Home 
 

إصابة الإمام علي )عليه السلام( ووفاته

دراسة في مجالي الجراحة العصبية والطبّ العدلي

 

أ. د. عبد الهادي الخليلي – واشنطن

*  أ د عبد الهادي الخليلي (بكالوريوس طب وجراحة جامعة بغداد،

زميل كلية الجراحين البريطانية أدنبرة، زميل كلية الجراحين الاميركية،

ماجستير فلسفة علوم جامعة برادفورد المملكة المتحدة) رئيس قسم الجراحة العصبية جامعة بغداد 1988-2006

23 مايس 2012 المصادف 2 رجب 1433

 

ملخص المقال:

إن دراسة  حياة أولئك الذين غيروا مجرى التاريخ تقتصر في الغالب على سيرتهم وماقدموه. ولكن من المفيد إتمام تاريخ سيرتهم بدراسة أيامهم الاخيرة وكيف انتقلوا الى العالم الاخر. وفي هذا  قـُدمت العديد من الدراسات حول تفاصيل وفاة أنبياء ومصلحين وسياسيين وعلماء وموسيقيين وغيرهم بتفاصيل تبين كيفية وفاتهم وأسبابها. يحاول الباحث في هذه الدراسة الوصول الى أسباب وفاة الامام علي بن أبي طالب عليه السلام بعد أن ضربه عبد الرحمن بن ملجم بسيفه المسموم وأصاب رأسه بجرح نافذ الى عمق الجمجمة وحتى الدماغ. وبعد الاصابة بيومين انتقل الامام الى بارئه. كانت هناك عدة اسئلة:

  1. أين كان موضع الامام عند الاصابة؟ أين مكان الاصابة في الرأس؟

  2. هل سببت إصابة الرأس الوفاة؟

  3. هل تسبب السم بالوفاة؟

  4. هل هناك احتمال آخر سبّب الوفاة؟

تمت الاجابة المقترحة على هذه التساؤلات من خلال الدراسة وتهيأ لنا من خلال الادلة الى أن  الامام أصيب بمواجهة وهو منتصب القامة، وكان موضع الاصابة في مقدمة الجانب الايسر من الرأس والجرح النافذ كان بطول الانجين وبعمق حوالي الانج. لم تكن اصابة الرأس السبب المباشر للوفاة حيث لم تظهر علامات التهاب السحايا ولا التهاب الدماغ وبقي وعي الامام كاملا حتى لحظة وفاته.  ولم يتبين ان السم كان سببا للوفاة لعدم تطابق الحالة السريرية بعد الاصابة بما يحدث للمصاب بالسموم المعروفة. ولم تكن الاسباب الاخرى المحتملة قريبة الى مستوى القبول النهائي كي تعتبر سببا للوفاة مثل التسمم الدموي الجرثومي أو خذلان جهاز الدوران الناتج عن فقدان السوائل. ومن المحتمل ان الوفاة حدثت  بتداخل الاسباب المذكورة آنفا أوبنوع من السم لم تشمله الدراسة.

 

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة

تحدثت في القصر الأبيض ببغداد عام 1996 بدعوة من منتدى الرُواد بحديث عنوانه: "المجتمع وجراحة الدماغ"! وتعرضت في حديثي إلى العلاقة الوثيقة بينهما. ومن الشواهد التي ذكرتها الصداع والصرع وحوادث المرور وغيرها وتأثيرها على المجتمع. والموضوع المهم الآخر الذي تطرقت إليه كان إصابات الشدة على الرأس مستذكراً عدداً من الأمثلة لرموز تاريخية من الذين توفوا بسبب إصابة في الرأس، وكان يمكن لو توفر جراح الدماغ في زمانهم أن يحقق بعلاجهم ومحاولة إنقاذهم أن يغير بفعله مجرى التاريخ! وذكرت أمثلة كان أهمها إصابة أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام.

وعند وقوفي عند إصابة الرأس التي تعرض لها أمير المؤمنين بعد أنْ ضربه عبد الرحمن بن ملجم بالسيف المسموم وتفاصيل الأحداث بعد ذلك حتّى لحظة الوفاة (استشهاده) وجدت أن هناك ما يستحق التأمل والتحقيق في سبب الوفاة الحقيقي من ناحية جراحة الدماغ وكذلك من الناحية الطبّية العدلية، مستفيداً من تخصصي وخبرتي المتواضعة! وما يمكن أن تسري عليه الأحداث الصحية في مثل هكذا إصابة وما يؤول إليه حال المصاب! وبما أنَّ الإصابة كانت مصحوبة بالتعرض للسُمّ فقد احتمل ذلك تشابكاً وتفاقماً لتأثيرات مزدوجة على الجسم.

نشر العديد من الباحثين دراسات طبّية تاريخية مفصلة وفي مجال دراسة كيفية وأسباب وفاة بعض من غيروا مجرى التاريخ البشري والمشاهير ومن هذه البحوث ما شمل النبي موسى والنبي عيسى عليهما السلام ومصلحين مثل كونفوشيوس وبوذا وعلماء من أمثال: نيوتن وآينشتاين وسياسيين مثل لينين وكندي وموسيقيين مثل بيتهوفن وموزارت وغيرهم. (انظر قائمة المصادر الأجنبية ( 1 - 10)

إن دراسة وفاة الإمام علي هذه مبنية على ما استنبط طبياً من الأخبار التي سطرها المؤرخون نقلاً عن شهود العيان ممن كانوا مع الإمام منذ لحظة إصابته وحتّى وفاته والتي جاوزت الـ: 48 ساعة. (6، 8، 22، 27، 31، 36، 39)

وإنَّ واقع الحال يقضي بأنْ نشير إلى أنَّ هذا البحث ما هو إلا مجرد محاولة على طريق معرفة الحقيقة الطبّية لهذا الحدث المهم، والدراسة تحتاج إلى تواصل من قبل باحثين آخرين.

 

ملخص تاريخ الاصابة:

أصيب الامام علي بن ابي طالب عليه السلام  بضربة نافذة على رأسه بسيف مسموم من قبل عبد الرحمن بن ملجم المرادي في صبيحة اليوم التاسع عشر من رمضان عام 40 للهجرة المصادف للعام 661 ميلادي. وبعد يومين من الاصابة توفي الامام (1- 50). وعند الدراسة الأولية للإصابة من الناحيتين الجراحية الدماغية والطبية العدلية تبين أن هناك مايدعو الى التعمق في هذين المجالين لكشف بعض التفاصيل الطبية ومحاولة معرفة سبب الوفاة المباشر.

 

مناقشة الحالة:

قسم البحثْ إلى ثلاثة أقسام بحيث ينصرف القسم الأوّل إلى إصابة الرأس ويتوقف القسم الثاني عند السُمّ بينما يقارب القسم الثالث الاحتمالات الأخرى.

أوّلاً: إصابة الرأس

ثانيا: السم

ثالثا: أسباب أخرى محتملة للوفاة

 

أوّلاً: إصابة الرأس:

إذا حاولنا الدخول في التفاصيل الطبّية العدلية وكذلك التفاصيل الجراحية الدماغية ستواجهنا عدة تساؤلات منها:

  1. - أين كان موقع عبد الرحمن بن ملجم حين الضربة؟

  2.  أين كان موضع الرأس عند الضربة؟

  3.  وهل أصيب الإمام عليه السلام حينما كان ماشياً أو خلال الصلاة في السجود أم أثناء رفع الرأس من السجود، أم بعد أنْ أعتدل جالساً؟

  4.  حالة الوعي

  5.  أثير السكوني الطبيب

  6.  هل اعتم الإمام بعمامة؟

  7.  الجرح

  8.  جهة الإصابة

  9.  أين كان مكان الإصابة في الرأس؟

  10.  ما هي التفاصيل الجراحية للإصابة؟

  11.  وما هي تفاصيل حالة الجهاز العصبي بعد الإصابة؟

  12. أين كان موقع عبد الرحمن بن ملجم حين الضربة؟

لقد اتّفق العديد من المؤرخين على أن ابن ملجم وشريكه في الإصابة شبيب بن بجرة (1، 2 ،3) كانا بانتظار الإمام في طريقه ليدخل إلى المسجد عند صلاة الصبح وهجماً عليه فأخطأ شبيب الإصابة بينما أصاب ابن ملجم رأس الإمام (3، 30)

وذكر مؤرخون آخرون أنَّ الإصابة حدثت حينما كان الإمام يؤدي صلاة الصبح (25، 30، 31، 32، 33)

ووثّق آخرون بأنَّ الإمام ركع وسجد سجدة واستوى قاعداً، وأراد أن يسجد الثانية حينها ضربه ابن ملجم (34) أو أنَّ الإمام كان يصلي فلما رفع رأسه من سجود الركعة الثانية هجم عليه شاهراً سيفه وضربه على رأسه. (8، 24، 30، 31، 33، 34)

 

أين كان موضع ابن ملجم من الإمام؟

إن الرواة يتفقون جميعاً بأنَّ الإصابة كانت في مقدمة الرأس. فقالوا في قرنه (القرن: الجانب الأعلى من الرأس. (1، 2، 5، 6، 7، 12، 13، 17، 21، 24، 26، 29، 30، 35، 36، 37) وقيل جاءت الضربة في جبهته (38) وجبهته إلى قرنه (18). وذكر آخرون أن ابن ملجم ضربه على صلعته. (31، 39)

وأكَّد عدد من المؤرخين إنَّها كانت في موضع ضربة عمرو بن ودّ العامري في واقعة الخندق حينما حمل العامري على الإمام وضربه على رأسه (31، 33، 34) فاتّقاها بالدرقة، فقدَّها السيف ونفذ منها إلى رأسه فشجه. (8، 31 ،33 ،40)

 

حالة الوعي:

عند الإصابة:

حينما أصيب الإمام لم يفقد الوعي حيث قال عندها: "فُزتُ وَربّ الكعبة": (17، 22، 38)

بعدها مباشرة:

ومن ثمّ قال: "لا يفوتنكم الرجل": (2، 3، 4، 6، 27، 36). قال الإمام: عليَّ بالرجل فأُدخل عليه... (9، 13، 15، 16، 17، 20، 22، 23، 24، 31، 36، 39، 41)، أو: احبسوا الرجل (17، 19، 29)

في المنزل:

ثمّ حُمِل إلى منزله وأتاه العوّاد فحمد الله وأثنى عليه... ثمّ قال:... (16)

وبعدها وعندما جُلِب ابن ملجم إليه قال له: أيه عدو الله ما حملك على هذا؟ (17، 21) ألم أحسن إليك؟ (26، 41). قال له ويحك ما حملك على ما فعلت (17، 33) أخا مراد أبئس الأمير كنت لك؟ (34). يقول له النفس بالنفس (18، 23، 24)

ثمّ قال الإمام: أطيبوا طعامه وألينوا فراشه فأنْ أعشْ فأنا ولي دمي إما عفوت وأما قصصت وأن مُتْ فالحقوه بي ولا تعتدوا أنَّ الله لا يحبّ المعتدين (2، 5، 6، 27)

قال الإمام: عليَّ بالرجل فأُدخل عليه... (9، 10، 13، 15، 16، 17، 20، 22، 23، 24، 30، 31، 36، 39، 41)

خلال فترة إصابته:

دَخل عليه جُندب بن عبد الله يُسليه فقال يأمير المؤمنين إنْ فقدناك لا فقدناك فنبايع الحسن. ما آمركم ولا إنهاكم أنتم أبصر ثمّ دعا الحسن والحسين فقال لهما أوصيكما... (4، 8، 13، 14، 41). وكان يقول لمن في المنزل: أرسلتم إلى أسيركم طعاماً؟ (34). قلت: فهل بعد البلاء رخاء؟ فلم يجبني وأُغمي عليه، فبكت أم كلثوم، فلما أفاق قال: لا تؤذيني يا أم كلثوم، فإنَّكِ لو ترين ما أرى لم تبك (42)

دخل عليه الأصبغ بن نباتة فقال له أمير المؤمنين: "أما سمعت قول الحسن عن قولي؟.. وقال لي: أقعد فما أراك تسمع مني حديثاً بعد هذا... ". (50)

قبيل وفاته:

فلما حضرته الوفاة دعا عند ذلك بدواة وصحيفة وكتب وصيته (2، 10، 23، 24، 30، 43) فكانت وصيته: "بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أوصى به... " (17، 41).

لما فرغ من وصيته قال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ثمّ لم يتكلم إلا بـ: "لا إله إلا الله" حتّى توفى (38)، حتّى قُبض (8). وكان آخر ما تكلّم به بعد أنْ أوصى الحسن بما أراد لا إله إلا الله يرددها حتّى قُبض (26، 43). وقد قيل أن آخر ما تكلّم به: "فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره (26)

خرجت أم كلثوم عند أبيها فقال لها علي: أي بنية أجيفي عليك الباب، ففعلت ذلك. قال الحسن: وكنت جالساً على باب البيت فسمعت هاتفاً أخر يقول: أفمن يلقى في النار خير أمن يأتي آمناً يوم القيامة... ، قال الحسن فلم أصبر أن فتحت الباب ودخلت فإذا أبي فارق الحياة (34)

أثير السكوني الطبيب:

أجمع المؤرخون أنه جمع للإمام أطباء الكوفة، وكان فيها آنذاك ما يقرب من مائة وخمسين طبيباً (1، 44)، فلم يكن منهم أحد أعلم بجرحه من أثير بن عمرو بن هانئ السكوني وكان متطبباً صاحب كرسي يعالج الجراحات وكان من الأربعين غلاماً الذين كان خالد بن الوليد أصابهم في عين التمر فسباهم فلما نظر أثير إلى جرح أمير المؤمنين دعا برئة شاة حارة فاستخرج منها عرقاً (حسب تقدير الباحث يجب أن يكون العرق قصيبة هوائية وليس العرق الشائع لغوياً بأنّه الوعاء الدموي كالشريان أو الوريد) وأدخله في الجرح ثمّ نفخه ثمّ استخرجه وإذا عليه بياض الدماغ فقال يا أمير المؤمنين أعهد عهدك فإنَّ عدو الله قد وصلت ضربته إلى أم رأسك فدعا علي عليه السلام عند ذلك بدواة وصحيفة وكتب وصيته". (2، 10، 23، 24، 43)، وقد ذكر أحد المؤرخين أنَّ السكوني جاء لعيادة الإمام في يوم الإصابة. (10)

هل اعتم الإمام بعمامة؟

في الغالب كان العرب يعتموا بعمامة وخصوصاً أثناء الصلاة (25، 45، 46) وعليه يحقّ القول بأنَّ الإمام عليه السلام كان يعتم بعمامة. فهل كانت العمامة على رأسه في حينه؟ وذلك هو الأرجح فإذا كان الأمر كذلك فإنَّ الضربة كانت في الموضع المكشوف من الرأس وليس من خلال العمامة. حيث لم يذكر طبيب الكوفة أثير السكوني عند الفحص أن هناك أثار دخول قطع من قماش عمامته داخل الجرح وهو ما يحدث حينما يكون الجرح من خلال غطاء الرأس، العمامة مثلاً.

الجرح:

عند الإصابة نزف جرح فروة الرأس وكان الإمام ينقل رأسه من الدم (30) وسال الدم على لحيته (26) ونزف وأصفر وجهه (47،48). ومنها ما روي عن عمرو بن الحمق قال: دخلت على علي عليه السلام حين ضرب الضربة بالكوفة فقلت: ليس عليك بأس، إنّما هو خدش. قال: لعمري إنّي مفارقكم (42، 43)

جهة الإصابة:

لم يذكر أحد من المؤرخين أنَّ ابن ملجم كان أعسرا، فإذا كان السيف في يمينه وهو يواجه الإمام أثناء الضربة! ومن حرصه على أن لا يخطئ إصابة الإمام، ومن رهبته من الإمام، وخوفه من مريديه، فإنّه يضرب حيث يمكنه إصابة رأس الإمام بأسرع ما يستطيع وليتمكن من الهرب. وبما كان أقوى مسار للسيف هو مسار اليد الطبيعي العمودي على الجسم بامتداد خطّ حركة ذراع ابن ملجم اليمنى فإنَّ الإصابة كانت على الأرجح في الجانب الأيسر من مقدمة الرأس (القرن(

مكان الإصابة:

والإصابة لم تعبر إلى يمين الجبهة وإنّما كانت على الأغلب موازية له! ولو كانت الإصابة مائلة واخترق الجرح خطّ الوسط لأحدث ذلك نزيفاً داخل الجمجمة مما يسبب في البداية تلون بياض الدماغ بحمرة الدم وهذا ما لَمْ يشاهده السكوني الطبيب، وبمرور الوقت وبسبب قطع حتمي في جيب وريدي طولي كبير يسري في خطّ الوسط داخل الجمجمة من أمام الجبهة إلى مؤخرة الرأس يدعى بالجيب الوريدي السهمي العلوي وبعمق الجرح الذي وصفه أثير السكوني، يحدث نزفاً دموياً داخل الجمجمة. انظر الشكل رقم (1). وإذا ما حدث ذلك فإنَّ النزف الحاصل داخل الجمجمة يستمرّ ويسبب ضغطاً على الدماغ. ويعتمد مقدار النزف على حجم الجيب الوريدي في تلك المنطقة. ويؤدي ذلك إلى تدهور متسارع في الوعي وتشلّ الأطراف ويفقد الوعي تماماً وتنتهي الحالة بالوفاة.

 

  

الشكل رقم (1)

الجيب الوريدي السهمي

 

هل جاءت الضربة في أسفل الجبهة أي فوق الحاجب مباشرة؟

فإذا كانت كذلك فإنَّ الإصابة ستصيب الجيوب الأنفية الجبهوية التي تقع عند مستوى الحاجبين في قاعدة الجمجمة. وهنا يحصل في الغالب نزف من الأنف لارتباط الجيوب الأنفية في قاعدة الجمجمة بالأنف. انظر الشكل رقم (2) وهذا ما لم يذكر في الأحداث الموصوفة، حيث إنَّ الدم كان مصدره جرح فروة الرأس ولم يذكر أبداً أن هناك نزفاً من الأنف. وكذلك فإنَّ الجرح فوق الحاجب يمكن أنْ يسبب نزفاً داخل فروة الرأس وكدمة تسبب حمرة وزرقة في الجلد عند الحاجب وحول محجر العين وهذا ما لم يذكره شهود العيان أبداً.

الشكل رقم (2)

الجيوب الأنفية

 

 

هل جاءت الضربة في أعلى الرأس:

إذا كان ذلك فإنَّ السيف سيصيب وبعمق نفّاذ الجرح الذي تبين من تقرير السكوني القشرة الحركية الدماغية (انظر الشكل رقم 3) المسيطرة على حركة الجانب المعاكس من الجسم مما يسبب شللاً نصفياً جزئياً أو كلياً فيه. ومن سير روايات المؤرخين نجد إنَّ ذلك لم يذكر مطلقاً ولم تتوفر أية إشارة إلى وجود ضعف في الذراعين أو الساقين حتّى لحظة وفاته.

الشكل رقم (3)

القشرة الدماغية الحركية

هل نزف الدم بكثرة؟

ليس هناك ما يعطي فكرة واضحة عن شدّة النزف من الجرح عند الإصابة. ولكن من المعلوم أن فروة الرأس من أغزر مناطق الجسم للأوعية الدموية انظر الشكل رقم (4). وعليه فإنَّه يمكن القبول بفرض حالة فقدان دم كثير من الجرح.

الشكل رقم (4)

مقطع لفروة الرأس

 

 

إصابة الجمجمة:

من المؤكّد أنَّ الإصابة قد نفذت إلى داخل تجويف الجمجمة، أي أنّها وصلت إلى الدماغ وشملته! والذي يدعم ذلك أنَّ الطبيب أثير السكوني عندما أدخل عرق (قصيبة هوائية) رئة الشاة في جرح رأسه نفذ من خلاله إلى داخلها وظهر بياض الدماغ على العرق عندها قال: يا أمير المؤمنين اعهِد عهدك... إلى آخر الوصية (24).

هل كان كسر الجمجمة كبيراً؟

مما لا شكّ فيه أنَّ الإصابة سببت كسراً في الجمجمة لنفاذ الجرح إلى بياض الدماغ. ولكن الكسر لم يكن بالكبير وذلك لعدم قدرة السكوني الطبيب من وصفه على حاله واضطر لإدخال عرق الرئة داخله لاستكشافه ومشاهدة المادة الدماغية عليه عند إخراجه؟ فلو كان الجرح كبيراً لاستطاع مشاهدة داخل الدماغ مباشرة من خلال الفتحة التي أحدثها الجرح. وعليه فإنَّ كسر الجمجمة كان بعرض نصل السيف النافذ فقط.

هل تمزقت السحايا؟

بما أنَّ الإصابة قد نفذت إلى داخل المادة الدماغية فيستدلّ أنَّ الإصابة نفذت من خلال تمزق السحايا وهي الأغشية التي تغلف الدماغ من كلّ جهاته. انظر الشكل رقم (5). ولكن تمزق السحايا هذا لم يسبب نزفاً حول السحايا مما يحدث أحياناً في هكذا إصابة. والدليل هو عدم تلوّن بياض الدماغ بحمرة الدم لسهولة سريان الدم من خارج السحايا إلى داخل الدماغ.

 

الشكل رقم (5)

السحايا وما حولها

الجرح الدماغي:

لقد نفذت الإصابة إلى الدماغ ولكنها لم تنفذ عميقاً داخله حيث البطينات الدماغية. انظر الشكل رقم (6). والتي عند وصول الدم النزفي إليها تحدّث حالة تدهور في الوعي وصداع شديد مما لم يشر المؤرخون إلى حدوثه. وعليه فإنَّ عمق الجرح خلال المادة الدماغية لم يتجاوز الإنج أو أكثر بقليل.

الشكل رقم (6)

البطينات الدماغية

ومما يدعم أنْ يكون عمق الجرح الدماغي لا يزيد كثيراً على الإنج هو عدم حصول نزف داخل الدماغ لعدم بلوغه الأوعية الدموية الدماغية الموجودة في ذات العمق ولكن بجنب البطينات. وإذا ما حصل تمزق في تلك الأوعية الدماغية ينتج عنه نزف مستمر داخل الدماغ يتزايد ساعة بعد ساعة مما يؤدي إلى الشلل المتفاقم وتدهور في الوعي ثمّ فقدانه ومن ثمّ الموت.

ومن المهم أنْ نؤكد على أنَّ وعي الإمام علي بعد الإصابة وحتّى وفاته كان واعياً وعياً كاملاً ما عدا نوبات إغماء وقتي متكررة حيث أوصى بوصيته وتحدّث إلى أهل بيته وزائريه بلغة لا تختلف عن وصاياه وخطبه أيام كمال صحته لا في سمو الأسلوب ولا في إصابة المقصد

استنتاج أوّل:

كانت الضربة بالمواجهة، والجرح (الإصابة) عموديا موازيا لخط الوسط في الجانب الأيسر من أعلى الجبهة (القرن). وكان طول الجرح يقارب، أو يزيد على الإنجين، وبعمق يقارب، أو يزيد قليلاً على، الإنج. وكان الامام أثناء الضربة ماشيا منتصب القامة ولا يمكن أنْ تكون الضربة والإمام جالساً أو راكعاً أثناء الصلاة. ففي هاتين الحالتين ستكون الضربة في أعلى الرأس أو في خلفه وليس في مقدمته.

استنتاج ثان:

هل كانت إصابة الرأس سبباً للوفاة؟

لقد أصيب الإمام بضربة سيف حاد نافذة الى داخل الجمجمة مخترقة فروة الرأس والجمجمة والسحايا وبعمق انج في داخل المادة الدماغية.

مما سبق تفاصيله فإنَّه من المستبعد جداً حصول التهاب السحايا أو التهاب الدماغ أو خراج الدماغ وذلك لعدم حصول المضاعفات المتوقعة مثل الحمى والصداع وتدهور الوعي وفقدانه قبيل الوفاة. ففي حالات التهاب السحايا أو الدماغ يقفد المصاب وعيه قبيل الوفاة أما الامام فقد  بقي واعياً إلى لحظة مفارقة روحه جسده. وكذلك من المعلوم أنَّ الوفاة بسبب الالتهاب السحائي أو الدماغي لا تحدّث إلا بعد أيام عديدة أو أسابيع اعتماداً على سُمِّية الجراثيم المسببة والتي تتسرب إلى الجرح من خلال الجلد حول الجرح الملوث الملتهب والذي لم يكن تبين أنه كان ملوثا  في حالة الإمام فقد علق أحد عائديه قائلا ماجرحك بشئ. وكذلك لم يكن هناك تلوث الجرح ببقايا نسيجية نافذة من عمامته والتي يمكن أن تسبب التهاباً "كيمياوياً" في السحايا والدماغ.

الاستنتاج النهائي:

إن سبب الوفاة المباشر لم يكن إصابة الرأس

ملحوظة:

من الجدير بالذكر هنا القول بأن هناك حالة لا يمكن تفسيرها بسهولة وهي أنَّ الرجة الدماغية الآنية الناتجة عن ضربة السيف على الرأس بسرعة هائلة وبشدة بالغة ونافذه إلى داخل الجمجمة لم تسبب فقدان الوعي عند الإمام والذي يحدث عادة عند الشدة على الرأس مهما كان سببها؛ كسقوط من مرتفع أو ارتطام أو ضربة مباشرة على الرأس. فقد قال الإمام عند الضربة مباشرة: فُزتُ وَربّ الكعبة. ومن ثمّ وبكامل الوعي: لا يفوتنكم الرجل.

 

ثانياً: السُمّ كسبب للوفاة:

من المؤكّد أن ابن ملجم قد سمم السيف حيث قال: سممته بألف (كذا) (6 11، 30، 49)، "أن سيفي اشتريته بألف وسممته بألف..." (4، 8، 13، 15، 16، 17، 23، 24، 26). وفي الأحاديث الأخرى: احذروا السيف فإنَّه مسموم (29) وسيف مسموم، (22) وسقاه بالسُمّ (14، 19)، وفي الكعبة... فأخذوا سيوفهم فسموها (4، 8)

طرائق تسميم السيوف:

أما طرق استخدامها فيذكر أنَّ هناك طرقاً متعددة لتسمم السيف فمنها أن يطلى السيف مباشرة بالسُمّ. أو ما يدخل في صناعة السيف حيث تحفر فيه أخاديد طولية يُطلى فيها السيف بالسُمّ ويجف وتكون كميته أكبر مما يطلى به السطح الأملس. وهناك طريقة وضع السُمّ في غمد السيف فيخرج منه السيف مبتلاً بالسُمّ عند استخدامه. وكذلك طريقة إحماء السيف وصبَّ السُمّ عليه لتتشرّب مسامه بأكثر ما يمكن من السُمّ.(أنظر قائمة المصادر الاجنبية 11-14)

 وليس لنا أن نعرف الطريقة التي استخدمها ابن ملجم عند تسميم السيف. وإن ما قاله فقط هو سَمّمْته بألف.

الإشارة إلى تأثره بالسُمّ:

لم تكن هناك إشارة واضحة لتأثير السُمّ على حالة الإمام الصحية بعد تعرضه للسُمّ ما عدا ما ذكر في بحار الأنوار للمجلسي: حيث قيل: كان يرفع فخذاً ويضع أخرى من شدّة الضربة وكثرة السُمّ(50) . وكذلك في البدء والتاريخ: ولم يبلغ الضربة مبلغ القتل ولكن عمل فيه السُم (31).

أنواع السُموم وتأثيرها:

لم يشر المؤرخون في ذلك العهد بأية إشارة إلى أنواع السُموم المستخدمة ولا طرق استخدامها في تسميم السيوف. أنَّ السُموم القاتلة يمكن أن تدخل الجسم عن طريق الفم أو الشمّ أو الدم أو الجلد. وفي حالة الإمام يكون السُمّ قد دخل عن طريق الجرح الذي شرّب به ابن ملجم سيفه.

وهنا سنتطرق إلى أكثر السُموم شيوعاً في تلك العهود وبيان تأثيرها الصحي على الجسم وكيفية تسببها الوفاة.

في الغالب كانت السُموم التي يستعمله الأقدمون والتي تُطلى بها الأسلحة البيضاء والسهام على أنواع ثلاثة: نباتي وحيواني أو معدني. (انظر قائمة المصادر الأجنبية 15 – 23)

أولا: السُموم النباتية مثل:

1. نبتة الدجتالس التي تؤثر على القلب مباشرة، وهذه تستعمل الآن لعلاج عجز القلب ولكن بمقادير ضئيلة جداً. الشكل رقم (7)

 

الشكل رقم (7)

نبتة الدجتالس

 

 

2.  نبتة الكيوراري التي تعمل على نهايات الأعصاب فتحدّث شللاً في عضلات الجسم. استخدمها الهنود الحمر لطلي السهام، وهذه أساس التخدير العمومي في عصرنا الحاضر ولكن بكميات ضئيلة جداً كذلك. الشكل رقم (8)

الشكل رقم (8)

نبتة الكيوراري

 

3.      نبتة الأكونايت التي تؤثر على الجهاز العصبي والقلب. الشكل رقم (9)

الشكل رقم (9)

نبتة الأكونايت

 

4.      نبتة الاستركنين التي تؤثر على النخاع الشوكي مباشرة. الشكل رقم (10)

الشكل رقم (10)

نبتة الاستركنين

 

 

 

ثانيا: السُموم الحيوانية:

السُموم التي تؤخذ من الحيوانات مثل الأفعى والعقرب وغيرهما

ثالثا: السُموم المعدنية:

مثل الزرنيخ والسايانايد

 

المناقشة:

إنَّ أعراض النوع الأوّل، أي التسمم بالدجتالس، متعددة ويهمنا منها في هذا المجال هو فقدان الوعي بسبب اضطراب شديد في نبضات القلب والوفاة الفجائية. وهذا لا ينطبق على ما حدث للإمام فوعيه موجود إلى آخر لحظة.(15)

أما أعراض تسمم الكيوراري فتتمثل بالشلل المتفاقم لكلّ عضلات الأطراف وعضلات الرقبة ومن ثمّ الرأس وأخيراً عضلات البلع والنطق ثمّ عضلات التنفس فالوفاة ولا يتأثر الوعي في البداية. وهذا أيضاً لا ينطبق على ما حدث للإمام فحركته دائمة وكلامه مسموع إلى اللحظة الأخيرة.(16)

أما الأكونايت فيبدأ تأثيره على اللسان حيث يثقل وربما تُشلّ حركته وتكون أطراف المصاب شاحبة اللون باردة والجلد بارد ولكن مع التعرق. وتختلج العضلات وتحدّث حالة مشابهة للصرع، وتحدّث الوفاة بتباطؤ التنفس وتوقف القلب ويسبقها حالة تدهور في الوعي وهذا ما لا ينطبق كذلك.(17)

وفي حالة التعرض لسُم الاستركنين تحدّث اختلاجات وتقلصات ظاهرة في عضلات الجسم كافة وشعور بالاختناق. ثمّ يأخذ الجسم وضع التقلص العضلي الشديد ويسحب الرأس إلى الوراء. وتتكرر هذه النوبات وبشدة حتّى تسبب الوفاة.(18)

والتسمم بسُمّ العقرب يبدأ تأثيره مصحوباً بألم شديد في موضع دخول السُمّ وارتفاع في درجة الحرارة مع ضعف في البلع وزيادة مفرطة في إفراز اللعاب وتقلصات عضلية تشابه نوبات الصرع ومن ثمّ يتوقف التنفس فالوفاة.(19)

والتسمم بسُمّ الأفعى يختلف بعض الشيء باختلاف نوع الأفعى ولكن في جلّ الحالات يشعر المصاب بالضعف الشديد المتزايد، والنعاس وبعده ضعف الأطراف ثمّ شللها. ويشاهد وجود النزف تحت الجلد أو من اللثة والأنف والإدرار والخروج. ويصعب عليه الكلام ولا يتمكن من البلع ويصعب التنفس ثمّ يتوقف. وهذه كلها يسبقها فقدان في الوعي.(20)

التسمم بالسايانايد يسبب صعوبة في التنفس مع نوبات تشبه الصرع تشوش في حالة الوعي وبعده فقدان الوعي ثمّ الوفاة.(21)

أما التسمم بالزرنيخ فيسبب الصداع واضطراب في درجة الوعي مع التقيؤ والإسهال الدموي ويكون نَفَس المصاب ذا رائحة غريبة تشبه رائحة الثوم مصحوباً بألم شديد في المعدة وتقلص مؤلم في العضلات ونوبات صرعية وفقدان الوعي التام تتبعه الوفاة.(22)

وفي بعض حالات التسمم يمكن أن يكون سبب الوفاة مصحوباً بتلف وعجز في الكبد وتكون من علاماته الصفرة الشديدة أي اليرقان ولكن اصفرار وجه الإمام قد ذكر مباشرة بعد الإصابة حينما كان رأس الإمام في حجر ابنه الحسن ووجهه قد زاد بياضاً بصفرة وكان ذلك بسبب هبوط الضغط الدموي.(23)

وكذلك ذكر أنَّ الأصبغ بن نباتة عندما دخل على الإمام بأنّه لم يدري أنَّ صفرة وجهه الواضحة كانت أشدّ أم صفرة عمامته الصفراء؟ (50) ولم يذكر أنَّ بياض العينين قد أصفر وهي العلامة الأكيدة لليرقان! والتي تتمثل باصفرار الجلد بسبب عجز الكبد. إنَّ سبب الصفرة هنا إما اليرقان أو شحوباً سببه فقدان الدم. يحدث اليرقان بهذه السرعة في حالات تلف الكبد المفاجئ في بعض حالات التسمم. ولكن صفرة وجه الإمام كانت بسبب فقدان الدم وهبوط الضغط الدموي وليست باليرقان. حيث أنَّ هذا الوصف لم يتكرر من الحاضرين ثانية وكذلك لم يظهر أنَّ هناك أية علامة طبّية تدلّ على عجز في الكبد حدث بهذه السرعة. وإنَّ عجزاً في الكبد بهذه الشدة ولأنّه بسبب سُمّي يجب أنْ يكون مصحوباً بفقدان الوعي. وتأثيرات جسمانية وعصبية وهذا لم يحدث في حالة الإمام.

الاستنتاج:

ولعدم تطابق التغيرات الفسلجية والمرضية في حالات التسمم المذكورة آنفا مع حالة الإمام الصحية منذ إصابته وحتّى وفاته فأنَّ الرأي بالقول أنَّ الوفاة حدثت بسبب أحد السُموم التي تمت مناقشتها لا يمكن قبوله.

 

ثالثاً: أسباب أخرى محتملة للوفاة:

هنالك احتمالان آخران لسبب الوفاة

أوّلهما التسمم الدموي الجرثومي: وهذا يحدث عند تلوث الجرح بجراثيم عالية السُمية ومنه تسري إلى الدم مُحدثة تسمماً دموياً قاتلاً. وهذه الحالة، ومن جملة أعراضها المرضية، توسع الأوعية الدموية الجلدية واحمرار الجلد وخصوصاً في نهايات الأطراف. ولكن في هذه الحالة يكون التسمم الجرثومي مصحوباً بالحمى والتعرق. ويجب أن يظهر التهاب الجرح في فروة الرأس الذي هو مصدر التلوث على شكل تقيح الجلد عند الجرح والتهاب السحايا والدماغ، وهذا لم يحدث استناداً لما ذكر آنفاً. حيث ذكر عمرو بن الحمق الخزاعي حينما نظر إلى جرح الإمام قال يا أمير المؤمنين ما جرحك هذا بشيء، والذي يشير إلى إن الجرح يخلو من آثار الاختلاطات الموضعية تلك. ولم يرد أي ذكر للحمى مطلقاً،

الاستنتاج:

وعليه فأن التسمم الجرثومي كسبب للوفاة ضعيف الاحتمال.

أما الاحتمال الأخير فهو خذلان القلب وجهاز الدوران بسبب فقدان الدم وتيبس الجسم في أيام الصيام السابقة واحتمال عدم تناول السوائل اللازمة خلال يومي الإصابة. يسبب ذلك عدم قدرة القلب على الحفاظ على المعدل الطبيعي للضغط الدموي. وهذه تضعف القلب تدريجياً حتّى يتوقف. ولكن لم يذكر لنا الرواة إن دم الإمام كان يسيح على الأرض مثلاً أو غرق في دمه كوصف متعارف عليه في حالات النزف الغزير، ولكن الدم قد خضب وجهه ولحيته. ولكن إذا ما أضفنا لهذا الفقدان في الدم كون الإمام عليه السلام كان صائماً شهر رمضان فهو بحاجة إلى السوائل بالأصل، وكان لا يزيد على اللقمتين أو ثلاث فقيل له فقال: أنّما هي ليال قلائل يأتي أمر الله وأنا خميص (12، 32، 39). وذكر ابن الاشعث حينما شاهد الامام: يأبت رأيت عينيه داخلتين في رأسه.  فقال الأشعث: عيني دميغ ورب الكعبة (30، 4) وهذا دل على قلة السوائل في الجسم ولكن هذا الوصف  كان لحالته في صبيحة اليوم الاول بعد الاصابة، ولايمكن أن يؤخذ ذلك كدليل على جفاف الجسم الى درجة أن يكون سببا للوفاة. علما بأنه ليس من الضروري في هذه الحالات فقدان الوعي قبيل الوفاة.

الاستنتاج:

نستنتج أنَّ هذه جميعاً قد سببت هبوطاً متزايداً في الضغط الدموي مما أضعف القلب بشدة ولكن هل يمكن اعتبار ذلك سبباً للوفاة؟

 

الخاتمة:

ما المقصود بسبب الوفاة؟

في الغالب أن للوفاة سببين: مباشر وغير مباشر. فالمباشر مثل تهشم الرأس الشديد الناتج عن دهس مركبة أو إصابة بطلقات نارية متعددة في الرأس أو القلب أو إصابة بجلطة شديدة في القلب أو الدماغ. أما السبب غير المباشر فمثل توقف القلب بسبب فقدان الدم الشديد فالمباشر هو توقف القلب وغير المباشر هو فقدان الدم. أو الوفاة بجلطة الرئة الناتجة عن تخثر في أوعية الساق فالسبب المباشر هو عجز الرئة وغير المباشر هو الخثرة الوريدية في الساق أو توقف التنفس عند المصاب بسرطان القولون المنتشر إلى الرئة حيث المباشر هو توقف التنفس وغير المباشر هو السرطان.

الاستنتاج النهائي:

سبب الوفاةومما تبين من العرض نتوصل إلى الاستنتاج بأن إصابة الرأس ليست السبب المباشر للموت ويبقى احتمال كون السبب المباشر للموت هو السُمّ قائماً! فإذاً كان كذلك فإنّه يمكن أن يتسبب من غير السُموم المذكورة في هذا البحث.

ويبقى سبب الوفاة الحقيقي بحاجة إلى المزيد من الدراسة والتحقيق. آملاً أن تستجد بعض الإضافات البحثية في المستقبل.

وأختتم بقول الشيخ الرئيس ابن سينا والذي كان يردده دوماً أستاذي المرحوم العلامة الدكتور حسين علي محفوظ: "ندعو الله أن يجنبنا الزيغ والزلل، والاستبداد بالرأي الباطل، واعتقاد العجب فيما نرى ونفعل، والحمد لواهب العقل".

 

 

مصادر البحث:

قائمة المصادر العربية

1.      المسعودي. أبو الحسن علي بن الحسين بن علي؛ مروج الذهب:  تحقيق محمّد محي الدين عبد الحميد؛ مصر، مطبعة السعادى؛ 1377هـ؛ ج 2 ص 423-424

2.      الغامدي الأزدي الكوفي. لوط بن يحيى؛ تاريخ أبي مخنف: استخراج وتنسيق وتحقيق كامل سلمان الجبوري؛ الجزء الأوّل؛ دار المحجة البيضاء؛ ص 330-334

3.      الواقدي. محمّد بن سعد كاتب ؛ كتاب الطبقات الكبير: طبع مدينة ليدن 1321 هجرية؛ ص 22-24

4.      ابن الجوزي. يوسف بن عبد الله سبط ؛ تذكرة الخواص: الباب السابع؛ ص 101-103

5.      بن سعد.  محمد بن سعد بن منيع الزهري؛ كتاب محمد؛ الطبقات الكبير: طباعة مدينة ليدن، ص 22-24

6.      الدينوري. أبي محمّد عبد الله بن مسلم بن قتيبة؛ تاريخ الخلفاء الراشدين: المتوفى سنة 276هـ، القاهرة، مطبعة مصطفى محمّد، ص 154-155

7.      البلاذري. أحمد بن بحيى بن جابر؛ أنساب الإشراف: المتوفى سنة 279هـ؛ مؤسسة الأعلى للمطبوعات؛ ص 491-496

8.      الأربلي. بهاء الدين؛ كشف الغمة: منشورات الشريف الرضي؛ الجزء الأوّل ص 408-410

9.      المسعودي. أبو الحسن علي بن الحسين بن علي؛ مروج الذهب: تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد؛ الطبعة الثالثة، مصر ص 423-424

10. ابن عبد البر. يوسف بن عبد الله بن محمد؛ كتاب الاستيعاب:  تحقيق علي محمّد البجاوي؛ بيروت، دار الجيل؛ 1412هـ؛ ص 1123- 1128

11. ابن الجوزي.عبد الرحمن بن علي بن محمد؛  المنتظم: تحقيق محمّد عبد القادر عطا ومصطفى عبد القادر عطا؛ بيروت، دار الكتب العلمية؛ ص 174-175

12. ابن الاثير. عزّ الدين أبي الحسن الشيباني؛ أسد الغابة: المجلد الرابع؛ الناشر المكتبة الإسلامية؛ ص 537

13. ابن الأثير. عزّ الدين أبي الحسن الشيباني؛ تاريخ الكامل: الجزء الثالث؛ ص 168- 169

14. الطبري. المحب؛ الرياض النضرة: الباب الرابع ص 245-247

15. الذهبي. شمس الدين محمّد بن أحمد؛ تاريخ الإسلام: الجزء 2، 1368 ص 205

16. الهيثمي. نور الدين؛ مجمع الزوائد: طباعة القدسي بمصر 1253؛ 138-140

17. الباعوني. شمس الدين؛جواهر المطالب:  الجزء الثاني؛ مجمع أحياء الثقافية الإسلامية؛ الباب الثامن والخمسون؛ 85-97

18. الشبلنجي. الشيخ مؤمن؛ نور الأبصار: دار الكتب العلمية بيروت؛ 1978 ص 117

19. الطبري. المحب؛ ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربي: الجزء الأوّل ص 536- 538

20. المفيد. الشيخ؛ الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد:  الجزء الأوّل؛ تحقيق مؤسسة آل البيت؛ ص 20

21. ابن خلدون. تاريخ ابن خلدون: المجلد الثاني ص 1133

22. الدينوري. ابن قتيبة؛ الإمامة والسياسة: تحقيق الزيني؛ الجزء الأوّل ص 137

23. الأصفهاني. أبي الفرج؛ مقاتل الطالبين: شرح ومحقيق السيد أحمد صقر؛ طبع بدار إحياء الكتب العلابية 1949؛ ص 32- 36

24. ابن أبي الحديد. شرح نهج البلاغة: الجزء السادس، بيروت، دار الكتب العلمية؛ ص 113 إلى 120

25. ابن عساكر. أبي القاسم علي بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله:  ترجمة الإمام علي بن أبي طالب (ع) من تاريخ دمشق: ؛ تحقيق محمّد باقر المحمودي؛ بيروت، دار المطبوعات؛ ص 294-300

26. الدمشقي. ابن كثير؛ البداية والنهاية: مطبعة السعادة بمصر؛ الجزء السابع ص 326- 328

27. ابن واضح البغدادي. أحمد بن يعقوب بن جعفر؛ تاريخ اليعقوبي: الجزء الثاني، مطبعة الغري النجف الأشرف؛ ص 189

28. الطبري. المحب؛ ذخائر العقبى: ج 1 ص 526 - 538

29. الأندلسي. ابن عبد ربه؛ العقد الفريد: الجزء الخامس، طباعة دار الكتب العلمية بيروت - لبنان؛ ص 107 - 108

30. ابن أبي الدنيا. أبي بكر؛ مقتل الإمام أمير المؤمنين: بيروت، المكتبة العصرية؛ 254 - 260

31. المقدسي. مطهر بن طاهر؛ كتاب البدء والتاريخ: بغداد، مكتبة المثنى بالأُوفست؛ ص 231 - 232

32. الهندي.علاء الدين علي المتقي بن حسام الدين؛ كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال: البرهان فوري. ج 15 ص 170،

33. ابن طلحة.  كمال الدين محمّد؛مطالب السؤل: 63

34. ابن أعثم. أبو محمد أحمد؛ الفتوح:  ج 4، بيروت، دار الندوة الجديدة؛ ص 135-141

35. الفيروز آبادي. مجد الدين؛ القاموس المحيط

36. إبراهيم. أبي جعفر محمد بن جرير؛ تاريخ الطبري: تحقيق محمّد أبو الفضل ؛ طباعة دار المعارف سلسلة ذخائر العقبى بمصر؛ ص 143- 145

37. ابن الجوزي. عبد الرحمن بن علي بن محمد؛  المنتظم:  تحقيق محمّد عبد القادر عطا ومصطفى عبد القادر عطا؛ الجزء الخامس، بيروت، دار الكتب العلمية؛ ص 174-175

38. النووي. أبي زكريا محي الدين؛ تهذيب الأسماء واللغات: الجزء الأوّل، إدارة الطباعة المنيرية؛ ص 349

39. المكي. عبد الملك العصامي؛ سمط النجوم العوالي: الجزء الثاني، مطبعة السلفية بمصر؛ ص 466-467

40. العاملي. العلامة المحقق السيد جعفر مرتضى؛ الصحيح من سيرة النبي الأعظم: ج 11 ص 59

41. الخوارزمي. الموفق؛ المناقب: مؤسسة النشر الإسلامي؛ 1414؛ ص 276

42. الراوندي. قطب الدين:؛ الخرائج والجرائح: الجزء الأوّل ص 181

43. الهاروني. يحيى بن الحسين بن هارون؛ تيسير المطالب: راجعه يحيى بن عبد الكريم الفضيل؛ بيروت، منشورات مؤسسة الأعلى للمطبوعات؛ ص 78- 79

44. ابن الاثير. علي بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني الجزري؛ الكامل في التاريخ: بيروت 1385هـ /1965م 3: 387

45. القاسمي. علي؛ معجم الاستشهادات:  مكتبة لبنان ناشرون 2001، ص 400

46. الغرباني. أبو عبد الله خالد بن محمّد؛ التذكير ببعض أحكام العمامة: دار المعرفة    http://www.kl28.net/knol4/?p=view&book=3815

47. المفيد. الشيخ محمَّد بن محمَّد بن النعمان؛ الأمالي: ص 226

48. الطوسي. ابي جعفر محمد بن الحسن؛ الأمالي: تحقيق مؤسسة البعثة طباعة دار الثقافة عام 1414، ص 123

49. الدينوري. أبي حنيفة أحمد بن داود؛ الأخبار الطوال: تحقيق عبد المنعم عامر؛ مصر، وزارة الثقافة والإرشاد القومي؛ ص 213-214

50. المجلسي. محمّد باقر؛ بحار الأنوار: دار الكتب الإسلامية؛ الجزء الأربعون ص 44- 45

 

 

 

 

قائمة المصادر الأجنبية

1.       النبي موسى عليه السلام

http://jewishencyclopedia.com/articles/11049-moses#2846

2.      النبي عيسى عليه السلام

Edwards WD, Gabel WJ, Hosmer FE (March 1986). "On the physical death of Jesus Christ". JAMA 255 (11): 1455-63.

3.      كونفوشيوس

Johnson, Spencer. The Value of Honesty: The Story of Confucius. La Jolla, CA: Value Communications, 1979.

4.      كواتاما بوذا

Bhikkhu, Mettanando; How the Buddha died, Bangkok Post, May 15, 2001

5.      إسحاق نيوتن

Newton, Isaac (1642-1727)". Eric Weisstein's World of Biography. Retrieved 30 August 2006.

6.      ألبرت آينشتاين

Cohen, J. R.؛ Graver, L. M. (November 1995)، "The ruptured abdominal aortic aneurysm of Albert Einstein"،

Surgery, Gynecology & Obstetrics 170 (5): 455-8

7.      فلاديمير لينين

Kolata, Gina؛ Lenin’s Stroke: Doctor Has a Theory (and a Suspect), The New York Times, May 7, 2012

8.      جون كندي

http://www.jfklancer.com/autopsyrpt.html#.T7miqkVul8E

9.      لودفيك فأن بيتهوفن

http://www.favorite-classical-composers.com/how-did-beethoven-die.html

10.  وولفكانك موزارت

Zegers, Richard H. C.، MD, et al., The Death of Wolfgang Amadeus Mozart: An Epidemiologic Perspective,

Annals of Internal Medicine, August 1, 2009 vol. 151 no. 4 274-278

11.  تَسْمِيم الأسلحة

http://www.aarc.org/resources/biological/history.asp

North, David E.; American Indian hunting and warfare, University of Texas Press 2007

Cute killers: 16 unassuming-but-lethal poison plants. By Ecoist in Featured Articles، Food&Health،

 Nature&EcosystemsWebecoist.com, September 16, 2008

12.  السُموم بصورة عامة

Smith, Sydney; Taylor’s Medical Juriceprudence, Editor; 10th. Edition, London, Churchill, 1948

13.  الأخاديد في الأسلحة لتسميمها

http://www.portfolio.mvm.ed.ac.uk/studentwebs/session2/group12/ancient.htm

http://pooleysword.com/en/Evolution_of_Swords_-_Swords_of_the_Middle_Ages

 

14.  الثقوب في السيوف لتسميمها

http://www.metmuseum.org/toah/hd/aams/hd_aams.htm. السيانايد

Cunha, John P.

, ؛ http://www.emedicinehealth.com/cyanide_poisoning/page3_em.htm#Cyanide Poisoning Symptoms

15.  ديجيتاليس

http://emedicine.medscape.com/article/154336-overview

 

16.  كراري

http://www.botgard.ucla.edu/html/botanytextbooks/economicbotany/Curare/

 

17.  الاكونايت

http://penelope.uchicago.edu/~grout/encyclopaedia_romana/aconite/aconite.html

 

18.  استركنين

http://www.merckvetmanual.com/mvm/index.jsp?cfile=htm/bc/213700.htm

 

19.  سم العقرب  

Mosche Gueron, Reuben Ilia and Shaul Sofer, Clinical Toxicology - 30 (2): Pages 245-258;

The cardiovascular system after scorpion envenomation.

20.  سم الافعى

Minton , Sherman A.; Snake Venoms and Envenomation, Clinical Toxicology 1970, Vol. 3, No. 3, Pages 343-345: 343-345

21.  السيانايد

Cunha, John P., ؛

 http://www.emedicinehealth.com/cyanide_poisoning/page3_em.htm#Cyanide Poisoning Symptoms

22.  الزرنيخ

http://www.medicinenet.com/arsenic_poisoning/page2.htm#symptoms

23.  عجز الكبد

Li-gang Chen, Bayasi Guleng, Jian-lin Ren, Jian-min Chen, Lin Wang ; Artificial liver support system in treatment

of liver failure after acute poisoning, World Journal of Emergency Medicine, http://www.wjem.org/default/articlef/index/id/138