Back Home Next 
 

قصة إنشاء ترامواي بغداد:
تذاكره تطبع في لندن،
ويستقله الطلاب مجانا


ارتبط تاريخ ترامواي "بغداد- الكاظمية" بولاية الوالي مدحت باشا على بغداد وإصلاحاته الواسعة بالنسبة إلى فترة حكمه القصيرة التي دامت ثلاث سنوات، فقد أدرك هذا الوالي المصلح حاجة بغداد العاصمة العريقة لأعظم حضارة شهدتها الدنيا إلى كثير من الإصلاحات وبالأخص في مجال وسائط النقل، إذ نالت هذه البلدة من الخراب وعوامل التأخر ما يحز في نفس كل إنسان مؤمن بتقدم البشرية نحو الأفضل

كانت الحيوانات هي وسيلة السفر البرية السائدة في العراق طيلة العهد العثماني، فأدخلت العربة إليه كوسيلة متطورة من وسائل السفر

وكانت أولى العربات في العراق هي عربات (الترامواي) التي أسسها الوالي مدحت باشا، فكان ثاني حدث مهم بعد الباخرة في تاريخ النقل في بغداد

 

وعربة الترامواي (الكاري) ذات طابقين تجرها الخيول على سكة من حديد، وكانت شائعة الاستعمال في اسطنبول وبعض المدن الأوروبية آنذاك، فقد لاحظ مدحت باشا أهمية مدينة الكاظمية وارتباط مصالح كثير من أهاليها وتجارها ببغداد، وكثرة الزوار وبالأخص في المناسبات وما يعانيه الجميع من مشقة التنقل مع أمتعتهم بواسطة الدواب ففيها من الصعوبة والأضرار الكثيرة ومعاناة أخطار البرد والحر الشديدين والمطر وتعرض الكثير للسلب والنهب إذا امتد الوقت إلى المساء، فقرر هذا الوالي تأسيس شركة مساهمة تقوم بإنشاء سكة ترامواي بين بغداد والكاظمية.

وتأسست الشركة في أيار من عام 1870 كشركة مساهمة اشترك فيها جماعة من أثرياء وتجار بغداد والكاظمية، بتشجيع من مدحت باشا الذي كان شديد الرغبة في إنجاح المشروع، وطرحت أسهم الشركة في الأسواق بقيمة ليرتين ونصف الليرة للسهم الواحد وهو ما يساوي (250) قرشاً وحدد عدد الأسهم بستة آلاف سهم ليكون مجموع رأس مال الشركة مليون وخمسمائة ألف قرش، وقد عقدت الآمال لإنجاح المشروع. وكانت الزوراء الجريدة الرسمية تعلن بين فترة وأخرى عن شدة إقبال الناس على شراء الأسهم، فصارت الأسهم تباع بكثرة حتى أحصي ما بيع في العشرة أيام الأولى فبلغ (784) سهماً وأستمر بيع الأسهم حتى بلغ (5000) سهم فبقيت كذلك بدلاً من (6000) سهم كرأس مال ثابت للشركة.

ولما تجمع لدى الشركة المال الكافي من بيع الأسهم أرسل مدحت باشا إلى مصانع بريطانيا يطلب منها المواد والأدوات اللازمة وسار العمل في المشروع بنجاح كبير، مدت السكة لمسافة سبعة كيلومترات بين بغداد والكاظمية من قبل عمال عراقيين على نسق ما كان يجري في خط سكة حديد الألمان بين بغداد وسامراء قبل الحرب الأولى وبنفس العرض. وتكون لدى الشركة ورشة عمل من النجارين وعمال الميكانيكا الفنيين يعملون بهمة واستمرار على صنع بقية أجزاء العربات محلياً، وعندما اكتمل المشروع بدأت العربات تجري بنجاح فائق، حتى بلغ ربح المشروع عشرون بالمائة من قيمة الأسهم، فوزع بعضه على أرباب الحصص وخصصت نسبة منه تسديداً للدين في نهاية كل سنة.

كان رأس السكة في أول الأمر يصل إلى بداية الدور من الجعيفر فارتأت الشركة تمديد خط السكة في داخل الكرخ إلى مقربة من الجسر تسهيلاً للركاب، وفي أيلول من سنة 1871 اتخذ قراراً باستملاك الدور الواقعة على الطريق إلى حد (خستخانة الغرباء) الواقعة في جانب الكرخ، والتي أقيمت على أنقاضها اليوم البناية الجديدة التي أشغلت من قبل العيادة الشعبية للاختصاصين في الكرخ وتحويل المركز إلى هناك، وفعلاً بوشر بالاستملاك وتنفيذ العملية وتحول مركز الترامواي إلى البناية التي أعدت لهذا الغرض والتي كانت تقوم على الأرض التي هي اليوم مدخل الشارع المرصف الذي ينفذ إلى جسر الشهداء والمطل على الساحة الكبيرة أمام إعدادية الكرخ للبنات، فاحتاجت الشركة لإنجاز هذا التوسع الجديد إلى خمسمائة متر من شطوب الحديد وغيرها من المعدات والآلات مع ثمانية عربات للطريق أستوردتها من أوروبا. وظلت الشركة تسير بنجاح إلى أن رفع مدحت باشا استقالته من الولاية وغادر بغداد في عام 1872، فبدأت الشركة منذ ذلك الحين تسير في طريق الإهمال والتدهور تدريجياً كأغلب المشاريع العثمانية، وظلت تقاوم حتى استطاعت أخيراً أن تحظى بمدراء أكفاء استطاعوا نظموا إداراتها وتسييرها بانتظام. إلى ان تقرر تصفية أعمالها في زمن الحرب سنة 1941 عندما استولت الحكومة على وسائط النقل البرية والبحرية، فانتقلت إدارة الترامواي إليها وانتهى هذا المشروع كشركة مساهمة. وظلت تدار من قبل الحكومة حتى ألقيت نهائياً بتاريخ 15/ كانون الأول/ 1946 واستعيض عنها بالباصات التي كانت تديرها أمانة العاصمة لتسهيل نقل الركاب في شوارع العاصمة وضواحيها، ومن ثم استحداث مصلحة نقل الركاب في العاصمة لتدبر أضخم جهاز نقل للركاب في العالم بأحدث الباصات والتي تحولت أخيراً إلى المنشأة العامة لنقل الركاب.


الكاري في رحلة المدام ديولافوا
زارت العراق السيدة ديولافوا الأديبة والمؤرخة الفرنسية برفقة زوجها المهندس مارسل ديولافوا ودونت مشاهداتها في رحلتها المشهورة سنة 1299 هـ/1881م وقد وصفت رحلتها من بغداد إلى الكاظمية بالكاري برفقة زوجها والدليل خادم القنصلية الفرنسية في بغداد وصفاً شائقا،ً والمتاعب التي جابهتها من جراء الإهمال الذي كانت تعانيه هذه الواسطة فتقول: «وفي هذا اليوم ركبنا من الضفة اليمنى من نهر دجلة الترامواي حيث تقع هناك محطتها لكي توصلنا إلى الكاظمية بفترة ربع ساعة أو عشرين دقيقة على أبعد احتمال.. ولكنها لم تكد تقطع نصف الطريق حتى توقفت عن السير وهبط السائق منها ورجانا أن نترك الترامواي. وسألت عن سبب هذا التوقف فقيل لي أن أرض منعطف الطريق الصغير الذي بلغناه قد خسفت، وإذا أراد الترامواي أن يتابع السير فلا محالة انه يسقط على الأرض.

وتضيف مدام ديولافوا بأنهم وضعوا عدداً من الحمالين لدفع حافلة الترامواي ونقلها إلى الجهة الأخرى بعد أن يتركها الركاب، وهذه العملية تتم في دقائق ثقيلة وبجهد جهيد يبذله أولئك المساكين، ولما كانت المسافة بين بغداد والكاظمية لا تتجاوز الفرسخ الواحد أي خمسة كيلومترات، كان من المنتظر أن يقطعها الترامواي في ربع ساعة أو عشرين دقيقة ولكن عملية النقل هذه لا تنتهي إلا في أكثر من ربع ساعة يقضيها الركاب في انتظار مر، لذلك يفضل بعضهم أن يقطع المسافة الباقية سيراً على الأقدام.

لقاء صحفي لمجلة (أمانة العاصمة) قديماً مع أبرز عمال الترامواي:
دخلنا سوق الخضراوات في الشواكة (الكرخ) لنجري لقاء قصيراً مع البقال حسين كاظم في دكانه بالسوق وهو أحد جباة الكاري الذي عايش مصلحة الجباية قرابة العشرة أعوام ولم ينفصل عنها إلا حين ألغي الترمواي في أواخر سنة 1946.
سألناه عن هويته وان يعطينا بعض المعلومات عن حياته الخاصة فابتسم ببراءة وبدأ يسرد:
- اسمي حسين كاظم من مواليد بغداد 1912 ومن سكنة محلة سوق حمادة بالكرخ وما زلت أسكن هذه المحلة، كنت أشتغل مع والدي المرحوم بقالاً في سوق حمادة قبل التحاقي بالخدمة في الترامواي، وعينت بوظيفة جابي في شركة الترامواي سنة 1926 براتب (25) روبية شهرياً وهو ما يساوي (1875) فلساً، وكان آخر راتب تسلمته ثلاثة دنانير وذلك في سنة إلغائه، وكنا نتسلمه على شكل وجبات أسبوعية تسمى (خرجية) وفي نهاية الشهر نتسلم ما يتبقى منه، وبعد أن صفت الشركة أعمالها وألغيت نهائياً سرح جميع العاملين فيها من الخدمة ومنحوا الإكراميات، وكانت إكراميتي خمسة عشر ديناراً بعدها التحقت بمصلحة نقل الركاب التابعة لأمانة العاصمة آنذاك بوظيفة فراش ثم تعينت فيها جابياً في باصاتها لمدة قليلة، ثم تركت العمل فيها ورجعت إلى مهنة والدي لأشتغل بقالاً في سوق الشواكة كما تروني الآن.

أسماء في الذاكرة:

من هم المدراء الذين تعاقبوا على إدارة الترامواي ومن هم الأشخاص الذين كانوا يعملون معك؟
- أتذكر من المدراء أحمد أفندي وجعفر جلبي وصادق حسن التكريتي وخليل السيد إبراهيم السامرائي ابن سادن جامع الإمام أبي يوسف في الكاظمية والسيد طاهر والد العقيد وصفي طاهر.

أما من الجباة فأتذكر منهم: عبد الواحد محمد علي خيوكة رئيس جباة في الكرخ، وقد اشتغل في أمانة العاصمة بعد ذلك، أما الآن فقد أحيل على التقاعد والمرحوم محسن اعكاب رئيس الجباة في الكاظمية وعبد المحسن سيد يعقوب من جباة الكاظمية.

أما من السواق فأتذكر منهم: عبود امسيباوي وحسن اعكاب وحسن اخيارة ومحمد أبو اللذيذة ومزعل وجمعة الخلف.

ومن العمال الفنيين النجار حميد الذي كان يشتغل في النجارخانة وكان موقعها ملاصق للكراج في الكرخ، وقد تعين بعد ذلك في دائرة الري ببغداد، والحداد وسائق الماكنة (الطرزينة) عباس ابن اسطة مبارك وهو من أهالي محلة بني سعيد والذي ترك بغداد ليشتغل في مدينة البصرة الآن..

كيف كان يجري العمل في الترامواي؟
وكنا نلتقي دائما بكثير من العاملين في الترامواي في المقهى قبل سنوات نستعيد مع بعضنا ذكريات الماضي ونروي قصة الكاري..!!
ثم ننتقل بالجابي إلى جانب آخر يصور لنا سير العمل من حيث الروتين المتبع ومكان وزمان انطلاق الكاري ومنتهاه، فتململ قليلاً معتدلاً في جلسته ثم قال: الكاري عربة تم استيرادها من لندن وصنع هيكلها في ورشة الدائرة التي كان موقعها ملاصق كراج الترامواي ويسمى (النجارخانة) في الكرخ قرب بيت النواب تجاه مدرسة إعدادية الكرخ للبنات، وقد أزيل الكراج المذكور والنجارخانة بسبب افتتاح الشارع الطولي بالكرخ وكانا يحتلان مدخل الشارع المطل على الساحة إعدادية الكرخ اليوم، والعربة تسير على سكة حديد ويجرها الجياد بنسبة حصانين لكل عربة وتستبدل بغيرها في كل رحلة لتستريح في اصطبلاتها المعدة لذلك في الكرخ والكاظمية، فاصطبل الكرخ كان موقعه جانب الكراج وكان يحتل بناية مدرسة الكرخ الابتدائية للبنات اليوم، واصطبل الكاظمية كان موقعه في الشارع المؤدي إلى الكراج ويحتل بناية سوق بيت ماجد اليوم التي أشغلت دكاكينها لبيع الأقمشة وخياطة الدشاديش.. ولهذه الخيول سياس يرعونها ويسهرون على ترتيبها، وكان عددها يقارب العشرين حصاناً، أما مصدر اقتنائها فأما أن تباع من سماسرة الخيول أو تجلب من فرقة الخيالة التابعة للجيش، وكذلك تستخدم الخيول التي تصبح غير صالحة لسباق الخيل فتباع من أصحابها أيضاً لهذا الغرض.

كان تحرك أول عربة من الكرخ الساعة السادسة صباحاً وآخر عربة تذهب إلى الكاظمية الساعة العاشرة مساءً، والفاصل الزمني بين تحرك عربة وأخرى ربع ساعة في الأوقات الاعتيادية من النهار، وتقطع المسافة في نصف الساعة يتوقف الترامواي خلالها بضع دقائق في مراحل معينة: الأولى في منطقة الجعيفر حيث مقص السكة الذي ينظم سير العربة على السكة لتحاشي الاصطدام بين عربتي الذهاب والإياب، والمرحلة الثانية في منتصف الطريق في منطقة العطيفية قرب المنطقة جامع براثا اليوم، والمرحلة الثالثة في منطقة الشوصة في الكاظمية حيث مقص آخر للسكة ينظم السير عليها أيضاً، ثم يستأنف السير من هذه المرحلة حتى تنتهي وتستقر في الكرخ بالكاظمية الذي لا يزال بناؤها ماثلاً للعيان إلى اليوم وهو مشغول من قبل بائعي الحلويات والكعك وموقعه في نهاية سوق الاسترآبادي.

أربعون عربة وأربع ساحبات:
وكان عدد العربات التي تمتلكها الشركة يقارب الأربعين عربة والصالحة للاستعمال منها تتراوح بين (10-15) عربة وعدد الساحبات البخارية التي كنا نسمي الواحدة منها (الطرزينة) أربع ساحبات وكانت تستخدم بدلاً عن الخيول في أوقات الزيارات والمناسبات الأخرى للتخفيف من شدة الزحام وتحقيق السرعة، وقد استوردت هذه الماكنات من لندن زمن مديرها علي صائب جلبي ابن عبد القادر الخضيري مع عدد البطاقات الذي كان يستخدمه الجباة، ثم ألغي العداد وأصبح فرض البطاقة باليد كما هو عليه الحال الآن في المنشأة العامة لنقل الركاب.
وكان تصميم العربات في بادئ الأمر مكون من طابقين من دون سلم ثابت، فيرتقي الركاب إلى الطابق الثاني بواسطة سلم متحرك ينزع من العربة بعد أن يحتل جميع الركاب مقاعدهم فيه، ثم الغي الطابق الثاني في هذه العربات، وأخيراً استعملت العربات ذات الطابقين وبسلم ثابت طبقاً للعربة المعروفة في منتزه الزوراء.

 

تذاكر الكاري تطبع في لندن!!
وكنا نستخدم بطاقات مطبوعة في لندن من ذات الدرجتين، فالدرجة الاولى ثمنها (2) انه ويساوي (4) قروش والدرجة الثانية (3) قروش وذلك في زمن الاحتلال البريطاني، وفي زمن الحكم الأهلي أصبح ثمن بطاقة الدرجة الأولى (9) فلوس والثانية (7) فلوس ثم توحدت الأجور بعد ذلك بعشرة فلوس وبدرجة واحدة إلى أن ألغيت نهائياً.

أشخاص اعتادوا ركوب الكاري!!
وأتذكر من الأشخاص الذين اعتادوا ركوب الكاري بصورة دائمة ومنتظمة أربعة أشخاص من أهالي الكاظمية كانوا هم ركاب أخر كاري ينطلق من بغداد إلى الكاظمية الساعة العاشرة مساءً وهم من أصحاب المصالح في بغداد. السيد جواد الخانجي في رأس الجسر، وعباس الضامن دار صاحب بساتين في منطقة العطيفية حيث كان يقضي فترة المساء بالسمر مع معارفه وجلاسه في مقاهي رأس الجسر في الكرخ ثم يعود إلى بيته آمناً مطمئناً بآخر كاري مساء، والحاج عباس البقال وكان دكانه قرب حمام رأس الجسر، والحاج عبد الرزاق الحلاق في رأس الجسر والذي ما يزال دكانه القديم عامر بالزبائن من أبناء الجيل الماضي، ويقع في الجانب الفرعي مقابل محل الحاج جواد الشكرجي في شارع الحدادين قديماً.

الكاري يفضل على السيارات الفارهة!!
ومن الشخصيات البغدادية التي اعتادت ركوب الكاري مفضلة إياه على السيارات الحكومية الفارهة هو المرحوم نظيف بك الشاوي، ورئيس أركان الجيش كان أيضاً يفضل الركوب بالكاري من منطقة سكناه بالعطيفية الى الكرخ ثم يذهب إلى مقر عمله في وزارة الدفاع ماشياً عبر جسر الشهداء فسوق السراي فشارع جديد حسن باشا.


الكاري يتوقف أسبوعاً كاملاً!!
ثم انتقل الحديث إلى الحوادث المهمة أو الطريقة التي وقعت للترامواي أثناء خدمته فقال:
- من الحوادث التي صادفتني يوم توقف العمل لمدة أسبوع كامل سنة 1941 أثناء الحرب لأسباب أمنية استثنائية فتضايق الناس كثيراً وتذمر أصحاب المصالح واضطر الكثيرون أن يركبوا الدواب أو يسيروا على الأقدام في الحالات التي تستوجب ذلك.
وكانت تحدث الحوادث المؤسفة أثناء السير وبالأخص في وقت الزيارات حيث تكتظ العربة بالركاب ويحاول البعض أن يتسلق في أجزاء العربة ويتعلق الآخرون بالقضبان وأطر النوافذ وتبدو الحافلة للناظر وكأنها أكداس بشرية تجري على الأرض، فيذهب ضحية ذلك عدد من الركاب في كل مرة، وهناك حوادث مؤسفة أخرى يسببها الكاري لغير الراكبين عندما يخترق طرق وأزقة الكرخ الضيقة في سوق الجديد والست نفيسة والتكارتة والجعيفر فيتعرض أطفال هذه المناطق إلى حوادث الدهس المختلفة.

حادثة اصطدام القطار بالكاري!!
أما من الحوادث الطريفة والمهمة الأخرى يوم اصطدم القطار بعربة الكاري في نقطة تقاطع السكتين في منطقة الشالجية فتضررت الخيول وتصدعت بعض أجزاء العربة وخزان النفط إلا أن العربة لم تنقلب بل استدارت دورة كاملة من شدة الصدمة ولم يصب احد من الركاب بأذى سوى راكب واحد أذهله هول الحادثة فأخرج لسانه من بين أسنانه فأطبق عليه فقطع جزء
ا منه فأثر ذلك على نطقه وهو السيد الاطرقجي في سوق الخفافين في بغداد والذي مازال حي يرزق (أمد الله في عمره)!

أقدم بطاقة للأشخاص في الكاري وكانت تسمى بغداد تيموريل شاهانه سي ورقم البطاقه عليها وصنف الجلوس لمدينة كاظمين ون ومعناها ذهاب فقط ( ون ) ...

مشكلات الجابي مع الركاب:
وكانت تصادفني مشكلات مع بعض الركاب وهو أن بعضهم لا يدفع أجرة البطاقة ويحاول أن ينسي الجابي ويفوت عليه فرصة التفتيش خاصة في أوقات المناسبات عندما يكتظ الكاري بالركاب، وكنا نعالج هذه الحالة بإنزال المخالف من العربة عقوبة له خاصة إذا عرفناه يكررها مراراً، والبعض الأخر نرأف بحاله فندفع له بطاقة ركوبه ونتسلم منه أجرتها ومنهم من يفلت من قبضتنا وبالأخص في أوقات الزيارات.

طلبة المدارس بين تخفيض الأجرة وإعفائهم منها:
وكذلك تحدث نفس المشكلة مع طلبة المدارس في الكرخ بالرغم من أن لهم تخفيضاً بنصف الأجرة لمن يبرز هويته منهم. ثم بلغنا مدير الترامواي السيد جعفر جلبي بإعفاء الطلاب من أجرة الركوب والأخص الذين يستخدمونه للذهاب والإياب من والى مدارسهم أو الذين اعتادوا الذهاب إلى ساحة لعبة كرة القدم في منطقة الشالجية لمشاهدة بعض المباريات بين الفرق المتقدمة في هذه اللعبة، وكذلك بالنسبة للطلاب الذاهبين إلى منطقة الشاطئ في العطيفية حيث تتم مراجعة الدروس تحت ظلال الأشجار الممتدة على شاطئ دجلة بعيداً عن الضوضاء وصخب المدينة في موسم الامتحانات النهائية الذي يصادف في بدأ فصل الصيف.

انتهت الرحلة الجميلة للترامواي في بغداد ولم تبق إلا ذكرياته الجميلة..