ـ وُلد عبد الفتاح الجندلي عام 1931 فى منطقة جب الجندلي في حمص . أرسله أبوه عام 1949 الى بيروت لدراسة العلوم السياسية في الجامعة الأميركية، ثم سافر الى أمريكا عام 1950 ليدرس العلوم السياسية في إحدى جامعات نيفادا، ودخل فى علاقة غيرشرعية مع زميلته (جوان كارول شيبل) أثمرت طفلا ، سارع عبد الفتاح الجندلى وبعد أسبوع من ولادة الطفل الى عرض الرضيع على من يتبناه.وتبناه الزوجان (بول جوبز) وزوجته (كلارا) فى كاليفورنيا . وسمياه (ستيفن بول) .
هذا الرضيع السورى الأصل (ستيفن بول) هو الذى أصبح فيما بعد واحدا من أعظم رجال الأعمال فى العالم ومن أعظم المخترعين فى عصرنا ، هو (ستيف جوبز) . هو المؤسس والمدير التنفيذي السابق ثم رئيس مجلس إدارة شركة (أبل) وهو أيضًا الرئيس التنفيذي لشركة (بيكسار) ثم أصبح عضوًا في مجلس إدارة والت ديزينى ، وهو مخترع جهاز الماكنتوش (ماك) بأنواعه ، وهو مخترع ثلاثة من الأجهزة المحمولة وهم (آيبود) و(آيفون) و(آي باد). هو صاحب فضل على البشرية ـ لا يمكن إنكاره .
2 ـ نعود الى الأب السورى الذى تخلى عن طفله الرضيع وحذفه من ذاكرته ، إذ أنه بعد تنازله عن ابنه الرضيع بعشرة أشهر تزوج من رفيقته (شيبل) فى عام 1957 ، وأنجب منها ابنتهما (منى) فى نفس العام . وتحسنت أحوال عبد الفتاح جندلي بحصوله على الدكتوراة ، وصار أستاذاً في جامعة نيفادا في الستينيات ، فطلق زوجته في عام 1962 ، وأنكر معرفته بابنته .وتزوجت (جوان كارول شيبل) مرة أخرى وأصبحت ابنتها (منى جندلى) تحمل إسم زوج أمها (سيمبسون) . بينما إتجه عبد الفتاح جندلى إلى صناعة الأطعمة والمشروبات. ومنذ 2006، أصبح نائب الرئيس لأحد الكازينوهات في رينو فى ولاية نيفادا .
3 ــ ترك عبد الفتاح جندلى إبنا لا يعرف عنه شيئا وبنتا يعرفها وينكرها . وسطع إسم ستيف جوبز فى الاعلام ، وعبد الفتاح جندلى لا يعرف أنه إبنه . وأصبحت إبنته (منى) روائية مشهورة باسم (منى سمبسون) وهو أيضا لا يعرف شيئا عنها . في الثمانينات وجد (ستيف جوبز) أمه بالولادة، جوان شيبل سيمبسون، التي أخبرته عن أخته البيولوجية منى. وقابل (ستيف جوبز) أخته الشقيقة للمرة الأولى عام 1985 ، وأصبحا صديقين مقربين. أبقى الأخوان معرفتهما سراً حتى 1986 حين قدمته منى في حفل كتابها الأول .
4 ــ بعد أن قررا البحث عن والدهما، عثرت سيمبسون على والدها عبد الفتاح جندلي مديراً لأحد المقاهي. أخبرته إبنته منى بأن (ستيف جوبز) المخترع المشهور هو ابنه ، ولم يكن يعرف . جندلي أخبر ابنته أنه كان قبل ذلك يدير مطعماً قرب المكان الذى يعمل فيه (ستيف جوبز) وأنه “حتى ستيف جوبز كان قد اعتاد أن يأكل فيه”.
5 ــ قالت الأخت منى سيمبسون تحكى عن طفولتها بعد أن تركها أبوها : (نشأت طفلة وحيدة بأمٍ مطلقة عزباء. ولأننا كنا فقراء ولأني كنت أعلم بأن والدي قد هاجر من سوريا، فقد تخيلته يبدو كعمر الشريف. أملت أن يكون غنياً وعطوفاً وأن يأتي لحياتنا (وشقتنا التي لم تفرش بعد) ويساعدنا. لاحقاً بعد أن التقيته، حاولت تصديق أنه قد تركنا وغيّر رقمه ولم يدع خلفه عنواناً لنتواصل معه.)
6 ــ كانت مشاعر ستيف جوبز سلبية نحو أبيه عبد الفتاح جندلى . قال: “يوم كنت أبحث عن أمي الحقيقية، بديهياً كنت أبحث أيضاً عن أبي، وعلمت عنه القليل ولم يرقني ما علمت. سألت (مُنى) بألا تخبره أبداً أنها قابلتني…..وألا تخبره بشيء عني أبداً” جوبز بقي على اتصال متقطع بوالدته جوان سيمبسون، التي تعيش في دار مسنين بلوس أنجلوس. صرح ستيف جوبز عن والديه : “لقد كانا مخزناً لنطفتي، لا أكثر .”. كان يردد دائماً أن والديه الحقيقيين هما آل جوبز. طوال تلك السنوات لم يحاول ستيف جوبز لقاء أبيه حتى بعدما طلب الأخير ذلك علناً . ولم يلتق ستيف جوبز بوالده .. ومات جوبز فى 5 اكتبوبر 2011 فى حياة والده .نقلنا المعلومات السابقة عن ويكيبديا .
ويبقى أن نقول :
أولا :
1 ـ ليس لنا أن نُعمّم ونقول إن كل الآباء العرب الأمريكيين فى مثل ندالة عبد الفتاح الجندلى ، فالأب العربى معروف بحرصه على أولاده وبناته . ولكن نقول أن نذالة هذا الأب جاءت فى مصلحة الابن والبنت . تربيا بعيدا عنه فى رعاية أسرتين أمريكيتين وبيئة أمريكية خالصة وفاضلة ـ بالمفهوم الأمريكى ـ فأتيح لهما النبوغ ، البنت صارت روائية والابن صار (ستيف جوبز).!.
2 ـ المناخ الأمريكى الذى سمح للعربى السورى عبد الفتاح الجندلى بالتفوق ، وسمح له أيضا أن يكون نذلا ، هو الذى عاش فيه ابنه (ستيف جوبز) فأبدع وتألق . لم يكن ستيف جوبز متفوقا فى دراسته . نشأ جوبز في منزل العائلة التي تبنته في المنطقة التي صارت تعرف لاحقاً باسم وادي السيليكون، وهي مركز صناعات التكنولوجيا الأمريكية. التحق جوبز بالمدرسة فكان يدرس في فصل الشتاء ويذهب للعمل في الأجازة الصيفية، وشغف بالإلكترونيات منذ صغره فكان مولعاً بالتكنولوجيا وطريقة عمل الآلات. كانت أولى ابتكاراته وهو في المرحلة الثانوية عبارة عن شريحة إلكترونية، ورغم ضعف اهتمامه بالتعليم المدرسي تعلق ستيف بالمعلوماتية، وقام بدورة تدريبية . وتخرج جوبز في مدرسته الثانوية، والتحق بجامعة ريد في بورتلاند بولاية أرغون، لكنه لم يحقق النجاح بالجامعة، فرسب في عامه الأول وقرر ترك الدراسة بعد فصل دراسي .ولم يقف جوبز ساكناً بعد تركه للدراسة بل سعى لتنمية مهاراته في مجال التكنولوجيا والإلكترونيات، وواصل الطريق الى أن بزغ نجمه فى عالم الاختراعات ورجال الأعمال ، بلا شهادة جامعية . هناك ملايين العرب والمصريين ، يحملون شهادات جامعية دون ان يعرفوا كتابة جملة عربية صحيحة ، وهناك قادة ينشرون التخلف السلفى ويؤمنون بالتداوى بشرب بول الابل ورضاعة الكبير وهم من خريجى الكليات العملية.
3 ـ العادة فى دولة المستبد الشرقى أن المتفوق فى عمله تلاحقه اللعنات جزاء تفوقه حتى يهرب أو يهرب . والعادة فى المجتمع الديمقراطى أن المجال للتفوق مفتوح للجميع ، وباب المنافسة مفتوح ، والأيدى مفتوحة لكى تأخذ بيد الفاشل حتى ينجح ، وليس مهما لونك أو دينك أو أن تكون ذكرا أو أنثى او غنيا أو فقيرا .. المهم هو عملك وإنجازك ، وما تقدمه من خير للمجتمع .
ثانيا :
من روائع ستيف جوبز هذه الرسالة التى بعث بها للعرب جميعا . قال رحمه الله جل وعلا : (لم أتعلّم منكم أي شيء فحاولوا أن تتعلّموا منّي شيئاً واحداً : تعلّقكم بالماضي لن يغيّر الحاضر، ناهيكم عن المستقبل .الماضي سيحبسكم في الماضي فإتركوه .دعوا أمجاد هوازن وإغارات مضرٍ و تميم ومعلّقات ابن كلثوم . كفاكم غزلاً في جميلات الأبل ! دعوا هذا الغباء الأثريّ. كل هذا لن يغيّر شيئاً يا عرب .أنتم تنظرون في الإتجاه الخاطيء يا أجدادي ..
نعم أنا عربيٌ مثلكم ، لكنّي لا أؤمن بالحسد و لا أؤمن بالغيبة ولا أؤمن بالخوف ولا أؤمن بالطالع ولا أؤمن بالتقديس ولا بالنفاق . أنا أؤمن بالعمل ، أؤمن بالإنجاز ، بالإتقان . أنا لا أؤمن بالأمس .أنا فقط أؤمن بالغد رغم أنه لم يأتِ بعد، لأني أراه الآن .هل تفهمون ما أقصد ؟! أنا لا أتكلّم عن أحلامٍ في منام تتحقق وحدها ! أنا أتكلّم عن عملٍ أبدؤه اليوم وينتهي غداً إلى حقيقة وإلى نتيجة!.
أجدادي العرب: كلّما نظرت إليكم وتمعّنت فيكم .. لم أر شيئاً واضحاً ! سامحوني .!. قد لا أستطيع تغيير وضعكم ، لكنّي غيّرت مستقبل الإنسانية في التعامل مع التقنية على هذا الكوكب ، و سأستمر في تغييره ، لأني أستثمر وقتي في المشي إلى الأمام ، و ليس في تقبيل أقدام الشيخ الإمام . .. مع تمنيّاتي لكم بماضٍ سعيد .
حفيدكم المحب : ستيف جوبز .).
هذا هو الفارق بين صناعة المستقبل وكوابيس السلف الماضى .