أنّي
كنتُ أتْـلو سورةَ الرحمن
نـزار قـبّاني .. كي لا يقولَ المُخبرُ السِّرِيُّ :
Nizar Kabbani
لمْ يبقَ فيهِم لا أبو بكرٍ .. ولا عثمان
جميعُهُم هياكـلٌ عظمية في متحفِ الزمان |
|
تساقطَ الفرسانُ عن سروجِهم |
|
واعتُـقِل المؤذنونَ في بيوتهم |
|
واُلْـغِيَ الأذان
جميعُـهُم .. تضخَّـمت أثـدائُهم |
|
|
وقدّموا نساءَهم هدية لقائد الرومان |
|
ما كان يدعى ببلاد الشام يوما |
|
|
يدعى (يهودستان)
اللهْ ... يا زمان...
|
|
لم يبقَ في دفاترِ التاريخ |
|
وانسحبوا إلى مقاهي الموت والنسيان
جميعهم تخـنَّـثوا
تكحَّـلوا...
تعطَّروا...
تمايلوا أغصان خيْزران |
|
حتى تظنَّ خالداً ... سوزان |
|
ومريماً .. مروان
اللهْ ... يا زمان...
... |
|
جميعُهم قد دخلوا جُحورَهم |
|
واستمتعوا بالمسكِ ، والنساءِ ، والرَّيْحان
|
|
جميعُهم : مُدَجَّـنٌ ، مُروَّضٌ ، منافِـقٌ ، مزْدَوجٌ .. جـبان |
|
هلْ ممكنٌ أن يَعْـقِـدَ الإنسانُ صُلحاً دائماً مع الهوان؟
اللهْ ... يا زمان
..
...
هل تعرفونَ من أنا ؟! |
|
مُواطنٌ يسكُنُ في دولة ( قـَـمْـعِـسْـتان(
وهذهِ الدولة ليست نُكتة مصرية |
|
او صورة منقولة عن كُـتُبِ البَديعِ والبيان |
|
فأرضُ (قـَمعـِستان) جاءَ ذكرُها
في مُعجمِ البُلدان ...
وإنَّ منْ أهمِّ صادراتِها |
|
مصْنوعة من جسدِ الإنسان
اللهْ ... يا زمان ...
...
هل تطلبونَ نُـبْذةً صغيرةً عن أرضِ (قـَمعـِستان(
تِلكَ التي تمتدُّ من شمالِ أفريقيا |
|
تِلكِ التي تمتدُّ من شواطئِ القَهرِ إلى شواطئِ |
|
القـتْلِ
إلى شواطئِ السَّحْلِ ، إلى شواطئِ الأحزان
..
وسـيـفُها يمتـدُّ بينَ مَدْخلِ الشِّـريانِ والشريان |
|
مُلوكُها يُقـرْفِصونَ فوقَ رَقـَبَة الشُّعوبِ بالوِراثة |
|
ويَكْرهونَ الورقَ الأبيضَ ، والمِـدادَ ، والأقْـلامَ بالوراثة |
|
وأول البُـنودِ في دُسْـتورها: |
|
يَقـضي بِأنْ تُـلْغَى غريزَةُ الكلامِ في الإنسان
اللهْ ... يا زمان
...
...
هل تعرفونَ من أنا ؟! |
|
مُواطنٌ يسكُنُ في دولةِ (قـَمْعـِسْـتان(
مُواطنٌ ...
يَحْـلُمُ في يومٍ من الأيامِ أنْ يُصبِحَ في مرتبة الحيوان |
|
مُواطنٌ يخافُ أنْ يَجْلسَ في المقهى .. |
|
لكي لا تـَطلـَعُ الدولة من غياهبِ الفنجان |
|
مُواطنٌ أنا .. يَخافُ أنْ يقرَبَ زوجته |
|
قُبيلَ أن تُراقبَ المباحثُ المكان |
|
مٌواطنٌ أنا .. من شعبِ قـَمْعـِسْـتان
أخافُ ان أدخلَ أيَّ مَسجـدٍ |
|
كي لا يُقـالَ أنّي رَجُـلٌ يُمارسُ الإيمان |
|
كي لا يقولَ المُخبرُ السِّرِيُّ
: |
|
أنّي كنتُ أتْـلو سورةَ الرحمن |
|
|