الشمولية الاستبدادية التي انتجت بسياساتها
الفاشلة كل هذه الكوارث وعلى مختلف الاصعدة، فالبطالة والجهل والامية والتخلف والمرض وانعدام فرص التعليم والبحث، تحاصر الشباب من كل جانب، وسندان الفكر العنفي المتخلف الذي يتستر
بالدين ليصطاد في شباكه البراعم النامية من هؤلاء الشباب والشابات من الذين تحولوا الى قنابل موقوتة وسيارات ملغومة تتفجر في وسط الناس الابرياء ظنا منهم ان ذلك سينتهي بهم الى الجنة
وعلى سفرة واحدة مع رسول الله، بعد ان غسلت مجموعات العنف والارهاب ادمغتهم بشكل مرعب، مستغلة بساطتهم وجهلهم بامور دينهم وياسهم من الحياة، هذه المجموعات التي تغطيها فتاوى فقهاء
التكفير والبلاط والمدعومة بالمال الحرام والدعم اللوجستي من امراء وشيوخ حاكمين في هذه الامارة او تلك المملكة.
كما ان شريحة من الشباب اضحوا اليوم ضحية الفكر الخرافي وثقافة الاحلام الذي ينتشر في بعض بلداننا الاسلامية، ومن
على الشاشة الصغيرة بسبب غياب دور العلماء والفقهاء والكتاب والباحثين المتنورين.
اذا اردنا ان نكون جزءا من منظومة الامام (عج) علينا ان نغير نمط حياتنا، فنعيد النظر في علاقاتنا مع بعضنا البعض
الاخر، سواء في البيت او في المدرسة او في الشارع او في محل العمل، فنستبدل العنف باللين والانتقام بالتسامح والانانية بالايثار والجهل بالعلم واشاعة الفاحشة واسرار الناس بالكتمان
وصيانة والائتمان على ما نؤتمن عليه من اسرار، والكفر بأنعم الله تعالى بالشكر، فـ {بالشكر تدوم النعم}.
ان المجتمع الذي تشيع في وسطه روح الانتقام والتقاطع والمكيدة والتربص والنفاق والكسل والامية والتخلف والمرض
والجهل، لا يصلح لان يكون مجتمع الانتظار ابدا، انه مجتمع يحمل في داخله اسباب الانهيار وعوامل التفجر حتى قبل ان يحضر الامام المنقذ.
اخيرا، علينا ان نتعامل مع فلسفة الانتظار لظهور الامام، على انها رقابة ذاتية بطريقة اخرى، فالمرء الذي يعلم بان
هناك من يراقبه دائما فيراقب حركاته وسكناته واعماله وممارساته وتعاملاته مع الاخرين ومع الموقع والمسؤولية، فانه يتصرف بطريقة مسؤولة اكثر من الاخر الذي تترك له الامور على غاربها من
دون حسيب او رقيب، ولذلك يجب ان يكون وجود الامام كالرقيب الذاتي، ليكون لنا دافعا للتميز في الاداء وتحمل المسؤولية.
انه الرقابة الدائمة والمحاسبة المستمرة لنا، لننجز الافضل ونعمل الاحسن، ونفكر بطريقة اسلم، ونتعامل مع بعضنا
باسلوب ارقى