رسالة جبران خليل جبران للمسلين

قبل اكثر من ١٠٠ سنه

أنا لبناني ولي فخر بذلك, ولست بعثماني ولي فخر بذلك أيضا
 

لي وطن أعتز بمحاسنه , ولي أمه أتباهي بمآتيها, وليس لي دولة أنتمي إليها وأحتمي بها 
 

أنا مسيحي ولي فخر بذلك , ولكنني أهوى النبي العربي وأكبر اسمه وأحب مجد الاسلام وأخشى زواله ,

أنا شرقي ولي فخر بذلك ومهما أقصتني الأيام عن بلادي أظل شرقي الأخلاق سوري الأميال لبناني العواطف
 

أنا شرقي وللشرق مدينة قديمة العهد ذات هيبة سحرية ونكهة طيبة عطرية ومهما اعجب برقي الغربيين ومعارفهم يبقى الشرق موطنا لأحلامي ومسرحاً لأماني وآمالي.
 

في تلك البلاد الممتدة من قلب الهند الى جزائر العرب, المنبسطة من الخليج الفارسي الى جبال القوقاس, في تلك البلاد أنبتت الملوك والأنبياء والأبطال والشعراء ..في تلك البلاد المقدسة تتراكض روحي شرقا وغربا وتتسارع قبلة وشمالا مرددة أغاني المجد القديم, محدقة الى الافق لترى طلائع المجد الجديد
 

بينكم أيها الناس من يلفظ اسمي مشفوعا بقوله: ” هوفتى جحود يكره الدولة العثمانية ويرجواضمحلالها

إي والله لقد صدقوا, فأنا أكره الدولة العثمانية لأني أحب العثمانيين, أنا أكره الدولة العثمانية لأني أحترق غيرة على الامم الهاجعة في ظل العلم العثماني
 

أنا أكره الدولة العثمانية لأني أحب الاسلام وعظمة الاسلام ولي رجاء برجوع مجد الاسلام
 

أنا لا أحب العلة, ولكنني أحب الجسد المعتل, أنا أكره الشلل ولكنني أحب الأعضاء المصابه به 
 

أنا أجل القرآن ولكنني أزدري من يتخذ القرآن وسيلة لاحباط مساعي المسلمين كما أنني أمتهن الذين يتخذون الإنجيل وسيلة للحكم برقاب المسيحيين
 

وأي منكم أيها الناس لا يكره الأيدي التي تهدم, حبا للسواعد التي تبني؟
 

أي بشري يرى العزم نائما ولا يطلب إيقاظه؟ أي فتى يرى العظمة متراجعة الى الوراء ولا يخشى انحجابها ؟
 

إذا ماذا يغركم أيها المسلمون بالدولة العثمانية وهي اليد التي هدمت مباني أمجادكم بل هي الموت الذي يراود وجودكم ؟
 

أولم تنته المدينة الاسلامية ببدء الفتوحات العثمانية؟
 

أولم يتقهقر أمراء العرب بظهور سلاطين المغول؟
 

أولم ينحجب العلم الأخضر وراء ستار من الضباب .. بظهور العلم الأحمر فوق رابية من الجماجم؟
 

خذوها يامسلمون كلمة من مسيحي أسكن ” يسوع ” في شطر من حشاشته و ”محمداً” في الشطر الآخر
 

إن لم يتغلب الاسلام على الدولة العثمانية, فسوف تتغلب أمم الافرنج على الاسلام
 

إن لم يقم فيكم من ينصر الاسلام على عدوه الداخلي .. فلا ينقضي هذا الجيل إلا والشرق في قبضة ذوي الوجوه البائخة والعيون الزرقاء

جبران خليل جبران