Back Home Next 

هل مات الأمام علي (ع) حقاً أم لازال حياً بين العباد...؟

 

عبد الجبار العبيدي

jabbarmansi@yahoo.com

 

انا لا أؤمن ان عليا قد مات من زمن، فلماذا ترثوه رثاء الأموات يا كُتاب القلم؟ فالميت يذهب ذكره مع الزمان، لكن رجلا مثل علي شجاعا مخلصا،عفيفا كريما أميناُ يبقى وتبقى روحه وذكره حيةً مع الزمان.

سلام عليك ايها المقاتل الشجاع الذي لولاك ما فتحت خيبر وانهار النزاع،

 

سلام عليك ايها الكريم المفضال فلولاك ما قتل عمرو بن ود العامري وانهارالرعاع. فهل اصحابك الخلص اليوم مثلك في الرجاء ؟

سلام عليك ايها النهار المضيء فلولاك ما طلعت شمس الأصيل وانتهى الظلام، سلام عليك ايها المخلص المعطاء فلولاك ما انهار الباطل المتعنت ضد الاتقياء. فهل ادعياؤك اليو
م نهار؟

سلام عليك ايها الزاهد العابد، فبعدك من اصحابك، ما جاء مثلك في العباد. فهل المتمسكون فيك اليوم عُباد؟


سلام عليك ايها المغتسل بالألم والعذاب، فلولاك لظلت العواصف تعصف بالبلاد. فهل خلفاؤك اليوم صدوا عصف البلاد؟

سلام عليك يامن ارتسم في وجهك وقلبك حق الاسلام وعدله وحبه للبشرية والعباد، ووقفت معه رغم العناد. لا مال افسد رأيك ولا سلطة ولا مغريات.

 

سلام عليك يا ابا زينب البتول قاهرة العتاة. سلام عليك يا ابا الحسين شهيد العباد؟ فأين اصحابك اليوم بعد ان سرقوا المال وهربوا وصدوا عن العباد؟

الى أمير المؤمنين علي بن ابي طالب ...الشهيد الحي مع الحق رغم كل الصعاب. فنحن لا نرجو احدا منهم فهم لايستحقون الرجاء؟
قتلونا يا ابا الحسن، سرقونا يا ابا الحسن، ذ
للونا يا ابا الحسن، مزقونا يا أبا الحسن، باعو الناس والأرض والماء والشجر، فما ابقوا لنا من أمل بين العباد؟ فهل سنبقى نرجوك في كل سنة وانت لا تستجيب الرجاء؟

يا سيدي دعنا من النحيب والبكاء، فالأرامل كُثُر، والأيتام أكثر، والمشردون على ابواب الغرباء لا عدَ لهم ولا أحصاء، سفراؤك كانوا يتفقدون الناس في رمضان، وسفراؤهم اليوم لاهين بولائم اللئام، فأقسم لك سيدي بالله والرجاء كلهم أعداؤك فلا تقبل منهم أنتماء.

ففيك سيدي نزلت الاية في سورة الملك: الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسنَ عملا. الم تكن انت سيدي ميتا لكنك حيا في الجهاد والعباد؟

ألم تكن انت من هاشم محمد الذي قال في دينه مصرا عليه رغم الظالمين العتاة: (والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على ان أترك هذا الأمر ما تركته أو أهلك دونه). فأين هم من منهجك يا خير العباد؟ الخانعين الحاضنين لبريمر الفاسد مقبلين فمه الثمل ويدعون قيادة الصلاة؟ لا يا سيدي هؤلاء هم اللئام؟


ألم تكن انت سيدي الذي قلت وسط الزحام: (ان صوتا واحداً شجاعاً أكثرية في العباد)، فهل ابقوا لنا بين الرجال رجال؟ أم كلنا أصبحنا أشباه رجال؟.

وانا اخاطبك سيدي ابا الحسنين لأقول لمقامك الكبير: يا ابا الحسن اليك أشكو ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس ياسيدي العظيم أنت أمامي وأمام المستضعفين، وانت سندي وسند المظلومين، الى من تكلني؟ الى حاكم بعيد أكل حقي ويتجهمني، أم الى عدوي حرمني الحياة منذ صغري وملكته أمري؟ ان لم يكن بك علي غضب فلا أبالي...؟


قل للتابعين لكم: كفوا ايديكم عن ظلم الناس، وقتل الناس، وسرقة أموال الناس، فقد أصبحتم عار الزمان بين الناس، فولله اهل البيت ما ظلموا ولا استكانوا ولا قتلوا ولا ذلوا ابدا، لكنهم بقوا في الحياة والممات اشجع من الأسد في صدور الناس.

من يتحدث عن الامام علي بن ابي طالب، عليه ان يدرك انه يتحدث عن شخصية عربية اسلامية فذة قل نظيرها بين شخصيات العالم، نسباً واخلاقاً وقوةً وعدلاً. فهو ليس امام الشيعة ولا العرب، بل هو امام المتقين، الذين ما جاء الا لعدالة الحياة واستقامة المثل وترسيخ الاخلاق وتعليم الناس منهج مدرسة لا زال لم يعرفها الا اصحابه الخلص القلة من الناس.


بحر كله ماء زلال، وصحراء شاسعة كلها رمال صافية نقية كالؤلؤ المضان، وسهول يانعة كلها زروع مثمرة بهية الألوان، وسماء زرقاء كلها نجوم ساطعة مضيئة كالمرجان، انه هو علي بن ابي طالب الهاشمي القرشي، المولود بمكة قاهرة ابرهة قائد الأحباش، قتلوك سيدي بسيوفهم وسموك بشهيد المحراب، لكنك بقيت حيا في قلوب الانسان. ابوك ابو طالب بن عبد المطلب تاج هامات بني هاشم وأعيانهم في الفعل والرجاء، والفعل دوما دليل الأصل في الوفاء.، أمك الطاهرة فاطمة بنت اسد بن هاشم بن عبد مناف القرشي اشجع الشجعان.


قال فيك العلماء ماعجز القلم عن تدوينه حين قالوا: قلة أولئك الرجال الذين هم على شاكلته، تتنهد بهم الحياة، موزعين على مفارق الاجيال انارتها هديا لمسالك العابرين. ومن بين أولئك الافذاذ، الذي يندر ان يجود الزمان بهم، يبرز وجه علي امير المؤمنين في هالةٍ من رسالةٍ، وفي ظلٍ من نبوةٍ فاضتا عليه انسجاما واكتمالا كما أحتواها لوناً واطاراً.


وحين التحدث عن شخصيتك المتكاملة سيدي: ليقف الانسان خشوعاً والقلم خضوعاً الا من مداده الفذ ليخط كلمات يشعر بها القلم سيكون خالدا كخلود من يكتب عليه. هو بهذا اللون البهيج عصي على الحرف بتصويره بقدر ما هو قصيُ عليه بمعانيه.

الناس يولدون ويموتون ويطويهم النسيان سيدي، اما انت فلقد أتيت الدنيا، وكأنك أتيتها وانت بها، ولما أتت عليك بقيت وكأنك اتيت عليها. جئت لا لتقتلع بوابة خيبر العصية من جذورها، بل جئت لتقتلع حصون الجهل والشر والظلم والطمع من عقل الانسان. فأين اتباعك الخلص مع الزمان؟ أم أنتهوا بأنتهاء أبي ذر وحبيب بن مظاهر وحجر بن عدي والأصحاب، فالزمن لا يخلوا من الرجال الأفذاذ، فو خليت قلبت كما يقول القرآن؟

كل الغيوم التي رافقت حياتك العزيزة، لم تستطع ان تطفأ شمسك المنيرة، لم تمت ولم يطويك النسيان، بل بقيت جوهرة متلألئة يلبث خلفها كما تلبث الشمس خلف الغيوم على مر الزمان.

من هنا أقول وانا المغرم بك سيدي، ان كل قول يحصره في مكان او زمان يبقى حديثا له قيمة السرد، ويبقى حروفا مقفلةً لا تنفذ اليها الوان المعاني، وهكذا وسيبقى أبا الحسن رجل الرجال، ورائد الحق والعدل، متبرئا من كل من خان مبادئه ومنهج مدرسة آهل البيت العظام، وستبقى الدنيا تغرف الطيب من أفاويهك، يا ايها الوجه المنير ويا صاحب كل أستقامة.


كتبت نهج البلاغة، وأسهبت فيه، فلم يكن ذلك السفر الا مقدمات استخلص منها النتائج المحكمة في الحجة والبيان، وبهذا اتبعت اسلوبا استقرائيا في مجال العلم والعقيدة والعرفان، وهذا هو ما يتماشى ومفهوم التطور العلمي للثقافة عبر الزمان، فمفهوم العقيدة عندك سيدي تحر
ير وتقرير مصير وكرامة ورفع شان، هذا الادراك هو الذي احس به رسول الله(ص) فأحاط به عليا لما يستحقه من مكانة التكريم والعرفان، وعلم وتقدير من رسول الانسان، حتى جعلك بابا ومنطلقا لعلمه ومدركاته وسننه عبر الزمان حين قال فيه: (أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن اراد العلم فليأت الباب).

نشأ الامام علي وكله علم ومعرفة، فقه وحكمة، فصاحة وبلاغة، لقد طغى عليه العلم فأخذ بمجاميع قلبه الكبير، وحركات لسانه المفوه، وأستنباط هواجسه الانسانية، يدرك ما يحيط به، ويحيطُ بما يُدرك. يدركُ ادراك العالم المتطلع، العامل بعلمه، المعتقد بما يلزم، أن يعمل لاصلاح مجتمعه ورفع مستواه، موظفا طاقاته له، لا يحجم عن درىء خطأ، ولا يقف دون مشورة، ولا يتلكأ في أبداء نصح، هذا الرجل المعجزة الذي لم يدركه من اهل زمانه ولا زماننا الا النزر القليل من الناس، ولو ادركه محبي آهل بيته واخذوا به لما وهنوا ولا ضعفوا ولا أستكانوا، ترك الدنيا ولم يأخذ منها شيئا ابداً. لم يفكر في جاه او منصب او مال، لكنه قال: ان المال مال الناس فهو مردود في بيت المال، فأن الحق القديم لا يبطله شيء والعقل مضطر لقبول الحق بين الآنام. فأين اليوم منك بالهاربين بأموال الناس، القاتلين الناس، التاركين الناس عُراة ؟

حث على طلب العلم حثا لا يدانيه احد قولا وصدقا وعملا حين قال: (تعلموا العلم صغارا تسودوا كبارا) ويقول: يا حملة العلم أتحملونه، فأن العلم لمن علم، ثم عمل بما علم، ورافق عمله علمه، وهنا يربط الامام العلم بالعمل، ولا اغالي اذا قلت لم أقرأ لعالم من قبل مثل هذا النص قبل علي حين قال: (تعلموا العلم وان لم تنالوا به حظاً).

وفي مجال تعلم قراءة القرآن ومعرفة آياته يقول الامام (وتعلموا القرآن فانه احسن الحديث، وتفقهوا فيه، فانه ربيع القلوب، واستشفوا من نوره شفاء الصدور، وأحسنوا تلاوته فانه انفع القصص). وفي مجال مجالسة العلماء والحكماء واصحاب التجارب يقول الامام (ع): أكثروا من مدارسة العلماء ومناقشة الحكماء) ويحث على مجالسة اصحاب التجارب للاعتبار والاتعاظ بهم. ويقول في مجالسة العقلاء:
(جالس العقلاء، أعداء كانوا ام أصدقاء، فأن العقل يقع على العقل). وفي مدحة لاصحاب القلم يقول: (عقل الكاتب في قلمه). وفي مجال فضيلة العلم يقول: فالعلم مقياس تطور الامم والشعوب ومعيار تفاضل البشر لذا فقد قسم الناس الى ثلاثة اقسام:عالم رباني، ومتعلم على سبيل نجاة، وهمج رعاع أتباع كل ناعق، يميلون مع كل ريح، لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجئوا الى ركن وثيق. وفي مجال الحياة يقول :لا تطلب الحياة لتأكل، بل أطلب الأكل لتحيا. وقال ابن عبد البرفي الامام: ان أقوال علي، قيمة كل أمرىء ما يحسنه) لم يسبقه اليه احد. لقد ادرك الامام ان ما يميز الانسان هو وجود القيم الخلقية والفكرية والثبات على العقيدة، فهما معنى الحياة وبدونهما لاحياة لبني الانسان. علمتنا ياسيدي كيف يكون الانسان، لكن قتلتنا لنعيش في مجتمع لا يعرف العرفان؟

 

هكذا أدرك ان الامة لا تتقدم الا بالعلم والعلماء ونحن نقتلهم اليوم، ونشردهم اليوم؟ أما كنت تردد دوما في صلاتك: (وقل ربِ زدني علما) كما قالها القرآن؟

 

كان علي يدرك ان بالعلم تسموا الانسانية الى حيث قهر الطبيعة، واذلال البيئة لصالح الانسان. يقول:

(أقلُ الناس قيمة أقلهم علما، فلا يجوز تقديم الفاضل بوجود الافضل، ولا يترك الاعلم بوجود العالم، هذه هي عقيدته وليس كما نرى اليوم كيف ينتقى الجاهل بوجود العالم. لا بل يقتل العالم ليسود الجاهل في مجتمع الخنوع والركض وراء الأهواء ومغريات الزمان.


وفي مجال العدل، قال الامام::العدل هو تنزيه الله تعالى عن فعل القبيح، وهو اصل الشفاء والبلاء، والعدل صفة كريمة من صفات الله فهو (العدل الذي لا يجور). وقد امر سبحانه بالعدل (يا داود انا جعلناك خليفة في الارض، فأحكم بين الناس بالعدل
). فالعدل امر تقريري من وجهة نظر الامام واجب التطبيق فهو فرض عين.

نظر الامام الى المجتمع نظرة الفاحص المدقق في قضية العدالة والحكم بين الناس، ونقل ما جاء في القرآن من نص الى واقع، فقد كتب لولاته يخاطبهم: (يا ولاة امور الناس، فلا يكن حظكم في ولاياتكم مالا تستفيدونه ولا غيظاً تشفونه، ولكن أماتة باطل وأحياء حق) فالناس صنفان أما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق فلا تجوروا عليهم ..فأين انتم من علي يا أصحاب السلطة اليوم؟


وكتب لابنه الحسن المجتبى يقول له ناصحاً: (يا بني اجعل نفسك ميزاناً فيما بينك وبين الناس فأحبب لنفسك ما تحب لانفسهم، وأكره ما تكره لها، ولا تظلم كما لا تحب ان تُظلم، وأحسن كما تحب ان يُحسن اليك، وأستقبح في نفسك من تستقبحهُ من غيرك، وارضي من الناس، بما ترضى لهم من نفسك).

وفي مجال احقية المال يقول الامام: أنتم عباد الله والمال مال الله وكل شيء مأخوذ منه بدون وجه حق، فهو مردود في بيت المال فان الحق القديم لا يبطله شيء. ومن ضاق عليه العدل فالجور عليه أضيق.

هكذا يتجلى في عقيدته،حتى حسبه البعض مثاليا، لم يكن الامام مثالياً، بل كان واقعياً، لان المثالية نوع من الخيال الذي لا يدرك، انه واقعي النزعة والعقيدة، وهذه هي عقيدة الاسلام.


وفي نظرية العقل قال الامام: ان القرآن ليس نظرية تتعامل مع الفروض، انه منهج شامل يتعامل مع الواقع. فقالت المعتزلة وهي فرقة علمية الاتجاه، نحن نلتقي مع الامام في نظرية العقل حين جعلوا الحرية المنطلق الاساس للتفكير مستندين الى ايات الاختيار كما في سورة الكهف 29والبقرة 256، وقالوا نحن مع الامام حين جعل العقل هو الحجة،

ويقصد الامام بالحجة الدليل والبرهان، لانه يرى ان العاطفة اقوى من العقل لانها مركبة في الطبع، في حين ان العقل مكتسب، لذا لابد من عقيدة راسخة حتى يبقى العقل في موقع الصدارة، وكان يدرك ان الحق والعقل الراجح لا يفترقان حين قال (ان الحق أحق ان يتبع، ففيه ينظم المجتمع وينسجم الحاكم والمحكوم، وبه تتحقق مصلحة الامة).

ويقول في مجال تطبيق الحق على الناس دون تمييز (وأياك والاستئثار بما الناس فيه أسوة، فلا يكون المحسن والمسيء عندك بمنزلة سواء والزم كل منهم ما الزم نفسه). فأن افضل قرة عين الولاة استقامة العدل في البلاد وظهور مودة الرعية .

وفي مجال السلطة يقول الامام: انها وسيلة لتحقيق حكم الله في الارض ونشر العدالة الاجتماعية. وقد صدق الامام فالقوانين لا تنفذ الا خوفا من العقاب، ولا سبيل الى ذلك الا بالعقاب والثواب. وحدد مهام السلطة باربعة ابواب: هي

  1. الامان

  2. والاطمئنان

  3. والكفاية

  4. والعدل

لينعم الجميع بها فهي النهج القويم. ويقول:على الحاكم ان يكون منصفا عدلا، فلا كثرة الناس حولي تزيدني رفعة ولا بعدهم عني تزيدني ذلة، لكن كلمة الحق لم تبقِِ لي من صاحب. يقول الامام الشافعي في كتابه الرسالة بحق الامام علي: (ما هذه المعجزة، لقد ادرك علي الحق بما اراده الله، والعقل مضطر لقبول الحق).

لم يبقِ الامام شاردة وواردة الا وكتبها لعمالة لتحقيق دولة الاسلام الحقة التي جاء بها القرآن وطبقها محمد من قبله، حين يقول: لا تكن عبدا لغيرك، فالحرية والحق هما اساس الحكم في الاسلام. وفي مسألة اموال الدول يقول (انتم عباد الله والمال مال الله، يقسم بينكم بالسوية بقدر جهدكم وعلمكم وعملكم
).

كان الامام (ع) مدرسة فكرية بنظرته الثاقبة في الحكم، وبادارته نرى انه كان يرى ان مشهدا غريبا يكاد ينطق بصوت الكارثة القادمة وراء حجب الليل البهيم. نعم صدق ما كان في ظنه وحدسه فقد جاء معاوية من بعده ليقلب موازين الحياة عاليها سافلها من اجله واجل بني امية الذين ساسوا الناس بالظلم والعدوان. وكانت عاقبتهم الذل والهوان والخسران.

وختاماً نقول: كان الامام (ع) ملكا في نفسه، متواضعا في مجتمعه، سعيدا في معرفته، فقيراً في عيشه، بسيطاً في حياته، عظيماً في مدركاته، عزيزا في عدله، قديسا قي أيمانه، نبياً في تجرده.


هذه هي ميزة المثل العليا لانسانية الانسان،هذه هي حياة فيلسوف مؤمن بآسمى صور الفلسفة، ولكن من أين يأتي بالذي يريد، كان الموقف صعباً، أدركته الخطوب وأحاطت به النوازل، وحاصرته الاحداث حتى قال له اصحابه الخلص: يا أبا الحسن لا تخرج الى مسجد الكوفة فالخوارج يتربصون بك الدوائر. فقال لهم بكلمته المعروفة (من لم يستطع ان يواجه الناس عليه ان يتخلى عن حكمهم). صدقت يا امير المؤمنين؟ فأين أصحابك اليوم الخائفين من الناس، والمختبئين في جحورهم حتى أبيضت جلودهم التي لا ترى الشمس.

بعده توقفت نظرية الاسلام، حين اصبحت الدولة تحتاج الى سند شرعي لا يعترف بشرعيتها، فكانت كالشجرة التي جفت عروقها وماتت قبل آوانها, وهكذا ماتت الدولة الاسلامية تحت ضربات الاعداء.
ان من يدعي اليوم بالتشبث بالانتماء لاهل البيت الاطهار عليه ان يتمسك بمثلهم ومبادئهم، لا بمظهريتها، فهم والمظهرية على طرفي نقيض.انهم التطبيق العملي لنظرية الحق والعدل على الارض، فهل نحن مستعدون لها؟

سلام عليك يا أمير المؤمنين يوم ولدت ، ويوم تعود حيا، لتملأ الارض عدلا بعد ان مٌلئت ظلماً وجوراً. فوالله سيدي دونك كل الآنام ........

سيدي الأمير ....؟