Back Home Next  

 العرب في العصر الجاهلي: #1

 

 مقتبس بتصرف من كتاب العرب في العصر الجاهلي، لمؤلفه دزيرة سقال،

الطبعة الاولى، دار الصداقة العربية للنشر بيروت 1995  

ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
بقلم د. رضا العطار  

 

العرب واصلهم

 جاء في كتاب تاريخ العرب لفليب حتي الى ان العرب ساميو الاصل. وهم ـ استنادا الى خريطتهم اللغوية ـ أكاديون (بابليون نسبوا الى عاصمتهم أكاد)، احتلوا وادي الرافدين قبل سنة 2500 ق. م. ثم آشوريون وكلدان. ثم سكن المنطقة التي تدعى بلاد الشام الاموريون والكنعانيون.

ولما كان عام 1500 ق. م. استقر الاراميون في منطقة الشام والعبرانيون في فلسطين، تربطهم اواصر قربى شديدة، ومن اهمها اواصر قربى لغوية.

وكانت هجرات الشعوب منذ حوالي 3500 ق. م. نحو الشمال، فأستقر بعد الهجرة الاولى بعض الساميين مع الحاميين بمصر. فظهر الفراعنة. ومن يسمون ( مينوساتي) او (هيكسوس) اي الملوك الرعاة. ثم هاجرت موجة اخرى واستقرت في وادي الرافدين حوالي الالف الرابع ق. م. فأختلطوا مع السومريين وظهر نتيجة اختلاطهم الشعب البابلي.

ثم في الالف الثالث ق. م. كانت هجرة اخرى للاموريين نحو الهلال الخصيب، فظهر الكنعانيون في فلسطين. ويرى بعضهم ان سكنى الفلسطينيين كانت قبل ذلك.

وقد سمي الاغريق سكان الساحل منهم بالفينيقيين، على اسم المدن الساحلية البحرية. التي استوطنوها في سورية . . . ثم تسرب العبرانيون الى جنوب الشام والاراميون الى سهل البقاع، وكانوا اول الدعاة الى التوحيد الديني.  (وحدانية الله(

ثم نزل الانباط حوالي سنة 500 ق. م. شمال شبه جزيرة سيناء وتأثرت حضارتهم بالرومان . . . وفي القرن السابع الميلادي بدأت الهجرات الاسلامية.

كانت للاراميين اهمية تجارية كبيرة، إذ ان قوافلهم بلغت الشام وما بين النهرين وآسية الصغرى ملتقية بقوافل اليمن، والثموديين من الحجازيين ـ ـ كذلك ظلت للاراميين اهميتهم التجارية حتى بعد سقوط دولتهم. كما اخذوا عن الفنيقيين حروفهم الهجائية.

يتوزع العرب على ثلاثة اقسام :

  1. عرب عاربة

  2. وعرب متعربة

  3. وعرب مستعربة.

 

العرب العاربة:  انهم تسع قبائل من ابناء إرم بن سام بن نوح، هي : عاد وثمود واميم وعبيل وطسم وجديس وعمليق وجرهم ووبار. وجميعها امم منقرضة، إلا بقاياها.  وعلى العموم فإن جميع هؤلاء يسمون بالعرب البائدة، لان قبائلهم بادت واضمحلت ولم يبق منهم إلا فلول انصهرت في القبائل الاخرى  .وكانت لهؤلاء العرب ممالك وامم امتدت الى الشام، وكانت لهم قصور وابنية مختلفة ومدن، ومعظمهم شماليون.

يقول ابن خلدون: (وكان لهذه الامم ملوك ودول في جزيرة العرب وامتد ملكهم فيها الى الشام ومصر في شعوب منهم، ويقال انهم انتقلوا الى جزيرة بالقرب من بابل لما زاحمهم فيها بنو حام، فسكنوا جزيرة العرب بادية مخيمين، ثم كان فرقة منهم ملوك وآطام وقصور الى ان غلب عليهم بنو يعرب بن قحطان، وذكروا ايضا ان قوم عاد والعمالقة ملكوا العراق(

العمالقة: هؤلاء هم قدماؤ العرب من اهالي سكان الحجاز.  وقد ذهب جرجي زيدان الى ان اسمهم منحوت من اسم قبيلة عربية سكنت شمال العقبة على الارجح، حيث كان العماليق واسمها بالبابلية (ماليق) ثم اضاف اليهود لفظة (عم) ـ اي شعب، فأصبحت (عم ماليق) وعمالقة لفظة اطلقت على كبار العرب  .وانطلاقا من نسب العمالقة الى لاوذ أخي إرم سنذكر مملكتين لهما: مملكتهم في العراق ومملكتهم في مصر.

العمالقة عبر التاريخ - صور - لفلي سمايل

العمالقة

 

1.  مملكتهم في العراق:

لعل اول من ذكر ملك العرب في العراق بروسوس اليوناني (القرن الرابع ق. م.) فقد وضع هذا العلامة جدولا للدولة التي حكمت بلاد مابين النهرين بالتتالي.

قلنا ان الساميين نزحوا الى بلاد الرافدين واختلطوا بالسومريين، وما لبثت الحروب ان نشبت بينهما في الالف الثاني ق. م. وما هي الا ان استولى الساميون بقيادة سرجون الاول على مقاليد الحكم.  ثم ثارت عليه شعوب مختلفة فدحرها.

كانت دولة حمورابي قد اقتبست من تمدن السومريين، واستعملت لغتهم، في اول الامر ثم اهملتها حتى غلبت عليها اللغة السامية، وزاد البابليون في الاحرف السومرية.

وفي هذا الامر قال مصطفى صادق الرافعي :وقد اختلف الباحثون في منشأ تلك الشعوب الذي امتهدته وتفرقت منه، فذهب بعضهم الى ان مهد الساميين الحبشة في افريقيا، وقال آخرون بان مهدهم جزيرة العرب، والقائلون بهذا الرأي أعز انصارا، ولعل لهم في ذلك آراء اخرى، ولكن مما لا يمترون فيه ان العربية كانت ابعد آفاق التاريخ التي اضاء فيها كوكب الحضارة المشرقية.  وقد تحققوا، ذلك بما اكتشفوه سنة 1901 في بلاد السوس من آثار دولة حمورابي وهي المسلة التي دونت عليها الشريعة البابلية في 282 نصا، وما ثبت لهم من ان هذه الدولة عربية. وهي تبتدئ سنة 2460 ق. م. وواضح من قوله هنا ان دولة حمورابي عربية.  والادلة على ذلك هي :

  1. اورد بروسوس اسم دولة العرب، وهي تتناسب ودولة حمورابي من حيث التواريخ وعدد الملوك

  2. عُرف سكن البادية قديما باسم (عمورو) ثم (عريبي) واسم جد العمالقة كان عريب

  3. المشابهة التي بين لغة الدولة البابلية وبين اللغة العربية، لا نجدها بينها وبين سائر اللغات السامية، فاللغتان تتقاربان في صيغ الافعال، وفي علاقتهما في الجمع. 

  4. تركيب الاسماء البابلية ـ اسماء الملوك ـ عربي

  5. التشابه في الألهة واسمائها بين البابليين وعرب اليمن

 

2.  مملكتهم في مصر :

كانت للعرب علاقات بالمصريين منذ الزمن القديم.  وقد نزح اليها الساميون ومعهم بدأ العصر الحديدي. وقد سمى المصريون اهل البادية (شاسو) ومعناها البدو، وعند البابليين (العرب).  وكان الشاسو ينتقلون في البادية المصرية ويعيشون حياة محض بدوية.  وكان للعرب سيادة في سيناء وقد غزاها (نارام – سين) ولفظة شاسو كانت تطلق على ارض ميديان انذاك، كما ذكرت في آثار بابل سنة 3750 ق. م.

وكان الشاسو من الغزاة، يقطعون الطرق ويكمنون فيها، ويسرقون المصريين، فخافوهم،  ولما تدهورت امور مصر بعد نقمة الساميين، اغتنم العمالقة الفرصة، وانقضوا على مصر السفلى، ومكثوا بها بضعة قرون، اقتبسوا خلالها الحضارة المصرية، وصار ملوكهم فراعنة.

وقد ذكرنا ان العمالقة عرب، ولفظة شاسو تعني البدو (والعرب باللغة البابلية).  إذ ورد في بعض النقوش المصرية ان الهكسوس قدموا من بلاد العرب.  ولفظة (هيك شاسو)، تعني ملوك البادية لا الملوك الرعاة فحسب، وعليه يكون العماليق قد وصلوا الى مصر السفلى واسسوا لهم مملكة فيها.

لكن العمالقة بعد ان خرجوا من العراق ومصر تفرقوا في الجزيرة العربية واسسوا دولا فيها، ومن نسلهم القبائل البائدة.

 عاد:

... العماد ( منازل قوم عاد) – شاهد الصور

منازل قوم عاد

يقترن اسم عاد بإرم.  وقد جاء في القرآن الكريم (إرم ذات العماد). 

وظنً النقاد ان إرم اسم مدينة جعلها بعضهم دمشق، وبعضهم الاسكندرية، مستندين على اللفظة نفسها وهي من اسماء دمشق العبرية وجعلها بعضهم في اليمن و نسبوا بناءها الى ملك يدعى ضداد، قال ابن خلدون :

) وابعد من ذلك واعرق في الوهم ما يتناقله المفسرون في تفسير سورة الفجر في قوله تعالى ( ألم تر كيف فعل ربك بعاد إرم ذات العماد ) فيجعلون لفظة إرم اسما لمدينة وصفت بانها ذات عماد اي اساطين.  وينقلون انه كان لعاد بن عوص بن إرن ابنان، هما شديد وشداد، ملكا من بعده.  وهلك شديد وخلص الملك لشداد ودانت له ملوكهم وسمع وصف الجنة فقال : لأبنيًن مثلها، فبنى مدينة إرم، في صحاري عدن في مدة ثلاثمئة سنة، وكان عمره تسعمائة سنة!!!، وانها مدينة عظيمة قصورها من الذهب واساطينها من الزبرجد والياقوت، وفيها اصناف الشجر والانهار المطًردة، ولما تم بناؤها سار اليها اهل مملكته حتى اذا كان منها على مسيرة يوم وليل بعث الله عليهم صيحة من السماء فهلكوا كلهم(.

وقد ذكر ابن خلدون : اعتبار إرم مدينة، كان التباسا، والذي حمل المفسرون على ذلك ما اقتضته صناعة الاعراب في لفظة ذات العماد انها صفة إرم. وحملوا العماد على اساطين فتعين ان يكون بناء، ورشح لهم ذلك قراءة ابن الزبير عاد إرم على الاضافة من غير تدوين، ثم وقفوا على تلك الحكايات التي هي اشبه بالاقاصيص الموضوعة التي هي اقرب الى الكذب المنقولة في عداد المضحكات.  وإلا فالعماد هي عماد الخيام، وان اريد بها الاساطين فلا بدع في وصفهم، وانهم اهل بناء واساطين على العموم بما اشتهر من قوتهم لانه بناء خاص في مدينة معينة او في غيرها، وان اضيفت كما في قراءة ابن الزبير فعلى اضافة الفصيلة الى القبيلة كما تقول كنانة والياس مضر وربيعة نزار.

والارجح ان إرم هو اسم قبيلة او الجد، لا اسم المدينة، فجميع القبائل العربية التي بادت هي من نسل إرم.   وقد ذكر اليونان احدى قبائل اليمن وسموها باليونانية (ادراميتال)، وهي لا تعني حضرموت انما تعني العادراميون ـ اي بنو عاد.

وكثرت المبالغات في تاريخ عاد، وفي اقرادها، ومما قيل ان طول الرجل من 70 الى 100 ذراع، وراس احدهم كالقبة العظيمة.  وعيناه تفرخ منها السباع، وجعلوا حياة  ملوكهم طويلة جدا، فزعموا ان عادا عاش 1200 سنة. واهم هؤلاء الملوك شداد، اعظم رجالهم واكبر فاتحيهم.  وقد ذكر ياقوت أن في ذروة جبل (جش ـ إرم) مساكن لعاد وإرم.  

 الامارات على التخوم

 الغساسنة :

يذهب جرجي زيدان الى ان اصلهم عدناني شمالي من بطون كهلان، الذين ضاعت انسابهم. نزح الغساسنة الى الشام، ودخلوا في طاعة الروم، الى ان حدثت بينهم مشاجرة، فتحاربوا، وطلب الروم الصلح، فقبلوا شرط ان يملك عليهم من كان منهم، فاجيب طلبهم، وكان اول ملكهم جفنة بن عليه، وصادقوا الروم.
وعدد ملوكهم مجهول. ودخل بعضهم مع الروم في محاربة الفرس واخيرا تجزأت دولتهم وحكم كل قبيلة امير، ولعل سببه هذا ان الروم تركوا حكم البلاد لاهلها.
وما لبث كسرى ابرويز الساساني ان استولى على اورشليم ودمشق عام 613 م فضعف شأن الغساسنة حتى كادوا ان يبيدوا، وقد ظهر جبلة بن الايهم في عهد عرقل، وكان آخر ملوكهم، وشارك في قتال العرب مع الروم واسلم في زمن عمر بن الخطاب.

 إمارة المناذرة :

وهم عمال الفرس في بلاد العرب، كما كان الغساسنة عمال الروم فيها.
واصلهم من الجنوب من قبائل تنوخ، سكنت العراق بعد ان نزحت في اوائل القرن الثالث الميلادي بعد سقوط الدولة الارسانية من الاسرة الفرئية وقيام الاسرة الساسانية عام 336 ميلادية بقيادة اردشير بابكان.
وتحول مخيم التنوخيين بعد حين الى الحيرة. وقد سموا اللخميين لان الفرس اعتادوا ان ينصبوا عليهم اميرا من لخم . . . وكان تاريخ هذه الدولة اوضح من تاريخ الغساسنة، لانه دُون في الكنائس والاشعار وغيرها، وقد عدد لنا بعضهم ملوكهم وملوك الفرس الذين عاصروهم. وكان جميع هؤلاء الملوك من قبل الاكاسرة يؤدون لهم الطاعة ويحملون الخراج. ومن اشهر خلفائهم النعمان الاعور (400 م)

والمشهور ان شأن عرب الحيرة قد قوى في زمن النعمان. فبعد وفاة يزدجرد الاول حاول الفرس اقصاء ابنه عن العرش، فأيده النعمان بجيشه ومكًنه من استرداد عرشه، فعظم هذا الامر مقام المناذرة. وبلغت الحيرة ازهى ايامها في عصر المنذر بن ماء السماء 505 م . . . وعندما استلم قباذ الفارسي عرش الفرس ساءت العلاقة بينهما، بعدما انتشرت الديانة المزدكية في بلاد فارس.

ومن اخباره انه كان له يومان : يوم خير ويوم بؤس. فأول من يطل عليه في يوم النعيم يأمر له بمئة من الابل. واول من يطل عليه في يوم البؤس يقتله، ويطلي بدمه الصومعتين، وكان ممن فتلهم في بؤسه الشاعر عبيد بن الابرص 555 م ويقال انه قتل نديمين له، ولما صحا وادرك ما اتت يداه اقلع عن تلك العادة.
وعندما تولى الحكم النعمان الثالث الذي كان اول من تنصر على دين النساطرة، امتد سلطانه الى عمان والبحرين وقد شجع الشعر والشعراء فتوافدوا عليه، ومنهم النابغة الذبياني، وقيل انه لم يكن سهل القياد، وان كسرى استدرجه الى المدائن فقبض عليه والقاه بين ارجل الفيلة فقتلته، ثم ارسل السباع عليه فأكلته.
وخلاصة القول ان المناذرة كانوا اكثر تحضرا وترفا من الغساسنة، وان تلك الامارة كانت بأرادة الفرس ليحموا انفسهم من غزوات البدو والروم بالعرب.

 إمارة كندة : 

وهي امارة تقع بين مملكتي الغساسنة والمناذرة في شمالي نجد، وتدين بولائها لليمن، ويذهب النسابون الى انها احدى بطون كهلان ، فهي من عرب الجنوب على الارجح، وكان العديد من سكانها يقيمون في حضرموت حتى مجيء الاسلام.
ويروي اكثرهم ان اوائل ملوك كندة الذين كان لهم شأن وصنعوا التاريخ كان،
حجر بن عمرو آكل المرار. فمع آكل المرار هذا فرضت سيادة كندة وامتد سلطان آكل المرار الى اليمامة وتخوم امارة المناذرة ودانت له تغلب وبكر، وجاء بعده ابنه عمرو بم حجر ويدعى مقصور، ولعله سمي بهذا الاسم على محدودية سلطانه، وفي اثناء حكمه اشتعلت نار حرب البسوس.
ومات هذا الملك على يد الحارث بن ابي شمًر في غزوة في الشام، فجاء الحارث ابنه وكان اعظم ملوك كندة الى درجة استطاع الوصول الى حكم الحيرة نفسها، وكان له اولاد اربعة، ملك كل واحد منهم على قبيلة.
وما لبث بنو اسد ان تنكروا لعمرو بن حجر وهو والد امرئ القيس الشاعر، فاجتمعو عليه وقتلوه، وقد ذكرنا قصة امرئ القيس وثأره لوالده، واذا راجعنا شعره تبين لنا انه يمتلئ حقدا على بني لخم. وقد مات، وفقا للروايات سنة 450 م عند انقرة.