Back Home Next

أهمية مقتل بن لادن

آراء الكاتب

الدكتور عبدالخالق حسين

http://www.abdulkhaliqhussein.com/news/342.html

 

 

أعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما في كلمة متلفزة بثت مساء الأحد (1/5/2011) أن زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن قد قُتل (مع ثلاثة رجال، يعتقد أن أحدهم نجل بن لادن). كما وأكد أن "العدل قد تحقق هذه الليلة" بمقتل زعيم تنظيم القاعدة. وان جثته موجودة الآن بحوزة السلطات الأمريكية.

والجدير بالذكر أنهم تأكدوا من موت بن لادن عن طريق فحص الحمض النووي، وأن العملية، التي تم فيها تبادل لإطلاق النار استغرقت نحو 40 دقيقة فقط،، لم تسفر عن سقوط خسائر في صفوف المدنيين، أو المهاجمين الأمريكيين. 

ومما له أهميته، أن مقتل بن لادن قد حدث في باكستان، بل وقريباً من العاصمة إسلام آباد، الأمر الذي أحرج موقف الحكومة الباكستانية لأنها كانت على الدوام تنكر وجود بن لادن على أراضيها. ولذلك لم تعلم الإدارة الأمريكية السلطات الباكستانية عن تفاصيل العملية إلا  بعد استكمال العملية، والتأكد من قتل بن لادن. والمعروف أن باكستان التي رعت حركة طالبان الإرهابية، وفتحت عشرات الألوف من المدارس الدينية التي تخرَّج منها الإرهابيون، قد دفعت ثمناً باهظاً لقاء رعايتها للإرهاب والإرهابيين.

 حقاً أنه لنبأ عظيم لأنه أدخل الفرحة في قلوب البشرية، وبالأخص الملايين من ذوي ضحايا الإرهاب الذي قادته تنظيم القاعدة، سواء ضحايا 11 سبتمبر 2001 في أمريكا، أو ضحايا الشعب العراقي منذ عام 2003، أو في أفغانستان وباكستان، أو أي مكان آخر في العالم. فهذا الرجل صنع منه مشايخ الوهابية وضعاف العقول، بطلاً أسطورياً، وادعوا أنه الزعيم الذي لا يُغلب ولا يُقهر، وأنه محاط برعاية وحماية الله، لأنه يؤدي الرسالة الإلهية في نشر الإسلام، وقتل الكفار، عملاً بالآية القرآنية: "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله" فكل من لا يتفق مع مبادئ الوهابية (مذهب بن لادن وتنظيم القاعدة)، هو عدو الله ورسوله، واجب على كل مسلم قتله. 

بطبيعة الحال، أن مقتل بن لادن لا يعني نهاية الإرهاب في العالم، مثلما لم يكن نفوق صدام حسين والزرقاوي نهاية الإرهاب في العراق، بل وربما سيكون هناك تصعيد للإرهاب لبعض الوقت.. ولكن في جميع الأحوال إن مقتل ابن لادن رسالة بليغة تتضمن الدروس التالية:

  1. أولاً، لمقتل بن لادن أهمية رمزية، حيث انتصرت قوات "الكفار" على رمز الشر الوهابي السعودي، ولذلك فهو "انجاز تاريخي... وأن العدالة ستتحقق مهما طال الزمن" كما جاء في رسالة الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش إلى خلفه الرئيس اوباما بهذه المناسبة.

  2. ثانياً، أن الإرهاب لا يمكن أن ينتصر ومهما طال الزمن، ومهما ادعى من مبررات زائفة في قتل الأبرياء، فلا بد أن يكون مصيره في نهاية المطاف الهزيمة المنكرة،

  3. ثالثاً، أن النظام السعودي الوهابي الذي أنتج تنظيم القاعدة هو الآخر دفع ثمناً باهظاً، ولا يمكن أن يواصل حكام السعودية ادعاءاتهم المتناقضة، بأن يسموا جرائم القاعدة في بلادهم بالإرهاب، ويسمونها في العراق بالجهاد وبـ"المقاومة الوطنية الشريفة"،

  4. رابعاً، تحطيم وفشل مبدأ (عدو عدوي صديقي) الذي تبنته بعض الدول بما فيها أمريكا، والجماعات وحتى بعض الكتاب. وهذا درس لأمريكا نفسها، إذ معظم منظمات "المجاهدين" الأفغان، بما فيها تنظيم القاعدة، وطالبان، قد تأسست بدعم ومباركة من أمريكا، وبتمويل السعودية وفتاوى مشايخ الوهابية، لمحاربة الوجود السوفيتي في أفغانستان، وأخيراً انقلب السحر على الساحر، فانقلب الإرهاب الوهابي على أمريكا والسعودية.

وختاماً، نؤكد أنه في نهاية المطاف لا يصح إلا الصحيح، ولا أن ينتصر العقل على الهمجية والغرائز الحيوانية المنفلتة، ولا بد أن ينهزم الإرهاب ومن يرعى الإرهاب ويحتضنه، فالنصر للحضارة البشرية وقيمها الإنسانية النبيلة.  

 Back Home Next