محطات جميله في ذاكرة بغداد

كتب بواسطة: عبد الكريم الحسيني

 شارع الرشيد , أورزدي باك ,حسو اخوان ,محطات جميله اخرى

 

 

  محطات جميله في ذاكرة بغداد ـ شارع الرشيد

 أورزدي باك , حسو اخوان, محطات جميله اخرى..


 

 

نبذه مع اجمل شارع في بغداد

تحمل الى اهل الخيام سلامي

 

الا يانسيم الريح من ارض بابل

ما آن أن تستطيع رجع كلاميا

 

وقل للحبيب فيك بعض نسيمه

على انني منها استفدت سقامي

 

واني لااهوى ان اكون بارضكم

 

اليوم وبعد أن ودعت بغداد ألزمن ألجميل وتلاشت صورتها المشرقة في عقود الخمسينات والستينات وانتعاش الشارع في حقبة السبعينات استثناءا والتي ربما تبدو وكأنها من قصص ألف ليلة وليلة أو ضرب من الخيال لما حصل من خراب للعراق وتحديدا بغداد بعد قيام النظام الجمهوري و اكمال تدميرها بعد عام 2003 واستمرار عملية التدمير ..

    



يعتبر شارع الرشيد من أقدم واجمل الشوارع في بغداد ، حيث افتتح الشارع يوم 23 تموز 1916 وهو يوم اعلان الدستور وكان يمتد من الباب المعظم الى منطقة السيد سلطان علي...

 
 

وسمي أول الأمر باسم (”خليل باشا جادة سي” ) اي (جادة خليل باشا) و(الجادة العامة) أو (الجادة) اختصاراً وسمي ايضا (شارع هندنبرغ ) . فتح شارع الرشيد في البداية من منطقة باب المعظم إلى جامع سيد سلطان علي ، وكان الشارع عبارة عن سوق مسقف من ساحة الميدان إلى ساحة الرصافي ويعتبر هذا الشارع هو موقع عسكري قريب من الثكنة العسكرية العثمانية (القشلة) حيث يخرج الجيش من منافذ قريبة من القشلة حتى يواكب المعركة (الحرب العالمية الأولى 1914) في هذه الأثناء كان الجيش البريطاني داخل مدينة الفاو بالبصرة.

وفي هذا الوقت تم تعيين خليل باشا والياً على بغداد وقائداً للجيش السادس العثماني سنة 1916.

فنفذ فكرة فتح شارع الرشيد حينها لم يكن يسمى شارع الرشيد وأنما كان مجرد طريق أو ممر للجيش العثماني وكان مدير البلدية في هذا التاريخ السيد رؤوف الجادرجي .

   



وبعد دخول القوات البريطانية عام 1917 إلى بغداد حيث مرت داخل بوابة بغداد وهي مقابل وزارة الدفاع ما بين جامع الأزبكية وقاعة الشعب حالياً، فشاهدت أنقاض الشارع ما تزال متروكة على جانبيه فأمرت برفع الأنقاض وإكمال فتح الشارع وأوصلوه حتى بداية شارع (أبو نواس) للاستفادة منه عسكرياً وأيضاً لحاجتهم الماسة إليه لوجود القنصلية البريطانية في منطقة السنك من جهة الباب الشرقي .


 


ولكن هذه البوابة هدمت بالكامل لأنها تعيق دخول الأسلحة الثقيلة والمدافع فأزيلت نهائياً من هذا الموقع . ورصفت أرضية الشارع بالحجارة و الصخر ثم جرى تبليطه بالإسفلت وقد سماه الإنكليز (الشارع الجديد).

 
 

والحدث الذي أثار دهشة البغداديين هو دخول السيارات إلى شارع الرشيد خلال فترة الاحتلال البريطاني حيث كانت وسيلة النقل المفضلة في تلك الفترة هي عربات الخيول أو ما يعرف بـ (الربل)التي تم استيرادها من الخارج ثم صنعت محلياً .

   

في عام 1921 بعد انتهاء الانتداب البريطاني و قيام الحكومة العراقية و تنصيب الملك فيصل الأول ملكاً على العراق سمي هذا الشارع بشارع الرشيد في عهد الملك فيصل الأول تيمّناً باسم الخليفة هارون الرشيد الذي عاشت بغداد في عهده عصراً ذهبياً لا مثيل له .



أول شارع يعبد في العراق وبدأ كمركز تجاري وثقافي وترفيهي . ويتذكر من بقي على قيد الحياة من البغداديين ان (امانة العاصمة) كانت قبل اكثر من نصف قرن تغسل شارع الرشيد بخراطيم المياه والمنظفات مساء كل يوم ، بعد ان يخلو من السيارات والسابلة ، ويمتاز الشارع برواق مخصص للمشاة يحميهم من المطر واشعة الشمس .

وكان شارع الرشيد ، مكاناً تدور فيه احداث الكثير من الروايات العراقية المهمة ، و احتوى الكثير من الأحداث الاجتماعية والسياسية، التي كان لها الأثر في الحركة الوطنية العراقية ، والتاريخ العراقي المعاصر ..

 

لاحظوا أناقة متظاهري الزمن الجميل..حتى المظاهرات كانت جميلة

حتى ان العراقيين يحلو لهم اطلاق تسمية «الشارع الشاهد» على شارع الرشيد لكثرة الاحداث السياسية والتظاهرات والاعتصامات والمواجهات التي حصلت في شناشيله التي تحملها الاعمدة السميكة، متيحة لاهالي هذا الشارع مشاهدة هذه الاحداث عن كثب، ونقلها إلى الأجيال، ابتداء باستعراض الجيش البريطاني عند احتلال بغداد عام 1917 وانتهاء بمظاهرات انقلاب 1968 مرورا بتظاهرات وثبة كانون (1948) ووثبة تشرين (1952) ...


 

وثورة 14 تموز 1958 وغيرها كثير من الاحداث..

                
 

لاحظوا أناقة العوائل العراقية في ذلك الزمن الجميل

محلات اورزدي باك

اورزدي باك هي كلمة ارتبطت بكل ماهو جيد من بضاعة ,, ظهرت لاول مرة اوائل الثلاثينات من القرن العشرين ، والاورزدي كما يسميه العراقيون كان مكانا تباع فيه البضائع المنوعة المستوردة والمحلية وهي تشمل كل شي مثل:


 

الملابس , الاقمشة , لعب الاطفال , المواد الغذائية ,المواد الكهربائية , الادوات الاحتياطية , الاكسسوارات , العطور , لوازم الاطفال , لوازم نسائية وتقريبا كان يباع كل شي يخطر على البال , وغالبا تكون البضاعة جيدة ومن مناشئ اوربية غربية ويابانية ، واصل كلمة اورزدي فقد تعددت الاقاويل عن اصلها ، فمنهم من قال:- (انها مشتقة من الكلمة الانجليزية Our's Day Bag اي حقيبة تسوقنا اليومية). ومنهم من قال ( انها اسم شركة اجنبية افتتحت اول سوق بهذا الاسم) وآخرون قالوا (انها كلمة فرنسية تعني سوق مركزي او مول ) او ( انها مشروع تجاري في بغداد تابع لشركة عمر افندي وقد بيعت الى يهودي فرنسي يدعى اورزدي باك) وسمي السوق بهذا الاسم.

 



ويقال أيضا ان أوروزدي باك يرجع اسمه إلى أودلف أوروزدى الذي كان ضابطاً بالجيش المجري افتتح أول محل له لبيع الملابس بمدينة جالاتا عام 1855. ولقد بدأ أوروزدى وأبناؤه وهم من عائلة باك ذات الأصول النمساوية المجرية بإنشاء معارض شبيهة في أماكن متعددة بما فيها بغداد وإسطنبول وبيروت.

ثم اشتراها ثري يهودي في القاهرة وسماها سلسلة متاجر “عمر أفندي“ في مكانه الذي ما زال قائماً في شارع عبد العزيز في القاهره.

وبني اورزدي باك على ارض وقف قره علي والتي كانت عبارة عن قهوة ومسافرخانه (فندق) و مربط للخيل وهي ارض واسعة المساحة حدودها کما يلي من الامام شارع الرشيد ومن الخلف نهر دجلة و من الجانب الايمن (وانت تواجه البناية) من جهة جسر الاحرار ملك بيت الباججي ومن الجهه اليسرى مدرسة قره علي و تكية قره علي وجامع علي جلبي (جامع سيد سلطان علي) ودور بيت قره علي.

 
 

هذا الموقع المتميزفي قلب بغداد وعلى اكبر شارع فيها و بمساحتها الشاسعة اجتذب انظار شركة عمر افندي التجارية لصاحبها عمر افندي الأرنئوطي الالباني الاصل بالمفاتحة ببدء المشروع التجاري في بغداد لكن شركة عمر افندي بيعت الى يهودي فرنسي يدعى اورزدي باك والذي اخذ الخطوات الجدية في التعاقد مع متولي وقف قره علي محمد رشيد جلبي(رشيد جلبي) بن عبد الكريم جلبي قره علي و بواسطة ممثل الشركة شاؤل المحامي المعروف من اليهود و تم تآجير الارض اجارة طويلة لمدة ستة و ثلاثين سنة .

        
 



محلات حسو اخوان

دخل التلفزيون بغداد في 1954 حيث عرضته شركة (باي) الألمانية وقامت بشرائه حكومة العراق في عهد الملك فيصل الثاني وأفتتح الملك البث بتاريخ 2/5/1956 بمناسبة ميلاده الواحد والعشرين ,


 

بذلك أعتبرأول تلفزيون بالشرق الأوسط وهرعت الناس الى المقاهي التى تمتلك ذلك الجهاز ألاعجوبة ، وبدأ البغداديون بشراء التلفزيون الذي أصبح لابد منه والبعض فضّل أن يشتري الجهاز من أسواق حسو أخوان الواقعه في شارع الرشيد قرب سينما روكسي

وحسو أخوان عبارة عن محل كبير فيه ما يحتاجه البيت من كهربائيات الى ملابس ولعب أطفال وغيرها وما يسمى اليوم في دول الغرب للتسوق وقفه واحده للتسوق ...... وخدمات ما بعد البيع أي صيانة وتصليح الأجهزة الكهربائية ومنها جهازالتلفزيون بالنظام المعروف عالميا والمعمول به في بعض البلدان الغربية وأستمرت أسواق حسو أخوان بتقديم خدمات الصيانة ألتزاما منها طالما الجهاز مباع من قبلهم وأتذكر أحد الفنيين الذي كان يقوم بصيانة جهاز التلفزيون ماركة باي وكان مندوب الشركه يأتي أينما كان في بغداد بسيارته وعدّته مع أبتسامته التى لاتفارق وجهه ليقوم بفحص ألجهاز وتنظيفه أو تبديل لمبه حين كانت التلفزيونات الأسود وألابيض تعمل بنظام اللمبات وأن تعذر أصلاحه في البيت يقوم ذلك الفني بنقل التلفزيون الى ورشة الصيانه في شركة حسو لأصلاحه ثم أعادته لنا .. وأستمرت تلك الخدمة الى نهاية الستينات حيث أغلقت الشركة بعد أصدار قوانين التأميم التي حدت من ألاستثمارات ألاهلية..

 



ولم تكن شركة حسو أخوان الوحيدة التى أغلقت أبوابها بل شركات عديدة مثل وكالات بيع السيارات ماركة فورد وشيفروليه ومحلات نوفكس الشهيرة ببيع الملابس الرجالية ومكتبة مكنزي وغيرها من المعالم الشهيرة ، ومن الطرائف التى تحصل كان بعض زوار بغداد من المحافظات يسألون عن أورزدي باك فيقولون أين أورزدي بيكَ ضنا منهم أنه أسم شخص والعبارة بيكَ كانت تستخدم للتفخيم وهي تركية ألاصل.

 



علامات اخرى جميله

1 . لعل اشهرها محاولة اغتيال الزعيم عبدالكريم قاسم عام 1959 والتي نفذتها خلية من حزب البعث شارك فيها صدام حسين وعبدالواهاب الغريري الذي قتل اثناء المحاولة ، وأقام له صدام فيما بعد تمثالا في مكان الحادث وسط الشارع وسميت الساحة باسم الغريري . الا ان التمثال هدم بعد احتلال العراق عام 2003 واقيم مكانه تمثال لعبدالكريم قاسم وسميت ساحة عبد الكريم .

  



2 . اتخذ الملاعثمان الموصلي من جامع الحيدر خانه مكاناً له، لبث خطبه، وتحريك الناس بإتجاه ثورة العشرين، وكان له دور مهم في ذلك، حيث جعل من ساحة الجامع مكاناً لتجمع يومي للناس، والدكتور محمد مهدي البصير الذي هو الاخر كان لايتوقف عن القاء خطبه ومواعظه عبر الجامع.   

 



3 . شارع الرشيد وعبر تاريخه الطويل ضم العديد من المقاهي ودور السينما والجوامع واهم الجسور التي تربط الكرخ بالرصافة والشوارع الفرعية والعديد من المحلات الشعبية والاسواق والمخازن .

الشوارع الفرعية الممتدة على جانبي شارع الرشيد : اولا . شارع المأمون: (قرب جسر الشهداء) يمتد من ساحة الأمين إلى جسر الشهداء. ثانيا .شارع الأكمكخانة: أي (الفرن العسكري) الذي هو شارع المتنبي أو شارع المثقفين شارع الكتب. ثالثا .شارع البولويخية: (شارع الزهاوي) شارع حسان بن ثابت حالياً.


 

سمي شارع البولويخية لكثرة السراجين فيه كان عملهم دباغة الجلود وصناعة الأسرجة والبراذع وكل ما يخص الخيول، لقرب هذا الشارع من الثكنة العسكرية للدولة العثمانية أما عند المشي إلى حافظ القاضي (وهو تاجر من أهالي بغداد كان يتاجر بالسيارات فأصبح علامة دالة في شارع الرشيد) إلى يساره شارع الوثبة. كان فقط موجوداً شارع سيد سلطان علي ثم بعد ذلك افتتح الإنكليز شارعاً آخر وسمي فيما بعد شارع الوثبة

4 . المحلات السكنية في شارع الرشيد : تنتشر على جانبي الشارع ازقة مزدحمة بالبيوت ، والمحلات التي أقيمت في شارع الرشيد هي محلة البقجة في ساحة الميدان على مدخل شارع الرشيد و أقيمت أيضاً محلات شعبية سكنية أخرى وهي الحيدر خانة والعاقولية والخشالات ومحلة جديد حسن باشا ما زالت موجودة إلى يومنا هذا.


 

ومحلة الدشتي وعكد الجام مقابل سوق الصفافير ومحلة تحت التكية ، والمربعة ، عكد النصارى وسيد سلطان علي ، وعارف اغا   

   

5 . الجوامع المشهورة في شارع الرشيد :

انتشرت في بغداد جوامع كثيرة وخاصة في العهدين العثماني والصفوي ومن هذه الجوامع:ـ جامع المرادية الذي أول ما يصادفنا بعد مدخل باب المعظم وهو من الجوامع المشهورة في هذا الشارع فهو مجاور للمكتبة الوطنية دار الكتب والوثائق حالياً فقد شيد عمارته الوالي مراد باشا عام 1566 وجدد عام 1903 وكان إلى جواره خان المرادية الكبير ثم ساحة الميدان ، وجامع الازبكية ويعود هذا الجامع الى 185 سنة خلت ، جامع الاحمدي وشيد عام 1796 م ، جامع عثمان بن سعيد، جامع الامام طه، جامع الحيدر خانه الذي شيدهُ داود باشا عام 1819 ، جامع مرجان ، جامع سيد سلطان علي ، وغيرها من الجوامع في الأفرع القريبة من الشارع ، (إضافة إلى الحسينيات ومراقد الصالحين)

 

6 . يعتبر سوق الشورجه هو السوق الرئيسي في شارع الرشيد وسوق الخفافين ، وسوق هرج لبيع الخردوات وهو السوق الأكثر فوضويّة والادوات المستعملة ، وسوق الصفارين ، خان الشابندر السوق القديم لبيع المصوغات الذهبية .