Back Home Next

 

قصة الشيعة في مصر
Read more: http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?c=ArticleA_C&pagename=Zone-Arabic-ArtCulture%2FACALayout&cid=1172500533048#ixzz0uQMvfOED


لا نستطيع الجزم بعدد الشيعة في مصر، فوفقًا لتقرير الحالة الدينية للخارجية الأمريكية يقدر عدد الشيعة في مصر بـ750 ألف شخص، بينما تزيد تكهُّنات محمد الدريني –الأمين العام للمجلس الأعلى لآل البيت- من هذا الرقم، مشيرًا إلى أنه يعتقد أن عدد الشيعة يفوق هذا العدد بكثير، على اعتبار أن هناك ما يزيد على عشرة ملايين صوفي في مصر، ويوجد بينهم ما لا يقل عن مليون يتبعون الفكر الشيعي -وحسب اعتقاده- فإن كثيرا من الشيعة في مصر لا يعلنون عن معتقدهم نتيجة الضغوط الأمنية والإعلامية.
 

 

 

حقيقة الوجود الشيعي

ورغم يقيننا بعدم إمكانية الجزم بعدد الشيعة في مصر، فضلاً عن أماكن تركزهم فإنهم موجودون في المجتمع، ولا يمكن تجاهلهم أو التقليل من شأنهم، أو إنكار امتداد تأثير الفترة الشيعية التاريخية على الواقع المصري إلى الحد الذي وصف "الخميني" -زعيم الثورة الإسلامية الإيرانية- مصر بأنها "سنية المذهب، شيعية الهوى"، فالاحتفالات بموالد آل البيت (مولد الحسين، والسيدة زينب، والسيدة نفيسة) لا تفرق بين سني وشيعي.

فهناك موالد ثابتة هجريًا كمولد النبي –صلى الله عليه وسلم- وموالد مرتبطة بتاريخ هجري معين، وليس تاريخ الميلاد نفسه كمولد السيدة زينب التي ولدت في شهر شعبان من السنة الخامسة الهجرية، ودخلت مصر في أواخر شهر رجب سنة 61 هجرية، وتوفيت في منتصف شهر رجب سنة 62 هجرية، ويتم الاحتفال بمولدها يوم الثلاثاء الأخير من شهر رجب، وذلك لأن هذا التوقيت يوائم دخولها مصر؛ بل ووفاتها، وتحدد وزارة الأوقاف مواعيد الاحتفال بالموالد التي تضم إلى جانب آل البيت موالد الأولياء وشيوخ الطرق الصوفية.

ولا يقتصر الهوى الشيعي عند المصريين على الموالد، وما تضمه من تقبيل (الشبك) الفضية والتوسُّل؛ وإنما نضيف لها الاعتقاد في جدوى الشكوى لأم العجائز ورئيسة الديوان -السيدة زينب– والتي تشكل جزءا من الوجدان الشعبي المصري دفع عددًا من أساتذة الجامعة ورموز المعارضة المصرية إلى كنس السيدة على الحكومة.


ثقافة التسامح

التعايش المصري بين سنة وشيعة ترعاه فطرة السلام وعدم الشقاق في الإنسان، وربما يرجع إلى جذر ثقافي لدى المصريين، حتى في أمثالهم الدارجة، ومنها المثل القائل: "موسى نبي، وعيسى نبي، ومحمد نبي، وكل من له نبي يصلي عليه" لكن في ظل سيطرة وسائل الإعلام على كثير من العقول، والحديث الكثيف عن "خطر المد الشيعي" على المنطقة، وما تبثه الفضائيات عن الاحتقانات والعنف الطائفي في العراق، والاحتقان السياسي في لبنان؛ كل ذلك جعل الشيعة محلا للتساؤل لدى المصريين؛ بل محاولة للبحث عن الشيعة في المجتمع.

وإذا أضفنا التعتيم والتكتيم في مؤسسات الثقافة والتربية الرسمية –المدرسة، والمسجد، ووسائل الإعلام– فإن ذلك أدى لإشعال فضول المصريين للتعرف على الشيعة من خلال الكتب التي انتشرت على الأرصفة كرد على أسئلة تدور في أدمغة الكثيرين.


ويمكننا تصنيف أهم الكتب والمراجع التي تتحدث عن الشيعة إلى ثلاثة أنواع:

  1. الأول: هي الكتب المفاتيح (المداخل) التي تتناول موضوع الشيعة بشكل مبدئي بسيط دون التوغل في التفاصيل والخلفيات التاريخية والسياسية والعقائدية، مثل موسوعة المفاهيم الإسلامية العامة الصادرة عن المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، والجزء الثاني من كتاب (بيان للناس) الصادر عن الأزهر الشريف، و"فجر الإسلام" للمفكر أحمد أمين، و"تاريخ المذاهب الإسلامية" للإمام محمد أبو زهرة، و"إسلام بلا مذاهب" للدكتور مصطفى الشكعة، و"التيارات الإسلامية المعاصرة" للدكتور محمد عمارة.

  2. الثاني: ويمثل الكتب والدراسات التي تناولت موضوعات معينة خاصة بالشيعة بشكل أكثر تفصيلاً مثل: الجزء الثالث من كتاب "ضحى الإسلام" للمفكر أحمد أمين، و"نظرية الإمامة عند الشيعة الاثنا عشرية" للدكتور أحمد محمود صبحي، و"نشأة التفكير الفلسفي في الإسلام" للدكتور علي سامي النشار، و"التفكير الفلسفي في الإسلام" للدكتور عبد الحليم محمود، و"النظريات السياسية الإسلامية" للدكتور ضياء الدين الريس، و"الصلة بين التصوف والتشيع" للدكتور كامل مصطفى الشيبي.

  3. الثالث: فيشمل الكتب التي تعرض للشيعة بأقلام المرجعيات الشيعية ذاتها، منها: "أصل الشيعة وأصولها" للشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء، "الشيعة والتصحيح" للعلامة الدكتور محسن موسى الموسوي، و"الشيعة في مصر" للأستاذ صالح الورداني.


دعوة للتقريب.. في مصر

على المستوى الرسمي كانت هناك دعوة للتقارب بين الشيعة والسنة في أربعينيات القرن الماضي، وهو تقارب ليس هدفه دعوة أحد الطرفين إلى اعتناق مذهب الآخر كما يعبر الشيخ محمد المدني -الذي تولى منصب السكرتير العام لجماعة التقريب بين المذاهب الإسلامية- وإنما هدفه "التواصل بالاتحاد حول الأصول المتفق عليها، وأن يعذروا بعضهم بعضا فيما وراء ذلك مما ليس شرطاً من شروط الإيمان، ولا ركناً من أركان الإسلام، ولا إنكاراً لما هو معلوم من الدين بالضرورة"، ونفس الفكرة أكدها الشيخ محمد تقي القمي -أحد أعلام الشيعة في التقريب- من أن الثقافة الإسلامية تلعب دورا مهما في تيسير التقارب بين المذاهب.

وكانت دعوة التقريب بين السنة والشيعة بدأت عام 1946، وقد دعمتها جماعة الإخوان المسلمين في ذلك الوقت، وتبناها الكثير من رجال الأزهر الذين ارتبطوا بعلاقات حميمة مع كثير من علماء الشيعة طوال تلك الفترة، وحتى أواخر السبعينيات.

ومن علماء الأزهر ورجاله البارزين الذين ارتبطوا بتلك الدعوة الشيخ محمود شلتوت، والشيخ عبد المجيد سليم، والشيخ أحمد الشرباصي، ومن علماء الشيعة الشيخ محمد تقي القمي -إيراني الجنسية- صاحب الدعوة وراعيها في مصر، والشيخ محمد جواد مغنية إمام القضاء الشرعي الجعفري في لبنان، والشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء من علماء العراق، والسيد طالب الحسيني الرفاعي مؤسس جمعية آل البيت في مصر، وهو من علماء العراق، وضمت الجماعة مشايخ من المذاهب السنية الأربعة، بالإضافة إلى الإمامية والزيدية.


التواجد المؤسسي

نشأت في السبعينيات بعض الجمعيات والهيئات الشيعية التي مارست نشاطها -بحرية نسبية- وكان في مقدمتها جمعية "آل البيت" التي ظهرت إلى الوجود عام 1973، وتعتبر مركز الشيعة في مصر، واستندت في عملها إلى فتوى الشيخ "محمود شلتوت" بجواز التعبد بالمذهب الجعفري الذي يُعد المذهب الفقهي المعتمد لدى الشيعة الإثني عشرية، وكان يتبعها عدد من الفروع تسمى "حسينيات"، ولم تكن الجمعية تظهر السمة الشيعية علانية كما لم تكن فكرة التشيع واضحة في أهدافها، خاصةً أنها ضمت بين عناصرها سنة وشيعة، وانحصرت أنشطتها في المساعدات الاجتماعية والخدمات الثقافية والعلمية والدينية، وهو ما اعتبره البعض امتدادا لجماعة التقريب، واستمرت الجمعية حتى عام 1979.

أما المجلس الأعلى لرعاية آل البيت فأسسه ورأسه محمد الدريني عام 1998، وكان يصدر منه جريدة "صوت آل البيت"، ولكن بعد اعتقال "الدريني" استولى على المجلس شخص يدعى "محمد المرسي"، وهو ما عجل بحدوث انشقاقات داخل المجلس، وجعله يفقد فاعليته وقوته.

وبحلول العام 79 توقفت أنشطة جماعة التقريب وجمعية آل البيت بعد قيام الثورة الإيرانية، ويلاحظ أن علاقة الدولة المصرية بالشيعة في الداخل كانت تتأثر سلباً وإيجاباً بعلاقاتها الخارجية أو بإيران على وجه التحديد، فتم إغلاق جمعية آل البيت بقرار إداري من الحكومة، وضم المسجد التابع لها لمساجد الحكومة؛ وربما كان التواجد غير المصري بالجمعية أحد أسباب هذا الأمر، وجاء في قرار الوقف أن الجمعية تمثل خطورة على عقائد الناس ووحدة صفوفهم ببث أفكار غريبة تخالف الدين الإسلامي وتؤيد الفكر الشيعي؛ وهو ما يعني أن الجمعية ارتكبت المخالفة التي تبيح حلها حسب قانون الجمعيات والمؤسسات الخاصة الذي ينص على أنه يجوز حل الجمعية في حالة إذا ما ارتكبت مخالفة جسيمة للقانون، أو إذا خالفت النظام العام والآداب.

ومع بداية عام 1981 بدأ القضاء ينظر الدعوى المرفوعة من القائمين بأمر الجمعية ضد الحكومة، والتي يطالبون فيها بعودة الجمعية، ووقف تنفيذ قرار الحل، وأصدر القضاء حكمه في 29-12-1981 بوقف قرار حل جمعية آل البيت لعدم وجود أسباب قانونية كافية إلا أن الحكومة المصرية لم تنفذ الحكم للآن.


تهمة التشيع

الكاتب المصري صالح الورداني

لا يعتبر التشيع تهمة في القانون المصري، فالبعض اعتنق المذهب الشيعي مثل الكاتب الصحفي صالح الورداني عام 1981، ثم تحول عنه عام 2006، وخلال فترة تشيعه أصدر أكثر من 15 كتابا عن الشيعة منها: "الحركة الإسلامية في مصر" و"الشيعة في مصر"، و"الكلمة والسيف"؛ ويلاحظ أن بداية تشيع الورداني كانت عن طريق الاحتكاك بالطلاب العرب الشيعة، وأسس دار "البداية" عام 1986 كأول دار نشر شيعية في مصر، وبعد إغلاقها عام 1989 قام بتأسيس دار "الهدف"، كما شملت قائمة المتشيعين الشيخ "حسن شحاتة"، وهو خطيب مفوه كان مسجده قريبا من السفارة الإسرائيلية في مصر، وكان نجما تلفزيونيا حتى تم اعتقاله بتهمة تكوين تنظيم شيعي، وكذلك الدكتور "أحمد راسم النفيس" الأستاذ المساعد بكلية الطب جامعة المنصورة؛ والذي كان عضوا في جماعة الإخوان المسلمين حتى عام 1985، ثم انفصل عنها واتجه نحو التشيع.

أما التهم التي تم توجيهها إلى كل التنظيمات الشيعية التي تم القبض عليها منذ الثمانينيات فتتراوح بين الحصول على تمويل أجنبي، وتحديدا من جهات إيرانية؛ وهي تهمة وجهت للكثيرين؛ والاتصال بجهات خارجية حيث اعتقل الدريني في مارس 2005 بتهمة التواصل مع الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، واللافت أنه لم ينسب إلى أي من تلك المجموعات الشيعية القيام أو الدعوة للقيام بأعمال تتصف بالتطرف والغلو.
 

 

 

Back Home Nextack to HomePagego to top of page