Back Home Next 

التشدد الديني والحكم الديكتاتوري

هل اوشكت شمس الاصولية على المغيب؟

فاتحة الالفية الثالثة لشاكر النابلسي

 بقلم الدكتور رضا العطار بتصرف

alattataronline.com

 

الأصولية، بين التشدد الديني والحكم الديكتاتوري
كانت الشعوب على مر العصور تقبل بحكم الدكتاتوريات وتفضله على حكم الاصوليات الدينية وكان ساعد الدكتاتوريات يشتد وشوكتها تقوى في ازمنة الخوف من هذه الاصوليات. ولو نظرنا الى مصر منذ عام 1952 الى الان لوجدنا ان الشعب المصري يفضل الحكم الدكتاتوري بكل مساوئه ورزاياه على حكم الاصولية المتمثل في الاخوان المسلمين. وهذا كله دفع الباحث الفرنسي اسكندر ادلر اللا ان يقول (انني اؤيد ابقاء الدكتاتتوريات المستنيرة بقدر الامكان من ان ارى الاخوان المسلمين في الحكم)

لقد كان من الصعب على الانظمة العربية الانقطاع عن الاصوليين رغم معرفتها بخطرها المحدق. لكن حاكما واحدا كبورقية استطاع ان ينقطع عن هذه الاصوليات بخطاب علماني صريح الذي به قد دفع الى ابعد مدى الحد الفاصل للخطاب السياسي تجاه الفئات الرمزية للارث الاسلامي. كما اصبح الغرب الحريص على دعم الديمقراطية، لا يتردد في دعم الدكتاتوريات خوفا من سقوطها فعلا ومجيء الاصولية كالاخوان المسلمين الى الحكم.

وكلما حاولت المعارضة العربية اقناع الغرب بضرورة الضغط والمساعدة
على اسقاط الدكتاتوريات، كان جواب الغرب : وما هو البديل ؟
فلا بديل للدكتاتوريات في العالم العربي غير حكم الاصوليات، والغرب يفضل حكم الدكتاتوريات على حكم الاضوليات - - - لكن بعد المأزق الامريكي في العراق وانتقال العراقيين من تحت مرزاب دكتاتورية صدام الى دلف الاصوليات الدينية الحاكمة الان، وبعد ان اصبح طيف الاصولية العدو العالمي رقم واحد، خاصة بعد تفجيرات برجي التجارة في نيويورك عام 2001 ، اتجهت الولايات المتحدة الى ترسيخ دعائم الديمقراطية في العالم العربي، كان الربيع العربي اهم طلائعه.

اشتد الخلاف بين الاصوليين والليبراليين بعد غزو قوات التحالف للعراق. وكانت نقطة الخلاف ان الاصوليين اعتبروا هذا الغزو بمثابة عودة الاستعمار الى العالم العربي من جديد، كما قالوا ان هذا الغزو ليس من اجل القضاء على اية شبهة لامتلاك صدام اسلحة الدمار الشامل وليس من اجل القضاء على اعتى نظام دكتاتوري في العالم العربي ولكن من اجل السيطرة على حقول النفط العراقية الغنية، كون ان العراق يمتلك اكبر مخزون للبترول في العالم بعد السعودية.

فالاستعمار ستة انواع:

  1. الاستعمار الاستيطاني، كأستعمار اسرائيل في فلسطين.

  2. الاستعمار العسكري، كما بريطانيا في مصر والاردن والعراق،

  3. الاستعمار الثقافي كما فرنسا في المغرب وبعض الدول الافريقية 4

  4. الاستعمار الديني كما العرب في الاندلس،

  5. الاستعمار الاستثماري كما امريكا في العراق،

  6. الاستعمار النفطي كسيطرة الشركات الامريكية على حقول النفط في دول الخليج.


لقد وجدت الاصولية فرصتها في مقارعة امريكا على ارض العراق كما كانت الرغبة لدى امريكا ان يتجمع كل الاصوليون الارهابيون في العراق لضربهم مرة واحدة، وكان الذي (اكل العصي) هو العراقيون الذين اصبحت ارضهم للمواجهة بين امريكا والارهاب وكذلك بين الاصوليين والليبراليين، فلو علمنا ان الاصوليين الذين سيطروا على بعض مناطق العراق كالفلوجة ومحافظة ديالى قد حولوا هذه المناطق على طراز افغانستان في عهد طالبان، ففرضوا الحجاب على النساء، وفرضوا تربية اللحى وحف الشوارب على الرجال واغلقوا دور السينما واشرطة الكاسيت واقراص cd ومنعوا النساء من الخروج من بيوتهن، واعتالوا بعض الليبراليين، علما ان بعض الليبراليين في العالم العربي قد ايدوا غزو العراق، لا حبا لأمريكا لكن خلاصا من اعتى الدكتاتوريات في العالم العربي التي قررت البقاء في الحكم مدة 500 سنة، هذا ما صرح به محمد المشاط، السفير العراقي السابق في واشنطن لجريدة الحياة في لندن في 18 / 4 / 2008

لم تكن الاصولية غاضبة من صدام حين غزا الكويت رغم انها كانت تعلم علم اليقين بانه دكتاتور عات ومسلم دريء وسيء السمعة لكنها استنكرت نزول القوات الاجنبية في السعودية كما كانت رافضة قيام امريكا وحلفائها بطرده من الكويت كما لم تكن الاصولية راضية عن عزل صدام وانهيار حكمه، وكانت الاصولية في انحاء العالم العربي هي الداعمة الرئيسية لعمليات الارهاب في العراق قولا وعملا ومالا وتحريضا كما انها كانت غاضبة جدا من شنق صدام.
من
تهافت الاصولية لشاكر النابلسي

هل اوشكت شمس الاصولية على المغيب؟

سؤال طالما تردد في اوساط المثقفين من العرب والمسلمين وكذلك في اوساط المثقفين الغربيين ومنهم الكاتب الفرنسي المعروف جيل كيبيل (استاذ الدراسات الشرق اوسطية وواحد من المع المستشرقين في اوربا والمتخصص في شؤون الاصولية الاسلامية)

 

هل شمس الاصولية آبلة الى زوال قريب ام انها باقية بقاء الاديان السماوية الثلاث ؟

سؤال طالما تردد في اوساط المثقفين من العرب والمسلمين وكذلك في اوساط المثقفين الغربيين ومنهم الكاتب الفرنسي المعروف جيل كيبيل (استاذ الدراسات الشرق اوسطية وواحد من المع المستشرقين في اوروبا والمتخصص في شؤون الاصولية الاسلامية)

يؤكد في كتابه عام 2008 (رعب وشهادة: تحدي الحضارة) . فشل الخطاب الجهادي المتطرف وخطاب الرئيس بوش ويفند اسباب الفشل ويرى ان ما حدث في العراق هو اثبات كاف لفشل خطاب الحرب على الارهاب وايضا فشل خطاب الجهاد ضد (الكفار)

 

وجيل كيبيل  هو الذي تنبأ بزوال الاصولية التدريجي من الثقافة العربية الاسلامية ولكن هذا الزوال نسبي، فلا فكر يزول نهائيا من التاريخ.  ويستند كيبيل على مقولة تاريخية وهي ان اية حركة سياسية وفكرية تصل الى قمتها، تبدأ تدريجيا بالهبوط من جديد.  ولقد وصلت الحركات الاصولية في العالم العربي والاسلامي الى قمة مجدها في اواخر القرن العشرين وبداية القرن الحادي والعشرين.

 

يعتمد كيبيل في مقولته هذه على انفصام التحالف القائم بين الفئات الاجتماعية كالبورجوازية المتدينة في المدن والشبيبة المسحوقة بالفقر والبؤس والبطالة والطبقات الشعبية التي تسكن في الارياف والمعروفة ببيوت الصفيح.

 

ان هذه الفئات هي التي اوصلت الاصولية السياسية (جماعة الاخوان المسلمين خاصة) الى مقدمة الاحزاب المعارضة في دول العالم العربي وحالات الانتحار اليومية التي جعلت السلم الاهلي مهددا. مما يشكل خطرا على مصالح الطبقة البورجوازية، مما دعت الى اعادة النظر في دعمها للحركات الاصولية وخاصة في منطقة الخليج حيث تتدفق اموال الزكاة وخاصة في شهر رمضان على صناديق الحركات الاصولية.

 

ويقول الباحث السوري هاشم صالح الذي قرأ كتاب كيبيل ( الجهاد ـ صعود الحركات الاصولية وانحدارها ) ان الحركات الاصولية انقسمت الى قسمين.

  1. قسم الشباب المتحمس الفائر الذي لا امل له في الحياة او في المستقبل لذا فهو لا يتوانى ان يندفع الى الانتحار دفعا اهوج.

  2. والقسم الثاني، الطبقة البورجوازية التي كانت تدعم الحركات الاصولية بالمال والتي خشيت على مصالحها وتجارتها، من هذا الاندفاع الدموي والموت المجاني دون ان تتمكن من الوصول الى السلطة، ماعدا الحركة الاصولية في ايران التي كانت بفعل تضامن البازار الايراني مع الطبقة العاملة والفقيرة والمسحوقة اضافة الى طبقة المثقفين العلمانيين وخاصة اعضاء حزب تودة الذين لم يجدوا بدّا من تاييد الثورة على الحكم الشاهنشاهي البغيض.

 

لكن لم يكن الحلم في ايران ورديا بعد ثلاثين عاما من الثورة الجمينية 1979.

 

فالتقارير الواردة من ايران تقول ان الشعب الايراني يعاني من مشكل كثيرة وفي مقدمتها المشكلة الاقتصادية، وان الشعب الايراني اصبح يشكل اعلى نسبة في الادمان على المخدرات، وفي استطلاع اجرته الصحف الرسمية الايرانية، تبين ان 85% ممن ولدوا بعد عام تالثورة، لا يمارسون الشعائر الدينية. كما يعتقد ان تسرب الافكار الماركسية – اللينينية قد لعبت دورا مهما في ولادة هذا الاسلام الكفاحي المعادي للغرب والمعادي للعلمانية والذي ربط ما بين النظام الملكي السابق وبين الغرب والحداثة على حد سواء. ان هذا الاسلام الذي دخل التاريخ والذي تحوّل الى قوة كفاحية لم يعد ذلك الاسلام التقليدي.  فمع تحوّله الى نوع من ايديولوجية متزمتة لم يمتلك الخطاب الملائم لمجابهة وقائع هذا العالم.

من فاتحة الالفية الثالثة لشاكر النابلسي