Back Home Next 

نصوص قرآنية محددة - حرَفَها التفسير...؟
تأليف الدكتور: محمد شحرور
عرض الدكتور: عبد الجبار العبيدي - بتصرف

jabbarmansi@yahoo.com

غَلِبت النصوص القرآنية المفسرة تفسيرا لغوياً وفق نظرية الترادف اللغوي الخاطئة على النصوص التي لم تؤول وفق نظرية التأويل القرآني الصحيحة من قبل علماء التخصص لا فقهاء التشريع بعد، وهي بأمس الحاجة لتأويلها خارج نظرية الترادف اللغوي أنظر الآية (7) من سورة آل عمران، لحاجة الناس اليها لمعرفة الحقيقة الشرعية في التصرف بها دون الاعتماد على التفسير الفقهي الناقص لها. وحتى نتخلص من الاحكام المسبقة في الاشكاليات المختلف عليها، وحتى لا يضيع القصد القرآني الأساسي فيها، سنحاول ان نلقي الضوء عليها، بعد ان منحنا حرية التعبير.

ومن هذه النصوص:

نصوص الردة والرجم، نصوص الحرية، نصوص آيات الشورى، نصوص آحاديث الغيب، نصوص الحاكمية الدينية، نصوص حقوق المرأة، نصوص القوامة، نصوص المتعة، نصوص الوصية والارث،ونصوص الميثاق والصداق. وهي نصوص ادى تفسيرها الناقص الى حصول اشكاليات مجتمعية كبيرة، أثرت في المجتمع العربي والاسلامي تأثيرا بالغا تباعدا وتناحرأ، وولدت ما سمي بالفرق الاسلامية الأجتهادية تجاوزا على النص الديني وهي:

اولا - نصوص الردة والرجم
أعتاد الناس على ان حكم المرتد عن الدين الاسلامي هو القتل، وفي حالة الزنا هو الرجم حتى الموت. ولكن حين الرجوع الى الآيات الكريمة وأراء أصحاب المذاهب الاسلامية الأجتهادية الخمسة التي فرضت نفسها على المجتمعات الاسلامية دون أذن شرعي لها منهم، والتي انتهى مفعولها بوجب نظرية التطور الزمني وثبوتية النص وحركة المحتوى وظهور التكنولوجيا الحديثة التي قلبت مفاهيم الحياة الحالية الى معرفة جديدة. لذا فأن الأخذ بأرائها لا يستند على شرعية دينية او قانونية بموجب نظريات التفسير الترادفي للقرآن الكريم، حين أبدت وجهة نظرها بما ليس لها فيه من أمر، ولا علم ولاحق في المصير. لذا جاءت أجتهاداتها ناقصة ومتماشية مع رغبة السلطة في الحكم وليس مع الشرعية القانونية للنص المقدس، فأدخلت في المجتمعات الأسلامية منذ البداية فيما ليس للاسلام فيه من قول. لذا لابد من معالجتها وفق المفاهيم الحديثة حتى تطبق اوامر الله وفق نظرية الحق والعدل المطلق.


نظرية القتل:
يذكر السيوطي في شرحه نقلا عن سنن النسائي (ج7 ص104) حديثا شريفاً ما نصه: (لا يحلُ دمُ أمرىءٍ مسلمٍ الا باحدى ثلاث:رجل زنى بعد أحصانه فعليه الرجم، أو قَتل عمدا فعليه القود، او أرتد فعليه القتل).

وحين نستعرض ايات الردة في سورة البقرة (آية 117،109) وفي سورة آل عمران (أية 149،100) وفي سورة المائدة ( أية 54) لا نجد تطابقا مع نص الحديث. ومن اكثر الايات الكريمة تحديدا ووضوحا ما جاء في قول الحق: ( آية 217) من سورة البقرة والتي تقول

(... ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم ان استطاعوا،ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافرأولئك اصحاب النار هم فيها خالدون)

لا نجد تطابقاً مع نص الحديث ولم يقل الحق: يُقتل. لذا فأن عملية الأعتداء على النفس الأنسانية بدون دليل مادي ثبت كما هو اليوم في السلفية والقاعدة محرم شرعا وأثم على القاتل.

وحين نستعرض اقوال المذاهب الاسلامية الخمسة جميعها، نخلص الى ان كلها تجمع ان المرتد عن الدين، هو من رغب عن الاسلام وكفر بما انزل على محمد (ص) بعد اسلامه، ولم تقل يقتل. (الملل والنحل للشهرستاني).


يقول المؤلف:
لقد كان الرسول معصوما في تبليغ الرسالة بالنص والمحتوى كما وصلته من الله لفظاً ونطقاً، لقول الحق:(يا ايها الرسول بلغ ما انزل اليك من ربك، وان لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس، المائدة 67). هذه هي القاعدة الاساسية في تبليغ النص، ولا يمكن للرسول (ص) الا ان ينطلق من استراتيجية القرآن في تبليغ النص، لان العصمة محصورة في الرسالة وليست بشخصه الكريم. فمقارنة الحديث بالآيات القرآنية واقوال الفِرق الاسلامية نجد هناك فرقا كبيرا في التوجه بحاجة الى بيان، مما يعطينا الاذن ان نقول بأن الحديث لم يكن ثبتاً. حين جاء متناقضاً مع التوجه الالهي بخصوص المرتد عن الدين، ويتناقض مع الحرية الانسانية المقدسة لدى الله سبحانه وتعالى في قتل الانسان ورجمه بالحجارة.

فهل أستوعبت الحركات التكفيرية ما أمر الله به من أحترام للنفس الأنسانية وتحريم قتلها الا بالحق. وهل هم مخولون بقتل العوائل بالتفجيرات الباطلة وتركهم ارامل وايتام بالملايين من الآدميين دون ذنب جنوه؟

اما كلمة الرجم فلم تأتِ اصلا الا في ثلاث آيات هي سورة الشعراء يقول الحق: ( قالوا لئن لم تنته ِيا نوح لتكونن من المرجومين،اية 116)، وفي سورة ياسين، يقول الحق: (قالوا ا تطيرنا بكم لئن لم تنتهوا لنرجمنكم وليمسنكم منا عذاب أليم، آية18(.وفي سورة هود، يقول الحق: (قالوا يا شعيب ما نَفقَهُ كثيراً مما تقول وأنا لنراك فينا ضعيفاً ولولا رهطك لرجمناك وما أنت علينا بعزيز آية91 ). وكل هذه الآيات جاءت بمقاصد اخرى، وليس لها علاقة بالقصد.
ألم يكن الرجم تجاوزا على الدين؟

أما احاديث الزنا فقد حملت اكثر من طاقتها وظلمت فيها المرأة، حين طبقت العادة والتقليد الجاهلي عليها بدلا من التشريع الآلهي، وقتلت المرأة على التهمة لا على الواقع كما نراه اليوم في بعض البلدان ذات الطابع القبلي المتزمت كالعراق والأردن وغيرهما، أنظر سورة النورالتي وضعت للزنا معايير
ا تعجيزية قد يستحيل على المرأ اثباتها، يقول الحق:

والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا باربعة شهداء فأجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة ابدا وأولئك هم الفاسقون (آية 4)

ان الاية الكريمة أدركت ان التعامل مع الجنس يحتاج الى غاية الحذر والحساسية في تطبيق النص. لا سيما وان العملية الجنسية لا يمكن ممارستها تحت أنظار الاخرين، فهي عملية سايكولوجية مرفوضة العلن حتى عند بعض الفصائل الحيوانية كالجمال مثلاً، لذا فأن الحديث يجانبه الصواب ولا يتماشى مع الآية الكريمة، لذا لا يمكن الاخذ به.

ناهيك من الخلط في تفسير النصوص من قبل الفقهاء والمفسرين كما في القوامة، والحجاب واللباس، والقضاء والقدر، والناسخ والمنسوخ، والحظ والنصيب، والاعمار والأرزاق، والدائم والباقي، والزمن والوقت، وكلها مصطلحات مختلفة المعنى جاءت عند المفسرين متشابه، وهي بحاجة الى بيان، وسنأتي عليها في بحث مفصل.

من هنا لابد من تأويل جديد للنص القرآني لتخليص العامة مما علق باذهانهم من عادات وتقاليد مرفوضة بحق حرية الانسان المكفولة ربانيا، ومن وزر التفسير الفقهي اللغوي للنص الديني. ولا يمكن لاحد من تخليص الناس من هذا التجاوز المستمر الا بوضع قوانين مدنية ملزمة التنفيذ كما في العالم المتمدن اليوم.

نصوص الحرية
الحرية في القرآن الكريم مقدسة، وهي اسمى ما في الوجود، لذا فقد منح الله سبحانه وتعالى للانسان حرية الاختيارفي الفعل والعمل الذي يريده، حين آمره بفعل الواجب ولم يجبره عليه، بل ترك الامر اختيارا لارادته، لكنه حذره من المعصية وأوعده بالعقاب والثواب، وهذا ما نراه واضحا في سورة الكهف، يقول الحق:

( وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر،انا اعتدنا للظالمين نارا)

ولم يقل للكافرين نارا، فالاية اقامت علاقة جدلية بين الكفر والايمان، وبما ان الكفر ظلم للنفس الأنسانية من الناحية العقائدية، وقد يرتكب من غير الكافر ايضاً، فقد وسع القرآن العقوبة حين قال: اعتدنا للظالمين نارا، لان الظلم يرتكب من الاثنين على حدٍ سواء، المسلم والكافر، والقران وكلماته المقدسة لا تقبل التراف اللغوي ابدا.

اما (الاية 256 ) من سورة البقرة، فقد جاءت عامة لكل الناس،يقول الحق: (لا اكراه في الدين، قد تبين الرشد من الغي). لذا فهي تتقاطع مع شعار الفتوح المعلن عند البلاذري في كتابه فتوح البلدان (أسلم تسلم لك ما للمسلمين وعليك ما عليهم، وان لم تسلم تدفع الجزية نظير حماية الدولة لك).
ان الاية الكريمة وضعت سنة لكل الناس دون تمييز في الحرية الدينية والمدنية دون اكراه، لان الحرية هي هبة الله الى الناس وليست هبة احد من الناس، فاذا تتبعنا آية الجزية، يقول الحق:

(قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله واليوم الاخر، ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين آوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون، التوبة 29)،

الاية الكريمة ليست عامة، بل وضعت شروطا ًدقيقة لتطبيقها عملياً حين لا يكونوا من المؤمنين بالله واليوم الاخر، ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله، كقتل النفس الانسانية بدون جرم مرتكب، وان يبدأوا هم بقتال المسلمين بدلالة قوله سبحانه وتعالى عن يد وهم صاغرون.

ونقول بتصرف:
الديانات المنزلة كلها تؤمن بالله واليوم الاخر، من نوح ومن جاء من بعده، ولا تؤمن بقتل النفس الانسانية بدون سبب مبرر. لذا فأن تفسير النص يحتاج الى اعادة نظر في قراءته، وما يعزز هذا الرأي ما ورد بنص الاية الكريمة في سورتي المائدة والبقرة ( 169،62 ) حين تذكر الاية ما نصه:

 (ان الذين آمنوا بالله واليوم الاخر والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الاخر وعمل صالحاً فلهم اجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون)

فشرط الاية هو الايمان لا غير، وهم مؤمنون وأصحاب كتاب. هنا نلاحظ ان شعار الفتوح السابق ذكره يصح بالحوار لا بالقتال. ناهيك عن ان آية كريمة اخرى تقول:

(لو شاء الله ما اشركوا وما جعلناك عليهم حفيظاً وما انت عليهم بوكيل -الانعام آية 107)

لذا لابد من اعادة النظر في المنهج المدرسي بخصوص موضوع الفتوحات الاسلامية التي جَرت كتابتها بتسرع بحجة نشر الاسلام الذي لم يامرهم هو بغزو الاخرين.
لذا فأن الفتوحات كانت غزوا غير شرعي وغير مبرر بهذه القسوة التي استخدمت فيها ضد الشعوب الأخرى، لأنها تتناقض مع مفهوم الحرية الأنسانية.

واذا اقتضى الامر يجب الاعتذار للشعوب التي فتح العرب بلدانها وعاثوا فيها تخريباً ونهبا وأماءاً وليس قصدا في نشر الأسلام وكان للعامل الاقتصادي دور فعال فيها. وانا واثق لو ان كل تلك الشعوب لم تفتح من قبل المسلمين لكانت احسن حالا اليوم من هذا التردي في استخدام النص الذي استخدمته العقول المتخلفة ضد انسانية الانسان وضد حقوق المرأة، كما في طالبان والوهابية وعناصر التخلف الأخرى.

نصوص آيات الشورى:
لقد دمج القرآن الكريم حرية الاختيار بالايمان والشورى في الممارسات المختلفة وحتى في العبادات، لذا فأن آية الشورى الاولى جاءت كشرط من شروط الايمان وهي مكية، كالصوم والصلاة والزكاة، يقول الحق:

 (والذين أستجابوا لربهم وأقاموا الصلواة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون -الشورى، آية 38)

أما الاية الكريمة الثانية تقول:

( فبما رحمةٍ من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لأنفضوا من حولك، فأعف عنهم وأستغفر لهم وشاورهم في الامر، فأذا عزمت فتوكل على الله، ان الله يحب المتوكلين، آل عمران 159)

الشورى في الاية الكريمة الثانية جاءت الزامية لاشراك الناس في امور الدولة وبناء مؤسساتها، لذا فهي قيمة أنسانية، لاهمية ممارسة ولاية الامر، وخاصة فيما يتعلق بالحكم والسياسة والتشريع. فالنبي لم يأمر الناس بالاحتكام اليه، لكن الناس هم الذين كانوا يحتكمون اليه بدلالة الاية الكريمة:

 (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليما( النساء آية 65 ).

لقد آمر النبي بمشاركة كل الناس دون تمييز بامور الدولة العامة والخاصة وبحرية تامة، فحرم المحاصصة والكتلية والطائفية والعنصرية في الأستحواذ على رأي الناس، لذا استعمل المشورة في اسرى معركة بدر،فأشار عليه بعض الاصحاب بقتلهم، لكن القرآن وقف موقف المعارض، يقول الحق:

 (ما كان لنبي ان يكون له اسرى حتى يثخن في الارض تريدون عرض الدنيا والله يريد الاخرة والله عزيز حكيم –الانفال 67).

على هذا الاساس قرر الاسلام أمرين هما:

الاول: الايمان بالله وأقامة الصلواة والزكاة شرطا مُلزماً. والثاني، كممارسة يومية تتبع الحالة التاريخية التي يعيشها المجتمع مع مقتضيات الظروف وشفافية التصرف والتعبير عن الرأي في الحرية والعمل والايمان، يقول الحق:

(ولو شاء الله ما اشركوا وما جعاناك عليهم حفيظا وما انت عليهم بوكيل)

لقد طبق الرسول آيات القرآن تطبيقا عمليا وامر بعدم قتل الاسرى، وأمكانية اصلاحهم وضمهم للاسلام بالأختيار وليس بالفرض. لكن ما تم في عهده (ص) لم يستمر من بعده، فقد اهمل دستور المدينة المكتوب في السنة الخامسة للهجرة (أنظر دائرة المعارف الأسلامية )، فتركت سلطة رئيس الدولة دون تحديد مدة او مدى سلطان، فظلت السلطة والقانون والثروة والجيش بيد الخليفة دون ضوابط ثابتة ومحددة، وهذا ما نراه الى اليوم مطبقا وفق العادة والتقليد في دولة الأسلام مما خلق دكتاتورية السلطة المطلقة. لذا اصبح الحاكم المسلم لا يتنازل عنها الا بالموت الطبيعي او الثورة والأجبار، وكل ما نقرأه عند مفكري الاسلام اليوم عن الخلافة هو عائم وغامض مما ترك أثرا سيئاً في ادارة الدولة، فتح المجال للمنازعات الكثيرة التي أضعفت الدولة فيما بعد ولا زالت تضعفها الى اليوم.

نصوص احاديث الغيب:
كثرت أحاديث الغيب بعد وفاة الرسول (ص) وتداولتها جهات عديدة دون حصر، لكن هذه الاحاديث مرفوضة جملة وتفصيلا بدلالة الاية الكريمة:

(قل لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراً الا ما شاء الله ولو كنت اعلم الغيب لآستكثرت من الخير وما مسني السوء،الاعراف آية 188)

لذا لاداعي للدخول في مناقشتها لكون ان القرآن الكريم قد حسم أمرها بنص صريح لا يقبل المناقشة والتأويل.

نص الحاكمية الدينية:
لا احد يستطيع ان يحدد الحاكمية الدينية الا بنص قرآني محدد، لذا يجب ان ينظر اليها وفق منطوق الاية القرآنية التي وردت في سورة البقرة (آية )258،حتى لا ندخل في المطلقية الشمولية دون مراعاة اسسها القويمة.


يقول المؤلف قال الحق:

(ألم ترَ الى الذي حاجَ ابراهيمَ في ربهِ ان اتاهُ الله الملكَ، أذ قال ابراهيم ربي الذي يُحي ويُميت قال أنا آُحي وأُميت قال ابراهيم فان الله ياتي بالشمس من المشرق فأتِ بها من المغرب فبهت الذي كفر والله لا يهدي القوم الظالمين)

في الاية الكريمة تنسب صفة التعجيز الى الله عز وجل، وتنفى عن غيره نفياً قاطعاً لأن المطلقية لله وحده. ان معنى (لا اله الا الله) هنا تعني الوحدانية، ولا تعني الحاكمية المطلقة كما يفسره الفقهاء، لذا يجب التفريق بين الحالتين، لكن من يدعون بوكلاء الله في الارض هم الذين يريدون الدمج بين الحالتين خطئا ً لمحاولتهم التدخل في امور الناس في كل صغيرة وكبيرة تجاوزا على النص القرآني ولأحتلال مكانة التقديس عندهم، لذا فرضوا ارائهم بالطغيان الفردي والجماعي وخاصة في العادات والتقاليد على الناس بحجة المطلقية التي فسروها تجاوزا على النص الديني كالموقف من اطلاق اللحى، وحجاب المرأة، والسواك، والدشداشة القصيرة، والوضوء المختلف، والتكتيف في الصلاة من عدمه والتقديس لمرجعيات الدين. هذه المطلقية تحولت على ايديهم الى امر مفروغ منه يجب تطبيقه ووضع الحد على مخالفيه. وتحولت على يد الخوارج الى حاكمية مطلقة في التصرف والمحاسبة والحكم لله وحده دون النظر الى اداة التطبيق والتنفيذ. هنا استطاعوا ان يحولوا أنظار الناس من الحكم الصحيح لله وحده الى حكم رجال الدين وهيمنتهم خدمة للسلطان ووعاظه المنحرفين.

هذا الاعتقاد استخدمه الخوارج مع الامام علي (ع) بعد معركة صفين وقبل معركة النهروان، حين أكدوا على شعارهم المرفوع (لا حكم َالا لله)، فهم لم يكونوا على خلاف سياسي مع الامام، وانما كان خلافهم حول طريقة فهمهم للحاكمية الدينية خطئاً ووجوب تنفيذها. لكن الامام وهو العالم بنصوص القرآن الكريم لم يخالفهم في نظرتهم بل خالفهم في وسيلة تطبيقها حين قال لهم (ع): (نعم الحاكمية لله ولكن من ينفذها على الارض- أنظرنهج البلاغة- خطب الأمام)، وارى لولا الضغط والالحاح من قادته العسكريين والظروف الصعبة المحيطة به (ع) بعد صفين وما رافقها لما قدم على محاربتهم.

ونقول بتصرف:
فمن خلال استعراض ما بعد النهروان والمآساة التي حدثت بانقسام الامة، فقد ساوره الرأي بأن السيف رغم قوته ومضائه لا يجدي نفعاً، بل الحوار بالحجة والمنطق افضل في كسب الاعداء، لذا نراه بعد المعركة وما حل بها من قتول وكوارث كان وهو في طريق عودته (ع) الى الكوفة يردد دوما الاية الكريمة التي تقول:

عسى الله ان يجعل بينكم وبين الذين عاديتم مودةً والله قدير والله غفور رحيم،

الممتحنة آية 7

وتعزيزا لهذا الرأي نقرأ في نهج البلاغة ج1 ص 144 مخاطبا اصحابه، أيها الناس:(لا تقاتلوا الخوارج فليس من طلب الحق فأخطئه كمن طلب الباطل فادركه) ويبدو ان الامام وهو المؤمن بالحوار قد ندم على محاربة الخوارج، لذا رفض ما قالته الاصحاب له: يا امير المؤمنين لا تخرج الى مسجد الكوفة في صلاة الصبح فان الخوارج يتربصون بك الدوائر، فيرد عليهم الأمام بكلمته المشهورة: (ان من لم يستطع ان يكون بين الناس عليه ان يتخلى عن حكمهم).
ياليت حكامنا اليوم من اتباع الأمام يدركون.

وخلاصة القول ان النص بحاجة الى مراجعة حتى لا يلصق الخطأ بما اورده الفقهاء في تفسيرهم الغامض.

نصوص حقوق المرأة
من يقرأ النصوص القرأنية وخاصة في سورتي النساء والنور يجد الكثير من الايات القرأنية التي انصفت المرأة وساوتها مع الرجل الا في الحالات التي تقتضيها العفة والقيم الشرفية وهذه مقبولة بلا جدال، وقد حددت بمعايير دقيقة جدا، لكن الفقهاء بتفسيرهم الاحادي واللغوي قد غمطوا حقوق المراة لصالح الرجل في مجتمع نشأ نشأة ذكورية مقيتة

ففي تعدد الزوجات اصبح وصفها في القرآن شيء وعند الفقهاء والمفسرين شيء اخر. يقول الحق:

(وان خفتم ان لا تقسطوا في اليتامى فأنكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فأن خفتم ان لا تعدلوا فواحدة او ما ملكت ايمانكم ذلك ادنى ان لا تعولوا، النساء 3)

هنا ربطت الاية تعدد الزوجات برعاية الايتام وليس للبديل من النساء لغرض الأستمتاع. وقد جاءت هنا كلمة القسط والعدل معا، وكلمة القسط تعني العدل او الجور، كذلك العدل له معنيان، القسط حين تعني العدل: (ان الله يحب المقسطين المائدة 42) والمعنى الثاني تعني الظلم والجور كقول الحق: (وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا الجن 14). وكذلك للعدل معنيين الاول عدل في العدل والثاني عدل في الظلم، والفرق بين القسط والعدل، هوان القسط يأتي من طرف واحد بينما العدل من طرفين.

ويقول المؤلف:
ان الاية الكريمة تتحدث عن امهات اليتامى اللواتي لا معيل لهن لمساعدتهن في تربية الاولاد كما في الاية (6) من نفس السورة الكريمة، فالرجل اذا كان قادراًعلى تحمل المسئولية فلا ظير بالثانية اوالثالثة او الرابعة شرط من امهات الايتام وليس من الابكار وللمتعة الشخصية كما هي عند موسرينا اليوم من اصحاب الملايين التي سرقوها من قوت الشعب ووظفوها لملاذهم الرخيصة،  فهم ونساؤهم وأولادهم في خانة الحرام، لكنه اذا عجز عن تحمل العبىء والمسئولية فعليه بواحدة فقط، حتى لايقع في الضيق ( ذلك ادنى ان لا تعولوا) اي حين لا تستطيعوا حماية العيال خوفاً من العجز المالي، ومن هنا ينطبق قول الرسول(ص) ( انا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة)،

شرط بالزواج المتعدد ان يمارس الزوج الحياة الزوجية مع زوجته الاولى مثلما يمارسها مع الثانية – وهذا مستحيل سايكولوجيا-، ولا يجعلها كالمعلقة (فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة النساء 129). كم معلقة في وطننا العراقي والعربي اليوم نتيجة وفرة المال. نصوص واضحة لا حاجة للاجتهاد فيها لصالح الباطل. لم يطبقها الغالبية العظمى من المسلمين، لذا فهم يتحملون وزرها مع من رخصوها لهم من بعض رجال الدين مخربي وقاتلي هذه الامة، وعلى الدولة سن التشريعات والقوانين التي تحد من تصرف الرجل الظالم تجاه المرأة، فهي انسان مثله ليس له عليها تمييز أو أفضلية مطلقاً في الأعراف والدين. فهل يجوز للرجل تطليق زوجته دون حرج من اثم لمجرد رأي لها عرضته عليه لا يتوافق وهواه؟ ألم تكن هذه جاهلية؟ فاين القانون، الذي جاء لأنصاف المظلومين؟
ولكن أين لنا من حكومات التخلف والرجعية التي هي تمارس الخطأ بأيحاء وتصريحات باطلة من وعاظ السلاطين..

اما القوامة:

لقد ورد تعريف القوامة في القرآن الكريم، يقول الحق:

(الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما انفقوا من أموالهم... واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن وأهجروهن في المضاجع وأضربوهن فأن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا.... النساء 34 )

ان الله لا يفرق بين الذكر والانثى خلافا لما يعتقد البعض، ان جنس الرجال قوام على جنس النساء
بالفطرة، وأن التفضيل جاء على النساء في العلم والدين والعقل والولاية كما يقول المفسرون، هي رؤية تفتقر للاثبات، لكن الله ربط القوامة بالقدرات على اختلاف انواعها كالخدمة المقدمة من الرجل للمرأة، والعكس هو الصحيح، وكلمة البعض في الآية الكريمة تعني الجزء وليس الكل.أنظر سورة الاسراء آية 21 يقول الحق:

( أنظر كيف فضلنا بعضهم على بعض وللأخرة أكبر درجاتٍ وأكبرُ تفضيلا )

فهي تنفي الافضلية بالخلق، لان من النساء من هن افضل من الرجال، والانفاق المالي مشترك بينهما وقد تكون المرأة هي المُنفقة اذا كان الرجل عاجزاًعن العمل مريضا او مقعداً، فالقوامة لا تنحصر بالزوج والزوجة بل عامة تشمل كل مفردات الحياة الاخرى. فالقوامة هي في الاسرة القائمة على التعاون والمحبة والرحمة والمودة ولا علاقة لها بالتمييز الانساني ابدا.

اما النشوز: فهو خروج على الرحمة والمودة ويجب ان يعالج بالعضة والنصيحة (فعظوهن) واذا لم يتعضن فأضربوهن، والضرب يعني هنا الزجر وليس الاذى كما يتصور البعض أنظر: (كلمة ضربَ في لسان العرب)، لذا فهي مشتركة بين الاثنين بلا معايير انسانية محددة، والرسول(ص) نهى عن ضرب الاماء، حين قال: (لا تضربوا أماء الله). فكيف يجيزها على الحرائر؟ نص فسرَ خطئأً من قبل اصحاب ذكورية الرجل من المفسرين ورجال الدين (عقدة التخلف في المجتمعات العربية اليوم) فأصبح عادة وتقليدا جاهليا مستعملا الى اليوم..

أما الحجاب واللباس فهما كلمتان مترادفتان، والقرآن خالٍ من الترادف اللغوي، فاللباس غير الحجاب، لان الحجاب هو الستر او الحاجز كما في قوله تعالى

( ومن بيننا وبينك حجاب - الاعراف آية 46)

تقول الاية:

(واذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالاخرة حجابا مستورا –الاسراء آية 45)

لذا فالحجاب غير اللباس، واللباس غير الثوب، والسوأة غير العورة، والبعل غير الزوج والخلود غير الدوام، مصطلحات قرآنية كلها فسرت خطئا من قبل الفقهاء الذين عجزوا عن تأويل القرآن تأويلا علميا فأتجهوا نحو التفسير اللغوي الترادفي الخاطىء.

والخلاصة ان القوامة مشتركة بين الاثنينن نصا وروحاً. وها ترى المرأة اليوم في العراق بعد التغييرفي 2003 أصبحت ناقصة الحقوق وفرضت عليها من الأراء المتزمتة التي تتنافى مع النصوص القرآنية جملة وتفصيلاً. وكأننا أصبحنا في طالبان او عند الوهابيين.

وهناك الصداق الذي هو عرف اجتماعي وليس الزام ديني، وهو عبارة عن هدية يقدمها الزوج لزوجته غير قابلة للرد، اما كونه معجلا او مؤجلا فهذا غير وارد في التشريع الاسلامي ابدا بل مخترعا من رجال الدين، انظر سورة النساء آية 4، يقول الحق:( وأتوا النساء صدقاتهن نحلة....) أي هدية وفي الأعراف ان الهدية لا تُرجع، فمن أين جاؤنا بالمقدم والمؤخر لجعل المرأة سلعة بأيديهم؟

أما الميثاق فهو من الرجل لحماية العلاقات الزوجية والاسرية انظر سورة النساء آية 21، يقول الحق:

وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم الى بعضٍ وأخذن منكم ميثاقاً غليظاً.

وهناك امور كثيرة بحاجة الى توضيح وسنعرج عليها لاحقاً.

نص المتعة - بتصرف
المتعة زواج شرعي مؤقت، يخضع لقانونية الزواج العادي من حيث الاتفاق بين المتمتعين مباشرة واذا انتهت الفترة المحددة وقعت الفرقة وفي هذه الحالة اذا حدث الانجاب ينسب الى الام، والاية 24 من سورة النساء تقول:

(والمحصنات من النساء الا ما ملكت ايمانكم كتب الله عليكم واحل ما وراء ذالكم ان تبتغوا باموالكم محصنين غير مسافحين فما استمتعتم به منهن فأتوهن أجورهن فريضة ولا جناح عليكم ان تراضيتم به من بعد الفريضة ان الله كان عليما حكيما)

لقد كانت الدوافع لهذا النوع من الزواج هو المغازي والاسفار وبقاء الافراد لفترات طويلة بعيدا عن زوجاتهم وخاصة افراد الجند في الفتوح الاسلامية، مما اضطرهم للارتباط بهذا النوع من الزواج المؤقت، وللاولاد حق الانتساب للابوين والارث منهما. لكن الثابت ان الخليفة عمربن الخطاب (رض) هو الذي اوقف الزواج بها –وحسناً فعل لادراكه ان حركة الفتوح وذهاب الجند الى هناك
والتقائهم بالروميات والفارسيات وارتباطهم بهن، جعلت زوجات الجند تعُم من هن الشكوى للخليفة، وحتى لا يحدث الخلل في العلاقات الاسرية اصدر الخليفة امره يايقاف العمل بالاية الكريمة. فالاية لم تلغَ بل اوقفت بعد ان نظمت الخلافة اجازات الجند الدورية، لان ليس بمقدور اية سلطة الغائها سواءً كان نبياُ ام خليفة ابدا، لكن الفقهاء فيما بعد نظموا تشريعات كثيرة لها يصعب متابعتها والتحدث عنها الان، وسنأتي عليها في موضوع مستقل.

ان التطورالانساني والقانوني الحديث اوقف من فاعلية الآية مثلما (اوقف من فاعلية آيات الاماء وملك اليمن) التي اصبحت من التاريخ اليوم. وهذا اكبر دليل على ان القرآن ثابت في نصه متحرك في محتواه- لأنتهاء وقت مفعولها، والتي لم تعد مقبولة من الناحية العملية والانسانية والأخلاقية في هذا التطور الحضاري اليوم وهي ايات حدودية وليست حدية قابلة لتطور التأويل النصي. وهنا تكمن أيضا معجزة القرآن الحضارية. لذا فمن الناحية الشعبية اصبحت المتعة غير مستساغة كما يفعل الاوربيون اليوم في الصداقات الزوجية التي لا ترتبط بقانون مدني او نص شرعي، لكن الأستخدام الأوربي اليوم أمتص الكثير من اشكاليات الجنس عندهم، وهذا مالم يتوفر في المجتمعات العربية الأسلامية. وخاصة لا زال شباب العرب والمسلمين يعانون النقص المعاشي والبطالة الدائمة وسد نقص الحاجة.

ان المتعة اليوم ااصبحت اشبه بمواخير الزنا العالمية عند بعض المسلمين حين أفتتحوا لها دكاكينهم الخاصة، اضافة الى انتشار الامراض (كالأيدز) مثلا عن طريقها لعدم وجود رقابة صحية يخضع لها المتمتعون. انظر المحاضرة الي القاها احدا اساتذة جامعة الكوفة حول مخاطر الأيدز من جراء المتعة المتبعة اليوم (مجلة جامعة الكوفة)، والمرجعيات الدينية هي المسئولة اليوم عن ايقاف هذا التصرف الخاطىء بحق المرأة والمجتمع.

واذا كانت المرأة بحاجة للرعاية، فالقانون أولى بالتكفل بها كما هو عند الأوريين اليوم، لا ان تترك على مزاجية الرجل الاناني في حياتها اليومية والمعاشية وحتى التقاعدية من اجل حقوق الانسان
الرجال والنساء – لقد جاء التغيير في العراق بعد 2003 لا من اجل زيادة المآسي والنكبات وترف المتبطري من سراق المال العام، بل من اجل أصلاح ذات البين. وتتحمل الحكومة ومجلس النواب المسئولية الضميرية والانسانية والقانونية والأخلاقية تجاه حقوق المرأة المغدورة.

ونتيجة لتطور الحياة الاجتماعية فقد ظهرت اليوم الكثير من الزيجات بما يشبه المتعة، وهي معترف فيها ومستساغة في بعض المجتمعات العربية الناقصة الاهلية والتي يتلاعب رجال الشهوة والجنس في مقدراتها، وقد أفُتي بها شرعا دون دليل من حجة، مثل:

  1. زواج المسيار

  2. وزواج رضاعة الكبير

  3. وزواج نكاح الجهاد،

وهذه الابتكارات الجديدة مأخوذة من عهد الجاهلية كما في:

  1. زواج الشغار

  2. وزاج الصداق

  3. وزواج المقت

  4. وزواج الاماء.

وهي كلها ترتبط بالعادة والتقليد الذي ليس لها في المجتمع والنص الديني الحكيم من أصل.


الوصية والارث
الوصية: شكل من اشكال توزيع المال، يضعه انسان معين يملك ثروة يريدها ان توزع بعد وفاته بنسب معينة يراها على اشخاص او جهات معينة، يحددها حسب رغباته الشخصية.

والوصية في التنزيل الحكيم مفضلة على الارث، لقدرتها على تحقيق العدالة الخاصة المتعلقة بشخصٍ بعينه، وبوضعه المالي والاجتماعي والاسري، وبألتزاماته تجاه الاخرين، وهذا ما يؤكده الواقع الموضوعي، اذ لكل انسان وضعه الخاص من اقارب والتزامات تختلف عن وضع الانسان الاخر، فالتماثل غير موجود في الوصية.

أما الارث فالتماثل فيه موجود، والناس في الارث متماثلون، وحصة الوارث في قانون الارث يحددها موقعه من الموروث، سواءً كان الاب او الام او الولد او الزوج او الاخ. لذا فالتماثل من صفة العام والاختلاف من صفة الخاص. والارث والوصية يمثلان جدلية التمائل والاختلاف، ولان المجتمع الانساني يقوم على التنوع في الشروط المعاشية والاسرية والالتزامات، لذا تم تفضيل الوصية على الارث في التنزيل الحكيم. وفي القرآن الكريم سبع آيات للوصية وثلاثة آياتٍ للارث، وتمثل سورة البقرة (آية 180 ) اكثر الايات وضوحاً في الوصية، يقول الحق:

(كتب عليكم اذا حضر احدكم الموت ان ترك خيراً الوصية للوالدين والاقربين بالمعروف حقاً على المتقين)

الاية حدية واجبة الالزام شرعاً وقانوناً دون تسويف. اما ما قيل في الحديث لا وصية لوارث فقد جاء من الاحاديث المقطوعة قصد منه غرضاً شخصياً في حينه لدى أهل المغازي. واستغله الفقهاء ليجعلوا الارث مفضلا على الوصية لاسباب لازالت موضع نقاش لم تحسم. وفي القرآن جات كلمتي الحظ والنصيب، في سورة النساء اية 11،7( للرجال نصيب مما ترك الوالدان وللنساء نصيب مما ترك الوالدان)، اما في اية 11 (يوصيكم الله في اولادكم للذكر مثل حظ الانثيين)، لكن الفقهاء فسروهما خطئأ ًفالتفريق بينهما,فالنصيب هو حصة الانسان في الوصية، أما الحظ فهو ما يصيب الانسان من الموروث. وهنا تم دمج الوصية بالارث تجاوزاً على النص من قبل الفقهاء، فولدوا اشكالات في الحقوق بين الرجل والمرأة لازلنا نعاني منها الى اليوم..

ومالم يتدخل القانون لصلح النص سوف يبقى النص الديني في التيه والتلاعب دون تغيير، وسوف لن نحقق من القرآن والاسلام ماجاء بهما من أهداف سامية للبشرية، فمثلما أحتاجت اوربا ثورة فكرية على الكنيسة وحققت اهدافها في التقدم الحضاري الذي نشهده اليوم، نحن بحاجة الى ثورة فكرية لتخليص النص من اراء الفقهاء المتزمتين الذين ادخلونا في نفق مظلم لا بصيص لنور منه ابدا، وليس من حقهم تفسير النص ترادفيا وأدخلوه في مناهجنا الدراسية ليصبح حقيقة تتناقلها الأجيال خطئاً..
وتعليقا منا نقول:
ان بحث المرأة في الأسلام يعتبر من أهم المواضيع حساسية، وبحثه يتطلب بحثا علميا موضوعيا، بعد ان أنصفها الأسلام في النص المقدس، وظلمها الفقهاء من اصحاب المذاهب الاجتهادية التي أنتهى زمانها اليوم. حتى أصبحنا نقرأ لها وضعان: وضع في الكتاب أي في النص المقدس صحيح، ووضع في الفقه الأسلامي الذي يحمل صفة التطورالتاريخي (النسبية الزمانية والمكانية بحاجة للمراجعة والتثبيت).

ولا أعتقد أنه تم الى اليوم تقديم بحث أصيل حول المرأة في الأسلام من قبل المسلمين، أنطلاقاً من الجدل بين الأستقامة والحنيفية (ألتطور) والفطرة الأنسانية والتي تعتبر حدود الله فيها هي العمود الفقري لها، لعدم وجود نظرية أسلامية في المعرفة الأنسانية، مصاغة صياغة حديثة معاصرة، ومستنبطة حصرا من القرآن الكريم لتعطينا ما يسمى بأسلامية المعرفة، ومنهجاً في التفكير العلمي لكل مسلم، وتمنحه الثقة بالنفس وجرأة على التعامل والتفاعل مع أي أنتاج فكري أنتجه الأنسان، بغض النظر عن عقيدته.

من هنا حل بنا التفكك الفكري، والتعصب المذهبي الذي قام على الأتهامات الباطلة بين الفِرق، في الألحاد والزندقة والهرطقة والجبرية والقدرية، وكلها مصطلحات طارئة على الأسلام وأهله، مما أوقعونا في المأزق العام والقاضي: بأن كل فكر منتج من الانسان غير المسلم هو عدو للاسلام بالضرورة بعد ان أصبحوا بعدين عن نظرية جدلية النص القرآني العظيم لعدم قدرة اصحاب الفرق الاسلامية التعامل مع النظرية. وهنا مكمن النقص والتخلف عندنا الى اليوم، فأصبحنا بحاجة ماسة الى فقه جديد معاصر وفهم معاصر للسنة النبوية. فعلى منظمات المرأة المسلمة ان تقف وبقوة الموقف الحازم من حقوقها في الاسلام ولا تسمح للفقهاء ان يدمروا هذا الحق بحجة التفسير الترادفي الخاطىء، ونزوات رجال الدين وفتواهم الباطلة في كل حين حتى اصبح للزواج من الانواع ما فاق زواج العرب في عصر الجاهلية الاولى كزواج المتعة والشغار والمسيار وزواج نكاح الجهاد

واعتدوا على المرأة وحقوقها الأنسانية وحولوها الى أمة بلا حقوق.

واخيرا نقول للقائمين على العملية السياسية اليوم: ان التقدم الذي تدعون لا يتمثل في المزيد من الثروات والفلل والقصور والمكاتب الرئاسية الفخمة والخطب الرنانة المكررة، هذه كلها ظواهر أو أعراض، أنما التقدم هو التغير في البناء الداخلي للمجتمع وترصينه بعد ان تفكك وحلت العداوة بين أبنائه من سوء تصرفكم في حكم الدولة على المحاصصة والطائفية والقوانين المزدوجة وأستغلال الدولة لكم ولأتباعكم بدون وجه حق قانوني، فتاريخ التقدم هو ليس تاريخ قادتها، بل القانون الذي به تتلاشى الحكومات والشعب يسير نفسه بنفسه عندما يصبح القانون والدستور محترم طواعية، والحقوق والواجبات مضمونة دون اكراه. لأن التقدم اذا كان يرقى بالماديات فأنه حتما ينحدر بالمعنويات وهذا هو التخلف الحضاري بنظر العلماء والعكس صحيح.