Back Home Next

 النغمات الموسيقية الاولى في تاريخ الأنسان،

مقتبس من كتاب الحضارة السريانية حضارة عالمية لموسى مخول

 بقلم الدكتور رضا العطار بتصرف

 

ridhaalattar@yahoo.com

 هل تعلم ان اولى النغمات الموسيقية في تاريخ الأنسان، علت من معابد سومر؟

 يعتبر المؤرخون ان الموسيقى في العراق القديم هي اولى ركائز الموسيقى العالمية.  فملحمة كلكامش التي هي من اعظم الملاحم الشعرية المغناة، عرفتها البشرية ابان العهد  السومري.  فالحضارة الانسانية الاولى هذه، كانت قد وضعت اصول الموسيقى والغناء والرقص في المعابد الدينية.  هكذا بدأ السومري يصنع الالات الموسيقية من وترية ونفخ وايقاعية، منذ مطلع الالف الثالث قبل الميلاد. لقد وجد الكثير من الاشارات والكلمات،  منقوشة على الواح الطين، بمثابة (نونات)، اكتشفت في طبقات عميقة من باطن الارض. 

 

 لقد كان يتم تعليم الموسيقى والغناء لرجال الدين في الدولة السومرية داخل معابد او مدارس مخصوصة، وكذلك في مدرسة القصر للموسيقى والغناء، وكانت الموسيقى احدى وسائل ممارسة الطقوس في معابد الهلال الخصيب، وكان لمغنية المعبد مكانة خاصة – حيث كانت الموسيقى والتراتيل تنشد في المعابد اثناء القيام بالواجبات الدينية وفي المناسبات والاعياد.  

 

ولما قامت المسيحية، انتقلت الاغاني الدينية والتراتيل المختلفة الى الكنائس - فقد نسج المسيحيون على منوال اجدادهم الاقدمينن الاوزان الشعرية موقّعة على آلات الطرب،  استعملوها في كنائسهم ومجالسهم - - كما تاثر المؤمنون من المسيحيين في القرون الاولى للميلاد بالحان الكنيس العبرية، نظرا لعدم وجود الحان مسيحية تحل محلها، فكانت المزامير الداودية وسفر نشيد الانشاد، وهما ضمن ما اقتبسه اليهود اثناء (سبي بابل) من بلاد الرافدين، وهي بالاساس موسيقى سومرية، استعملوها عام 444 ، هذا ما يؤكده تاريخ الموسيقى العبري .

 وان اول ذكر لكلمة (الموشح) ورد في الكتب السريانية وتعني (غزل قديم) يتميز باوزان ايقاعية صغيرة مختلفة - - - 

 وتنحصر الموشحات العربية في مدرستين :

شرق اوسطية ومغربية. ولكل مدرسة ميزات تختلف عن الاخرى، لكن يبقى بينهما قاسم مشترك مثل النص الشعري وبعض المقامات العربية، و لكل مدرسة اسلوبها الخاص في كيفية معالجة هذه المقامات والاجناس مع مراعاة ايقاعاتها المتميزة. - -

والموشحات في مفهومنا اليوم نوعين من الغناء، القسم الاول فصيح والقسم الاخر مزيج من العامية والفصحى –

وللموشحات خصوصيتها في النص الشعري وفي التنوع الايقاعي - -

واذا استمعنا الى مجموعة تراتيل سريانية، كطقوس الميلاد والصوم الكبير ادركنا قرابتها بالموشحات العربية.

 

وتنقسم الموشحات العربية الى مدرستين :

  1. الموشحات العربية الحلبية، ومنبتها بلدان الهلال الخصيب التي ظهرت قبل الموشحات الاندلسية بقرون عدة.

  2. الموشحات العربية الاندلسية التي نشأت في الاندلس في عهد الموسيقي العراقي الفذ زرياب ثم انتشرت فيما بعد الى المغرب والجزائر وتونس وليبيا - - - 

 

فالموروث الموسيقي في الهلال الخصيب قديم قدم ثقافة هذه المنطقة التي يمتد تاريخها منذ الحضارة السومرية.

 

والان يحق لنا ان نتسائل بماذا سيغني حملة الدين الجديد من اقوام المنطقة وابنائها في تلاوتهم للقرآن الكريم وادعيتهم الملحنة –  خاصة القادمون من الجزيرة العربية والذين ليسو اصحاب موسيقى متطورة، وانما مقتصرة على انغام بدوية في الغالب لا تتعدى  لحن حداء الجمل، الذي اعتادوا على ادائه عبر دهور طويلة.

 

هنا لجأ العرب المسلمون الى تلاوة القرآن طبقا لقواعد معلومة،  لمقامات ذات لحن معلوم،  ثم اضافوا اليها الحانا جديدة من عندياتهم، تتناسب والعصور التي مرت والمذاهب التي انتشرت والطرق التي استحدثت والثقافات التي وفدت - - -

 

من هنا نرى الطقوس الدينية تصاحب الموسيقى الخاصة بها، تجري بين  ابناء المنطقة على حد سواء. والدارس بشكل جيد للموسيقى من سريانية ومسيحية، والموسيقى الاسلامية في بلاد الشرق يجد ان جميع الاديان السماوية  تشارك في ورعها وتقواها، ارفع واروع الصيغ الفنية، تحمل بين طياتها مسحة الايمان.

 

* من كتاب الحضارة السريانية حضارة عالمية لمؤلفه موسى مخول مع التصرف.