Back Home Next

القرآن والفلسفة الحديثة

مقتبس من فاتحة الالفية الثالثة لشاكر النابلسي
 بقلم الدكتور رضا العطار بتصرف

ridhaalattar@yahoo.com

 

 

كيف نغير الصورة السلبية للعرب في الغرب ؟

ان التغيير في الحياة العامة من نظم وقوانين ونواميس لا يتم الا اذا غير الانسان قناعاته وافكاره ومنهاج حياته  والقرآن قال : (ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم) الرعد. كذلك قال (ذلك ان الله لم يكن مغيرا نعمة انعمها على قوم حتى يغيروا ما بانفسهم) الانفال.  وهما الايتان اللتان لقيتا صدى في الفكر الغربي وايدهما كثير من فلاسفة الغرب وحكمائه – فقال الفيلسوف الامريكي المتخصص في علم المستقبليات

  1. الفن توفلر: (مسؤلية التغيير تقع علينا) - - 

  2. وقال المفكر الامريكي جيم ولز: ( العالم لن يتغير مالم نتغير نحن) - -

  3. وقال الروائي الامريكي اوسكار وايلد (ان الذين يغير العصر هو نحن وليست المبادئ)

  4. وقال الفيلسوف الالماني لودفيج وتجستشاش : ( ان اهم ما في التغيير هو تغيير سلوكياتنا)

  5. وقال الكاتب الامريكي المعروف هنري ثورو: (ارشياء حولنا لا تتغير، نحن الذين نتغير)

 ويجب ان نعلم ان هناك نوعان من التغيير التغيير الاصغر والتغيير الاكبر. والتغيير الاصغر يخص الشخص نفسه، والتغيير الاكبر وهو تغيير المجتمع.

يقول القرآن : (قد افلح من زكاها) الشمس ويقول (قد افلح من تزكى) الاعلى - - والفلاح هنا هو نجاح عملية التغيير الاكبر الذي يتبع التغيير الاصغر. وهو التزكية. والقرآن هنا يوجه كلماته الى فرعون الذي طغى ورفض دعوة التغيير ويخاطبه بقوله (هل لك الا ان تزكى واهديك الى ربك فتخشى) النازعات - - وهذا يعني ان لا مجال لان يغير فرعون واقعه ويهتدي الا اذا بدأ بنفسه فزكاها وهذا هو التغيير الاصغر، لكي ينتقل الى التغيير الاكبر وهو تغيير مجتمعه وواقعه – ويجب ان ننتبه الى ان التغيير على الارض هو من صنع الانسان بالدرجة الاولى.  

ان التغيير هو طريق ارشد خلاف الغي، اي الاستقامة على طريق الحق وهو هداية تغيير اليقينات السابقة – والاسلام اراد ان يقيم الرشد بالرشد اي التغيير السلمي العقلاني بالفكر والخطاب – ونرى ان لا سبيل الى التغيير في العالم العربي الا باتباع النقاط التالية :

  1. نتناج الفكر النقدي الذي يساعد على الانتقال من القطعي الى المبرهن عليه ومن المسلم به الى المتناقش فيه ومن القراءة العابرة للتاريخ الى التاريخية للنص لجعله في متناول العقل ومتكيفا مع متطلبات الحياة الاجتماعية.

  2. تبني القطيعة الجارحة مع التراث – فالحضارة الحديثة ابنة لثلاث قطائع اورثت الوعي الاوربي ثلاثة جروح نرجسية – اكتشاف غاليلو غاليلي لكروية الارض -  وداروين لنظرية التطور والارتقاء – وفرويد للاشعور - - وهكذا لم تعد الارض مركز الكون -  ولا الانسان خُلق من المجهول -  ولا العقل سيد بيئته.  بل اتضح انه محكوم باللاعقل، اي باللاشعور، اي بالغريزة.  والتراث الديني يلعب دور الباغي الذي يردع ورثته عن التنصل منه ومن اوامره ونواهيه – كما ان التشبث العصابي في هذا التراث – كما تفعل الاصولية والسلفية – يغذي النرجسية الجمعية.

  3. كسر المحرمات الغيبية التي يتحكم بها الاموات مصائر الاحياء – لان المثقف تعريفا هو مع العلمانية، مع الحداثة وضد القدامة – ومع العقل ضد النقل – ومع الديمقراطية ضد التوتاليتارية – ومع حرية المرأة ضد استبعادها.

 هل الغرب يفهمنا او لم يفهمنا – وهل نتحمل مسؤولية ذلك ؟

نحن لم نفهم انفسنا قبل ان ندع الغرب ان يفهمنا، فالعرب يجب ان يفهوا انفسهم فهما صادقا وصحيحا

 - - الجانب المظلم من الاستشراق ساعد على عدم فهم الغرب لنا وهو جانب محدود ومتعصب وضيق الافق وقليل المعرفة ولكن المسؤولية الكبرى في عدم فهم انفسنا وفي عدم فهم الغرب لنا تقع علينا نحن الذين اقمنا قطيعة معرفية وثقافية وسياسية مع الغرب واصبحنا نخاطب الغرب من كهوف وحجور تورا بورا ومن متريس الجهل والامية.  

ان الستار الحديدي الذي اقمناه لانفسنا هو عداؤنا للاخر وتكفير الاخر واعتباره (دار حرب) وعلينا الجهاد ضده – في حين ان الجهاد العسكري انتهى بموت النبي الاكرم – اذ لا اجتهاد بعد موت الرسول وان الجهاد الان هو الجهاد مع النفس لدعم اركان المجتمع المدني في بلداننا العربية، يسوده النظام الديمقراطي العلماني المنير.

* فاتحة الالفية الثالثة لشاكر النابلسي مع التصرف.