Back Home Next

 

ماذا يجب ان يكون بعد تصريحات الشيخ القرضاوي؟

آراء الكاتب

د.  عبد الجبار العبيدي

jabbarmansi@yahoo.com

 

لم تعد الظروف تسمح بالسكوت بعد تصريحات الشيخ القرضاوي المعادية لعقيدة أهل البيت (وإتهامها بالعقيدة الايرانية) التي اخذت تنتشر في مصر والسودان وبلاد المغرب وافريقيا .

 

  1. لا ندري على ماذا استند القرضاوي في هذه الاتهامات؟

  2. ولماذا في هذه الظروف الصعبة التي يمر بها عراقنا اليوم؟

  3. ولماذا لم يسئل نفسه لماذا ينتشر مذهب اهل البيت دون سائر المذاهب الاخرى الان؟

 

ألم يكن المذهب الشيعي المغيب من قبل أُلوا الامر من حقه ان ينتشر مثل المذاهب الاخرى التزاما بحرية الفكر والمعتقد؟ أم ان الاسلام اصبح حكراً للقرضاوي وأمثاله المتعصبين؟  لا نجد تفسيرا لها الا في نفس من حرض القرضاوي على هذا النشوز غير المقبول منه، تجاه مذهب أهل البيت الذي يجهله السيد القرضاوي ومن يقف ورائه وحتى البعض من اتباع اهل البيت الذين اتخذوا من هذا المذهب الحضاري فرصتهم لادخال الخزعبلات والعادات الدخيلة من اجل تحقيق اغراض شخصية او فئوية مرفوضة والتي سمحت للاخرين بإختراقه والتطاول عليه.

 

go to top of page   أنا شخصيا لا ألوم الشيخ صاحب الباع العريض في السمعة الدينية ورئيس المجامع الاسلامية، ولكن ألوم من يدعون حمايتهم وترأسهم لمبادىء هذا المذهب الراقي الذي استمد منهجيته من دستور المدينة المغيب الان، والذي اصبح الكثير من اهل السُنة والجماعة والمذاهب الاخرى يميلون لاتباعه، ويقف المصريون على رأس القائمة. علينا ان نتسائل لماذا هذا التغير المذهبي الذي اصبح يغيض ويهدد القرضاوي وغيره من الذين اتخذوا من المذاهب الاربعة تقريرا في عقول الناس ونسوا المذهب الخامس عنها؟، وقرروا في أذهان طلبة المدارس ان لا مذهب لجعفر الصادق في الوجود، لكن الشمس لا يحجبها الغربال، في حين عندما تقرأ المذاهب الاخرى تجدها في غالبيتها قد اخذت منه ثم انحرف بعض اصحابها عن القصد المطلوب لا لشيىء الا لإرضاء السلطة وتحقيق المكاسب لصالحها.

 

go to top of page    لقد ركز السيد القرضاوي هجومه العدائي على انتشار المذهب وليس على آيديولوجية المذهب، متذرعاً بالحفاظ على وحدة الامة والتضامن، وكأن المذهب الجعفري هو الذي يفرق ولا يجمع، ويباعد ولا يقرب، ويهدم ولا يبني، ثم صال وجال على ولاية الفقية وغيرها من الامور الاخرى وانا اقول للشيخ الجليل:

إن فكر المذهب الشيعي فكر عربي خالص والتشيع الايراني حديث عهد به. إن فكر المذهب الشيعي هو فكر الامام جعفر بن محمد الصادق سليل النبوة المحمدية وفاطمة الزهراء الذين ما سكتوا على باطل، وما استكانوا لظلم، فكانت مفهوم العقيدة عندهم تحرر وتقرير مصير حين افرغوا العقيدة في العدل والمساواة بمفهومها المطلق حين قال جدهم امير المؤمنين علي (ع) ان الله هو العدل الذي لا يجور ولا زال تاريخهم في مقارعة الظلم والظالمين نبراسا لمن يريد ان يقرأ ويؤمن، ولم تغريهم الدنيا ابدا، والمذهب الذي يعاديه القرضاوي هو الذي رفض أيديولوجية الوهن والضعف والتكالب على السلطة والمال وألوا الامر منكم. أقول له، ان مذهب أهل البيت لم يعترف بالذين جعلوا النص الديني لا يشكل المعيار الوحيد للسلوك السياسي، وهدفهم في ذلك وضع نظرية تبريرية ترجع الطاعة المفروضة على المسلم على اي اعتبار اخر، فأصبح الحاكم الظالم وفق نظريتهم وتنظيرهم الجديد أفضل من انعدامه حتى لو وصل عن طريق السلطة الغاشمة. دون ان يدركوا ان طريق العدل والمبادىء هو وحده يضمن للمجتمع استعادة التوازن حتى لو تم ذلك في ثورة فيها تضحية.

 

go to top of page    لقد ركز الفكر الشيعي الخالص على جملة امور لو تحققت لما استطاع القرضاوي وغيره ان يعتلوا منصب التوجيه الديني والفكري متخذا من فضائية الجزيرة منبرا له.

ان فكر اهل البيت ونظريتهم في الحكم استبعدت تيارات الارجاء الانتهازية حين عرفوا الحق وارجئوه خوفا من السلطة فشكلوا كتلة الساكتين عن الحق منذ البداية فدمروا الاسلام وأهله حين شجعوا فكرة علماء الجبر ونظرية القدر لتبرير اعمال المنحرفين لاسدال الشرعية الدينية عليها، فكان منهم الماوردي (450) الذي نادى بعدم جواز نقض بيعة الحاكم الالزامية مبررا ذلك بجماعة الحل والعقد الذين ينتخبون بطريقة قسرية وغامضة. ثم جاء الغزالي ليضيف عليها الضرورات تبيح المحضورات وان الولاية لا تتبع الا للشوكة، فمن بايعه صاحب الشوكة فهو الامام، وهو تخريج لجعل الدين موظفاً في الدولة.  ومن بعده بدر الدين بن جماعة حين قال: يجب طاعة الحاكم فهو ظل الله في الارض مقلدا المنصور العباسي في حكم الدولة بسيف القوة، ليأتي بعده أبن تيمية ليقول إن فصل السلطة عن حقوق الناس والدين سيعني الفوضى، وتوالت جوقة الخانعين امثال أبن الازرق والطرطوشي وكل المتخاذلين الذين انكبوا على رجِل الحكم من اجل الدنيا لا العدالة الاجتماعية . 

 وبذلك عاكس كل واحد منهم القاعدة الفقهية السياسية التي اطلقها جعفر بن محمد الصادق حين قال لهم:

الملوك حكام على الناس والعلماء حكام على الملوك

 

وها نحن اليوم نراهم والقرضاوي واحد منهم. وهذا لا يعني ان قسما من الشيعة لم ينحازوا لهم حين فضل كاظم اليزدي المرجع الشيعي في العراق الاحتلال البريطاني على الاستقلال الوطني بعد ثورة العشرين باعلان مذهب التقية المرفوض من قبل نظرية اهل البيت في حكم الدولة.

 

go to top of page    ان اخطر ما يواجهنا اليوم هو ان مذهب اهل البيت يوضع في سلة الايرانيين لتشوية سمعة هذا المذهب، مستغلين الحالة السياسية الايرانية الحالية مع الوضع الدولي، وهذه مفارقة لا تقبل من العلماء ابدا.

 

لو تمكن من جاء لحكم العراق اليوم الحفاظ عليه والالتزام به لاصبح المذهب الشيعي هو المذهب الوحيد المتبع لانه هو الوحيد الذي يحفظ حقوق الناس إبتدآءً بالمرأة ومرورا بالميراث، وانتهاءً بمفهوم الحرية والعدالة الاجتماعية التي غيبتها المذاهب الاخرى لصالح الحاكم وذكورية الرجل المرفوضة، وسيبقى المذهب الشيعي المذهب الذي ينافح من اجل العدالة الاجتماعية وكما قال الامام علي (ع) ان صوتا واحدا شجاعا اكثرية. فهل سيعي حكام العراق الشيعة اليوم ما يخطط لهم من تدمير الشيعة والدولة معا. ام سيبقون يتراكضون حول الخلافات السياسية من اجل هذا او ذاك؟

 

 ومهما يكن الانطباع الذي يحاول ان يتركه ادعياء رجال الدين المرتبطين بسياسة أولوا الامر والشيخ القرضاوي منهم، فإن المواطن العربي اصبح اليوم يتلمس ولو ببطء، ولكن بالتأكيد بأنهم يدفعون الناس الى ان يستبد بهم الضعف ويجعلون من الغنيمة بديلا للحق، ومن المداورة بديلا للسياسة الحقة، ومن التبعية بديلا عن المشاركة.

في كل ثورة يظهر من بين الجموع شخص يقود الامة الى ساحل النجاة فهل سنأمل نحن العراقيون من احد مما تأملته النظريات ؟

 

ام سنبقى ننتظر في محطة الباصات؟ انا واثق من ان العراقي المؤمل الان هو في الطريق.

 
 

Back Home NextBack to Homego to top of page