مازوخية السلطة وقضية التمتع بالالم
دراسة في علم نفس السلطة – العراق مثالاً
بقلم: الاستاذ الدكتور وليد سعيد البياتي
dr-albayati50@hotmail.co.uk
مقدمة في المصطلح:
المازوخية (Masochism): وهي من حالات (Fetishism) أو الفيتيشية، (1) وتترجم ايضا باسم الماسوشية أو المازوكية، وهي مصطلح
استعمل في علم النفس للدلالة على التمتع أو الحصول على المتعة (خاصة المتعة الجنسية) من خلال تلقي الألم. وهي على النقيض من النزعة السادية التي تعبر عن الحصول على المتعة من خلال
إيقاع الالم بالاخرين. وهؤلاء المصابين بهذه العلة يتمتعون بان يكونوا أذلاء خانعين وخاضعين لمن يوقع الالم بهم لانهم يجدون في الحصول على الالم اشد المتعة، بل لا تتحقق المتعة عندهم
إلا بالتألم وبان يصبحوا مهانين أذلاء لأسيادهم الاشد هيمنة وسطوة. وفي حالات كثيرة لا يتمتع المازوخي إلا بأعظم الالم الذي قد يؤدي به إلى الموت في الكثير من الاحيان.
وفي دراسات ميدانية اجراها خبراء نفسيين وجدوا حالات تعبر عن تعذيب الجسد باشد الوسائل، وبتحقير النفس وإهانتها، فكلما ازدادت الحالة إيلاماً كلما اقترب المازوخي من مستويات عالية من
المتعة.
من المهم القول بان هذه الدراسة إنما هي عرض موجز لدراستنا في التاريخ الاجتماعي والتي نهجنا فيها منهج أستاذنا الدكتور علي
الوردي في تفسير العلاقات بين الحاكم والمحكوم مع التركيز على الجوانب النفسية في تحليل الوقائع والاحداث. ولابد من الاعتراف اننا سعينا لتطوير الطروحات التي عرضها الوردي بما يتناسب
وتاريخنا المعصر والحقبة الزمنية التي تبتعد قليلا عن حقبته التاريخية. وهذا يفرض علينا البحث في معطيات واقعية منتخبة من التاريخ المعاصر، مما يجعل البحث اقرب للواقع الانساني
المعاش.
الإحساس المازوخي للأمة وسادية السلطة:
كموقف تاريخي نجد أنه ليس من السهل على أمة تتعرض للإضطهاد والقمعي اليومي عبر حركة التاريخ من أن تصاب بمرور الزمن بهذه النزعة المَرَضية فتستلذ الخنوع والذل لعهود طويلة قبل أن يخرج
من بين أبنائها من يرفع صوته وسيفه ثائراً فتلتأم الجموع حوله على إستحياء لتثور معه مطالبة بالخلاص من الذل، وتحقيق حريتها، وقد تتحول هذه الامة في فعلها من المستويات المازوخية إلى
المستويات السادية، فتستلذ بإيقاع الآلام باعدائها ومن ناوئها، ولكنها قد تعود إلى رشدها في الغالب، ولو ان حركة التاريخ تقدم لنا نماذج من الامم بقيت تتعامل مع الاخر من خلال الموقف
السادي الدموي، تحدوها أفكاراً شاذة ومعايير سلبية وقيم منحطة. غير ان الخنوع أشد تأثيرا في الإستمرار.
وتسجل لنا حركة التاريخ المعاصر صوراً من هذه الشعوب والامم التي تعودت الذل والخنوع، وصارت تستلذ الالم وتعتبره مدرسة
تاريخية يجب المسير وراء مبدائها، والدفاع عن قيمها السلبية المنحطة، بل ومحاولة إقناع الأفراد بان ما يجري هو ملازمة تاريخية لايمكن الفكاك منها، بل انها تعبر عن صيرورة الامة، وهذا
الموقف شديد الحماقة لانه سيجعل الامة تعيش في مستويات منحطة من الذل والخنوع. فاليهود تمكنوا من كسب رأي الموقف العالمي من خلال الاستمرار بتذكير الشعوب والقيادات السياسية
بمظلوميتهم المزعومة، وقد حققوا مآربهم بدون الكثير من الخسائر.
وهنا لابد من دراسة هذه النزعة بشكل معمق، ففي العراق مثلاً، خضع الشعب لسلطة البعث القادمة بالقطار الامريكي، لأكثر من
ربعين عاماً من (1963-2003م)، ولما وجدت الشعب خانعاً ذليلاً لم يخرج للمقاومة وقبل الخضوع للسلطات الغاشمة، مارست السلطة عدوانها وقهرها، فتحولت بمرور الزمن إلى سلطة سادية تستمتع
بإذلال الشعب الذي صار مثالاً حقيقياً للمازوخية الجماعية.
وعندما جاء صدام للسلطة سنة 1979م وجد شعباً خانعا ذليلاً لا يرفع يده للدفاع عن أبسط مقومات
حياته وقبل أن يكون وقوداً لحرب كونية مدمرة ليس له فيها لاناقة ولا جمل كل ما في الأمر انه وجد نفسه محكوماً بسلطة قوية فأستمرأ الذل والخنوع وكان الآباء يقتلون أبنائهم من أجل أن
ترضى السلطة الدموية عليهم. (2)
فالفرد الذي كان يحتمي بعائلته وعشيرته صار يخاف منها لأنها يمكن ان تسلمه للسلطة لتضمن بقائها وإستمرارها في الحياة الذليلة
والخانعة. لقد استعملت السلطة كل الاساليب السادية الدموية من أجل الإستمرار بإخضاع الشعب الخاضع اصلاً والذليل بسبب طوال حكم التسلط، وبذلك تمكن البعث عبر أقل من نصف قرن من نزع
القيمة الانسانية الاصيلة من النفوس، وتدمير النزعة الاجتماعية الممثلة بالاسرة والعلاقات الانسانية الرفيعة بين الأب والأبن كمعيار اولي للمجتمع.(3)
وقد وجدت السلطات من يبرر لها افعالها من كتاب وفنانين هزيلين وشعراء تافهين، ولعل أكثر ما تسبب في خضوع الامة هي تلك الممارسات والفتاوى لعدد من رجال الدين (4). الذين اقتسموا الموقف
مع السلطة، وصاروا بفتاواهم يخذلون الامة عن ممارسها حقها في الثورة ضد الحكم المتسلط.
غير ان ذلك لم يبقى محصوراً في سلطات البعث بل حاولت السلطات الحالية إستنساخ التجربة البعثية من أجل البقاء في الحكم وإستمرار ذات الأفراد في الظهور على المسرح السياسي مرة وثانية
وثالثة إذا أمكن.
عندما تصبح السلطة نفسها مازوخية الإتجاه:
بما أننا قررنا منذ البداية أن يكون العراق نموذجا لهذه الدراسة، فلنلقي ضوءأ على السلوك النفسي للسلطات العراقية المعاصرة والتي تتسم بنزعة مازوخية قوية ولتشكل ظاهرة لا تتكرر، وتصلح
ان تكون معياراً لدراسة في نفسية السلطة.
منذ سقوط الصنم وبداية الإحتلال الأمريكي للعراق ومجيء اصحاب السلطة على ظهور الدبابات الامريكية، وخاصة بعد تسلم المالكي للسلطة في انتخابات هزيلة يغلب عليها التزييف، والعراق يشهد
عمليات تفجيرات وقتل يومي في معظم المناطق والمحافظات العراقية بل ان الأمر صار سمة يومية، ولم تعد المشكلة في الانفجارات اليومية، بل صارت منافسة أعلامية في توثيق عدد القتلى هذا
اليوم ومقارنته باليوم السابق عسى ان في تجد ذلك فرصة لتبرير عجز الحكومة والسلطة السياسية عن ردع الارهاب أو توفير الخدمات والامن للمجتمع.
والحكومة عاجزة بفشلها السياسي والخدمي عن ردع الارهاب، وهي تكشف عن شلل تام في مفرداتها، وتقف مترددة عن إتخاذ قرارات
حقيقية في الردع لانها لا تملك المنهجية الاصيلة، ولا الخبرة الميدانية، وتفتقر بشكل كبير للدراسات الاستراتيجية الرصينة، لان الساسة في العراق يحاربون نشوء مراكز علمية متقدمة
للدراسات الاستراتيجية على غرار ما هو معمول به في كل الدول التي تسعى لبناء مستقبل حضاري متقدم (5)، بل أن العمليات الإرهابية صارت تكشف عن خبرة ميدانية وإستخباراتية عالية لدى
الإرهابيين على حساب الخبرات الهزيلة لأصحاب السلطة، فلم تنفع مليارات العراق في ردع الإرهاب ولم تنفع الميزانيات الهائلة من نفط العراق، والتي وصلت لأكثر من مائة وثلاثين مليار دولا
أمريكي (130 مليار دولار)، في وضع خطط إستراتيجية لقمع الإرهاب وتجفيف منابعه، ولوقف تصدير الارهابيين من خارج العراق. وفشلت السياسة الخارجية في تحقيق توازن طبيعي في العلاقات
الدولية، وصار كل المنهج السياسي الدولي ينصب على المجاملات والزيارات التي يتم من خلالها عقد صفقات لصالح بقاء هذا الحزب او تلك الشخصية، في حين ان هذه المليارات لا تذهب للخدمات
بالمقابل بل تختفي في صفقات سياسية للبقاء في السلطة ويتم تقاسم المال العام بين القيادات والوزراء والنواب ورجال الدين المزعومين وأتباعهم.
ومن جانب آخر نلاحظ كيف ان الخطاب السياسي العراقي هزيل وبعيد عن تحقيق طموحات الأمة، ولا يعبر عن حقيقة ما يجري، وفي
المقابل نجد أيضاً ضحالة الخطاب الديني الذي لم يتمكن من الحفاظ على الأصالة الدينية وبقي الصراع الطائفي اهم مميزات هذا العصر.
ولا نكاد نجد ملاحظات من المرجعية لتبيان موقفها وإن كنا نحمد لها انها أوقفت التعامل من سلطة المالكي ولو ظاهرياً لأن الشكل
الذي يتصرف به المالكي يدل على قبول من اطراف مرجعية بسلوكه الشاذ والمنحرف عن السياسة الرصينة.
وهنا سنطرح تساؤلاً عن أسباب خضوع السلطة لحركة الأرهاب وعدم قدرتها على مواجهته، فهل هي حقاً لا تستطيع مواجهة الأرهاب أم أنها صارت تستمتع بالذل الذي يفرضه الإرهاب عليها؟ أي انها
أصيبت بحالة من أنواع المازوخية التي تستلذ الذل والخنوع للحصول على النشوة؟
قلنا إن الاذلال المستمر يؤدي إلى تشكيل حالة ذهنية ونفسية متردية، يصير فيها الفرد (الحاكم)
والمجتمع خاضعاً خضوعاً نفسياً، له بل يصبح في حالة من التماهي الوجداني والنفسي معه، فتتشكل عنده قناعات تجعله متقبلاً له، بل أن إستمراره (الحاكم) بالحياة يتعلق بإستمرار الإرهاب
نفسه، مما يعني باستمرار الإذلال من خلال تلقي العمليات الارهابية والسكوت عنها، والسلطة عندما تفشل في مقارعة الإرهاب تحدث عندها منعكسات نفسية تقنعها بضرورة بقاء الأرهاب لاستمرار
السلطة في الحكم. وهي حالة نفسية تماثل حالات تعلق السجين بسجانه، بل وقد تنشأ بينهما ما يشبه العلاقة العاطفية، التي يشوبها نوع من التكافل البيني في إعتماد أحدهما على الآخر في
بقاءه.
سلطة العراق وأشكال التحول المازوخي:
لما كان العراق يفتقر لمعايير الدولة، فقد ظهرت نزعة السلطة في بداية الامر بشكل يوحي بالقوة، لكنها قوة وهمية سرعان ما تكشفت سلبياتها لكل عناصر الفساد التي صارت جزءً
أصيلاً من قيم ومبادي السلطة، وما ان فقدت السلطة عناصر قوتها وهيبتها، حتى هيمنت عليها مخاوف الفناء والنهاية، فلجأت إلى الأساليب الكلاسيكية في خداع الامة ومحاولة الظهور بالمظهر
القوي، فحاولت تبرير فشلها بمختلف الدعايات الكاذبة في سعيها لتخدير المجتمع وأبعاده عن التفكير السليم، ولكن لمل تجلت هزيمتها لبست وشاح الخضوع والذل.
من جانب آخر فإن استمرار العمليات الارهابية جعل السلطة الحاكمة تستغل النتائج السلبية لتظهر نفسها بمظهر الكيان المغلوب على
أمرة وصارت تستجدي تعاطف الشعب وثقته باساليب ملتوية وأكاذيب سياسية مفضوحة، غير ان الوعود الكثيرة بتحسين الخدمات لم تعد تجدي، لان الشعب فقد ثقته في مصداقيتها وقدرتها على التغيير،
ومن هنا لجأت إلى الإنكفاء على ذاتها واعتزلت العلاقة بينها وبين الشعب، أي انها فسخت العقد الاجتماعي بينهما، وصار تركيزها الوحيد على كيفية البقاء، فالاستمرار صار يعني الحصول على
كل شيء، وهذا بدوره يؤسس لعناصر الصراع المستقبلية، وبالتالي يتم تحجيم شروط البقاء في حدود ضيقة جداً كنتاج للخوف المتراكم من ضياع مفاتيح الحكم.
هنا اخذت السلطة تستمريء الضغوطات التي فرضتها عليها العمليات الارهابية، ووجدت فيها الحل الأمثل للبقاء تحت حجج المظلومية
وعدم القدرة على التعبير عن موقفها، فصارت تتهم الاخرين بالتقصير، وتحاول الباسهم المسؤولية الكاملة عن ما يجري متجاهلة معرفة العديد من الاشخاص بان مفاتيح الامن كلها بيد شخص واحد هو
المالكي نفسه. وهنا لابد ان نبين الاتجاهات التي مارستها سلطات المالكي للحفاظ على نفسها في خضم التطورات الارهابية اليومية:
1- الخضوع الكلي لعمليات الارهاب ما دامت العمليات لا تطال المسؤولين أنفسهم.
2- الاتفاقات السرية من القيادات الارهابية للاستمرار بعمليات القتل والتفجير لارهاب الشعب.
3- إفتعال الازمات والصراعات لشغل السياسيين بعيداً عن مركز الحكم.
4- تحجيم الاحزاب والكتل القوية.
5- نشر الاكاذيب الإعلامية عن إمكانية تحسين الخدمات وخاصة الكهرباء والماء والمنتجات البترولية.
6- التعمد بإبعاد أهل الاختصاصات العالية والاعتماد على الجهلة والمهمشين ومدعي الثقافة.
7- حصر كل العلاقات السياسية والإجتماعية بالموقف الحزبي الضيق.
8- التعاون مع بعض المرجعيات الضعيفة لاصدار فتاوى تخدم السلطة وتسلب المواطن حقه الطبيعي في العيش الرغيد.
9- تعمد الاساءة في العلاقات الدولية لتأزيم الموقف السياسي الدولي.
من هنا يتضح حجم المأزق الذي تعاني منه السلطة الحاكمة، وهي تتشبث بكل الخيوط المهترئة من أجل البقاء على كرسي الحكم وتحسب
الف حساب لصياح الديك معلنا حضور صباح جديد قد يكون فيه نهاية المالكي وسلطته المازوخية.
بحث الامة عن صيرورتها:
من المهم أن تعي الأمة أن خنوع السلطة لا يعني بالضرورة خنوع الامة نفسها وقبولها بالذل، إذ لا يمكن أن تحقق الامة صيرورتها
إلا بالمزيد من الكفاح الاصيل، وهنا لابد من عودة الامة لتاريخها وقيمها الانسانية والرسالية، لابد لها أن تعي قيمة التعددية الاجتماعية والسياسية، فالمجتمع العراقي ليس مجتمعاً
عرقياً ينتسب جميع أبناءه لذات العرق، وهو ليس مجتمعاً قبلياً بحيث يمكن أعتباره ممثلا لقبيلة كبيرة، بل هنا تنوع واسع في الاعراق والمذاهب والاطياف والافكار، وهذا التنوع هو شكل
مثالي لمجمل العلاقات الانسانية.
فالشارع العراق الواحد كان يعبر ان التنوع الفريد لطبيعة المجتمع حيث يضم المسلم والمسيحي
والصابئي واليهودي في ذات الوقت، مع ملاحظة وجود تجمعات سكنية مستقلة لكل طائفة بشكل او آخر إلا أن التمازج الاجتماعي بقي فاعلاً ليشكل النسيج الحقيقي لهذه المادة الملونة بكل شيء.
فكيف سمح العراقي لنفسه قبل نصف قرن من الزمان او أقل ان يشتري المصوغات من الصابئة في شارع النهر، ويتعامل مع التجار
اليهود، ويقف المسيحي مع المسلم في ممارسة الشعائر، ونجد المسلم يعين جاره المسيحي أو الصابئي بدون حرج، وبدون أن يشكل ذلك عائقاً إجتماعياً في مجمل العلاقات البينية بين الأفراد؟
فالتنوع تعبير أصيل عن نزعة إنسانية نحو إثبات الذات، فلا يمكن لكل البشر ان يحملوا لوناً واحداً لبشرتهم، كما لايمكن أن
يكونوا متفقين تماما في الموقف الفكري والنفسي والعقائدي والديني، كما لايمكن فرض إتجاه فكري على الآخر، وبالتالي فالتنوع والتعددية أمر واقع لايمكن إلا أن يحدث.
لاشك أن قيمة أي أمة تكمن في إدراكها لعناصر صيرورتها، فهنا فقط تتمكن الامة من الإستمرار في التفاعل مع معطيات الحياة، ولكن
ليتحقق ذلك تحتاج الامة إلى مستويات عالية من الوعي الجمعي لتحقيق صيرورتها وبالتالي يمكن لها الوصول إلى غائية وجودها والتعبير عن كينونتها وخصائصها.
وفي الختام نجد ان عملية الصراع بين الحاكم والمحكوم ترتكز على العديد من العناصر السلبية والايجابية، ومهمة المؤرخ تكمن في الفصل بين الإيجابي والسلبي، وتبيان
إشكاليات كل منهما في تحقيق النتائج النهائية، وتبيان الامراض والافات التي تصيب وعي الامة والحاكم على السواء.
......................................
1- أنظر هينار (ت 1969م) استاذ التحليل النفسي، خلق بدون ألم.
2- راجع، نخبة من الباحثين، محمد باقر الصدر، قسم الصدر وصدام لنبيل عبد الهادي.
مؤسسة العارف للمطبوعات، ط/1، 1416هـ/1996م.
3- انظر كل ما كتبه أستاذنا علي الوردي في التاريخ الاجتماعي (لمحات إجتماعية من
تاريخ العراق).
4- أقف على النقيض من استعمال مصطلح رجال الدين، لان الدين لايختص برجال فقط دون
غيرهم وهو مباح لكل الناس، وكل انسان درس العلوم الدينية فهو متفقه في جانب منها، ولهذا يجب ان لايتم الاستمرار باستعمال هذا المصلح لانه يمثل حقيقة المعنى.
5- في لقاءات عديدة حضرتها في لندن بدعوات خاصة للقاء شخصيات سياسية عراقية،
تحدثت عن حاجة العراق لمراكز بحوث للدراسات الاستراتيجية لمساعدة السياسيين العراقيين في تقييم الموقف العام، ولوضع خطط وبرامج مستقبلية، وكنت اتحدث بحضور عدد كبير من الخبراء
والاكاديميين العراقيين في المهجر، في اكثر من ثلاث مناسبات، في مركز الابرار مع همام حمودي، وفي المركز الاسلامي مع الجعفري، وفي مركز الخوئي مع الربيعي، وتحدثت ايضا في المانيا
والنمسا وهولندا، وكلهم رفض التعاون معنا في تأسيس مركز للبحوث والدراسات الاستراتيجية، وهم يكتفون بالمعلومات الهزيلة التي يقدمها لهم مستشاروهم وكلهم لايحمل تخصصا علمياً وليس
خبيراً إستراتيجياً ولا يملك علاقات دولية يمكن ان تفيد مستقبل العراق. هذا غير ما كنا نرسله للجامعات من بحوث متقدمة وتراجم دقيقة وتحليلات علمية لم تلقى اذناً صاغية.