Back Home Next

 

الوطن العربي الحديث بحاجة الى الدين

مقتبس من كتابات شاكر النابلسي
 بقلم الدكتور رضا العطار بتصرف

ridhaalattar@yahoo.com

 

 

  1. هل الدولة العربية الحديثة بحاجة الى الدين، ام ان الدين بحاجة الى الدولة ؟

  2. وهل لو تخلت الدولة العربية عن الدين كلية ستضعف ام ان الدين سيضعف اذا ما تخلت الدولة عنه ؟

  3. وهل الدين اساس للدولة ام ان الدين كان مجرد اداة للدولة ؟

  4. وهل العلاقة بين الدين والدولة علاقة دينية ام هي علاقة سياسية ؟

 

فمن المعلوم انه لا توجد دولة في التاريخ القديم والحديث الا وكانت بعض العناصر الدينية قاعدة اساسية لها،  ذلك ان الدين قديما كان مصدرا من مصادر التشريع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي وكان لا بد من الاخذ منه كمصدر من مصادر المعرفة بغض النظر عن هالة التقديس التي تحيط به وبغض النظر عن الاوامر الالهية التي يوجب الاخذ بها كلها او بعضها، ذلك ان عدد المشرعين للانظمة في التاريخ القديم لم يكن كافيا لاستنباط الاحكام – وما ظاهرة عدم الاستعانة الكلّية بالاحكام الشرعية اليوم في شتئ المعاملات، الا نتيجة وجود عدد كبير من المشرعين القادرين على استنباط الاحكام من خلال تجارب الشعوب الاخرى وقوانينها دون الاستعانة الكلية بالاحكام الشرعية الدينية - وهذا كله لا ينفي غريزة الدين في الانسان وغريزة العبادة فيه منذ ان عبد النار الى ان عبد الاله الواحد.

 

لقد قال بعض المفكرين في القرن السابع عشر والقرن الثمن عشر عن حاجة الدولة الى الدين ومن هؤلاء كان جان جاك روسو الذي اكد على هذه الحقيقة كون ان الدين وسيلة للمنفعة العامة التي تقتضي ان يقوم المواطنون بواجباتهم تجاه الدولة وتجاه بعضهم بعضا بهدف الخدمة المتبادلة.- - -  ومن الملاحظ ان العامل الاساسي الذي يدعو الان الى وصل الدين بالدولة – وهو العامل المؤثر في الشارع العربي – هو الجماعات الاسلامية المنطرفة في انحاء مختلفة من العالم العربي وقد اعتادت الدولة العربية الحديثة على مواجهة هذه الجماعات مواجهة بدائية قاسية لا مكان للعقل فيها وكانت النتيجة ان ما تم من مواجهات دامية سواء بالسجن او النفي او القتل، كانت بمثابة – تقليم الشجر – لكي ينطلق من جديد شديد العود عالي الطود.

 

في حين ان الحكومات العربية الحديثة كان عليها ان تبحث عن اصول هذه الجماعات وجذورها ومنابعها والتي هي اصول فقيرة عادة وجذور صغيرة لا بالمعنى الاخلاقي ولكن بالمنزلة الاجتماعية والعلمية – وكان عليها ايضا ان تذهب الى مناطق نشوء وتفريخ الارهاب كما – في حالة مصر مثلا – مناطق الاحياء الشعبية  المهملة المنسية التي لا يوجد فيها عمل للشباب العاطل يلهيهم ويصرفهم عن حمل السلاح وممارسة العنف الاعمى.- - - كان موقف بعض اليساريين العرب من علاقة الدين بالدولة وعلاقة السياسة بالدين علاقة مضطربة غير واضحة المعالم يتسم بالمتناقض.

 

والتفسير التاريخي والسياسي الواضح لهذا التناقض هو ان اليساريين المصريين كانوا على خلاف كبير مع الرئيس السادات الذي اطلق في السبعينيات شعار ( لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين) بهدف استبعاد تيارات دينية معينة عن الساحة السياسية.

 

وكان رفض اليساريين من علاقة الدين بالدولة متأتيا من معاداتهم للنظام الرأسمالي – وقولهم ان الاسلام نظام اقتصادي راسمالي. وقد عبر عن موقفهم هذا رفعت السعيد قوله: (اننا امام دعوة راسمالية لكنها ترتدي جلبانا وعمامة وتطلق لحية)

 

والخطاب الماركس العربي يتميز في بعض جوانبه بالعاطفة رغم ما يقال عن علمية الخطاب  الموضوعي، لكن علينا ان نتذكر اننا امة مولعة جدا بسحر البيان وبلاغة اللسان لانتوانى عن ان نحيل قضايانا العلمية الصرفة الى مجرد لغو الكلام.- - -

 

ومن هنا فقد قال المفكر المصري انور عبد الملك من ان (ظهور الاسلام السياسي في عصرنا الحالي كقوة ديناميكية عميقة الجذور وكقوة تغيير بين الجماهير الشعبية تنمو فيها المتناقضات بين مختلف الفئات الاقتصادية والاجتماعية والايديولوجية خصوصا تلك التناقضات التي بين الامبريالية الغربية والمعسكر الاشتراكي والتي فيها ينمو صراع الحضارات)

 

وفي خضم الغاء القوانين المدنية في بعض الدول العربية واستبدالها باحكام الشريعة الاسلامية وسيطرة الاخوان المسلمين على سدة الحكم كما حدث في السودان عام 1983 – في هذا العهد تجرّا نظام النميري وبتحريض من زعيم جماعة الاخوان المسلمين حسن الترابي، على اعدام المفكرين اليساريين عبد الخالق محجوب ومحمود طه لان الاخير وصف الشريعة الاسلامية بانها ( قانون جائر)

 

* بالخط العريص لشاكر النابلسي مع التصرف

 

 Back Home Next