عن الامام الحسين من روائع نزار قباني
مع الحسين كل هزيمة انتصار وبدون الحسين كل انتصار
هزيمة
لأن قصة
عاشوراء لم تكتمل فصولها، فإن ..
كل يوم عاشوراء، وكل أرض
كربلاء
ايها
الناس .. إن الشهادة تزيد في أعمار المستشهدين، ألا ترون كيف أن "عبد الله
الرضيع "يعتبر اليوم من كبار عظماء
الرجال
؟
اعتمد الحسين على قوّة المنطق، واعتمد عدوه على منطق القوة، ولما
سقطت قوة عدوه، انتصر منطق الحسين، وكان انتصاره
ابديا.
قبل عاشوراء، كانت
كربلاء اسماً لمدينة صغيرة، أما بعد عاشوراء فقد أصبحت عنواناً لحضارة شاملة.
تمزقت رايته ..
ولم تنكس !
وتمزقت أشلائه
.. ولم يركع !
وذبحوا أولاده
وإخوانه وأصحابه .. ولم يهن
!
إنها عزة الإيمان في أعظم تجلياتها
كان ما فعله الحسين وأصحابه صعباً عليهم : أن
يقاتلوا أو يقتلوا ..
ولكنهم لو لم يفعلوا ما صنعوا ، لكان عليهم أصعب
الحسين ليس شخصاً،
بل هو مشروع
..
وليس فرداً،
بل هو منهج ..
وليس كلمة، بل
هو راية ..
لو
شاء الحسين أن يعتذر عن الجهاد،
لوجد كل الأعذار التي يتوسل ببعضها الناس
للتقاعس
عنه، وجدها مجتمعة،
لكنه رآى
الموت له عادة وكرامته من الله الشهادة.
فأعلن الجهاد، وكان ذلك من
أعظم إنجازاته.
مهما قلنا عن الحسين ، ومهما كتبنا عنه، فلن نتجاوز فيه ما قاله رسول الله :
مكتوب
على ساق العرش: إن الحسين مصباح
الهدى وسفينة النجاة.
كلما حاولت أن
اعبر عن الحسين بالكلمات، وجدت أن الكلمة عاجزة عن التعبير
عن نفسها فيه
..
قلت عنه أنه الحق
..
قلت أنه الكوثر
..
وقلت أنه الفضيلة
..
فوجدته أكثر من ذلك
!
فرجوت الله تعالى أن يلهمني
كلمة يعبر عن حقيقة الحسين ، فألهمني أن أقول أن الحسين .. هو الحسين وكفى
!
العباس
سألني أحدهم: ما هي أعظم فضائل العباس ؟قلت: إن
أعظم فضائله أنه "أبو الفضل" كله.
كان
رأسه
شامخاً لا ينحني إلا لله
..
وكانت مشكلتهم معه أنه لا
ينحني إلا لله
..
ولذلك ضربوا بعمود من الحديد على رأسه،
لعله ينحني لهم
..
فسقط على الأرض ورأسه مهشم بالعمود
.. ولكنه ظل لا ينحني إلا لله
!
كان العباس شوكة
في عيون الأعداء، ولما فشلوا في نزعه من عيونهم، زرعوا الشوك في عينه
!
الحديث
عن العباس لا ينتهي .. وهل ينتهي الحديث
عن "الفضائل" ؟
كان
وحده كتيبة بأكملها.
وكان سيفه وحده جيشاً بأجمعه.
لا
أدري أيهما كان أشد عصرة يوم عاشوراء:
العباس
الذي لم يستطع إيصال الماء إلى المخيم ؟ أم الماء الذي لم يستطع أن يبقى في
قربة
العباس ؟
تجلبب
العباس بالمناقب حتى لا تكاد تجد فرقاً
بين كلمة (العباس) وكلمة (المناقب) في قاموس المناقبيات.
زينب
كانت زينب صوت الحسين وصولته
..
ودم الحسين وديمومته
..
وشخص الحسين وشخصيته
..
وبصر الحسين وبصيرته
..
كانت هي
الحسين في قالب امرأة
!
قتلوا
الحسين لكي
يسكتوه .. فنطقت زينب عن لسانه، وما استطاعوا اسكاتها.
لو
كانت زينب رجلاً، لكانت الحسين ..
ولو كان
الحسين امرأة، لكان زينب
..
إنهما شخص واحد في قالبين
مختلفين.
لقد
كرم الله النساء مرة أخرى،
فجعل منهن زينب.
كانت
زينب هي المرأة التي يجب
أن تكون
..
وفي الوقت الذي يجب أن تكون
..
وفي الشكل الذي يجب أن تكون
..
لقد أبت عدالة الله إلا أن تكون إلى جانب رجل عظيم كالحسين، امرأة
عظيمة مثل
زينب.
كما
لبس الحسين عليه السلام رداء أبيه علي
عليه السلام في مواجهة الباطل، فقد لبست زينب عباءة أمها فاطمة .. ووقفت
إلى جانبه.
لقد
أثبتت زينب أن امرأة واحدة يمكنها أن
تتحدى، بإذن لله، امبراطورية بأكملها، وأن تساهم في تقويضها أيضا.
كانت
مريم ابنة عمران حاملة الآم السيد المسيح.
أما زينب ابنة علي
(عليهما السلام) فكانت حاملة آلام أهل
البيت جميعاً.
زينب وليدة
الأكارم .. وأم
المكارم .. وصاحبة المكرمات.
السلام على الحسين
وعلى اخيه ابا الفضل وعلى اخته زينب
اقل ما يقال
فيكم والله