Back Home Next

الانسان  والحقيقة  والدين .....اين نحن منها اليوم ؟
آراء الكاتب

د.عبد الجبار العبيدي
jabbarmansi@yahoo.com

مصطلحات ثلاثة مرتبطة ببعضها كونت الحياة الانسانية على الأرض. فالأنسان: يعني آدم ومن جاء من بعده من البشر حين عرف التجريد، وجمعهُ الناس، لذا فالقرآن خاطب الناس كل الناس، ولم يقتصر على جنسٍ معين، ومن الانسان أُخُذت كلمة الآنس خلاف الوحشة. ويبقى الانسان هو التجربة الانسانية على وجه الارض التي قدسها التنزيل الحكيم (وكرمنا بني آدم ).                          

والحقيقة جاءت من الحق وهو نقيض الباطل وجمعهُ حقوق، وهو مصدر مُؤكد لغيره.

أما الدين: فهو الجزاء وهو الحساب ومنه قوله تعالى (مالك يوم الدين)، والدين الطاعة والأستقامة وجمعهُ آديان، والدين هو أيضا العادة والشأن . وتقول العرب هذا ديني وعادتي ومنه اشتقت العادات والتقاليد التي سادت عصر ما قبل الأسلام . والمصطلحات الثلاثة تمثل الفكر والحرية والعقل عند العرب قبل وبعد مجيىء الاسلام.

لكن الغريزة عند الانسان هي اقوى من العقل لذا اكسبت عنده المقدرة على الاختيار وصار عرضة للخطأ بها كما في حالات الاجرام والعدوان على الناس والاموال والاعراض في حالة الافراد، لذا حذر منها الدين وقاومتها النفس الأنسانية المستقيمة. نلاحظ كثيرا أن الغريزة تنجح في حالات كثيرة جدا في التغلب والسيطرة على العقل وتذليله لرغباتها كما في محاولتها دفع الانسان الى ابتكار وصنع ادوات التدمير والتخريب او في الهبوط بالانسان الى مستويات الاباحية والفوضى الخُلقية في ارقى المجتمعات. لذا من الخطأ القول بأن هناك جماعات كاملة التحضر او جماعات على الفطرة تماماً، فلكل جماعة حضارتها والفرق في المستوى.

خلال مسيرة التاريخ الانساني امكننا ان نقوي حدسنا- بما قالته الاديان قديما وفلاسفة التاريخ وعلماء الاجتماع والنفس حديثا – بضرورة خضوع الحياة الاجتماعية والنفسية لقوانين اساسية محددة على الانسان ان يعرفها ويلتزم بها ولا يحق له أختراقها، والا فان جواب الكون لكل من عصى هذه القوانين هو الحاق المصائب به.

اغلب الظن ان نجاح الحياة الاخلاقية والاجتماعية عند الشعوب يقف على قواعد محددة تحدد القاعدة الخاصة بخط العدالة وتطبيق القانون كما يقول العلماء، وان كانت هناك قوانين آلهية اكثر منها توكيدا، (انظر دائرة المعارف العلمية). وحتى نريح ونستريح علينا ان نؤمن بهذه القوانين التي خلقت مع النشأة الأولى للأنسان، ومنها جاءت الحياة والكون، وبالأيمان بها نحقق السعادة لأنفسنا ونتقي المصائب  التي هي جواب الكون والحياة لكل من عصى واخترق هذه القوانين، وهذا هو الاسلام الصحيح قبل ان تأتي الآديان ويعترف بها الأنسان. فالدين ليس عبادة وخضوع وعادة وتقليد بل هو قوانين ألزامية من يخرج عليها يخرج على مستلزمات الأنسان والحقيقة والدين.

من هذا المنطلق الفلسفي الصرف هل يمكن للاسلام ان يعالج مشكلات العصر؟، ومشكلات الحياة دوما؟ هذا ممكن اذا ملك الاسلام آيديولوجية الحياة وهو يملكها، وتتمثل في قانون استمرار الحياة، وقانون تكائر الانواع، وقانون ارتقاء العقل.

ويبقى السؤال المهم جدا هو:

 هل ان نظام الحياة الفكري والعلمي الذي جاءت به الكتب السماوية – خاصة القرآن– يصلح ان يكون مُعبرا عن علاقات وقوانين الواقع الانساني بابعاد الزمان والمكان والمجتمع حاضرا ومستقبلا؟ لم يعطينا التفسير الفقهي الترادفي القاصر شيئا من هذا القبيل، واذا كانت هذه القوانين قد طرحتها آيديولوجية الدين، فماهو نظام الحياة الفكري والعملي الذي جاء به القرآن؟. هذا لازال غامضا وتحت الحدس والتخمين الى اليوم أيضاً بعد ان عجز التفسير عنه. او قل انهم لا يعلمون عنه شيئا، فهم وتأويل القرآن على طرفي نقيض، فالتأويل العلمي للعلماء وليس للفقهاء وهذه احدى اشكاليات الاسلام المستعصية اليوم، بعد ان استخدم النص لمصلحة السلطة لا للناس.

 واذا كان مقياس الصلاحية هو ملاقاة علاقات وقوانين الواقع الأنساني حاضرا ومستقبلا، فما هذه العلاقات والقوانين؟ وكيف واجهها الدين؟ ليس لدينا من وكلاء الدين من جواب. وماهي الحركة التاريخية الصاعدة نحو المستقبل؟ وهل كان الدين في صفها؟ ونبقى دون جواب أيضا، لأنهم لا يعلمون. لكن الجواب ينحصر في القرآن نفسه حين يقول (وهديناه النجدين،البلد، 10 ) والمراد بالنجدين الطريقان، طريق الخير وطريق الشر، ليختار أيهما بحسب ما يهديه اليه عقله فالمراد بذلك نعمة العقل التي تتجه بالانسان نحو المستقبل الصاعد لخير البشرية، وصدق رسول الله حين قال : (لا فضل لعربي على أعجمي الا بالتقوى) والتقوى هنا هي جماع فعال الخير وما يقدمه العقل تطبيقاً.

وياليت مناهجنا الدراسية تكتشف هذه الحقائق الذي لا زالت غامضة عند طلابنا الاعزاء.

مجتمعات عربية واسلامية يغلفها الدين دون معرفة لظواهره وأساسياته وعند كل المذاهب مع الأسف، هنا يجب النقاش في هذه النقطة المحرجة حول ملائمة الدين لفطرة الانسان، فالأيمان مزروع في الفطرة السليمة، وهو محتاج الى ايقاظها بالتأمل والتدبر، فقد جاء الدين لنعمة البشرية لا لقتلها. يقول الحق على لسان ابراهيم: (اني وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين، الانعام 79)، والحنيفية هي التطور، اي متطورا ومتبرءً من أعداء الأنسانية، واذا كان كذلك فما هي قوانين الفطرة الانسانية التي طرحها الدين لتطبيقها في الارض؟ هي احكام خلق الكون ومن حوله، وقوانين العدالة المطلقة، وأخوة الأنسان وواجبية الألتزام والتنفيذ وهي لازالت في المجهول. لذا فالسلام هو اساس الاسلام في الحياة الانسانية كلها، وهو نقيض الحروب والأعتداءات (ان الله لا يحب المعتدين). فكيف سُخر الاسلام للحرب عند مجيئه لقهر الشعوب الاخرى منذ البداية؟ الم يكن ذلك تجاوزا على الدين وخلقَ سلبية عند الشعوب على العرب الفاتحين؟  والدين يدعو الى حرية الانسان دون اكراه؟.

 لابد هنا من الدخول في الواقع الانساني الوجودي، عالم الزمان والمكان والانسان  وتاريخه ووعيه بعد ان بلغ سن الرشد بمجيء الأديان كما يقول القرآن (اليوم أكملت لكم دينكم) اي مجيء مرحلة تحمل الأعباء. فأذا كان سن الرشد يأتي من الماضي البعيد، فلا بد للحكمة التي قام البرهان على حقيقتها، هو العيش الرغيد بكل مسمياته الحديثة لكل الناس دون سلطة غاشمة، وليس من حق الحاكم شرعا وقانونا الأستئثار بها، فأذا كانت الشيوعية قد طرحت شعارا (لا سلطان يحكم) فان الأسلام سبقها بمئات السنين، حين رفض الدولة الدينية وطالب بالدولة المدنية متمثلا في وثيقة المدينة.

لذا نحن نطالب ان يكون الجزاء للفرد في الدولة على قدر المواهب والجهد المبذول ومستوى ذلك الجهد من الدقة وعدمها ونصيب العلم والخبرة في العمل، والابتعاد عن كل أمر مرهون بما يقوله الحاكم، بل ان الامر شورى بين الحاكم والمحكوم. لقد آن الآوان لنكون لنا فلسفة خاصة بالتقدم وبناء الوطن، وعلى اساس هذه الفلسفة نقوم ببناء نظرية سليمة تصلح ان تكون اساسا جديدا للنظر في مصلحة الامة ونبتعد عن الوعود التي ملننا منها دون نتيجة تذكر.

والحقيقة ان الانسان اذا لم يعرف المعرفة الضرورية التي تربط بينه وبين غيره في المجتمع الواحد –حقاً وصدقاً-  تلبست الوحشية في فكره وسيرته، وبذلك يكون بأناة متبرماً بكل أحد، وبكل شيء، ويزداد سخطا وهلعاً وقساوة مع نفسه والاخرين، ولربما يصبح أقسى من الذئب على أخيه الأنسان بعد ان تسيطر الغريزة عليه، وهذا فعلا ما تطرحه افكار التطرف اليوم في كل المذاهب دون تمييز، وهي تعلن بلسانها الله أكبر وباليد الخنجر الذي يجز الرقاب بدون وجه حق كما في القاعدة والتكفيريين والمذهبيين المتعصبين، وهو ما نرفضه قولا وعملا. هنا يصبح الانسان في لحظة اختيار في اللاعودة.  فهل بأمكانه بعد هذا الشعار المخالف لأنسانية الأنسان ان يختار؟ ومعرفة كيف يختار؟ ان الاختيار يجب ان يكون في قوة المجتمع الذي يوقف الظلم ويرد السلطة عن هواها اذا هي أرادته، لذا لابد من حرية فكر وحرية تصرف حقيقية مكفولة بالقانون، وهذا مفقود في عالمنا العربي اليوم. بعد ان فقدت الحقوق والمطالبة بها يعرضك لأبشع المهالك.

وعلى اساس من الوعي الخُلقي يجب ان تنشأ القوانين النافذة للمعاملات وبذلك يتحسن شكل الحياة ويسود التفاؤل ويعم التقدم سائر نواحي النشاط الانساني، وهنا يصبح التفكير القانوني في التحسن والتقدم عقيدة. وهذا ما حدث في كل دول التغيير السياسي –كما في جنوب افريقيا مثلا– والذي سار سيرا بطيئا حتى تكامل اليوم واصبح لكل فاقدي الحقوق حقوقا وواجبات كونت منهم مجتما اقل ما يوصف اليوم بالمجتمع المستقر المتقدم، ونحن لا زلنا نعاني رغم مرور عشر سنوات على التغيير.

نحن نتوجه اليوم للمخلصين من قادتنا الى عدم تقسيم البلاد الى قطع صغيرة جدا، حتى اصبحت خارطة الوطن كأنها رقعة مزينة بقطع الفسيفساء الصغيرة، سموها بالمحافظات المستقلة ذاتيا ومنحوا المحافظين صلاحيات صرف الاموال وكأننا اليوم في سويسرا او النمسا وهم يعلمون ان المحافظ من الشعب والشعب لازال بعيدا عن مرحلة تكامل الوعي السياسي عنده. وفي غياب سلطة مركزية قوية انعدم الامان على النفس والمال والطريق، فقلت حركة الناس وضاعت حقوقهم وسط عصابات الرشوة والفساد، وتكرشت بطونهم واصابهم الخمول ولربما الامراض من جراء اطعمة مستهلكة لا سلطة تقيس عليها في النوعية والتاريخ بعد ان فقدنا الجهاز المركزي للتقييس والنوعية. فاصبح التاجر حر في جني الارباح الفاحشة دون رقيب لدرجة ان الادوية اصبحت تباع في دكاكين الوراقين. والمقاول حر ينهب دون ضمير.

في هذا المجتمع المتفكك وجدت الجماعات الضالة  فرصتها الكبرى في فرض سلطانها على الناس بعد ان ملكت سلطة القانون في ظل فساد استشرى في كل اجهزة الدولة حتى عند رجال القضاء والقانون، مادامت الحكومة لم تعد قادرة على السيطرة. فأي نصيحة نقدمها واي حقيقة نسعى لمعرفتها بعد ان أظلموا بالجهالات،

والحقيقة لا تنير نفساً قد أظلمت بالجهالات، فالحقيقة نور.

لذا لابد من الأختيار كي لا يقع الانسان في محنة الزمن، فالأختيار العاقل الراشد هو الأساس. من يُعلم الانسان الاختيار الصحيح غير الحاكم العادل –وهو عندنا مفقود–ومنهج الدراسة القويم –وهو عندنا مفقود–  فأذا كان المنهج من صنع المتزمتين القساة في مدارسنا اليوم من عشر سنين، فكيف يتعلم الطالب بما يتفق وكيفية الاختيار الصحيح، ويتوجه نحو المستقبل بعزيمة وتوكل في البحث عن الثوابت  والمستقرات التي يحيل من خلالها الظلام الى نور، والتعدد الى وحدة والعداوة الى آلفة’ والمذاهب الى دين؟ فأن استطاع تمكن من الرشد والانسجام مع الحق والاستقامة بدلا من الفوضى والتعدد والتشتت والتناقض. وعلى الحاكم ان يعي عدالة القانون، بعد ان ضاع المجتمع في متاهات التناقض والتناحر والانتكاس السياسي  والا هو سيقع غدا تحت طائلة القانون .

اذا تمكنا من اجتياز المصاعب بمنهجية علمية نرى ان الشعب أسرة واحدة، وان الانبياء والرسل بغض النظر عن الرسالات فهم أخوة، وان الدين واحد، فلا يكون التنوع الا من اجل الوحدة، فلا شعب مختار، ولا عنصرية، ولا طائفية مذهبية، ولا قدسية الا لله وحده، أنظر الآية 174 من سورة البقرة، فهي كلها من صنع اعداء الدين والمنتفعين منها، ولا تفرقة بين الانبياء والرسل، فكلهم رسل وانبياء الله، ولا أكراه في الدين، فالدين واحد مع تعدد المراحل الزمنية. تصور أخي القارىء كم كان الله حكيما في النص حين طرح مفهوم الحرية ويطرح الوحدة ويطرح الانسانية في آية واحدة دون شروح،  (لكم دينكم ولي دين)..

هذا الطرح الرباني العظيم يدعو الى نظام اجتماعي عماده الأخوة في الدولة الواحدة، فلا أستبداد بالرأي، ولا استعباد، ولا أستغلال، ولا حكومة سيطرة وتفرد، انما الشورى والتكافل والتضامن، تحت أعمدة السلام والعدل وتحرير المستضعفين  واصلاح وفوز وتطبيق القوانين، وهذا هو هدف التغيير، لكن الجهلة لا يعلمون حين يعدون التغيير جاه ومال دون تفكير وليس في الدنيا أخطر من العيش بدون تفكير. فهل يستحق الذين انحرفوا بالنص قيادة الأمة وهم يتلاعبون بالنص الديني كما يرغبون ويشتهون ؟ وتصور لو ان المنهج الدراسي مبني على الاسلام الصحيح كيف سيكون التفكير عند الاجيال القادمة من الأنارة في القول والعمل والتطبيق؟.

هذا ما أدركته شعوب أوربا فأستطاعت الأفلات من عنق الزجاجة دون مبالاة بالزمن والتنظير.  مع التشديد على تحرير العقل من التقليد وتحديده بالديمقراطية الصحيحة لا بدكتاتورية الاحزاب، ليسمونها أحزاب اسلامية من مخترعاتهم اللغوية، فالاسلام رفض الحزبية (كل حزب بما لديه فرحون) او تحايل مرضى العقول بجنون العظمة، وسيطرتهم على الدولة واستبداد المخادعين مستندين الى جهاز دعائي ضخم يتولاه وعاظ السلاطين، واليوم ينوب عنهم كتاب المواقع الالكترونية من المارقين الذين قيدوا فكر الحاكم واجبروه على الخطأ وهذه المواقع المتداخلة هي واحدة من المؤامرة على الوطن والحاكم بحجة حرية الرأي في الدولة، وما سموه بالفوضى الخلاقة. وعلى ولي الأمر ان يفهم ان الناس يتربون بالتجربة الواقعية لا بالمواعظ، او بذكر أخبار السالفين.

اذا ابتعدنا عن هذا المسار الخاطىء تصبح لدينا الجرأة على مقاومة الحاكم الظالم لتكون السيادة للشرع والسلطة للأمة وترشيح أهل الرأي لمن هم أهلا لأدارة حكم الدولة، وها نرى مجلس النواب جاء في غالبته من غير المنتخبين، أذن من يدافع عن المظلومين؟ ومن يضع القوانين المنصفة للمواطنين؟ ومن يردع المتجاوزين  الهاربين باموال الناس ومكتسبات القوانين؟ وهل ان الشرطة الدولية عاجزة عن جلبهم لمحاسبتهم ام هم شركاء التنين؟ هذه جريمة يرتكبها الحاكم يحاسب عليها بالقانون، ومن طلب الأمر لا يعطى له، والفضوليون كُثاربعد ان أصبحوا اليوم هم المعتمدون، ورحم الله أمرء قال كلمة الحق في وجه سلطان جائر.

ولا اريد ان اغرقكم في التفاصيل، لكنها ترجع كلها الى الفارق بين المنهجية القرآنية –المغيبة عنا اليوم–  التي جعلها الله اساس الدفع الغيبي لتاريخنا ووجودنا وبين السلوك العام الذي تدرجت فيه التجربة العربية الاسلامية منذ الزمن البعيد.

ان التوجه  القانوني الصحيح يعطي للانسان تنزُه  في الفكر عن الوثنيات بحيث لا يطأطىء المواطن رأسه الا للحق، (لا لجاه زعيم ولا لمال وطبقة ولا لعصبية)،  ومن لم يستطع فعليه ان يتنحى ليفسح المجال للاخرين المخلصين، فالدولة ليست ملكا لأحد. هنا يتنظم الكل في وحدة واحدة، والكل في مربع الارباح الدنيوية والأخروية، الحاكم والمواطن معا.هنا تنتظم الحياة بترتيب كما عرضها القرآن (لكم دينكم ولي دين). فهل تملك الشعوب التي تقدمت علينا احسن من هذا النص في كتبها الدينية ؟ .

سؤال بحاجة الى الف جواب ممن ضيع علينا الدين والدنيا معاً.

 

 Back Home Next