Back Home Next
 

عن الشّعائر الحسينيّة

آراء الكاتب

نزار حيدر
NAZARHAIDAR@HOTMAIL.COM

 

اولا: لا أحد قال بأنّ الشّعائر الحسينيّة من أصول الدين، فلمْ يبشّر أحدٌ، مثلاً، من لا يمارسها بالنّار مثلاً او بغضب الجبّار، ولذلك فإننا مخيّرون بين ان نُمارسها او لا نمارسها، وبين ان نمارسها كلّها بلا استثناء، او ان نمارس بعضها حسب قناعاتنا.

ثانيا: لا احد قال بان الشعائر الحسينية كلها صحيحة وسليمة، وكلها ورد فيها حديث او قول لمعصوم، فهي تختلف في مدى قربها او بعدها من النص الديني، كما انها تختلف في درجة الشرعية، فبينما مارس بعضها رسول الله (ص) شخصياً وائمة أهل البيت (ع) وبين من لم يمارسها احدٌ منهم على الإطلاق.

ثالثا: لا احد قال بأنّ الشعائر الحسينية ليست بحاجة الى ترشيد وتهذيب وتطوير وتزكية، حالها حال أية شعيرة اخرى من شعائر الاسلام، حتى الواجبة منها.

ولكن السؤال: مٓنْ هو المسؤول عن ذلك؟ انا الجاهل الذي لا أحسن قراءة آية في كتاب الله العزيز؟ ام ذاك الذي لا يؤمن بالإسلام أصلاً ويجهر بكفره والحاده؟.

انّ شؤون الدين مسؤولية العلماء والمراجع الفقهاء الأمناء على الرسالة، فهم وحدهم الّذين يحق لهم ان يحددوا لنا ما هو حلال وما هو حرام وما هو مستحب وما هو مندوب من الشعائر الحسينية.

ليس ذلك من حق كاتب او باحث او خطيب او (روزَخون) او مُعمم (آخر زمن)  او أفندي لم يسبغ وضوءه او صلاته.

واذا أراد احدٌ منهم ان يناقشها، فليفعل ذلك بكل أدب واحترام، بعيداً عن الاستهزاء والطعن والتشكيك، فليقُل رأيه بلا فتوى، وان ينقل النصوص والاراء بكل أمانة، فلا يكذب او يدّعي او يجتزئ من النصوص.

رابعا: يعتقد البعض بأنّ بعض الشعائر الحسينية يسيء الى سمعة التشيّع والى سمعة الحسين (ع) ونهضته وتضحيته، واقول:

الف: انا شخصياً اتابع الاعلام الغربي تحديداً في ايام المحرم وعاشوراء من كل عام، لا أقول كلّه، بل جلّه، فلم أر لحد الان ما يشير الى انّهم يستهزئون بالإسلام بسبب شعيرة من الشعائر الحسينية، فمن اين عرفتم بانها تهين او تسيء الى الاسلام في شيء؟.

وأقول جازما وبالفم المليان، فان من يوظّفها للاستهزاء بالحسين (ع) هم احد اثنين؛ اما تكفيري ارهابي ناصبي، او (شيعي) جاهل مهزوز ومهزوم.

جرّبوا وستعرفون دقّة ما أقول.

باء؛ لو ان كل ما يستهزيء به الغرب علينا ان نتركه جانباً، تعالوا اذن:

نترك الزواج ونلجأ الى ثقافة (بوي فريند).

تترك نساءنا الحجاب وتخرج سافرات.

يحدد الشّباب والصبايا مواعيد لقاءاتهم من الان فصاعداً على سواحل البحار والمحيطات، وبملابس السباحة لكلا الجنسين.

بل يتركن ملابسهن في المنزل ويخرجن عراة.

نهدم بيت الله الحرام ونترك الحج.

نترك (٩٠٪) من عاداتنا وتقاليدنا وثقافاتنا.

وهكذا وهكذا.

جيم: بحمد الله تعالى فان الإرهابيين الذين يحزّون الّرقاب امام عدسة الكاميرا ويجلدون النساء ويقطعون الرؤوس ويقيمون الحدود والتعزيرات المخادعة، لم يؤمنوا طرفة عينٍ لا بالحسين (ع) ولا بشعائره.

وهؤلاء هم من اكثر مصادر إهانة الشريعة والاستهزاء بها ليس من قبل الغرب فحسب، وإنما حتى من قبل المسلمين انفسهم.

خامساً: يا شيعة الحسين (ع) اليس من المعيب ان نجرد سيوفنا على بعضنا كل عام مع حلول شهر انتصار الدم على السيف، شهر الحسين السبط عليه السلام، محرم الحرام؟ اليس من المُخجل ان نتفرّق ونتخاصم ونتسابب ونتلاعن ويُسقّط بعضنا بعضاً على أُمورٍ نحن نعرف متيقّنين قبل غيرنا انّنا أعجز من ان نغير بها او نبدل او نصلح؟.

لماذا تضيّعوا الحسين (ع) بهذه الخلافات؟ لماذا تضيّعوا أهدافه ومبادئه ومنطلقاته وشعاراته بهذه الخصومات الثانوية؟ لماذا تضيّعوا دمه، أهل بيته، أصحابه، رضيعه، نحره، تُربته، بهذا النزاع الذي ليس له طائل؟.

ليمارس كلّ واحدٍ منّا ما يعتقد انه صحيح ويجزي ويبرئ للذمة من الشعائر بلا كلام، وبلا تهجّم على الآخرين، فليس في صفوف من يمارسون الشعائر فقط من لا يصلي مثلا او لا يلتزم بالواجبات، ففي صفوف الحجاج كذلك وفي صفوف المصلّين وفي صفوف المزكّين، كذلك هناك عناصر فاسدة حتى النخاع. فهل يجوز لنا ان نمنع الصلاة او الحج او الزكاة بمثل هذه الحجج او الاعذار؟.

سادساً: اخيراً، لنتوقّف عن نشر اي مقطع فيديو او مقال او خبر، يسيء الى أية شعيرة من الشعائر الحسينية، خاصة القديمة جداً، فمن المعروف بأنّ الموقف من المسائل الدينية يتطور ويتبّدل ويتغيّر، خاصة اذا لم يرد بشأنه نصاً صريحاً وواضحاً، فكيف تريدون منّا ان نلتزم بفتوى مرّ عليها نصف قرن مثلا او اكثر او اقل؟ والا فما هو دور المرجع المعاصر اذن؟ اين التجديد وإعادة النظر؟ اين الاجتهاد اذن؟.

أيها الاحبة، لا تكونوا سبباً للعن الماضين منهم عندما تنشر لهم رأياً قديماً، و (العاقل يفهم).

لنتذكر دائماً وابداً بان المتديّن الذي يمارس الشعائر الحسينية يتبع المرجع والفقيه الذي يقلّده فقط في تحديد حلّيتها او حرمتها.

اما غير المتديّن فهو لا ياخذ لا بفتوى مرجع ولا بفتوى خطيب ولا بفتوى مثقّف ولا بفتوى (شيوعي) اليس كذلك؟.