Back Home Next 

الوصايا العشرفي القرآن - ملزمة التنفيذ  #2

تأليف الدكتور: محمد شحرور
عرض الدكتور: عبد الجبار العبيدي - بتصرف

jabbarmansi@yahoo.com

الوصية السادسة:

(ولا تقربوامالَ اليتيمِ الا بالتي هي أحسنُ حتى يبلُغَ أشده ُ (الأنعام 152).

اليتيم لغةً هو فاقد الأب أو الأبوين معاً والقاصر بنفس الوقت. وفي حالة فقدان الآب والقصور، فأن اليتيم بحاجة الى وصي للرعاية من الناحية المالية والتربوية لذا جاءت الآيات القرآنية بهذا التوجه
الكريم:

(وءاتوا اليتامى أموالَهَم ولا تتَبدلوا الخبيثَ بالطيبِ ولا تأكلوا أموالهم الى أموالكُم أنه كانَ حُوباً كبيرًا، النساء2).

ويقول تعالى:

(وابتلوا اليتامى حتى اذا بلغوا النكاحَ فان أنسَتمُ منهم رشداً فأدفعوا اليهِم أموَالهُم ولا تأكلوها أسرافاً وبِداراً أن يكبروا ومن كان غنيا ًفليِستعفف ومن كان فقيراً فليأكُل بالمعروفِ فأذا دفعتم اليِهم أموالهمُ فأشهدوا عليهم وكفى بالله حسيباً، النساء6).

ان هذه الوصية الربانية هي موجهة الى غير الأباء، لأنه في حالة فقدان الأم فالأب هو الوصي حكماًً ولا تنطبق عليه هذه الوصية.
أما من ناحية المسئولية المالية والتربوية معاً،  فقد حددتها الآية الكريمة،  يقول الحق:

(وأن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فأنكحوا ماطاب لكم من النساء مثنىٍ وثلاث ورباع فان خفتم الا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ان لا تعولوا، النساء 3 ).

هنا ربطت الآية تعدد الزوجات برعاية الأيتام وليس للبديل من النساء لغرض المتعة الجنسية، وفي الآية جاءت كلمة القسط والعدل معاً، وكلمة القسط هنا لها معنيان: العدل أو الجور، كذلك كلمة العدل لها معنيان: الاول القسط حين تعني العدل لقوله ان الله يحبُ المقسطين، المائدة 42). والمعنى الثاني الظلم والجور كقوله تعالى: (وأما القاسطونَ فكانوا لجهنمَ حطبا، الجن 42). وللعدل معنيان الاول عدل في العدل وعدل في الظلم، والفرق بين القسط والعدل هو ان القسط يأتي من طرف واحد بينما العدل يأتي من طرفين.

ان الآية الكريمة تتحدث عن آمهات اليتامى اللواتي لا معيل لهن لمساعدتهن في تربية الاولاد كما في الآية (6) من نفس السورة،
فالرجل اذا كان قادراًعلى تحمل المسئولية فلا ظير بالثانية او الثالثة او الرابعة، شرط حدي ملزم من أمهات اليتامى وليس من الابكار وللمتعة الشخصية، لكنه اذا عجز عن تحمل المسئولية فعليه بواحدة فقط، حتى لايقع في الضيق كقوله: (ذلك أدنى ان لا تعولوا) اي حين لا تستطيعوا حماية العيال خوفاً من العجز المالي، من هنا ينطبق قول الرسول (ص): (انا وكافل اليتم كهاتين في الجنة). شرط ان الزواج المتعدد ان يمارس الزوج عدالة الحياة الزوجية بكل شرعيتها مع الجميع دون اختلاف، ولا يميل نحو واحدة ويترك الاخرى معلقة كقوله تعالى: ( فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة، النساء129). والآية تبين أقصى الألتزام بحالات العدل الانساني رغم شعورها المطلق بعدم عدالة الانسان وهذ هو عين الصواب والحقيقة.

ومع تقديسنا للآية الكريمة،  لكن عامل الزمن يلعب دورا في عملية التغيير،  فلم يعد بعض الأزواج يتمكنون من أعالة الايتام، لا ماديا ولا مزاجيا، وغالبية المتزوجين من أمهات الاولاد فشل زواجهم لعدم استطاعتهم تطبيق الشروط الموضوعية للآية الكريمة الا ما ندر، والحل يجب ان يكون تأويل الاية لصالح القانون في حالة فشل التطبيق، فالدولة هي المسئولة عن مواطنيها من ان لا يقعوا في الضيق، أنطلاقا ً من ثبات النص وحركة المحتوى. وان الدولة هي التي تتكفل بالأيتام لا الزوج الاخر، وهذا ما هو متبع في امريكا وأوربا الآن.
هذه مسألة انسانية يجب ان تعالج معالجة قانونية اليوم لحماية المجتمع من الخلل، وأدخال هذا النص القانوني ضمن تشريعات الاحوال الشخصية لحماية الاسرة من التشتت. ناهيك عن ان قوانين الرعاية والحماية الاجتماعية عاجزة عن تطبيق الشروط الموضوعية لعدم وجود أداة المراقبة في التنفيذ فغالبيتها مزاجية، وخاصة بين الطبقات الاجتماعية غير المتعلمة حيث لا رقابة قانونية عليها، لذا خلقت مشاكل لا حصر لها،  بعدان اصبحت قوانين النفقات عائمة وغامضة في قوانين التشريع الاسلامي وغير محددة لا توحي بأيات العدل الآلهي وأجراءاتها صعبة في المحاكم الشرعية،  فهل ان آيات التكريم للأنسان من الله جاءت للرجال دون النساء؟ مسالة انسانية ملحة بحاجة الى أعادة نظربعد ان غفلتها القوانين الوضعية في الدول التي تتبع تعابيم الفقه الاسلامي المختلف.

من هنا فالأسلام السياسي متهم بالتقصير الأجتماعي والرعاية الأنسانية. بينما حققت المسيحية واليهودية ألف ميزة من الميزات الأنسانية للمرأة المطلقة والأيتام، أما نحن لازلنا ننظر الى المرأة كبشر وليس كأنسان والفرق بين الأثنين كبير، (أنظر دائرة المعارف البريطانية تحت كلمة طلاق). ليس من حق هؤلاء من مشرعي القوانين الاسلامية الباهتة ومن مؤيديهم من الحكام ومشايخ الفقه ان يتصرفوا بالمرأة وحقوقها كيفما يشاؤوا، وهم الذين أماتوا القانون الاسلامي الصحيح من اجل مصالحهم وشهواتهم الشخصية غير المبررة ابداً. فقوانين تغيير المجتمعات تعمل بالشمولية وليس بالأحادية النفعية.
لكن مع الأسف ان ما سموه بالربيع العربي جاء وبالا علينا حين حل التخلف بدلا من التقدم، والشيخ الجاهل بدلا من القانون.  فآماتوا ما للمرأة من جزيئات الحقوق.

الوصية السابعة:

(وأوفوا الكيلَ والميزانَ بالقسطِ لا نكلفُ نفساً الا وُسعَهَا، الانعام 152).

هذه الوصية تتعلق بالعلاقات الانتاجية والعلاقات التجارية التعاقدية، لذا فان الاستيراد والتصدير والانتاج يجب ان يخضع لمعايير الجودة ومواصفات الوزن والمساحة. ولأن هذا المنتج سيكون من نصيب الانسان فقد أدخلها الله في الوصايا الملزمة حتى لا تستخدم طرق الغش في المنتجات المعدة للاستيراد والتصدير،  لذا روعي اليوم قيام أجهزة مركزية في الدولة متخصصة في التقييس والنوعية حتى لا تفلت البضائع الفاسدة من رقابة الدولة وتصل للمواطن بغير صفاتها الجيدة الصالحة للاستعمال كما سادت بعد التغيير وأصبحت حتى الأدوية تباع في دكاكين الوراقين.. وتنشط هذه الحالات الشاذة في الدول المصابة بالارتباك الامني والسياسي كما في العراق والصومال واليمن وسوريا اليوم حين تحولت التجارة الى مغانم شخصية على حساب المواطن العادي فبخست الناس اشياءَهُم، والقرآن يحذر من هذا التوجه الخاطىء والحاكم مسئول عنه امام الله، 

يقول الحق:

(يا قوم أوفوا المكيالَ والميزانَ بالقسط ولا تبخَسُوا الناسَ أشياءَهمُ، هود85).

وقد حذر القرآن الناس من اختراق العدل بآيات حدية لاتقبل المناقشة والحوارلأن الله مطلق في العدل يقول الحق:

( وان يأمركم أن تُؤدوا الأماناتِ الى أهلِها وأذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل، النساء 58)

ولم يقل يا ايها الذين آمنوا لان العدل ظاهرة أنسانية يجب الالتزام بها بين كل الناس دون الاخلال بشروطها، فكيف أذا المؤمن أصبح باطلا؟ كلام موجه الى من يحكمون في امة العرب والاسلام والذين سيبوا حالة التقييس والنوعية ودعوها للجشعين من تجار الباطل. حتى أصبح الظلم للمواطنين جزْاً من قوانينِهم الشخصية. فلا دستور يطبق عليهم ليلزمهم بالعدالة، ولاقانون يمنعهم من الاستغلال والظلم، بعد أن أصبحت القوانين والدساتير تكتب بأيديهم. لابل أصبحوا يتباهون في أختراق الدستور دون خجل من الناس ورب العالمين .

الوصية الثامنة
:

واذا قلتُم فأعدلوا ولو كان ذا قربى، الانعام152).

هذه الوصية هي وصية عامة، تعتبر شهادة الزور حالة خاصة لها، فالأنسان يجب ان لا يتكلم الا الصدق، ولذا فالموضوعية هي الاساس في أحكامه حتى لا تتحكم فيه الأهواء والعواطف، لقوله تعالى: (وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا ولا مبدل لكلمات وهو السميعُ العليم، الانعام 115). فكلام الله يحمل صفتين الصدق والعدل. وهكذا فأن الصفة الاساسية للانسان هي الصدق والعدل. لأن قولهُ مبني على البينات، لا على الأهواء وهي صفة التقوى في الاسلام. لذا فأن الصدق هو الهدف والكذب يقع ضمن العقوبة الجزائية لا ألادارية اوالمالية، واذا ما أتهم موظف في الدولة بالتزوير عليه ان يبادر فورا لأعلان براءته بالبينات او يتخلى عن المركز الحكومي وهذا الشرط وجد في قانون الحسبة الاسلامية منذ 1300 سنة، لا ان تتستر عليه الدولة والحاكم لقرابة او لطائفة او لحزب على حساب العدل في القانون.
صحيح ان العدل والصدق المطلق هو صفة ألهية لكن على المسلم ان يلتزم بهما قدر الامكان لتمثيل الاسلام خير تمثيل كما في قٌولهُ الحق، وتمت كلمات ربك صدقاً وعدلاً.

فالصدق والعدل قانون تقريري الزامي في الشريعة الاسلامية،  لكن كم منا من يلتزم به، علما ان أختراق الايات الحدودية تجعل المسلم في شك من أمره المعتقدي في الجماعة الاسلامية. واليوم غالبية حكام العرب والمسلمين يغتالون شعوبهم عن طريق الرشوة والسرقة والتزوير لبناء مجدهم الشخصي المقيت، وهاتراهم بأمي عينك كيف يتصرفون اليوم. فأين هم من الاسلام؟ لكن الحق لهم بالمرصاد ورأيتم بأنفسكم مصيرهم المخزي المحتوم،  فحذاري من اختراق القانون .

الوصية التاسعة

وبعهدَ اللهِ أوفوا، الانعام 152).

وهي وصية مختصرة للألاف المؤلفة من البنود لو فصلت كل على حدا. لأن كل منها لها مواصفاتها ولكل علاقة أجتماعية لها شروطها. فا لوصية لا تسمح لاحد ان يمارس المهنة الا اذا كام مؤهلاً لها وبكفائتها لا مزوراً لمؤهله العلمي او الفني أولاً كما هو اليوم حتى اصبح التزوير يشمل الوزير والنائب والمسئول. ثم عليه ان يقسم اليمين الدستورية الاخلاقي لمهنته، فأذا لم يقسم اليمين فأنه يمنع أصلا ًمن ممارسة المهنة حيث لا يوجد في الشريعة الاسلامية مهنة مهما كان نوعها بدون قسم لها، (أنظر مقتضيات التشريع في دائرة المعارف الأسلامية) .
وتضع الدولة لهذا القسم عقوبة واحدة علماً بأنه يدخل تحت هذا القسم الألاف المؤلفة من البنود.
هذه العقوبة هي حنث اليمين وهي جزائية لا ادارية او مالية ولا يجوز التهاون فيها ابداً.

وتعليقاً منا نقول:
ان النص القرآني العظيم يجب ان ينظر اليه بجدية كبيرة في أمة العرب والمسلمين بعد أن أستشرى الفساد والتزوير بين المواطن والحاكم وأستُمرأ الحرام واصبح وسيلة من وسائل الوصول للمنصب الحكومي في السلطة والكسب الشخصي المحرم.
ان عدم التقيد باليمين يدل على شدة التدهور الاخلاقي عند المواطنين والحاكمين، فهو عهد بين الذي اقسمه وبين الله، لا بين انسان وأنسان، وكذلك البيعة في الانتخاب عهد، فهذا يعني ان على المُنتخب ان يكون وفياً لمنتخبيه،  لا ان يتركهم ويستقر في بلاد الأخرين متمتعا بنعمتهم، فذاك يصبح من الظالمين، فكيف اذن ..... ؟

ان القول يجب ان يكون مبنياً على البينات المادية الموضوعية دون ألاهواء والعواطف.
والشهادة يجب ان تكون شهادة فؤادية محددة بالحواس وعلى رأسها السمع والبصر. أما اذا كانت أستنتاجاً عقلياً فتسمى خبرة وليست شهادة.

هذه الاوامر الحدية الالهية هل فهمها المسلمون وطبقوها قبل ان يحفظوا الصلاة ويؤدوها خمس مرات في اليوم، ويذهبوا لاداء مناسك الحج من أموال المواطنين. أٌقرأ كتب الفقهاء بنفسك ولا تعتمد على ما تتناقله الالسن وتسمعه الآذان ستجد العكس تماماً في تخريجاتهم الاجتهادية الفاضية.
ان الله يطالب الناس بالعدل والامانة، اما الواجبات فهو غني عنها ولو كره الكافرون.

الوصية العاشرة:

(وان هذا صِرَاطي مُستقيماً فأ تبعوهُ ولا تتبعوا السٌبلَ فتفرقَ بِكم عن سبيلِه ذلكم وصَاكم به لعلكم تتقون، الانعام 153).

لاول مرة تدخل نظرية الحنيفية (التطور) والاستقامة عن طريق القرآن الى المجتمعات الانسانية ليعمل بها الناس بألزامية التنفيذ، والصراط المستقيم هي كل الوصايا القرآنية لانها لا تتغير أبداً، فالأخلاق مبادىء أنسانية عامة وهي من ثوابت الدين الاسلامي ولا تحمل طابع التغير مع الزمن والتطور والمرونة مثل العبادات وهي التقوى الاجتماعية،  وهي ألزامية ومن تركها وأهملها فقد ضل ومن التزم بها فهو من المهتدين. وتحت جناحها تخبو الحكمة والتوجيه الرباني العظيم لبني البشر.

ان الوصايا في غالبيتها جاءت بصيغة الامرحدية التنفيذ، وجاءت معطوفة بعضها على بعض،  لأنها تعني الالتزام حتى في حالات التغاير والتمايز، والالتزام جاء جمعاً وليس مفردًا حين ذكرَهُم بكل شيء بقوله تعالى: لقد أنزلنا
أليكم كتابا فيه ذكركم أفلا تعقلون،  الانبياء 10).
في هذه الوصايا يبنَ الله جلت قدرته العظيمة لنا الفرق بين الأعراف لمنع الخلط بينهما .فالاعراف هي مجموعة العادات والتقاليد الاجتماعية الناشئة عن بنية أقتصادية وبيئة جغرافية، وهي قابلة للتغير والتطور حسب الزمان وتطور وسائل الانتاج، وحسب المكان في الموقع الجغرافي،  بينما الوصايا ثابتة لا تتغير .

أما الاخلاق فهي قوانين روحية أجتماعية ثابتة تربط ابناء بني الانسان بعضهم الى بعض، لكونهم مجموعة أنسانية لا حيوانية، بغض النظر عن البنية الاقتصادية للمجتمع الانساني، لذا فهي تحمل صفة العالمية الشمولية. فالألتزام يجب ان يكون أنسانيا قبل ان يكون ألتزاماً قانونياً. لذا لا يمكن ان نقول عن شيء انه صحيح اذا كان يخالف الوصايا. فهل وضعت هذه
القوانين والأعراف في مناهجنا الدراسية التي كتبها رواد العثمانية والمتزمتين من رواد العهد القديم .

واخيرأ أقول بتصرف:
ان الاسلام فريد في تصوره للحياة، لأنه يحوي صفتين اساسيتين هما:

  1. الاستقامة (الحدود في التصرف)، 

  2. والحنيفية (جانب التطور)،

وعلى خمسة مركبات هي:

  1. الحق (أي دين الوجود الموضوعي خارج الذات الأنسانية)،  

  2. والأخلاق (دين السلوك الأنساني للفرد)،  

  3. والتشريع (وهي الحدود الملزمة في التنفيذ)،  

  4. والعبادات (هي حدود الواجبات الملزمة)،  

  5. والأعراف (هي حدود الناس في التصرف بموجب نظرية الحق).

فلا يحق لفرد او حاكم الخروج عليها والتصرف الكيفي بها مطلقاً. والخروج عليها يعني خروجا على الأرادة الآلهية في التنفيذ.
لكن السؤال منَ من حكام المسلمين ألتزم بهذه الوصايا وطبقها على المواطنين؟

لذاجاء الأسلام عظيم في توجهاته للناس، حكيم في أوامره الحدية في التنفيذ، ولا طريق أخر للبشرية الا بأتباع أوامره ونواهيه، لقول الحق: (أليوم أكملت لكم دينكم)، وسيبقى عالم الاسلام يتأرجح ما بين الحياة والموت بعد ان حول النص المقدس الى فقه لا يعرف منه الا العبادات المتزمتة، وتطويل اللحى والمسواك والدشداشة القصيرة وأداء مناسك الحج بأموال المواطنين المسروقة منهم، وهي كلها عادات دخيلة ليس في الاسلام لها من اصل. وأحادية الرأي في حكم السلطة، وتبريرات وعاظ السلاطين، والفقه المذهبي المختلف المبني على الاجتهادات الشخصية التي انتهى زمانها بعد ان تغيرت الظروف الزمنية على الناس هذه النصوص المقدسة جاءت كلها لتنسجم مع الفطرة الانسانية، ومع قوانين الطبيعة. لذا من يدعي الاسلام عليه الألتزام بها، ولكن اين لنا من هذا الألتزام ؟

وتبقى التقوى شرطا لهذا الفرقان، والمقصود بالتقوى، هي تحقيق شروط الفرقان الخاص والعام.
لذا اعطى الله صفة أئمة المتقين للايمان بالعدل والعلم والعقل والتفكير العلمي البعيد عن الخرافة لا بالأشخاص كما يدعي البعض، يقول الحق: (واذ أبتلى ابراهيم ربهُ بكلماتٍ فأتمهن قال أني جاعلك للناس أماماً قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين البقرة 124 ).

هذا هو الاسلام الذي قدمه لنا القرآن الكريم،  لا الفقه الذي قدمه لنا الفقهاء ضمن التفسير الترادفي الخاطىء بعد ان حولوه الى عادة وتقليد، 
لذا لازلنا نهرول خلف الشعوب دون نتيجة تذكر وسنبقى ما دمنا للوصايا منكرين.

علما بأن الأسلام جاء بآيات حدية لا تقبل التأويل من الفرد والحاكم.
فنحن لسنا بحاجة للراديكاليين والعلمانيين والسلفيين والنقشبنديين،  بل بحاجة لقوانين الأسلام الحقيقية في التطبيق وليس لقوانين العادات ومشايخ التقليد.

فالاخلاق هي الاساس، والقسم ذمة ومسئولية امام الله والناس (وبعهد الله آوفوا)، والحقوق والواجبات قوانين ربانية ثابتة، والثوابت الوطنية والحق والعدل بين الناس كلها أمور ربانية ملزمة التنفيذ، انظر سورة التوبه آية 43،  120 كلها
أجتمعت تحت عنوان الوصايا العشر، ولوجاء القرآن بها فقط لكفاه فخرا بأنه دستور العالمين الذي لا يُخرق.


وتعليقا منا نقول:
ما دامت الآية القرآنية جاءت من اجل غرض انساني وليس للأغراض الشخصية، فالحكومات مدعوة لاصدار تشريعات قانونية مُلزمة يمنع الزواج بأكثر من واحدة من الابكار، وفي حالة الطلاق تأخذ المرأة المطلقة نصف ما يملك الرجل بالأضافة الى اعانات الأولاد،  كي لا تكون المرأة والأولاد في محنة العازة والتطفل على الأهل والأقارب كما هو حاصل اليوم في المجتمعات العربية التي لا تعرف اصوليات القوانين. ولكن اين لنا من مشايخ التقليد الذين ينكرون انسانية المرأة في تطبيق القوانين.

  1. فالوصية الاولى دعت الى:  محاربة الشرك بالثبات، والتوحيد بالتطور.

  2. والوصية الثانية دعت الى: تطبيق نظرية صراع الاجيال لتحقيق صالح التطور والتقدم للاجيال المتعاقبة.

  3. والوصية الثالثة والخامسة عالجت قتل النفس الانسانية على الكيف، لذا طلبت ان قتل النفس الانسانية يجب ان تكون على القاتل تصديقا لا تصورا، اي وفق البينات المادية الموضوعية، لكي لا تقع المنظومة الاخلاقية في مخالفة النص في تحريم قتل النفس الانسانية بلا سبب كما يفعله التطرف اليوم.

  4. اما الوصية الرابعة: فهي التي حددت بين الفاحشة والأثم وهذا التحديد ضروري لبيان الفرق في تحديد العقوبة حتى لا يقع الظلم في التطبيق .

  5. والوصية السادسة عالجت حدودد الله في الايتام ومفهوم اليتيم اللغوي والأصطلاحي وحقوقهم في المجتمعات الأنسانية بأدق التفاصيل.

  6. والوصية السابعة حددت نظرة الانسان العربي المسلم الى قيمة الأشياء والى العدالة نظرة عالمية بحتة.

  7. والوصية الثامنة حددت مفهوم الصدق والعدل بأعتبارهما الصفة الاساسية للانسان في التعامل مع المجتمع .

  8. والوصية التاسعة تعتبر اختصارا قانونيا للألاف المؤلفة من البنود فيما لو فصلت كل على حدة.

  9. والوصية العاشرة هي الاستقامة في التطبيق والتأكيد على اتباع الوصايا السابقة والزامية التنفيذ،  وهي وصية شاملة لتحديد معنى كل الوصايا وتنفيذها.

    فهل في الحقوق والواجبات الفردية الدستورية والقانونية المدنية احسن من هذه الأوامر في الألتزام بالقوانين . الا تصلح هذه الوصايا دستورا للمسلمين؟
    وأخيرا، 
    دعوة موجهة لوزارات التربية والتعليم العالي والجامعات في الوطن العربي ان تُدخل في مناهجها الدراسية هذه الوصايا المقدسة كمتطلب جامعي وتكف عن مشاريعها التقليدية في تدريس مناهج الحضارة العربية التقليدية ليتخرج الطالب منها مسلحا بسلاح الوفاء لله والوطن والانسانية بعد ان ضاعت القيم، ووهنت الاخلاق، واستمرأ الباطل خيانة الأوطان، هكذا منهج التاريخ يطبق في الدول
    المتقدمة كأمريكا واليابان. فهل لنا ان نكون مثلهم في التطبيق ؟