Back Home Next

جذور السلفية وانواعها

مقتبسة من تهافت الاصولية لشاكر النابلسي
 بقلم الدكتور رضا العطار بتصرف

ridhaalattar@yahoo.com

السلفية هي الثدي الدافئ المُرضع للأصولية، ظهرت في القرن الثامن عشر في مجتمعات تقليدية صحراوية وبدوية شبه بدائية في الجزيرة العربية. وكان احد ابرز اعلامها الرئيسيين الشيخ السلفي محمد بن عبد الوهاب (1703 – 1792) ، الذي أسس المذهب الوهابي السلفي في الجزيرة العربية. ولم يقتصر انتشار الوهابية على الحجاز وقطر وانما انتشر بعد ذلك في كل من سوريا ومصر والمغرب العربي.
فقد شهد العالم العربي في القرنين التاسع عشر والعشرين، اربعة انواع من السلفية، تميزت بمواقعها الجغرافية وكانت كل واحدة تختلف عن الاخرى في طروحاتها ومفاهيمها وهي:

1 – السلفية الشامية: التي نشأت في بلاد الشام، انها كانت تدعو الى التخلف والعودة الى الماضي المناقض للحاضر، وكان هدفها استنساخ تجارب الماضي وتطبيقها على الحاضر. وقد ناصرت هذه السلفية الدولة العثمانية ونادت باستمرار الخلافة الاسلامية، نكاية بالمسيحيين في مصر وبلاد الشام وتحفظت هذه السلفية على الحداثة. ولا شك في ان هذه السلفية قد ساعدت على قيام مجموعة من الاحزاب السيباسية الاسلامية، كانت امتدادا للاحزاب السياسية الاسلامية المصرية، كحركة الاخوان المسلمين وغيرها.

2 - السلفية المصرية: كانت هذه السلفية تعني بالتراث والتمسك به مع عدم رفض المعاصرة. وكان شعارها الاستنارة بالتراث كما كان هدفها محاربة الافكار التنويرية التي جاءت من اوربا. وقد ناصرت هذه السلفية الدولة العثمانية ونادت باستمرار الخلافة الاسلامية نكاية بالاحتلال البريطاني لمصر. وحاربت هذه السلفية الحداثة وافكارها وبفضلها تحقق قيام مجموعة من الاحزاب السياسية وعلى راسها جماعة اخوان المسلمين، ثم مجموعات كبيرة من الجماعات الاسلامية الارهابية التي تكاثرت وتنوعت في النصف الثاني من القرن العشرين.

3 – السلفية الخليجية: كانت هذه السلفية تعني العودة الى سيرة السلف مع التحفظ على المعاصرة وكان شعارها احياء التراث. اما هدفها فكان القضاء على الطقوس الدينية وناصبت العداء للدولة العثمانية وثارت عليها واعتبرتها عدوة للدين الصحيح. وحققت هذه السلفية قيام كيان سياسي ديني سلفي بقيادة آل سعود، وكانت بذلك اول حركة دينية استطاعت ان تحقق اهدافها السياسية كاملة وتنشر دعوتها خارج منطقة منشأها - - - وهي المملكة العربية السعودية التي لم تعرف الحداثة. ولم تتصدى لها بشكل شرس الا في الربع الاخير من القرن العشرين. وكان ابرز هذه التصديات ما صدر في السعودية من كتب واشرطة من قبل الاصوليين، اشهرها كتاب عوض القرني
(الحداثة في ميزان الاسلام) وكتاب سعيد الغامدي (المجزرة) الذي نال عليه درجة الدكتوراه مع مرتبة الشرف من جامعة الامام محمد بن سعود في الرياض. وفي هذا الكتاب تأكيد على قول سلفه عوض القرني من ان دعاة التجديد وكتابها وشعراءها ومفكريها في العالم هم كفرة يجوز قتلهم.
ويعتقد هذا (الدكتور) ان الحداثة والعلمانية ماهي الا سموم فكرية ومفاهيم ضلالية وخمور فكرية وان الذين ينتمون لهذه الافكارهمهم (ترويج اصناف الزيف) وقد ضربت عليهم عماية الجهل، وان هؤلاء الممسوخين لهم نفوذ صارخ في اجهزة التوجيه والاعلام في كثير من بلاد المسلمين، وقضيتهم الكبرى استيراد الاراء الغربية والنظريات المتناقضة وتخدير احساس الامة بآلمسرحيات والرسوم والمقالات النقدية وغير النقدية من خلال الاثارة والجاذبية والمتعة الفنية عبر الشعر والرواية والقصة وتهريج الموضة وصناعة النجوم.

4 – السلفية المغاربية في المغرب العربي: كانت هذه السلفية تعني الرجوع الى سيرة السلف الصالح وليس الرجوع الى الوراء، وكان شعارها هو التحديث وهدفها محاربة الاستعمار والاستبداد في آن واحد. ولم يكن لها علاقة او موقف من الدولة العثمانية، لعدم خضوعها السياسي المباشر للباب العالي. وقد تبنت هذه السلفية الحداثة بتحفظ وناضلت ضد الاستعمار الفرنسي نضالا بطوليا مسلحا وطويلا واستطاعت ان تحصل لبلادها على الاستقلال. وكانت بالتالي نموذجا للسلفية الاسلامية التي اخذت بالتحديث من جهة ونالت الاستقلال السياسي من جهة اخرى.
* تهافت الاصول لشاكر النابلسي