Back Home Next

 

قيادة الرسول (ص) للامة وقيادات اليوم الى أين؟
آراء الكاتب

د.عبد الجبار العبيدي
أستاذ جامعي
jabbarmansi@yahoo. com

 
ظهرت دولة الرسول (ص) بأيحاء آلهي منزل، لكنها لم تكن دولة دينية صرفة، أعتمدت القرآن الكريم المنزل في التكوين، لكن الدستور المدني رافقها في التنفيذ، شكل النص الديني محتواها، لكن الفكر المدني رافقها في التطبيق. حقوق وواجبات نفذت على مطبقيها دون أختلاف أو تغيير. حوسب صاحب الدعوة على كل صغيرة وكبيرة في الرد عليه من رب العالمين، أنظر سورة التوبة آية 43،120 وسورةعبس آية 1-12، اي انه كان محكوما في التصرف بأحكام القرآن دون تبديل. فاذا كان محمدا وهو رسول الله محكوما بهذه المعايير، فهل يحق لاحد اختراقها بحجة السلطة أوالتغيير؟.

كان محمداً منذ الصغر يفكر بالقوم ومظالم قريش، تعبد في غار حراء (21) سنة متأملا الكون والدعوة، فأختارته السماء ممثلا لها على الارض لأسعاد البشرية جمعاء (وما أرسلناك الا كافة للناس بشيرا ونذيرا)، فحقق الله له صدق ما اراد. فنزلت عليه دعوة الاسلام بكل ثقلها، دعوة آلهية عجزت الجبال عن حملها فتحملها دون تردد او تغيير. لا شك انها الارادة القوية والشخصية الفذة التي كانت متوفرة فيه، فقد تربى على الصدق والامانة وحب الوطن والعدالة، وهي صفات لا تتوفر الا في المختارين، ومات عليها ولا من تبديل. الأنبياء والرسل والعظماء والمصلحين دوماً ينذرون حياتهم من اجل الاخرين، عند كل شعوب الارض من مسلمين وغير مسلمين.

go to top of page   لقد كان الاسلام فطرة والايمان تكليف. الاسلام تقدم على الايمان (ان المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات،الاحزاب 35)، أذ لا ايمان دون اسلام يسبقه ويأتي قبله. فَهِمَ محمد من خلال الايات القرأنية التي أُمرَ ان يبلغها للناس (بلغ ما أنزل اليك ....والله يعصمك من الناس)، ان الاسلام هو التوحيد والمثل العليا للأنسانية جمعاء، وما جاء الا ليضع الناس في عدالة التوزيع، فهو أمر وليس خياراً، غير قابل للتسييس. لان تسييس الاسلام أو أسلمة السياسة في قيادة الامة سيُضيع عليه الاسلام والسياسة معاً. هكذا هو اسلام محمد، فليس من حق أحد ان يدعي تمثيل الاسلام خلاف ذلك.

يقول الحق الكريم هود88:

يا قوم أرئيتم ان كنتُ على بينةٍ من ربي ورزقني منه رزقاً حسناً وما أريد أن أخَالِفكُم الى ما أنَهاكمُ عنهُ ان أريدُ الآ الاصلاحَ ما استطعتُ وما توفيقي الا بالله عليه تو كلتُ واليهِ أُنيبُ،

 

هذه هي مجمل الرسالة المحمدية ولا غير. ومنها استقت القوانين في حكم الناس، بعد ان كتب الدستور. يقودها الضمير قبل المسئولية، لان المسئولية جزء من الواجب، والضمير هو القانون، فأين حكامنا اليوم من قيادة الرسول؟ فهل كان محمداً قائداً لبني هاشم، ام لكل العرب والمسلمين؟ وهل كان محمداً يمثل فرقة او طائفة او حزباٌ صغيراٌ، أم يمثل آمة كاملة دون تفريق. فهل يحق لاصحاب الفِرق دون تفريق ان ينتحلوا صفة قيادته ليبرهنوا للناس صدق دعواهم في قيادة الامة، ويضطهدوا الأخرين، وهم عن رسالته غائبون. فالاسلام حضارة وقانون لا فتاوى لمن يريدون، لا يمثله الا الملتزمون، فلم يعترف برجال دينٍ او فتوى الا بقانون. هذا هو الذي نريد ان يعرفوه رجال الدين، أو ممن يدعون تمثيل الاسلام، الابعدون والأقربون، ويا ليتهم يعترفون؟.

go to top of page   لم يبدأ الاسلام بقتال، بل بالنصح والارشاد حين بدات الدعوة موجهة منه (ص) لقومه الاقربين، (ادعوكم الى الاسلام بالبينة والهدى، أنظر الواقدي في الفتوح). فلم يكن عدائيا ولا الاعتداء في فكره وقلبه أبداً، ولم يعتمد على غير بني جلدته في التغيير، لان الله أمره ان لا يعترف الا بالمسلمين والمؤمنين (التوبة 43)، فالدعوة لقريش اولا، ومن بعدها للعالمين..لكن حالة المستضعفين كانت تستدعي الحكمة والموعظة في البداية مع جبابرة قريش المتعنتين، وحين لم تنفع الحكمة والموعظة مع الجاهلين المتغطرسين، فلا بد من استخدام ضمير القوة لاخذ الحق للمظلومين من ظالميهم، فهي اجبار لتحقيق الحق من رب العالمين، لكن الدعوة ذاتها لم تكن لاجبار الناس على قبول الدين، بل قبول العدل والاستقامة لكل المخلوقين، فلا أكراه في الدين.

وبعد ان اشتدت عليه قريش بمنعه من دعوته أصرَ عليها، لان الدعوة في الضمير هي مسئولية التغيير- اين نحن منه الآن - .لذا لجئت قريش للاغراء والوعيد بنفس الحالة، فرفض الحالتين معا، الا الحق كما آمره الله به، فلم يفكر في جاه او ملك او مصير، الا الناس والعدالة وحقوق الاخرين - أنظر ما حل بالوطن العزيز من جراء الاعتماد على الغرباء الطامعين والتحالفات الشخصية من اجل مصادرة حقوق الدين والمواطنيين، فلم يتحالف محمد الا مع المخلصين لله والناس أجمعين- .هنا كان الافتراق بين شذرات خط القوة المتمثل في الدعوة وأصولها، وبين خط الضعف المتمثل بقريش والمداورة وخدمة الاستبداد والتسلط والاعتداء على حقوق الناس المستضعفين. فالسلطة في الاسلام ليست هي القوة، بل العدل الذي تحرسه القوة لكل الناس أجمعين.

go to top of page   شذرات القوة مستمدة من المنطق الذي تاسست عليه المفهومية القرآنية في المعايير والتطبيق. لذا فشلت محاولة ايقاف الدعوة او حتى مهادنتها، لان الدعوة كانت هي الضمير والمسئولية جزء منه كما عبر عنه (ص) في بداية الدعوة رافضا المال والملك حين قال:

لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في شمالي على أن أترك هذا الامر ما تركته أو أهلك دونه

 

 أصرار العقيدة المجسدة في الضمير، التي لا يمكن نزعها من معتنقيها ابداً. لانه (ص) كان يدرك معالم المشروع القابل للفعل مع ظروف العصر الجديد، الذي لم تنقصه آنذاك الا التوعية والقيادة المخلصة للتنفيذ، فوجدها في أهل بيته وصحابته المخلصين. كان يدرك بعلمه اللدني الثاقب ان الترابط بين المنطلقات والتوجهات ترابط وثيق، وهما معا يحددان المسار العريض او قسمات الدعوة ومعالمها الظاهرة. وحين تغلبت القوة على الدعوة من أعدائها وحوصرت في مكة وشعابها، هاجر بها وبالأعوان المخلصين الى المدينة عله يجد لها متسعاً من القبول، فحقق الله له ما اراد لانه كان صادقاً في دعواهُ أكيد..

ان المبادىء التي حملتها الدعوة الاسلامية هي مبادىء مرتبطة بانسانية الانسان مباشرة ولا غير، وهي تكليف آلهي ملزم التطبيق، وليس خياراً ولا أستثناءً في هذا ولا ذاك (وأعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا،آل عمران 103)..لذا لا يمكن الاخلال بها في اصعب الظروف حراجة. لقد اختار لها الرسول (ص) من القيادات المساعدة ما يركن أليهم عند الشدة في النظرية والتطبيق، فكان ابو بكر مضحيا بالروح والمال، وعندما آلت اليه الخلافة جعلها للناس كافة لا لأهله والاقربين كما نراه اليوم، وعمر الذي اصبح سيفاً مدافعاً عنها، مات رافضا ان يكون أبنه عبد الله من بين المرشحين للخلافة ولم يملكهم بيتاً او منصباً او تعيين، وليس كما يرثها اليوم اصحاب اليقين، وكان عثمان مساعداً لها، ومات مقتولا بدسائس الامويين، ولم نرى له ولدا في منصب او تعيين، وعلي سيف ذوالفقار المعد من أجلها داحي حصون خيبر، لم يقبل ان يكون اخيه عقيل موظفاً كبيرا فيها رغم حاجته الملحة لها، بل قال له:

يا عقيل انت لست أهلاً لها

 

go to top of page    فالولاية آمانة لا تدجيل. ولم يوصِِِِِِ لابنه الحسن بخلافة له، بل قال للناس أجمعين، بعد ان طعن طعنة الموت: (هذا هو الحسن لا أوصيكم به ولا أمانعكم منه). فأين من يدعون ورثتك اليوم منك يا أمير المؤمنين، وأين أبن مسعود من اكبر دعاتها، مات مجهولاً، ولم يترك له الا التاريخ الناصع المبين، لكنهم حققوا بها للناس ما أرادوا لله والناس أجمعين. فهل حكامنا اليوم قرأوا القرآن وسيرة نبيهم الامين، واهل بيته المنتجبين، وصحابته الغر الميامين؟ أم لا زالوا في نومهم غاطسون؟

  1. أذا اعتمدت قيادة الامة التقوى والالتزام والوقاية من الاخطار مع التنامي والتزكي يكون مآلها الفلاح،

  2.  أما أذا أعتمدت الالتواء والدس والمحاصصة والطائفية والعنصرية سيكون مآلها الفجور والأضمحلال، وبالتالي الى الخيبة والخسران.

وهذا ما نلاحظه اليوم عندنا في كل المستويات، ويقف ممثلوا الشعب في مقدمة الخط الأول من الخطأ، بعد ان حولوها غنيمة لهم في ظل فوضى عارمة أجتاحت النفوس ودبرت للوطن من أعدائه بليل بهيم، فلا تقل بريمر دبرها، بل كانوا هم الفاعلون. هؤلاء الذين أنتخبناهم برضانا فكانوا لانفسهم لا للناس أجمعين، وليعلموا ان الشعب سيرميهم خلف ظهره دون نصير، كما ترك صدام حين لاقى المصير. والا من كان يصدق ان صداما سينتهي في ساعات من الليل البهيم، وهذا ما نلاحظه في بعض قيادات اليوم المختارة دون ضوابط وادراك، بعد ان صدوا عن الشعب والعارفين، وهم يدنون من المصير، حتى أصبحت القوانين تطاردهم في كل مكان وحين، يتوسلون بالغرباء لايوائهم ولايعلمون المصير، على كثرة ما يملكون حراماً من اموال الشعب الفقير. نواباً وموظفين ومستشارين، فلم يبقوا لهم من شيء يذكر رحيم، فقد أهملوا حتى من سرق دواء المرضى وسكر المحتاجين، والقرآن الكريم يقول لنا:

ونفسٍ وما سواها، فألهمها فُجورها وتقواها، قد أفلحَ من زكاها وقد خابَ من دَساها


هنا بهذا التطبيق الرسالي المحمدي يكون الوعي وعيا ًتاريخياً مستوعباً ومتنامياً ومتسماً بالاستيعاب والشمولية لمرحلة تحقيق العدالة، لا لتغيير النظام والانكباب على الامة بلا رحمة كما حل بوطننا اليوم نهباً وقتلاً وتشريداً دون رقيب أو حسيب، ولا ندري كيف سيكون المصير، ولكن الى أين، فهل تذكروا نبيهم وعمر وعلي الذي قال مخاطباً الناس يوم تولى الخلافة:

ان كل مال اخذ بدون وجه حق فهو مردود في بيت مال المسلمين، فأن الحق القديم لا يبطله شيء، فأن للعدل سعة، ومن ضاق عليه العدل فالجور عليه أضيق

 

فأين حكومتنا اليوم من الذين سرقوا وهربوا وهم تحت السمع والبصر يعيشون؟ أين الوزراء والاخرين من هذا التوجه والتصديق، هذا هو الاسلام وهؤلاء هم ممثلوه فأين نحن منهم اليوم.

ان الذين يدعون اليوم البحث عن التاسيس القرآني للمجتمع في تنظيماتهم الحزبية الضيقة يجب ان يكونوا من طرز القيادات المساعدة التي اوجدها الرسول رغم قصر الوسائل آنذاك، وأخص منهم بالذات من يدعون تمثيل أهل البيت، لا محصنين في حصونهم الخيبرية، وبحراسهم المدججين بسلاح الاكثرية، فلا ايران تحمينا ولا أمريكا تسقينا، فالحمل لا يحمله الا أهله المضحين، فللمستضعفين غداً آلف حيدر ليقلع ابواب خيبر والحصون، ويرمي حراسهم في قبور الظالمين، وهم يقولون نحن المخلصون. ونحن نقول لهم، القيادات المخلصة متوفرة اليوم في الوطن الكظيم، ولستم انتم الوحيدون الذي يجب ان تقودون، فالشعب وان أنتخبكم، لكنه كان يظن أنه أنتخب الملتزمون. فلم أستبعدتمونا بقوة السكين، فلا صوت لنا مسموع، لاننا لا نتوافق بما أنتم فيه راضون.

go to top of page   ان المجتمع الجديد المراد أيجاده بعد التغيير هو كيفية اكتشاف القانون الذي يحكم الظاهرة، فحين تحقق في دولة الرسول، لم تستطع القيادات الحالية تحقيقه، لان الايمان بالمبادىء تحتاج الى عزمٍ وأيمان وتطبيق، وأنتم عنها بعيدون، ومساعديكم لم يكونوا بمستوى مرحلة التنفيذ، كما كان مساعدو محمد والاصحاب في العقيدة والاصرار والتنفيذ، والا من يصدق ان هذا العراق القوي يصبح امثولة للمتشمتين ومرتعاً للفاشلين والسراقين والنهابين من بني جلدتنا والجيران المنتقمين، كنا نتوقع اننا سنكون في مقدمة ركب الناجحين، فلا قانون طبق، ولا مستشفى بني على الحديث ولا مدرسة ومنهج جديد، واليوم حتى الصحفي والكاتب تطارده السكين.. هنا نقطة الافتراق بين الواقع المطبق والادعاء به، بين الحقيقة ونقيضها، بين الايمان والكفر، بين محمد وقريش، وسيظل للتطبيق الرسولي مكانة المثل والأسوة، وسيظل هدى الدعوة المحمدية قدوة، لكل من أمن بالمثل والمصلحة العامة، متناقضاً مع أصحاب المصالح الخاصة المتناسين لما تركه لنا محمد واصحاب الضمير. فلا أحد يستطيع ان يثبت لنا اليوم ان في الاسلام تقصير.

صحيح ان التطبيق الرسولي كان يدرك تماما ان الظاهرة محكومة بظروفها، لذا اجتهد صاحب التجديد على معرفة الظروف زماًناً ومكاناً وموقعاً، فعمل على الاهتمام بعامل الزمن دون اهمال التاريخ، فأخذ ممن سبقه من الرومان واليونان ووضعه بقالب يتوائم وعصر التجديد، فلم يكتفِ بالآية القرآنية الكريمة - رغم اعتماده الرئيسي عليها - بل اجتهد بوضع دستور للمدينة يستق منه القوانين لكل جديد مع الالتزام الحرفي والاخلاقي في التطبيق، ولا أحد يستطيع ان ينزع منه مادة دون رضى العامة في القبول والتحقيق. والظرف اليوم مواتٍ لكم يا قادة العراق فعلام التقصير؟ ست سنوات مضت علينا ونحن لا زلنا ننتظر التغيير، ألم يكن آوركاجينا وآورنمو وحومورابي طبقوا القانون في وطننا العراق قبل آلاف السنين..

هنا كانت نقطة الافتراق الاخرى مع الباطل لاحلال الحق وانسانية الانسان، فلا مال نهب، ولا انسان قتل، ولا منصب استغل، الا بموجب القانون وكفاءة المخلصين، برنامجاً كان معداً له للتنفيذ. فقد قال(ص) عند فتح مكة ( خلو ا بيني وبين الناس ولا تنقلوا عني غير القرآن) لذا كل ما أستحدث من بعده في حكم الناس غير منطبق على ما قاله (ص) فهو لازال بعيداً عن اليقين، وبحاجة الى تدقيق وتحقيق. وقال في صحن مكة الشريف:

لا عداوة بيننا، فلا تقتلوا احدا حتى المسيئيين حتى لا يقال ان محمداً يقتل اصحابه السابقين

 

فاين نحن منه الان، بعد ان قتلنا العلماء والاطباء والطيارين والكتاب والاكاديميين. فهل سيحقق حكامنا الحاليين ما هدف اليه صاحب الدعوة من أماني المنتظرين، ويبعدوا عن التحالفات الشخصية التي حتماً ستأتي مرة أخرى بالمقصرين، على حساب الوطن والوطنيين. وما سمعنا اليوم من قبول المالكي للتحالفات مجددا قد خيب أمال المحبين.

go to top of page   كلهم اليوم يتشبثون بدعوة محمد (ص) وأهل بيته وأصحابه المخلصين- ويقف السيد نوري المالكي على رأس المسئولية التاريخية اليوم-، ليبني دولة العراق الجديد للعراقيين أوأئتلاف دولة القانون؟ فهل هذا يقين؟.. فرق بين مرحلة تحمل الاعباء من اجل بناء الدولة الجديدة والايمان بها، وبين العاجزين، فلا تعتبروها حكماً وغنيمة كما نراها في سلطة البعض اليوم وكل المتسلطين، والذين نهبوا وهربوا دون ان يكون الشعب والوطن في حسابهم من ضمير، وتركوا دون معاقبة او ملاحقة او عقاب وهاهم في فنادقهم وقصورهم السوداء يلفهم عار الخائنين، ألم يكن هذا تمهيداً للاخرين؟.  فهل سيصحى المالكي اليوم ليرفع سيف الحق على المتسلطين، ويبتعد عن التحالفات مع من سجلوا للعراق اهمال السنين. فلا كردي يتحدى ويهدد بالحرب والانفصال، ولا شيعي يدعي الافضل ليبني له اقليم المستقلين، ولا سني ينحسر نحو الاضعف، ليكون له فريقاً جديداً يناهز به من يعتقد ظناً انهم ضده من العراقيين، فالكل سواسية امام الله والقانون والدين ليبقى العراق لكل العراقيين، فلا فضل لعربي على أعجمي الا بالتقوى، والتقوى هنا جماع فعال الخير لمن يحكم ويتولى شئون المواطنين، فالشيعة والسنُة والعرب والاكراد والتركمان وغيرهم لاخلاف ولا اختلاف بينهم الا ما هو في رؤوس المفسدين. يامالكي شاورهم في الامر فأن رضوا أقلبها رئاسية بدلا من نيابية بقوة الشعب والقانون، لتتخلص من عوائق لازالت مقصرة بحق الله والوطن والضمير، تمهيدا لمحاسبة كل المقصرين والناكثين، فهل أنت قادر عليها، وان لم تقدر اعرضها على المخلصين، ام لا زالت أماني عندك وعند المتأملين؟.

الكثير ممن في أيديهم السلطة بحاجة الى نصح وأرشاد، لكي لا يبقوا يرددون مساوىء النظام السابق حجة لهم في أيذاء الوطن والمواطنين، فهل دروا ان أبو جهل وابو لهب وقيادات قريش كانت اكثر قساوة من صدام في معاملة الاخرين. لكن المخلصين كانوا لهم رُصدا واقفين، فلم يهابوهم لا خوفاً ولا تهديداً، فقد كان عمر ينام تحت الشجرة وحيدا في المدينة، وعلي يصلي بالناس في مسجد الكوفة فجراً بلا حراس ولا مراقبين، تحميهم العدالة وحب الناس المستضعفيين، لكن اليوم نرى حكامنا لكل منهم حجة ليحميه آلف حارس خشية من رعب محتمل لعين.

go to top of page   وكم من مرة في التاريخ تولى الحكم رجل فاسد، فاستبد بالناس مدفوعا بالغرور ثم انتهى أمره الى ميتةٍ سيئة أضاع فيها أهله والاقربين. ان الانفراد بالسلطة يراود الكثيرين، فكثرة الاطراء تحدث الزهو فيهم على حد قول علي امير المؤمنين. فهم حينما يدلسوا القانون لمصلحتهم كما نرى اليوم بحجة التوافقات وما هي الا حيل من اجل البقاء دون الاخرين، قانون ما كنا نعرفه لا في عهد السابقين ولا حتى المتاخرين، فهل يا مالكي ستركب سفينتهم وتغرق مع الغارقين، فحين أنتخبناهم ما كنا نظنُ هكذا يخططون وينفذون، كل الدول والحكومات فيها مقصرون، لكنهم لم يصلوا الى درجة نسيان الوطن والمواطنيين؟ ويطبقون القانون بما هم فيه يرغبون.

ان السيد المالكي هو المسئول الاول اليوم عن تطبيق عدالة القانون فهو رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة، فعليه تطبيق القانون، ليزيح من على صدر العراق كل من لا يرتضي القانون، نناديك يامالكي فقد ظُلمنا ولا احد يسمع لنا من مظلمةٍ او حقٍ في قانون؟ ان الناس تتربى بالتجربة الواقعة لا بالمواعظ والخطب، فهل يدرك حكامنا الجدد اليوم هذا الذي هم فيه سائرون؟ على الشعب مسئولية التغييرفي أنتخابات قادمة تزيح كل المتجاوزين، فلا تغيير بعد الا بالقانون، وستكون ارادة الشعب هي القانون. عليهم ان يراجعوا دفاتر الحساب التي هم يجهلون، فلا يكونوا عبيدا الا للحق الذي نرجو ان يكونوا معه قريبون، أم حين تحل عليهم الطامة الكبرى فيندمون. أين الذين ظلموا من قبلهم، الم يكونوا اليوم في غياهب الجب يصرخون؟.

go to top of page   ان مطالبة السيد المالكي اليوم بنظام رئاسي محكوم بالقانون لهو أفضل ألف مرة من نظام برلماني ضاع فيه القانون، واحتلته فرقة آمنت بالامتيازات والنعم لنفسها لا للشعب، بعد ان أجرت الانتخابات على القائمة والمحاصصة وحشر في المجلس كل من هب ودب خلافاً للقانون. وها ترى المجلس اليوم مؤسسة مشلولة الا بما تتوافق عليه المصلحة الشخصية لا القانون، والا هل معقولا ان هم بأيديهم يكتبون أمتيازاتهم ورواتبهم لانفسهم ليتحدون الشعب والقانون؟ ويستلمون أعلى المرتبات وهم عن حضور الجلسات غائبون، اهو استكبارُ منهم أم أخذوا الشعب هزواً لهم ما داموا مأمنون؟  ان انتخاب رئيس المجلس وما رافقه من توافقات شخصية بعيدة عن المصلحة العامة سجلت موقفا سلبيا لكل المدعين. نحن ندعو المالكي الى أختراق الصعاب قبل فوات الاوان، فليتذكر أيام قحط السنين، يوم كنا كلنا نتذكر ما قاله الامام الفذ موسى بن جعفر لهارون ارشيد ونحن في منافينا:

لن ينقضي عني يوم من البلاء، حتى ينقضي عنك يوم من الرخاء

 

 فلا تنسى التاريخ والاخرين. فلا تغرك الدنيا والمصفقين فكلهم (كذابين زفة) الى زوال مثلما زال كل االسابقين.

لا تمد يدك الا للمخلصين. لم يبق شيء لم يكشف، لقد تكشفت حتى عوراتهم من أجل دنياهم الزائفة وأموال المحرومين، الذين يتسكعون في شوارع عمان ودمشق وواشنطن يستجدون عطف الاخرين، أعراقيين حقاً نحن ام ..... لولا العيب لقلتها ولكن؟ الأكراد مزهون بشراويلهم والعرب منكسة (عكلهم) هم يبنون بلدهم ويأخذون منكم حتى (الخاوة) ونحن أذا تكلمنا تجابهوننا بالصد واللامبالاة، لا بل بالوعد والوعيد، كما يصلنا من بعض زنادقة العهد الجديد، فهل هم احسن منا والاخرين. أقدم على التغيير وألا ستبقى مكانك راوح والله يعلم وانتم لا تعلمون، فهل ستبقون تتجاهلون كل من يناديكم مخلصاً لله والشعب والقانون؟ وتعتمدون على من سرقوا حتى دماء المرضى، واطعموا الشعب طعاماً فاسداً، ليبنوا لهم قصورا سوداء في بلاد الكارهين. فلا تحسبونا طلاب دنيا فنحن نملك اكثر مما يملكون. افيقوا قبل ان يغزوكم الطوفان وساعتها تندمون؟؟

go to top of page   فرق بين الحق والباطل، وبين من يؤمنون بالوطن وبين من لا يؤمنون، وبين الالتزام والتفريط، وبين العقيدة ونقيضها وبين الرجولة والانهزامية، وبين علي وعمرو بن ود العامري اللعين، وبين عمر وابو جهل، فهل هؤلاء الذين نهبوا المال وباعوا الارض والعرِض وحتى دواء المرضى ومخصصات بطاقات تموين الفقراء والارامل والايتام لا زالوا يمثلون الناخبين، وهل يا مالكي تريد ان تكون معهم، من اجل ماذا، وانت اليوم يتطلع اليك أحرار القادمين، نريد منك تطلعاً للجماهير المتعطشة للعدالة لا مقضاة جريدة تفضح اسرار المعتدين؟ واذا كانت لك من دعوى فأقمها على حرامية أموال المواطنين، من يدافع عن المحرومين غير اقلام كتابنا الاحرار والمحررين، بعد ان اصبح كاتم الصوت لنا بديلاً والسكين؟.
 
ماذا ابقوا لدينا لم يأخذوه منا، فقد أخذوا حتى الذي لا يؤخذ؟ كفاكم سكوتا يا ايها المخلصون، فقد اصبحنا بمن يمثلنا اليوم، وزيراً، وسفيراً، ومستشاراً، اضحوكة للعالمين، نريدُ نوابا مخلصين، ووزراء أكفاء، وموظفين امناء، ومستشارين نجباء، سفارات تليق بالعراقيين. حتى نأمن اننا في دولة العراقيين المخلصين، دعونا مثل دول الاخرين، فهل دول الخليج اعرق منا حضارة وتنظيماً، كفانا عيباً أيها الحاكمون؟ أما الذين صمدوا في أماكنهم اليوم ونأمل منهم التغيير، فهم لنا ونحن لهم اليوم وغداً في الانتخابات لتقرير المصير. وبناء العراق الجديد. وكلمة أخيرة أقولها رغم كل ما سيقال عني ويدبر للمالكي اليوم سيبقى هو الأمل الاخير.
 

 

Back Home NextBack to Homego to top of page