Home 

بمناسبة شهر محرّم الحرام وعاشوراء في العراق

رؤية من الكاتب والصحافي أحمد سعداوي

 

بغداد – "ساحات التحرير"
طرح الكاتب الروائي والصحافي أحمد سعداوي مشروعاً من مجموعة من النقاط يخص المجتمع العراقي المنقسم طائفياً ونخبه المثقفة التي تعاني هي الأخرى من ذات الانقسام بمناسبة حلول شهر محرم الحرام وما يرافقه من طقوس تخص الطائفة الشيعية التي تستذكر في هذه الايام ذكرى استشهاد الإمام الحسين ابن علي عليهما السلام في واقعة كربلاء.

 

وتحت عنوان: 12 رسالة قصيرة بمناسبة طقوس شهر محرّم الحرام في العراق كتب سعداوي يقول:
المبرر: درءاً لسوء الفهم، وسعياً للمساهمة في الجدل الإيجابي، وحتى لا يزعل بعض الاصدقاء ويأخذوا صورة غير دقيقة عن مقاصدي.


1) الى جمهور العراقيين الشيعة:
في ذهابك الى كربلاء ومشاركتك في طقوس عاشوراء او ذهابك مع عائلتك الى حديقة الزوراء، هناك سلوكيات مشتركة لا علاقة جوهرية لها بالطقس الديني، وانما بثقافتك ووعيك وحسك الحضاري. فأنت لا تقبل ان يمتلئ بيتك بالأزبال، فأرجو ان لا تقبل ذلك للشارع والأماكن العامة التي تمرّ بها.
ثم أن سعيك الى كربلاء هو مبادرة شخصية منك فلا تنظر الى الأمر وكأنه حقك الذي تأخذه من الآخرين. وعلى الاخرين ان يمولوا فعاليتك الطقسية او يفسحوا لك الطريق، او يغلقوا محالهم. يجب ان يكون الموضوع روحياً وعاطفياً ولا دخل له باي شيء آخر.

كما انك حين ترفع صوت مكبرات الصوت من الصباح وحتى المساء لا تعطي جيرانك غير الضوضاء، فحتى لو ارادوا سماع المقاتل والقصائد الرثائية فلن يستطيعوا ذلك لأن الصوت يصل أليهم مشوشاً، فضلاً عن كونهم يملكون الحق في استثمار (الفضاء الصوتي) الخاص بهم، بالطريقة التي تناسبهم، فلديهم تلفزيونات ومسجلات، واذاعات على الموبايل، يستطيعون من خلالها سماع ما يشاؤون من هذه المراثي المرتبطة بعاشوراء، وما هو أهم؛ لهم الحق في سماعها في الوقت الذي يناسبهم.

وانت قادر، إن التزمت بالحس الحضاري، على اقامة العشرات من الفعاليات الدينية والطقسية خلال اليوم الواحد من دون ان تشكّل هذه الفعاليات اعتداءً على حقوق الآخرين، في حاجتهم للراحة في بيوتهم، وفي استخدام الطريق، وفي الوصول الى اماكن عملهم والعودة الى بيوتهم دون منغصات.
اكرر الملاحظة؛ كل هذه السلبيات لا علاقة لها بجوهر الطقس العاشورائي، وانما بالحس الحضاري الذي يفترض أن تمتلكه.


2) الى جمهور العراقيين السنة:
لقد دخلتهم، مرغمين، في تجربة اجتماعية جديدة بعد عام 2003، حيث اندفق الطقس العاشورائي بكل قوته وعنفوانه، فلكم الحق في الدهشة، والشعور بالتهديد الرمزي او الضمني، خاصة في المناطق المختلطة طائفياً حيث يتسيد التعبير الثقافي لطائفة محددة (الشيعة) لعدة ايام، بينما لا تملك الطائفة الاخرى اي تعبير جماهيري ديني موازي او مماثل.

هناك جانب من الارباك في مشهد الطقوس العاشورائية له علاقة بالكثافة البشرية، وليس بجوهر الطقس نفسه، فطائفة الشبك الشيعة في الموصل مثلاً، يمارسون الطقس العاشورائي كل عام، ولكن بسبب عددهم القليل فتأثيرهم في الشارع يكون غير محسوس.

الملاحظة الأخرى تتعلق بتعبير القوى الاجتماعية المختلفة عن نفسها بعد 2003، وزيادة الحس الديني، لذا ما ترونه الآن يمثل مظهراً من مظاهر الواقع التي يجب الإقرار بها. فهذا الطقس لن يختفي، ولكنه ربما يتشذب ويتقنن اكثر في المستقبل.
الشيء المهم ان جملة الملاحظات التي تطرحونها في مجالسكم الخاصة، او باستحياء وحذر على اصدقائكم من الشيعة، هي ليست ملاحظاتكم وحدكم، وانما هناك من يشارككم اياها من الشيعة بمختلف مستويات الوعي والتخصص. والسلبيات التي تؤشرونها في الصورة الحالية لن تستمر للأبد، فجزء كبير منها مرتبط بالوعي الحضاري والتقدم او التأخر في الفعاليات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في البلد.


3) الى المتطرّفين الشيعة:
المبالغة في آداء الطقوس وحب الاستعراض، هو الرياء بعينه الذي ينتقده الدين، وجرأتك على إرهاب من ينتقد سلوكاً سلبياً في طقوس عاشوراء، أو استخدام هذا الطقس ذي البعد الجماهيري كرسالة كراهية للآخر المختلف يجعلك بالضد من الرسالة الحسينية. جوهر الطقس هو سمو وحب، فتمثل هذه العاطفة، او ستكون عبئاً على هذه الطقوس وعلى معانيها. تذكّر ان الحسين لم يسع لقتل الآخر وانه دعا لقاتليه.


4) الى المتطرّفين السنة:
هذه الطقوس ليست وافدة على العراق، انها نتاج مخاض تاريخي خاص، يختلط فيه الثقافي والاجتماعي والشعبي بالديني، والحسين مدفون في العراق أصلاً، وهؤلاء الذين يؤدون الطقوس هم مسلمون، ولم يختر أحدٌ منهم، على الأغلب، ان يغدو شيعياً، وحتى لو وضع لهم الخيار في هذه اللحظة فهم غير قادرين على النظر الى انفسهم من خلال وجهة نظرك الخاصة. ومثلما انت محكوم باكراهات تاريخية واجتماعية معقدة تجعلك على الطرف الآخر من الطقس، هم محكومون ايضاً بذات الاكراهات، ولكن ضمن الطقس.

رغبتك بأن يعود الزمن الى الوراء لمنع الطقوس بشكل حاسم هو عبث، والنظرة المتعالية والبعيدة التي تتبناها لن تجعلك تصل الى تفهم اكثر للصورة المعقدة للطقس نفسه.

أن مجرد اختلاف هذه الممارسة وغربتها عن القناعات التي تتبناها لا يبرر الكراهية. ثم أن هذه الكراهية لن تطلق سهاماً على الآخر المختلف، وانما هي تمرض من يحملها في نفسه بالدرجة الأساس.


5) الى الإرهابيين التكفيريين:
التفجيرات واعمال القتل التي تقومون بها في مواسم عاشوراء من كل عام، هي افضل رسائل توجهونها الى المتطرفين الشيعة، لكي يزدادوا تصلباً، ويزدادوا كراهية ضدكم، وضد من يشتركون معكم في مسمى الطائفة دون ان يكون لهم ذنب.
واحد من الابعاد الأساسية في الطقس العاشورائي هو البعد الاستشهادي، لذا فأن خروج الشاب الشيعي من بيته ساعياً الى كربلاء مع احتمالية ان يموت بتفجير ارهابي يجعل لسعيه بعداً درامياً أقوى.
انتم تخدمون الطقس وتمدونه بحطب أكثر ولا تؤثرون فيه.


6) الى رجال الدين والخطباء الشيعة:
الكثير من المثقفين الشيعة يخشون نقد الجوانب السلبية في الطقس العاشورائي، لأنهم اقلية مستضعفة، ولا يريدون ان يكونوا في وجه المدفع ويوصموا بالخروج على "الملة". لذا من واجبكم أنتم، بسبب الموقع الرمزي الذي تحتلونه، أن تؤشروا هذه السلبيات وتوجهوا في سبيل معالجتها.

كما انكم تتحملون مسؤولية اخلاقية ودينية كبيرة في دفع الناس بالاتجاهات السلبية، وحضهم على المبالغات العقائدية والطقسية. إن الخطيب الذي يوقن مع نفسه باحتمالات موت الكثيرين بسبب قوة الارهاب في منطقة ما ثم يحض الناس على اجتياز هذه المنطقة و"تحدي الموت والارهاب" بصدورهم العارية هو مساهم في قتلهم.

وبسبب موقعكم وتأثيركم فأن الواجب الاخلاقي يحتم عليكم حث الناس على تبني القيم الحضارية في آداء الطقوس، وبث ثقافة التسامح والمحبة، ووضع حق الدولة والمال العام والمجتمع بجوار الحق الديني او الطقسي.
مثال إيجابي هو ما قام به الشيخ جعفر الابراهيمي قبل أيام وعلى المنبر من انتقاد حاد لسلبيات ترافق اقامة الطقوس العاشورائية.


7) الى الحكومات المحلية ومجالس الاقضية والنواحي:
كموظفين يجب ان تحتفظوا بالحياد الوظيفي. لا تجعلو دوائر الحكومة منابر لآداء الطقوس، لأن الطقوس لن تفتقر لمكان آخر تقام فيه، وبامكانك ايها الموظف، مها كانت رتبتك ومنصبك، ان تؤدي الطقوس خارج اوقات الدوام الرسمي.
لا تجعل موسم عاشوراء فرصة للتسيب الوظيفي، وفرصة للمزايدات الدينية على غيرك من الموظفين. دع حسك الأخلاقي يقودك ولا تستسلم للسائد من السلوكيات.
أما بالنسبة لأصحاب السلطة والنفوذ فأنكم مسؤولون عن الفوضى التي تحصل وقطع الشوارع، وغلق الأسواق وقطع ارزاق من يعيشون ليومهم، ومن واجبكم المساهمة في تنظيم الطقوس، ليس من باب الوازع الديني وانما كواجب وظيفي لمنع الارباكات. وبسبب السلطة التي تتمتعون بها فأنكم اقدر على الحوار مع اصحاب المواكب ورجال الدين لجعل الطقوس، في نهاية المطاف، اكثر حضاريةً واكثر تنظيماً. ولا تسبب ضغطاً زائداً على الاجهزة الامنية.


8) الى الحكومة المركزية:
هناك اتهامات لك بأنك تنفقين اموالاً من الخزينة العامة على المواكب وعلى مجمل الطقوس العاشورائية، واذا سلمنا بأنها طقوس شعبية، فأن "الشعب" المندفع لاداء هذه الطقوس، قادر من ذاته على الانفاق عليها، ولا موجب لتدخلك بالاموال.
من واجبك التخطيط على المستوى البعيد في امكانيات جعل آداء هذه الطقوس منظماً أكثر، ومسيطراً عليه امنياً بشكل أكبر، من دون ادخال افراد المجتمع ككل (وهم ليسوا كلهم شيعة) في إنذار. كما ان من واجبك، من خلال الحوار مع القوى والمرجعيات الدينية، أن تضعي خطة طويلة الأمد لتحوير دفة بعض الطقوس جزئياً باتجاه اشكال اقل صخباً وأقل فوضى. مثل ترسيخ شكل المجالس الحسينية، وتغليبها على شكل المسير الى كربلاء. والهدف طبعاً ليس إلغاء طقس المسير، وانما توفير بدائل مجاورة.

ملاحظة ايجابية: قبل سنوات قامت الحكومة المركزية، من خلال وزارة النقل، بتوفير باصات مجانية لنقل الزائرين من بغداد والمحافظات حتى منطقة قبر الحر بن يزيد الرياحي. كمحاولة لتخفيف زخم الزائرين سيراً الى كربلاء.


9) الى الأحزاب الشيعية:
إن اعتمادك، في كسب الشعبية، على العاطفة الدينية لجمهور ناخبيك، ليس بفرس الرهان الرابح دائماً، وقد اثبتت تجربة السنوات القليلة الماضية، ان زخم التدخل السياسي في الطقس العاشورائي في تراجع، كما ان وعي الناخب الشيعي تطور، وبات يعرف، بنسبة أو بأخرى، أن حقه في ممارسة طقسه الديني غير مرتبط ببقاء الاحزاب الاسلامية في السلطة. لم يعد التهديد بزوال هذا الطقس كافياً لأعطاء الصوت الانتخابي لهذا الحزب او ذاك ممن يرفع شعار الولاء للحسين.
بامكانكم ان "تطبخوا" للحسين، وتسوطوا القدور امام شاشات التلفزيون، ولكن هذه الصورة فقدت دهشتها، وستغدو اكثر فأكثر، مجرد صورة لشخص يسوط القدر تبركاً بالحسين.

إن فكرة تعزيز الهوية الطائفية من خلال الطقس العاشورائي، وبالتالي ضمان حماسة الناخبين لصوت سياسي طائفي، لن تبقى فكرة منتجة وصالحة لوقت طويل. فالطقس يفقد زخمه السياسي بالتدريج ويعود الى حاضنته الشعبية، كلما زاد الاطمئنان لآدائه وصار نمطاً ثابتاً ومستقراً.

الكثيرون، ومنهم ناس بسطاء وغير متعلمين، باتوا يعرفون ان للسياسة اعرافها ومناخها، وانها لا تتطابق في سلوكها، بالضرورة، مع المثل والقيم الروحية، عاشورائيةً كانت ام غير عاشورائية.


10) الى المراقبين من الخارج، عرباً وأجانب من خلفيات ثقافية مختلفة:
المجتمع الشيعي العراقي ليس فريق كرة قدم بفانيلات موحّدة، وهي ليست فانيلات ايرانية ايضاً. هناك تشابه وربما تطابق في طقوس الشيعة حول العالم، ولكن، هناك خصوصية للأرض العراقية، فمنها انبثقت الطقوس العاشورائية، وعلى ثراها جرت معركة الطف، الملحمة الاساسية في الطقوس الشيعية، وقبور الحسين وآل بيته واصحابه ما زالت موجودة في العراق، وهي ليست في إيران.

كما ان الكثير من التفاصيل الخاصة بالطقس العاشورائي منبعها الثقافة والقيم العربية، على سبيل المثال فأن طقس الطبخ لـ"ثواب" الحسين، كما يجري في مجتمع الجنوب العراقي، له علاقة بقضايا الكرم العربي وتوزيع الطعام على المحتاجين، وليس له مثيل في ايران او غيرها من البلدان الاسلامية غير العربية.

كما ان هناك تفاصيل ورموز ومفردات لها جذور غائرة في الثقافة الشعبية العراقية ترتد الى عصور ما قبل دخول الاسلام الى العراق.

كما ان المجتمع الشيعي العراقي ليس مجتمعاً مقفلاً ومغلقاً فهو متداخل مع بقية الأطياف العراقية دينياً وطائفياً، ونسبة الزواجات المختلطة في العراق هي الاعلى عربياً، حسب بعض الاحصائيات، [ اي: الزواج بين المختلفين طائفياً وعرقياً ودينياً ]. كما ان المجتمع الشيعي نفسه يزخر بالتصورات المتعارضة والانقسامات في وجهات النظر حول مختلف القضايا، السياسية والاجتماعية والثقافية والدينية، ومن الصعب ان يختصر بالبعد الطائفي لهويته.

وما يمكن ان تؤشروه من ملاحظات او قراءات لها صدى ومثيل داخل العراق بين اوساط الشيعة وغيرهم. ومن النادر ان تكون هناك ملاحظات يطرحها هذا المراقب من بعيد ولم تطرح قبلها داخل اوساط الشيعة.

انهم منقسمون ومتباينون، هؤلاء الشيعة، ولكن من الممكن ان يوحدهم الشعور بأنهم عرضة لسوء فهم مزمن من قبل هذا الآخر المراقب من بعيد.


11) الى المثقفين العراقيين المتنورين الإيجابيين:
طبعاً أنتم متنورون لانكم تجاوزتم سياج الطائفة والعرق والدين، لا بمعنى التخلي، وانما بمعنى "التنافذ"، لهذا انتم قادرون على تحسس مواقع مختلفة في النظر الى اي ظاهرة، دينية أو اجتماعية او سياسية، لهذا يقع عليكم واجب تركيب صورة اوسع واشمل واعمق حول أي ظاهرة او مشهد او ممارسة ومنها الطقس العاشورائي وما يصاحبه من فعاليات بشرية.

أنتم، بسبب خاصية التنافذ، من تستطيعون تمثل رؤية المخالف الديني والفكري، ولأنكم غير محكومين بـ"السياج الدوغمائي" للعقيدة، حسب تعبير محمد أركون، فأنتم قادرون على تلمس العيوب والثغرات والفجوات ونقاط الخلل، وتأشير السلبيات. وبالتالي أنتم مساهمون في التطور والنمو.

وجودكم وفعاليتكم الثقافية في قراءة المشهد العام، هي صلتكم الاساسية مع المجتمع، وليس التسليم والمباركة لطقوس هذا المجتمع بكل ما تحمله الممارسة الاجتماعية من شوائب تنعكس على الطقوس.


12) الى المثقفين العراقيين المتنورين السلبيين:
انتم تساهمون، بقصد او دون قصد، بتقليص التأثير الإيجابي للصوت التنويري العقلاني، الذي يسعى للإفادة بقراءته لظاهرة الطقوس الشعبية المرتبطة بعاشوراء. إن السخرية من الطقوس والتشهير بها بالصوت العالي، لا يصل الى جمهور العامة من الشيعة، وانما هو يساهم فقط في ازعاج مؤيدي هذه الطقوس ممن يستخدم الفيسبوك او وسائل التواصل الاجتماعي الاخرى. وهؤلاء نسبتهم قليلة، وربما لا يمارسون هذه الطقوس اصلاً.

الإزعاج، بحد ذاته، ليس قيمة معرفية، وانما هو أثر مصاحب لعملية تلقي شيء لم نعتد عليه. والشتائم والكلائش الجاهزة تبقى خفيفة الوزن وتطير بسرعة ولا تترك أثراً في الذاكرة والنفس.

في بعض الأحيان انتم تستخدمون موسم الشعائر كمنصة لأعلان اختلافكم الحاد. أنتم تتوجهون الى ذواتكم إذاً وليس الى الآخرين.

الإنسلاخ لا يؤدي الى منطقة هوية أخرى، واللا هوية هي مجرد فرضية، فالمتحقق من سلوك على أرض الواقع يفضح زيف (اللا هوية)، لذا فمن غير المنطقي استخدام اللا هوية كمنطلق لأنتقاد وتفتيت الهوية.

إن الكونية والعالمية [ سأكرر المفردة هنا مرة ثانية ] هي تنافذ، هي توسيع للإطار، وليس تخلي عن الأطر فهذه فرضية حالمة لم تتحقق بعد في أي بقعة أخرى من العالم.
إن التخلف والتراجع القيمي والتأخر الاجتماعي موجود خارج موسم عاشوراء ايضاً، ولا يعكسه هذا الطقس، وبالتأكيد هذا الطقس لم يولد التخلف والتراجع القيمي والاجتماعي. وإلا فكل الممارسات الدينية الموجودة في بقاع اخرى من العالم كانت ذاتها في حقب ماضية أكثر تخلفاً من الآن، ولكنها تأثرت بالتدريج بالتطور الاجتماعي والاقتصادي والحضاري وغدت مرآة لهذا التطور.

بأمكانكم المساهمة في الجدل العام حول هذه الطقوس، ولربما يؤدي هذا الجدل في النهاية، بالزخم والتراكم، الى تطور وتقدم ما، أما رمي الأحجار من الخارج فهو لن يؤثر بهذه الطقوس لا سلباً ولا إيجاباً.
والله من وراء القصد.