مــن هــو محمد باقــر الصــدر؟
بقلم:
قاسم المرشدي
-
09-04-2015 | (صوت العراق)
ترددت في الكتابة عن رمز العراق باقر الصدر، لعظمة شخصيته، وعطائة، وعصاميته الفريدة (كشف وعرى الصدر من يتغنون بإسمه كذبا
ونفاقا بعد أن أسقطت أمريكا في 9/4/2003م نظام قاتله).
باقر الصدر جبل شامخ يَفرض على اهل المعرفة والفكر، والبصيرة، وطلاب الحقيقة والوعي،-يَفرض التوقف ثم التوقف، والتأمل امام بابه العالي، قبل الدخول الى عوالمه.
اذن كيف سيكون الحال مع امثالي؟
لكن الذكرى السنوية لعروجه الملكوتي للسماء في 9/4/1980م، دفعتني للكتابة.
باقر الصدر الذي خجلت منه الألقاب، لم يُبق خصلة عظيمة الا وجسدها، أعظم واجمل تجسيد.
فقد وضع الصدر الشهيد الذي ولد وأغتيل في بغداد (1935 م -1980 م) ـ عمره الشريف في خدمة الوطن، والقيم والمبادىء، والإنسان.
( ياشعبي العراقي العزيز.. أيها الشعب العظيم.. ..أني منذ عرفت وجودي ومسؤوليتي في هذه الامة، بذلت هذا الوجود من أجل
السني والشيعي على السواء، ومن أجل العربي والكردي والتركماني.....،ياأبنائي أني صممت على الشهادة ولعل هذا هو آخر ما تسمعونه مني ....) .
ألف الصدر الشهيد كتابه (غاية الفكر) ولم يتجاوزعمره السبعة عشر ربيعاً، وقبله كتاب (فدك في التأريخ)، اما كتاب (فلسفتنا) فقد
طبعه عام 1978م و(اقتصادنا) عام 1972م - المرسل الرسول الرسالة - الإنسان المعاصر وقدرته على حل المشكلة الإجتماعية والكثير من المؤلفات التي اغنت المكتبة الإسلامية والإنسانية،
رغم عمره القصير.
بلغ باقر الصدر درجة الاجتهاد المطلق (القدرة على إستنباط الاحكام الشرعية والفتوى) قبل ان ينهي الثامنة عشر، وإعترف باجتهاده،
ونبوغه العلمي كبار العلماء،
وباقر الصدر هو صاحب المدرسة التجديدية العصرية التي تؤهل طلاب العلوم الإسلامية الى الولوج الى عالم الاجتهاد بسرعة، وسهولة
من خلال فهم وإستيعاب حلقات الاصول الثلاث التي ألفها، كذلك رسالته العملية (الفتاوى الواضحة) البعيدة عن الاسلوب التقليدي، الذي يحتاج لفهمه وفك طلاسمه عدة دراسات، وشروح من ذوي
الإختصاص والخبرة.
باقر الصدر هو نفسه ذلك العابد الزاهد والمرجع الذي تأتيه الأموال، والحقوق الشرعية، والقائد السياسي الواعي المخلص لقضايا
وطنه، والمؤسس لحزب الدعوة الإسلامية عام 1957م.
فقد إستشعر باقر الصدر مبكرا خطر حزب البعث على الإنسان العراقي، وافتى بحرمة الإنتماء اليه، في وقت لم يتجرأ فيه أحد على
التفكير في اقل من ذلك.
حينها ربطت السلطة (سلطة صدام حسين) به كل إهتزاز داخلي، وأنّه اي الصدر لا بد أن يكون وراءه على نحو من الانحاء.
فقد تم إحتجاز الصدر خلال تلك الفترة، ووضع تحت الإقامة الجبرية، ثم تم إعتقاله لأكثر من ثلاث مرات خلال الفترة الممتدة بين
1972م ـ 1979 م
وأما احتجازه الاخير فقد استمر لاكثر من ثمانية أشهر، زاره خلالها المرجع الديني السيد عبد الأعلى الموسوي السبزواري.
أصبح الصدر الشهيد العقبة الكأداء بوجه مخططات صدام حسين فحاول واهماً إستمالته بإغراءات مختلفة، لم يعرضها على سواه منها:
(نسبة من عوائد النفط، واعفاء طلابه من اللتحاق بالجيش والحرب) متوسلا اليه أن يسحب فتواه التي تحرم الإنتماء الى حزب
البعث الحاكم ونصرة الإمام الخميني.
وأن يسحب دعمه المباشر لحزب الدعوة الإسلامية ويفتي بحرمة الانتماء إليه.
فكان جواب باقر الصدر أن رفض كل ذلك فـتـقهقرت السلطة وشروطها أمام كل ذاك الاصرار والشموخ الصدري .
فطلبت منه السلطة مرة أخرى، إجراء مقابلة صحفية، يختار فيها بنفسه نوع الاسئلة التي تطرح عليه، دون الإشارة الى الوضع السياسي داخل العراق، كإشارة غير مباشرة على رضاه عن السلطة،
فرفض الصدر الشهيد كذلك ذلك العرض.
وفي صبيحة يوم الاحد المصادف 5 -4 –1980م هاجم عشرات الأمنيين منزل باقر الصدر، بغرض إعتقاله وترحيله الى بغداد، وقد إنتشر
الخبر في مدينة النجف من خلال شقيقته العالمة الفاضلة آمنة الصدر (بنت الهدى) التي تم اعتقالها في اليوم التالي.
فقد عمت حالة الغضب، والهيجان، والعصيان التي سرعان ما أنتقلت من النجف الى ربوع العراق .
تم إغتيال الإمام محمد باقر الصدر وأخته الكاتبة الكبيرة آمنة الصدر دون محاكمة، بعد ممارسة اشد واقسى طرق التعذيب عليهما نقلا عن الشهيد المرجع السيد محمد صادق الصدر لما شاهده من
آثار تعذيب .
قاسم المرشدي
aliraqnetqassem@hotmail.com