائه طبيب في حين لا يوجد أكثر من مائة وعشرون طبيب أو مائه وخمسه وعشرون , وهؤلاء بينهم الانكليزي والسوري
والايراني وغيرهم من الامم الاخرى, ولهذا أضطررنا أن ندخل في هذه الميزانية تخصيصات الى تأسيس مدرسة طبية لكي نتمكن من ان نحصل على عدد كاف من الاطباء لنخلص البلاد من هذه
الامراض ولاسيم وفيات الاطفال.
وقد انهى خطابه قائلا :
(وانا مقتنع بان حضراتكم ستقدرون الفوائد التي سنحصل عليها من تأسيس هذه المدرسه من أحضار العدد الكافي من ألاطباء لكي يتمكنوا من اداء الخدمه التي تعود الى زيادة نفوس
البلاد.)
كلمة نائب الموصل
وبعد الانتهاء من كلمة الافتتاح التي القاها وزير الداخليه, أعقبه السيد علي خيري الامام نائب مدينة الموصل حيث ذكر فيها الحاجه الى تأسيس الكليه بالرغم من بعض السلبيات
وطرق معالجتها وهذا نص ماقال: ( أما تأسيس المدرسة الطبية فهذه حقيقة من الامور الضروريه لهذه البلاد التي أصبح القسم الاكبر منها خاليا من الطبيب والصيدلي وأضاف قائلا,
وقد يقال ان هذه المدرسه تاتي باعمال ناقصه وتخرج أطباء قد لايكونوا كأطباء تخرجوا من مدارس أجنبيه, نعم أن هذه ملاحظه وارده وهذا لايمنع خريجي هذه المدرسة ان يذهبوا الى
الخارج ليتلقوا دراستهم
ألا انني أرى أن مؤسسة هذه ضروريه
مداخلة نائب بغداد
وقد قدم نائب بغداد الشيخ أحمد الداوود أقتراحا يتضمن استقدام أطباء من الدول العربيه ريثما يتم تأهيل أطباء الكليه,وذلك بعد ان شارك المتكلمين السابقيين رأيهم في اهمية
المشروع حيث قال ؛((أني أرحب بما جاء في هذا الباب وفي هذه المصلحه من فتح مدرسه طبيه عسانا نتلافى بواسطتها هذا النقص المعلوم المشهود,ولكن على أن تخرج الاطباء الذين
يحسنون القيام بواجباتهم وعلينا ان لاننسى جلب الاطباء العرب للقيام بهذه الوظائف الى ان يتخرجوا الرجال الاطباء لهذه البلاد المحتم عليهم خدمتها
مداخلة نائب البصرة
وقد أبدى نائب البصره الدكتور سليمان غزاله تفاؤله بتأسيس الكليه الطبيه وسرد مثالا على ذلك بأن مدرسة الصيدله العراقيه قد اثبتت نجاحها , وكما ان دروس الصيدله تشمل
الكيمياء فأن نفس الموضوع سوف يدرس في الكليه الطبيه مستقبلا, وقد خاطب أعضاء المجلس بقوله:
(أننا مستعدون لفتح مدرسه طبيه فعندنا منذ سنين مدرسه صيدله واكثر العلوم التي تدرس فيها هي علوم طبيه كالكيمياء وغيرها,واكمل كلامه ؛ أما من جهة المعلمين فانني أقدر لكم
أن عندنا من المعلمين الوطنين ولو لم يمكنني أن اقول أنهم احسن من الذين ياتون من البلاد الاخرى أو انهم بدرجتهم).
شكوك نائب كربلاء
وقد اعرب نائب كربلاء السيد عبد المحسن شلاش وهو من عائله تجاريه عريقه , عن شكوكه في تفاصيل تخص امور الكليه بعد ان ابدى ترحيـبه بكل المشاريع التي تؤدي الى سؤدد البلاد
وتقدمها حيث وجه سؤاله مباشرة للسيد رشيد عالي الكيلاني قائلا :
(أسأل معالي وزير الداخليه عن نقطة واحدة وهي المدرسة التي تنوي الحكومه أحداثها, فاني أرحب بكل مشروع من شانه الرقي ولكني أود ان افهم من هم المدرسون الذين يقومون بهذه
المهمه؟ وهل هم من البريطانيين أو من العراقيين أو غيرهم؟ وماهي قيمة الشهادة التي يمنحها اولئك المعلمون؟ وماهي قيمة هذه الشهاده في لندن ؟ بالنظرالى الموظفين
البريطانيين حيث ان الطلاب على ما اعلم يدرسون بعد ذلك في الخارج ومن هذا اريد افهم).
مداخلة نائب بغداد
وقد اضاف نائب بغداد السيد يوسف غنيمه وهو من نصارى بغداد المثقفين ما نصه:
(يبدو ان لجنة الامور الماليه في المجلس حسب اقتناعنا غير مقتنعه في استحداث كلية الطب , فقد ترددت كثيرا في امر قبول انشاء هذه المدرسه وذلك لاسباب قيمة جدا تنحصر اولا
في نقطة مهمة وهي الاطباء الذين يتخرجون من هذه المدرسه)
وقد طلب رئيس المجلس من النائب غنيمه أن يؤجل بحث هذا الموضوع الى حين بحث ميزانية المدرسه الطبيه ,ولكنه لم يضيف على كلامه عندما طرح المجلس نقاش الميزانيه المقترحه. وفي
اثناء الحوار قام رئيس المجلس بتلاوة فقرات القانون ومن ضمنها الفصل 49أ والذي يشمل تخصيص مبلغ 72230 روبيه لانشاء المدرسه الطبيه.
مخاوف نائب الدليم
بعدها طلب الكلام نائب الدليم السيد محمود صبحي الدفتري وبدأ بقوله:
(أن فكرة تأسيس مدرسه طبيه ليست فكره حديثه في هذه البلاد ,بل هي تدور على الالسن منذ زمن غير قريب , ووردت بهذا الشأن أعتراضات كثيرة كان منها أن حالتنا الاجتماعية
الحاضرة والتحصيل الابتدائي والتالي عندنا لا يساعدان على تكثير المدارس العاليه, حيث لا يوجد لدينا عدد كاف من التلاميذ ولم يهيأ لهم من الاستاذة ومن الالات والادوات
الفنيه ما يجعلنا ان نطمئن من حسن التبشير بها.)
واستطرد قائلا:
(أن الحاله لاتساعدنا على ان النتائج تكون مفيدة تماما, وأرى ان الاعتراضات قوية تجعلني اتخوف ان نطمئن تمام الاطمئنان من ان يتخرج من هذه المدرسه ان لم يكن قد حصل مثل
الاطباء الذين حصلوا في مدارس الطب الراقية، فيمكن ان يأتينا ضرر وأحب ان اسمع ايضا عما اتخذ من التدابير لجعل هذه المدرسة مفيدة كما المدارس العاليه في الممالك الراقيه
الاخرى. واني اذا اطمأنت الى ذلك فسوف أوافق وأصادق على المخصصات التي اتت بها الحكومه لفتح هذه المدرسة).
تفنيد نائب بغداد
ومن ثم أنبرى الشيخ احمد الداوود نائب بغداد مخاطبا المجلس بقوله لتفنيد ما جاء من اعتراضات على تأسيس الكليه والتي تصب في عدم توفر اساتذة التعليم وقدرة الطلاب المحدوده
في التعلم وهذا نص كلامه:
(نظرا للذكاء الفطري الذي منحه الله للعراقيين ولا أجد صعوبه لتحصيل فن الطب على شباب العراق ,فهنا وطنيون حصلوا على الطب خارج البلاد وهم لايقلون قدرة عن الاطباء
الاجانب.)
ثم أردف قائلا :
(أن الطبيب صائب شوكت الجراح القدير بارى الجراحين الانكليز في صنعته, والنظرالى هذه الحاله أجد في فتح مدرسه الطب فائده كبيره بخلاف رفاقي المتشائمين منها.)
واكمل خطابه حيث قال:
(هنا نقطه واحده يجب على الحكومه ان تهتم بها كل الاهتمام وهي جلب المعلمين القدرين ولو كلفنا ذلك رواتب ضخمه واسعه لان الفائده الموجوده من هذه المدرسه لاتحصل الا بجلب
اساتذه قديرين على تلقين هذا الفن العظيم, وأذا ساعد الحظ لانكتفي بفتح الكليه وحدها,بل يجب ان تقوم بجانب المدرسه بأرسال البعثات الطبيه الى البلاد الغربيه ليستفيدوا
منها فائده وعلما ويكونون بنفس الوقت اساتذه في مدرستنا الطبيه ونخلص من المصايب التي يشتكي منها كل فرد.)
أعتراض نائب الموصل
وقد اعترض نائب الموصل السيد ثابت عبد النور على تأسيس المدرسه الطبيه لاسباب عديده تشمل تكاليف تأسيس الكليه ومستويات المدارس الثانويه وخلو اللغه العربيه من المصطلحات
الفنيه وقلة اساتذه لتعليم الطب وخطورة تعليم الطب باللغه الانكليزيه.
وفي أعتراضه المطول خاطب المجلس بقوله:
(أنا لا ارحب بفتح مدرسه طبيه بل ارحب بكل اقتراح تأتي به الحكومه لتعليم اى فرد من أبناء البلاد في الطب وغيره.)
ثم تراجع عن موقفه قائلا:
(أن فتح كليه طبيه هو من الامور التي اتت قبل اوانها ,وأن اليابان والصين وتركيا ومصر سارت سيرة اخرى بأرسالها أبنائها في البعثات المنتظمه لتلقي العلوم الغربيه
والاستفادة من منابعها, وقد رأيت الجميع متفقين على ارسال البعثات العلميه فلماذا لانداوم على تلك السيره الى ان يأتي اليوم الذي نتمكن فيه من فتح مدرسة طبية تخرج لنا
رجالا مطلعين على اسرار العلوم ومتقدمين في تلك الصناعه الراقية.)
ثم استطرد قائلا :
(يتفاخر البعض برجالنا الذين اتيح لهم ان يحصلوا العلوم في المعاهد الغربيه وابرزوا مهارة في صنعتهم, واني اشاركهم في هذا الفخر ولكن أقول لهم من أين أستقى هؤلاء علومهم؟
أمن الغرب؟ أم من مدرسة الطب التي ستفتح في بغداد؟ .أنهم استقوا علومهم سادتي من معاهد الغرب الفنيه بهذه الصناعه, أننا نحتاج الى مدارس ثانويه منتظمه فأذا كنا في حاجه
عظيمه الان الى ثانوياتنا فلنقم بها.)
وأكمل خطابه:
(أنني اعتقد ان اللغه العربيه مع سعتها وشرف مقامها الا يعين المعلم
او التعلم على علم الطب ولا اظن ان المجلس العالي يوافق على ان يجعل مدرسه الطب ذات لسان اجنبي.)
ثم وجه نائب كربلاء السيد عبد المحسن شلاش سؤاله مرة ثانية الى وزير الداخليه بخصوص شهادة المتخرجين من الكليه حيث قال:
(أود أن اكرر كلامي الى وزير الداخليه بخصوص المديرين ودرجة الشهاده التي سيحملها الطبيب العراقي.)
جواب وزير الداخليه
فأجاب وزير الداخليه السيد رشيد عالي الكيلاني بأسهاب حول جميع النقاط التي ذكرت في الحوار وبدأ قائلا:
(أني اشكر النواب الذين برهنوا على وجوب تأسيس مدرسه طبيه في هذه البلاد حتى تتمكن دائرة الصحه ان تقوم بالخدمات المحتمه عليهم)..
ثم أضاف بقوله ؛
(تفضل بعض النواب واعترض مستندا الى قول واحد وهو ليس باستطاعة الحكومه تأسيس هذه المدرسه,الى تأييد قوله ببعض الادله التي لاتنطبق على الواقع ,فمسألة التلاميذ تشتغل فيها
مديرية الصحه والمعارف منذ سنتين لاجل أن تتمكن المعارف من تخريج تلامذه مستعدين لتلقي العلوم الطبيه,وقد عدلت المعارف مناهجها ووعدت رسميا ان لديها من التلاميذ ما يكفي
لهذه المدرسه الطبيه,وهي مستعده لتقديم المقدار الكافي لكل سنه,فلماذا نبخس حق تلامذة المدارس.)
ثم استطرد قائلا ؛
(لنأتي الى قضية المدرسين فكما اشار الزملاء ومن بينهم الدكتور سليمان غزاله وهو بالطبع له الصلاحيه التامه في القول من انه يوجد لدينا معلمين قديرين لالقاء الدروس الطبيه
في المدرسه وفي الحقيقه ان قوله لمنطبق على الواقع.)
وأكمل كلامه ؛
(نأتي الى درجة الشهادة التي سأل عنها الزميل عبد المحسن شلاش ,فأجيبه بكل صراحه وليسجلها علي أن هذه الشهاده هي شهادة طبيب لاممرض ولامضمد كما يتوهم البعض.)
ثم تسائل بقوله :
(وسأل عما تكون قيمة الشهاده عند الدول فأننا لايهمنا أن تعترف جميع الدول بشهادة مدرستنا أو بتأسيسها, أنما أحتياجاتنا لهذه المدرسه لتخرج لنا الاطباء الذين نحن بحاجة
اليهم لا الى أعتراف الاجانب بالشهادة، وتعلمون أن اغلب الدول الاجنبيه لاتعطي الاذن للاطباء بالتطبيب الا بعد أن يمارسوا الطب في بلادهم ومع هذا أن مديرية الصحه لاتزال
تجتهد لتحمل اللجنه الطبيه في لندن على الاعتراف بشهادة هؤلاء المتخرجين وتعتبرهم كأطباء لندن وونحن مستعدون أن تحضر لجنه من أوروبا لامتحان طلاب هذه المدرسه,فلا أرى سببا
يدعو للتخوف من تأسيس هذه المدرسه لان جميع الوسائل مستحضره.)
الميزانيه وكلمة وزير الماليه
بعدها ناقش المجلس تأثير ميزانية تأسيس المدرسه الطبيه على الوضع الاقتصادي في البلاد وبذلك أجاب وزير الماليه السيد ياسين الهاشمي بعد أن قدم مقارنه ما بين تكاليف فتح
الكليه أو ارسال الطلاب الى الخارج قائلا؛
(علينا أن نعالج ذلك من الوجهه الاقتصاديه وقد ورد في تقرير اللجنه الماليه ان البلاد في حاجه الى ثلاثمائة طبيب وتعلمون أن البعثات العلميه التي يقتضي أن ترسل ثلاثون
طالبا كل سنه ,لكي تحصل على نتائج عشرين او خمسه وعشرين طبيبا,بعد المده الدراسيه التي تطول سنه لتعلم اللغه الانكليزيه وست سنوات لتعلم الطب,فأذا قدرنا مصرف الطالب
السنوي مائه وخمسون ليره وأعتبرنا أن الذين يذهبون سنويا هم ثلاثون طالبا,فيقتضي أن تخصص لهم 4500 ليره سنويا وفي السنه الثانيه نرسل ايضا بعثه اخرى فيكون المصرف أذ ذاك
9000 ليره سنويا وفي السنه الثالثه سيكون المصرف عشرة الاف ليره وهلم جرا,فألى أن يصل طلاب البعثه الاولى الى الصف الخامس يكون مصرفنا السنوي الدائم يقابل ثلاثه او اربعة
الكاك روبيه,بينما أذا صرفنا ربع هذا المبلغ فيمكننا ان نجعل المدرسه مؤسسه في البلاد ,فمن وجهه الاقتصاد أرى أن تاسيس هذه المدرسه أنفع بكثير وتعلمون الفقر في بلادنا
والحاله الاقتصاديه لاتسمحان ان نرسل طلاب, ولذلك رأت الحكومه أن تأسيس مدرسه طب هو احسن بكثير.)
توضيح وزير المعارف
ثم وضح وزير الماليه السيد عبد المهدي المنتفجي (وهو والد السيد د.عادل عبدالمهدي نائب رئيس الجمهورية حاليا(ً ((أهمية فتح المؤسسات العلميه ومؤيدا ما قاله وزيرا الداخليه
حيث قال:
(إنّ من صالح هذه البلاد أن كل مدرسه أو مؤسسه علميه يراد أنشاؤها يقتضي أن تنشط وتشجع وأن لايشترط أو يجعل كشرط هل أن الشهاده هذه المدرسه تقبل في لندن ام لا, لأن كثيرا
من الاقطار العربيه لا يعترف بشهاداتها في اوروبا.)
واستمر في كلامه ؛
(وسأل الزميل المحترم محمود صبحي الدفتري عن درجة التحصيل في المدارس الابتدائيه وأظنه يريد درجه التحصيل من المدارس الثانويه ,فأقول له أن اللجنه التي نظرت في انشاء
مدرسه الطب درست منهاج المدارس الثانويه واعترفت أنه منهاج قوي وان هذه المدارس كافيه لان تكون مخرجا لمدرسة الطب.)
ثم طلب الكلام نائب بغداد السيد امين الجرجفجي
ورحب بحراره لفتح مدرسه طبيه وخالف من يرى صعوبة في ايجاد المعلمين لها واعتبر ان الوقت قد حان لفتح الكليه الطبيه، ثم أعقبه نائب الكوت السيد سعيد الحاج خضير الذي شدد
على اهمية تأسيس كلية الطب.
أما نائب ديالى السيد حكمت سليمان فقال؛
(أظن فتح مدرسه بالخاصه مدرسه عاليه لا يكون الا بموافقة دوائرها المختصه, فهل ان الدوائر المختصه وافقت على فتحها؟ وان المسؤول من الوجهه العموميه هو الاجنبي فهل هو
موافق على ان حالتنا تساعد على فتح هذه المدرسه؟)
بعدها أعلن رئيس الجلسه الاكتفاء بالحوار ولكن احتجاج بعض النواب ومنهم السيد سعيد الحاج ثابت حيث ابدى تأييده على تأسيس الكلية ولكن بعد توفر الشروط اللازمه لها وقد
استوفت الشروط
موافقة المجلس
وعاد رئيس الجلسة واعلن عن انتهاء الجلسة ولكن اعتراض السيد محمود صبحي الدفتري وذلك لعدم نضوج الموضوع , فقاطعه رئيس الجلسه قائلا؛
(لا أوافقك على الكلام فقد اكتفى المجلس بما صار له من معلومات عن هذه المدرسه وأن حق تقدير نضوج الموضوع وعدمه يعود الى الرئاسه والمجلس هو الحكم.)
ثم سأل أعضاء المجلس الموافقين على المشروع برفع الايادي فتم ذلك بموافقة الاغلبيه وبذلك أعلن الرئيس موافقة المجلس على تصديق ميزانية تأسيس الكليه الطبيه.
اختيار العميد سندرسن
وفي اثناء مناقشة المجلس النيابي كان كل من الدكتور حنا خياط والدكتور هالينان يتابعون مجريات الجلسه والنقاش الدائر بين الاعضاء بكل حماسه وقلق حول تاسيس الكليه المرتقب
وقبل أن تحصل الموافقه النهائيه حيث كانت البوادر مطمئنه, دارت نقاشات بينهم حول الشخص المناسب لعمادة الكليه الطبيه , وكان الرأى السائد هو طبيب الملك فيصل الاول الدكتور
سندرسن حيث انه الشخص المناسب لهذه المهمه.
ألارادة الملكية
صدرت الاراده الملكيه بتأسيس الكليه الطبيه بأسم:
ألكليه الطبيه العراقيه
نشرت الارادة الملكية في جريدة الوقائع العراقيه برقم 582 سنة 1927,كما نشر في نفس العدد تعيين الدكتور سندرسن عميدا لها.
كان الدكتور سندرسن وزوجته الزي في لندن وكان مترددا في عودته للعراق
وعندما اخبر بالقرار بأن يكون أول عميد لكلية الطب, أغتبط وفرح كثيرا بترشحيه لعمادة الكليه وقرر العدول عن رأيه والعوده الى العراق، وفي اثناء بقاءه في بريطانيا, أستشار
الدكتور سندرسن أساتذته من جامعة ادنبره فهو خريج كلية الطب في ادنبره سنة 1914, حول المناهج وطرق التدريس حيث نقل نظامها مع شئ من التطوير لاحقا بما يلائم الضروف
الاجتماعيه السائدة انذاك في العراق عند تأسيس الكليه الطبية.
أشاعات غلق الكلية
وفي حينها ترددت أشاعات حول غلق الكلية الجديدة لاحتمال فشلها مستقبلا وفي نفس الوقت صدرت تعليمات من وزارة المالية بعدم أستقدام أستاذة من الخارج حيث اعتبرت هذه الاشاعات
صحيحة ولكن الحقيقه انها كانت لاسباب اقتصاديه مؤقته لاتخص الكليه الطبيه بذاتها.
المصادر:
-
تاريخ الطب في العراق: هاشم الوتري ومعمر الشابندر
-
حد يث الثمانين 4 أجزاء كمال السامرائي
-
تاريخ الطب العراقي عبد الحميد العلوجي
-
تاريخ اعلام الطب العراقي 4 أجزاء اديب الفكيكي