Back Home Next 

 سر الاسرار : من خلق الله ...... ؟

 

عبد الجبار العبيدي

jabbarmansi@yahoo.com

 

قرأت مصادفةً مقالأ مختصرا للكاتب المعروف خضير طاهر بعنوان سر الأسرار ... من خلق الله ؟ الذي اعتدنا عليه في نشر غرائب المقالات بهذا العنوان طارحا أسئلة عديدة ومحيرة في الأجابة عليها.

من وجهة نظري ليست غريبة ولا محيرة، بل أن الطابع الفلسفي العميق يكتنفه الغموض دون تقييم . ان ما يعتقد به الكاتب المحترم ليس ألحاداً كما يعتقد البعض، لكنه من وجهة نظري هو قارىء رأسي لا يؤمن بسطحيات التفسير او التأويل الفكري،  بل يريد جوابا لكل سؤال يستند على المنطق والقبول،  فالدليل بنظره هو الحجة وهي نظرية الامام علي ( ع) في تثبيت النص (نهج البلاغة)، وهذا من حقه ونحن نعيش اليوم في عصرنة الثقافة بعيدا عن التفسيرات الميثيولوجية التي ما نفعت ابدا عبر العصور والتي تركت لنا كل هذا التخلف الفكري الى اليوم .

يقول الكاتب :من خلق الله؟ أو كيف خلق نفسه ؟ ولماذا الأديان نزلت متعددة؟ ولماذا الفارق بين الناس مادام الخالق واحدا؟ ولماذا العدل والظلم مختلف بين البشر؟ ولماذا الغنى المفرط والفقر المدقع بين الناس في الدولة الواحدة الغنية ؟ وامور اخرى كثيرة يطرحها الكاتب بحاجة الى الاجابة عليها.

أعتقد ان المرجعيات الدينية التي تزعمت قيادات الفكر الجمعي في المجتمعات التي تخضع للقاعدة الدينية،  هي الأولىَ التي يجب ان تجيب على الاسئلة المطروحة بتفسيرات مقنعة وعلى مثل هذه الاسئلة الصعبة، حتى لو أستندت الى الغيبيات التي لا يقتنع بها الكاتب ومثله كثير. لكن الصمت الذي يلازمها كما اعتقد لم يكن منطلقا من فتنة او ردة دينية كما تصور للعامة، بقدر ما هي ضعف في القدرة على الاجابة المقنعة للناس، وقد طرحت مثل هذه الأسئلة على رجال الدين المسيحي في العصورالوسطى فتبين أفلاسهم تماما في الرد المنطقي والأجابات المقنعة عليها (انظر كتاب دارون وكيف يُجيب). من هنا كانت الثورة على الكنيسة التي قادها لوثر وقتل من أجلها، وتلتها ثورة القس كالفن والتي أدت فيما بعد الى انفصال الكنيسة وتوجهاتها الدينية عن السياسة والذي تولد منها كل هذه النهضة الفكرية والعلمية والتكنولوجيا في اوربا.

من هنا بدأ العالم يتجه بأتجاهين:

  1. الاول نحو العلمانية البحتة التي اتخذت من الثورة العلمية طريقا لها في التقدم وفي الحقوق والواجبات كما في آوربا.

  2. وعالم اخر ظل باقيا ومرتبطا بالدين والسياسة معا وهو الثاني، مما جعل المرجعيات الدينية تسيطر على فكر العامة وتوجه الدولة بتوجهاتها المنغلقة والتي أدت الى تطبيق الفلسفة المثالية بعيدا علن الفلسفة المنطقية العلمية في التطبيق.
     

اذا دخلنا في التفسيرات الدينية وما يطرحه رجال الدين من تصورات سطحية فلا نصل الى نتيجة تذكر، بل سنخوص في بحر الظلمات والاقاويل المفبركة دون نتيجة تقال كما نراهم اليوم في العالم
الاسلامي المنغلق فكرياً تحت سيطر
ة الخرافات والاساطير، ولسوف نخسر الوقت والسؤال معا،  لأن ليس لديهم من علم منطقي يفلسفون به فلسفة الحياة والموت والخلق سوى قولهم: (هذا ما اجمع عليه العلماء وقال به رجال السلف ولا دليل، ولا ندري من هم العلماء ومن هم رجال السلف المعتمدين عندهم)؟ في الوقت الذي لم يفرقوا بين العلم والفقه، وبين العلماء والفقهاء، حتى عدوا كل من دخل الميدان الديني سموه عالماً، وهذا الخطأ المميت يجب ان تتنبه أليه المؤسسة الدينية لأصلاحه. وينسحب على ذلك ايضاً عدم التفريق بين التأويل والتفسير الترادفي الخاطىء فأوقعونا في خطأ التقدير.

الكاتب يحاول ومنذ فترة ان يقدم نظرة جديدة للأسلام،
وقوفا على النظرة الفلسفية والمعرفية للعصر الحديث. ويحاول ان يدخل في قوانين الصيرورة (التطور) وقوانين التغيير، لوضع منهج جديد يستطيع من خلاله تخليص البشرية من ظلم رجال الدين وسيطرتهم على أفكار المواطنين، وتخلف المجتمعات التي لازالت تحت رحمتهم في الاعتقاد والتنفيذ. يريدها معتقدات قائمة على البينات المادية التي زخر بها القرآن العظيم، ويريد ان يُفهم الناس
وهذا من حقه – ان حرية التعبير والرأي وحرية الاختيار وتحديد سلطة الدولة عن حقوق الناس بين المعتقد من عدمه، هما اساس الحياة الأنسانية حتى في مجمع الأديان نفسها. وهذا ما أقره الاسلام كما في قول الحق :( لكم دينكم ولي دين). وكما جاء في نص وثيقة المدينة للرسول (ص)، (أنظر نص الوثيقة في مكتبة المتحف البريطاني في لندن).

قبل ان نقول: من خلق الله؟ يجب علينا ان نقول: من خلق الكون؟ اعتقد انا شخصيا ان النظرية العلمية القائلة، ان ظهور الكون كان نتيجة الأنفجار الكوني الهائل الذي أدى الى تغير طبيعة المادة الحالية هو أقرب الى القبول،  ولربما يحصل الانفجار الأخر الذي سيؤدي الى تغيير طبيعة المادة وقد يهلك الكون الحالي ليحل بدلا منه الكون الأخر الجديد بقوانين جديدة للمادة تنهي صراع المتناقضات ليحل بدله صراع الخلود. فالحياة الدنيا متاع والاخرة هي دار القرار، غافر39 ) .وهذا ما أعتاد ان يسميه علماء الدين والكثير من المفسرين بقيام الساعة ويوم الحساب. وهو نتيجة حتمية لصراع المتناقضات في طبيعة المادة الكونية الأولى والثانية.ولكن بحسب النظريات العلمية الحديثة ان هذا القانون
صراع المتناقضات– حتمي لا راد له.

ولو تتبعنا الآيات القرآنية من الانعام (1) الى البقرة (117 )الى فاطر (1)، يتبين لنا ان الخلق والخالق ليس له من سابق، وان قول الخالق عز وجل بموجب الآية (7) من سورة هود: (وكان عرشه على الماء) اي على العنصرالمكون للوجود وهو الهيدروجين بأعتبار ان الماء هو الهيدروجين والاوكسجين 2/1. وتستمر المتناقضات بالتغيير مع بعضها البعض الى ان يحدث التغيير الثاني، وهذا ما جاء في الآية 104 من سورة الأنبياء التي تقول: (كما بدأنا اول خلق نعيده). فمن هو الخالق الذي خلق الكون وسيعيده مرة اخرى؟ هنا تسكت المصادر سوى تكهنات الفلاسفة المتطرفين الذين ينكرون وجود الله. ونحن نقول هو الله ولا جواب اخر، لجهلنا به ولعدم وجود نص يعتمد عليه في الثبت والتحقيق.

واذا تتبعنا الآيات القرآنية الكريمة في تغير الصيرورة فلا نجد من حالة الاستمرار الا عمل قوانين جديدة في كون مادي أخر. وبين الحدث المفاجىء (صرخة الصور) والهدوء يحصل الحساب السريع، فيقول الحق: (ويوم تقوم الساعة يُقسم المُجرمون ما لبثوا غير ساعة(الروم55). من هنا نستنتج ان
كل ما كتبه وألفهُ الفقهاء وكرادلة الدين محض هباء لا يستند على واقع ابداً، أبتداءٍ من الحساب السريع الى عذابات القبر وفبركة القصص الخيالية التي بها أخضعوا الرقاب لنظرية الخوف والخضوع لأفكارهم الطوباوية ليس الا؟

اعتقد بموجب النص ان قيام الساعة لا يعني انتهاء الحياة على الأرض بل ستكون هناك حياة اخرى تستعيد مشوار الحياة الأولى كما في قوله تعالى: (ونفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الارض الا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فأذا هم قيام ينظرون،الزمر 68). فالشمس سوف لن تنطفأ بهذه السرعة لتستمر مع الحياة الجديدة، والا سوف لن يبقَ للخالق من اهمية الوجود بلا حياة ومجتمعات تعيش.


اسرار وأقاويل كلها يتداولها الناس ونحن نسمعها منذ الصغر دون نظرية من منطق ثبت وحقيقة مادية ثابتة تمكن للخُرافة من ان تنتقل الى حقيقة في رؤوس الناس دون دليل، وهذا نقص في موسوعة الأديان أو قل هم لا يريدون التحقيق. فالكثير من الحقائق عند الناس بحسب التفسيرات الميثيولوجية لا زالت وهماًً دون اثبات، ومسألة الجنة والنار والمتناقضات بحاجة الى فلسفة وتثبيت، فتأويلها ليست بالصيغة البسيطة التي يفلسفها رجال الدين، مع ايماننا بكل ما جاء في القرآن الكريم صحيح. فهل الخوض في اثبات حقائق طرحها القرآن فيها ضيرُ على الناس؟ اعتقد انها منفعة للعلم والناس معاً. لكن المشكلة على من يعلمها بصحيح وحقيق.

ان نظرية التشابه التي وردت في سورة البقرة آية (25) تعني ثبات الشكل وتغير المحتوى، وهذا دليل مادي أخر على ان الآيات القرآنية قابلة للتآويل عبر الزمن بأراء وأفكار مختلفة رغم ثبات النص، وقد أثبتت الاحداث عبر الزمن ان بعض الآيات القرآنية اصبحت اليوم تاريخ كما في آيات الآماء وما ملكت ايمانهم وما في الأرحام .

ولأن الفقهاء ليس بمقدورهم تآويل القرآن فقد بقي القرآن الكريم دون تحقيق، مما ألحق بالمسلمين كل هذا الظلم والتفاوت الأجتماعي والتخلف الحضاري الذي اراد له القرآن ان لا يكون، وقد ادرك الرسول (ص) بعلمه اللدني هذه الحقيقة حين قال عند دخوله مكة محررا في سنة (11للهجرة) : ايها الناس لا تنقلوا عني غير القرآن حتى لايختلط كلامي بكلام القرآن العظيم، تاركاً القرآن لتأويل العلماء مجتمعين لا منفردين (الآية 7 من سورة آل عمران) وتبقى السُنة النبوية المتداولة حالياً بحاجة الى تفسير،  بعد ان حرفها أبن هشام عن مقاصدها خدمة للسلطان .

ان تفسيرات معنى العدالة في المجتمعات الأنسانية، بأعتبار ان العدل يمثل احد أساسيات القرآن الزامية التحقيق، ويتحمل وزر هذا التصرف الخاطىء بالأنفراد في التفسير الترادفي لمعاني النص القرآني من وجهة نظري الشخصية هم فقهاء السلطة لا فقهاء الدين، فجاء ناقصا ومبهما في اكثر جوانبه المعرفية، بعد ان أقر القرآن الكريم في سورة آل عمران آية(7) عجزهم عن التآويل، (وما يعلم تأويله الا الله والر
اسخون في العلم) والرسول الكريم سلمه للناس قبل وفاته دون تأويل. فتلاقفته الفِرق والفقهاء بالتفسير بالجرح دون التعديل.ولنبقى نحن نبحث في الميثيولوجيا دون ان نتنبه الى الخطر المحدق بنا في الداخل والخارج دون تفكير.

يبقى السؤال الذي طرحه الكاتب من خلق الله ؟ ولماذا هذه الفِرق المختلفة المتقاتلة بين البشر؟،ومن اباح لها الاستحواذ على حقوق الأخرين في الأعتقاد والتفكير ؟ ولماذا الفرض الجبري على الناس والقرآن يرفض الجبرية في الاعتقاد بالدين ؟ ولماذا الغنى المفرط والفقر المدقع بين الناس ؟ فتلك مسألة لا يدخل فيها الا التجريد المعمق الذي لا يخشى لومة لائم في قول الحقيقة من أحد ونحن منه اليوم لا زلنا بُعاد.

تبقى ملاحظة هامة نقولها:

لوكان النص القرآني المكتوب بين ايدينا هو عين كلام الله فهذا يعني ان الله له جنس عربي او اخر، وانه يقوم على علاقة الدال بالمدلول ولكن بما انه احادي في الكيف: ( قل هو الله احد، الأخلاص 1) وواحد في الكم: (قل انما هو اله واحد، الانعام (19) لذا نقول ان الله هو الحق والوجود الموضوعي له خارج الوعي الانساني وضمن المدرك الالهي وخارج المدرك الأنساني (لا تدركه الأبصار)،  لذا يبقى فهمنا للحقيقة الالهية المطلقة وهي الوجود ونواميسه العامة قاصرة ونسبية علينا لمعرفة الذات الآلهية وتاريخ وجودها وكيفية الخلق؟، فليس من واجب طالب المدرسة الأبتدائية ان يعرف نظرية أنشتاين في الرياضيات وهو لازال مبتدْ في العلم والمعرفة .

ان رجال الفلسفة هم أولى بأعطائنا المزيد من القناعات الاخرى ان هم يملكونها. ولكن لا أعتقد يستطيعون، فذاك مُدرك بعيد عن قدرتهم الفلسفية والعلمية الأنسانية كما في قوله تعالى (وليس كمثله شيء)..

اعتقد على الكاتب السيد خضير طاهران يكف نهائيا عن الكتابة في هذه الطوبائيات التي يتلقفها من الكتاب الاوربيين الملحدين والتي ما قرأنا لهم واستفدنا منهم قدر أنملة في هذا المجال سوى ادخال الشك في الخالق العظيم،  وأنما كل ما كتبوا ما هي الا سفسطائيات لا معنى لها غرضها الطعن في الدين الاسلامي وشخصية الرسول (ص) التي لا زالت لم تدرس من قبل علمائنا دراسة حقيقية خارج نطاق الدين والتقديس..لذا عليه ان يتجه الى مقالات التوعية الفكرية لمجتمعه الغارق في الخرافات والترهات الفكرية اليوم والذي اصبح اشبه بالطبل الفارغ الذي لا تسمع منه الا الرنين.

وعليه ايضاً ان يتنبه الى ضرورة الألتفات الى أصلاح المنهج الدراسي الحالي في المدرسة العربية الذي هو بحاجة ماسة الى أدخال نظرية عناصر المعرفة الأنسانية ونظرية الجدل والمجادلة في عنصري الرحمن والشيطان ومعرفة الأسس التي وردت في كل الديانات وليس في الأسلام فقط،  يقول الحق: (ولقد صرفنا في هذا القرآن للناس من كل مثل وكان الانسان أكثرَشيء جدلا،الكهف 54). ليتبين لنا من الأمور ما زلنا نجهلها ساعتها سنبتعد عن نظرية الحلال والحرام والفتوى والألزام التي قررت علينا دون قانون، ليحل مكانها الدستور والقانون والحرية وهما المنقذ للخروج من الأنغلاقية الفكرية الحالية التي مزقت المجتمع الأسلامي والعراقي بشكل خاص لصالح الاخرين، واشاعت الفرقة بين افراده وسيدت الفكر المنغلق على اهله وعلمائه.

نحن بحاجة ماسة اليوم الى احلال نظرية المعرفة الانسانية، والمقصود بها :

هي فك الالتباس بين الحقيقة والوهم أي بين (الحق والباطل). ان المعرفة الأنسانية تبدأ بالمشخص الجزئي وتنتهي بالمجرد العقلي، اي نحن بحاجة الى قوانين القوننة الألزامية في العدالة الأجتماعية بين الناس كما أقرت في أوربا وأمريكا. وهي نظرية موضوعية لوجود التلازم المُحكم بين الصوَر الموجودة في الأذهان ومطابقتها للأشياء الموجودة في الاعيان في خارج الوعي الأدراكي للأنسان. لذا يجب أدراك الالتباس بين التصديق والتصور. فالاسلام لم يكن دينا تقليديا كما يتصوره البعض من جهلة الأديان، بل هو نظرية علمية آيديولوجية متكاملة ملزمة التنفيذ أبعدها عنا الفقهاء ورجال الدين. مع الأسف وقعت بعد وفاة صاحب الرسالة (ص) بأيدي لم تستطع تطبيقها لعدم معرفتهم في تأويلها وتطبيقها على الناس.

ونحن نأمل ان تسود العدالة المجتمعات العربية الاسلامية وتتخلص من عقد الماضي البغيض وتنتقل آيديولوجية الأسلام الى علمائها المتخصصين مجتمعين لا منفردين كما أرادها القرآن العظيم، لنلحق بركب الحضارة وحقوق الشعوب والتحرر من سيطرة فقهاء السلطة، كما في آوربا وأمريكا اليوم، فلا فرق بين ابيض واسود وبين مذهب واخر، فهم أمم مختلفة في أمة واحدة، ونحن امة واحدة في أمم مختلفة (انظر مقررات مجلس القمة الخائب) ولتكن الحقوق والواجبات مكفولة بالقانون كتابة وتطبيقا على الجميع دون تمييز، فالمذاهب في الاسلام ليس لها من أصل سوى اجتهادات شخصية انتهى زمانها وأصبحت تاريخ..ولكن من يستطيع ان يقولها والسلطة دوما مع رجال الدين ؟

الطائفية والعنصرية والأثنية وفكرة تقديس القائد الضرورة الممارسة اليوم في مجتمعاتنا المتخلفة هي التي أوصلتنا الى هذا المنحدر السحيق والتي أضاعت حتى شخصيتنا الأنسانية والوطنية بين الشعوب المتحضرة، واصبحنا دُمى نتحرك حول المصالح الخاصة متناسين العزة والكرامة، وبدأنا نتصرف وكأن لا اسلام جاء ولا دين نزل، والاسلام منها براء، فاضعفتنا الى درجة الخنوع للأخرين والافلاس المؤسسي التام بعد ان اصبح المنصب والمال الحرام هو الهدف، واذا لم يكن المنصب لمن يستحقة لا لمن يملكه. والنائب لمنتخبيه لا لمصالحه الخاصة ومتعه الشخصية التي فاقت كل تقدير. لا فائدة مما نحن فيه اليوم. أما ان يكون النائب نائبا وهو يجلس في عمان او دبي او اربيل، فرواتبة ومخصصاته وجراياته حرام مثل دم الخنزير. هؤلاء ليسوا نوابا منتخبين وأنما هم بلطجية القرن الحادي والعشرين. فدمهم حرام والساكت عنهم شيطان اخرس في نظر المجتمع والقانون.

ولم تمت المسائلة بعد هذا فلا احد يجرأ على تحدي القانون بعد ان يتحول الى عقيدة ملزمة عند الجميع، ولكن من يحاسبهم والكل في الهوى سوى امام فقدان الضمير، لذا لا يمكن للمجتمع ان يُصلَحَ الا اذا وعي ذاته ولم يعطَِ صوته في الانتخابات الا للمخلصين للوطن والشعب وينزع من شخصيته الآزدواجية والمصلحية المقيتة وكلمة (أني شعليه)، وهي الطريقة الوحيدة لنزع السلطة من مغتصبيها لأسترداد الحقوق. فنحن اليوم بحاجة الى خلق نظرية الوعي الجماهيري للمطالبة بالحقوق وليس بحاجة الى النقد السلبي الذي يشحن البغضاء والتباعد بين الناس، فلا تناقشوا في السرقات فهي حطب جهنم سيحترقون بها في الدنيا قبل الأخرة ويكفيهم عارا ان الناس تنظر اليهم على أنهم سراق وطن.. وحاجة الدولة الى بناء المؤسسات الكبرى وليس بحاجة الى الوزارات ليتمكن المواطن من معرفة حقوقه وواجباته دون عناء،

ساعتها لم يبقَ لنا من أهمية في الدخول في أسئلة لا هوتية لا نفع منها ولا ضرر معتقدين فيها أظهار المواهب لا غير، كما في سؤال الكاتب المحترم :من خلق الله .........؟.