Back Home Next 
 

قصة تأسيس ألمدرسة الجعفرية ببغداد في أيام الحكم العثماني

بقلم احمد الخالدي

في سنة (1324)هـ (1908)، استورد التاجر البغدادي الحاج سلمان ابو التمن سماورات من الهند وكانت اعدادها محدودة جدا وغير معروفة في العراق (السماور هو جهاز لغلي ماء للشاي، ويصنع من صفائح الفضة والبرونز الاصفر والابيض)، وكلمة سماور فارسية معناها (ثلاث معطيات)، اذ انه يتألف من ثلاثة اقسام، اعلى لوضع الفحم، وسط للماء، اسفل يتجمع فيه الرماد، متقنة الصنع، جميلة الشكل، حلوة المنظر، وفي أول نزولها للسوق نالت اعجاب الناس في ذلك الزمان وأقبلوا على شرائها ونفذت من الأسواق فور طرحها وخلال  فترة قصيرة 

 

 ولما علم  الحاج سلمان بذلك أمر كاتبه اليهودي (شمّيل سوميخ) بان يكتب برقية بطلب كمية اخرى مضاعفة منها لحسابه، فمرر اليهودي برقية ووقعها له سلمان ابو التمن، وذهب بها الكاتب الى البريد ليبرقها الى مومبي  في الهند .

وبعد اكثر من شهر ظهرت السماورات ولكن في حانوت عباس محبوب اغا ولم تصل لمحلات الحاج سلمان في الكاظمية والشورجة، وتبين بعد ذلك ان (شمّيل) طلب من أحد جماعته من تجار اليهود استيراد  تلك الكمية لحسابه  الخاص بدلا من الحاج سلمان، فدهش ابو التمن من خيانة كاتبه وطرده من الخدمة لديه، وقال له احدهم بعض اصدقائه لو كنت تتقن اللغات الأجنبية لما استطاع كاتبك ان يستغفلك ويتسبب في الحاق الضرر بك ولو كان أحد أولادك يتقن اللغات الأجنبية لاستعنت به ولما حدث ذلك. من هذه الحادثة تولدت فكرة فتح مدرسة لتعليم اللغات الانكليزية والالمانية والفرنسية للنشيء العراقي الجديد من ابناء المسلمين .

في اول الامر تردد ابو التمن معتبرا ان الفكرة من الكفر والمروق عن الدين، لكن اصحاب الفكرة ألحوا عليه فطلب منهم أخذ فتوى من السيد محمد سعيد الحبوبي، وفي اليوم التالي جاء ابو التمن مع احد اصحاب الفكرة وذهبا الى محطة الترامواي الذي نقلهم الى الكاظمية حيث منزل الفقيه الحبوبي، وبعد النقاش معه وسرد قصة السماوارات وان العراقيين من غير المسلمين فقط يحتكرون مهنة المحاماة واتقان اللغات الاجنبية، فهل بالامكان فتح مدرسة للمسلمين لتعليمهم اللغات، فقال الحبوبي انكم تشكرون على الفكرة لانها ضرورية وقال (من تعلم لسان قوم أمن مكرهم).

اجتمع الحبوبي في دار ابي التمن للترويج للفكرة بحضور السيد عبدالكريم السيد حيدر، والشيخ جواد تويج، وبعد فترة اجتمع كل من مهدي الخاصكي، عبدالكريم حيدر، علي السيد مهدي البغدادي، جعفر السيد هاشم، امين الجرجفجي، داود ابو التمن، سلمان ابو التمن، الشيخ شكر الله قاضي المحكمة الجعفرية ببغداد في مسجد الحاج ابي التمن، وتم تقديم طلب الى الوالي باللغة التركية لاستحصال موافقة باجازة المدرسة، وحصلت الموافقة.

تم اختيار القاضي الشيخ شكر الله مديرا للمدرسة، لكن الشيخ المذكور لا يملك اية شهادة مدرسية عثمانية وانما درس على يد العلامة محمود شكري افندي الآلوسي، وكان الاقتراح ان يحصل على اجازة للتدريس من محمود شكري، وحرر الاخير له الشهادة وقدمت الى مدير المعارف، لكن جواب المعارف (ان هذه الشهادة لا تخول صاحبها ان يكون مديراً لمدرسة رشدية واعدادية)، بعدها تمت الموافقة عن طريق الوالي، وبعد فترة جاء كتاب من مديرية المعارف وجاء فيه (بناءاً على الطلب المتقدم بالعريضة المرقمة (1324) من قبل الشيخ شكر الله والسيد علي البغدادي، قد سمحت الولاية بفتح وتأسيس مكتب (الترقي الجعفري العثماني)، فنرجو تبليغ المستدعين بمراجعة مديرية المعارف لتلقي التعليمات اللازمة ودمتم).

بعد وصول كتاب مديرية المعارف، استأجرت هيئة المدرسة الدار التي كان يسكنها (ارستو) الطبيب اليوناني المشهور، وهي مجاورة لمسجد الحاج داود ابي التمن بعشرين ليرة عثمانية من الذهب في السنة والمتبرعون للمدرسة الجعفرية اول مرة هم:

السيد جعفر السيد هاشم (30) ليرة ذهب.

الحاج داود ابو التمن (50) ليرة ذهب.

أمين الجرجفجي (40) ليرة ذهب.

الحاج مهدي الخاصكي (20) ليرة ذهب.

في 8 / 7 / 1921 آدار الامير فيصل المدرسة الجعفرية، وقد اعدت المدرسة احتفالاً فخماً دعت اليه كثيرا من الزعماء والعلماء والادباء والشعراء وعلية القوم منهم نوري الياسري، علوان الياسري، محمد الصدر، محمد بحر العلوم، عبد الكريم الحيدري، عبد الواحد سكر، سالم الخيون، جعفر العسكري، باقر الشبيبي، احمد الداود، عبد المجيد الشاوي، ابراهيم ناجي، الشاعر عبد الحسين الازوي، الشاعر جميل صدفي الزهاوي، محمد مهدي البصير، كامل الدجيلي، وغيرهم، وتبرع عدد من الحاضرين للمدرسة، اما الشاعر جميل صدقي الزهاوي فليس لديه ما يتبرع به فقال:

 فاليسعد النطق ان لم تسعد الحال

 

لا خيل عندك تهديها ولا مال

 فصفق له الجميع وقام جعفر العسكري متبرعاً بدله.

 

ملاك المدرسة الجعفرية عام (1923):

المدير ـ الحاج كمال.

المدرسون ـ محمدرضا الفتال، ملا مصطفى، عبد الستار الشيخلي، صادق الملائكة، سامي خونده، نوري ثابت، الشيخ جواد الزنجاني، كاظم شكاره، عزيز البغدادي، احمد مدحت، ناصر عوني.

ومن أوائل طلبتها كان:

عبود زلزلة، حسام الدين الهادي، جعفر الخياط، جميل كبه، حسن الصباغ، عبد الصاحب الملائكة، عبد المجيد محمود، ضياء شكاره، جعفر حبة.

 

From:    http://www.gilgamish.org/viewarticle.php?id=studies-20090816-20588

 

من ابرز معالم محلة صبابيغ الآل: المدرسة الجعفرية ....

كان مقرها في اول تأسيسها في الدارالتي يسكنها الدكتور ارسطو بجوار مسجد الحاج داود ابو التمن، ثم انتقلت منها الى دار الحاج يوسف الازري الواقعة في محلة سوق الغزل . ومنه انتقلت الى بنايتها الجديدة .

واول من تولى رئاسة جمعيات المدارس الجعفرية وادارة مدرستها هو الشيخ شكر الله بن احمد، منذ تأسيسها سنة 1908 الى 1918 وهو من علماء بغداد والكاظمية

وقد ساهمت شخصيات معروفة في الهيئة الادارية لجمعية المدارس الجعفرية على مر السنين . نذكر منهم : سلمان داود ابو التمن / صالح جبر/فاضل الجمالي /جعفر الشبيبي / عبد الكريم الازري /عبد الهادي الجلبي / صادق البصام / سلمان مهدي التميمي .