نظرية جدل الكون بين فلاسفة الأغريق وفلسفة القرآن الكريم... ؟
عبد الجبار العبيدي
jabbarmansi@yahoo.com
ان من عقبات التقدم الحضاري في الامة العربية الاسلامية، والتي تقف حائلا دون
خروجها من المأزق الحالي نحو الانفتاح الفكري والتقدم التكنولوجي مثلما تقدمت الامم الاخرى، هي ابعاد المفهوم
العلمي لنظرية جدل الكون والانسان التي وردت في القرآن الكريم عن منهج الدراسة والتعليم، يقول الحق : (ولقد
صَرفنَا في هذا القرآن للناس من كل مثلٍ وكان الانسانُ اكثرَ شيء جَدلا، الكهف 54).
هذه النظرية العلمية البحتة عالجها الفقهاء معالجة لغوية بعيدا عن مقصدها العلمي الصحيح لجهلهم بها، فخلقوا من
أفكارهم المتزمتة مدخلا للتعتيم على العقل العربي خدمة للسلطة منذ عصور العباسيين، بعد ان أغرقوا انفسهم في
التفسير اللغوي اللاهوتي المعتمد على الترادف اللغوي الخاطىء في تفسير النص المقدس، ووهم الغيبيات وألاحاديث
الأحادية. ففاتهم ان نظرية صراع المتناقضات هي التي تؤدي الى التغير والتطور وظهور الشيء الاخر البديل. هذا ما
أطلق عليه العلماء المحدثين بالحركة الجدلية الداخلية، او ما سموه بنفي النفي، هذا التوجه العلمي جاء في القرآن
بمفهوم التسبيح فأهملوه لعدم قدرتهم على التأويل العلمي للمصطلح، الأسراء 44). فتوقف مفعول النص حين اصبح
الايمان بالمطلقية الفكرية عند فقهاء المسلمين –المتعالين على الناس–
الذين اعتقدوا ان فكرهم هو خلاصة العلم ونهاية التجارب –وهم خاطئون–
فاعتبروه شكا في كلام الخالق، فتوقفوا عن التحقيق .
بينما ظهرت نهضة الفكر العلمي عند الأوربيين بأعتبارها هي القوة التي تحرك الناس اعتمادا على الاحكام والنظريات
من تجارب الامم الأخرى، التي أستقت جذورها من علوم اليونان والرومان بصفة خاصة. ثم ظهرت الحركة العلمية التي
قادها أصحاب الموسوعات العلمية مثل الفيلسوف دالامبيرفي القرن الثامن عشر، وتبعه فولتيروجون لوك وغيرهم كثير.
فولدوا لنا هذه النهضة العلمية التي قلبت اركان المجتمع واوصلته الى قمة المعرفة العلمية والتكنولوجيا الحديثة.
وبقينا نحن نهرول خلف الغيبيات والفلسفات المثالية ولا غير.
يقصد بالجدل: الشدة والصرامة، (لسا ن العرب –كلمة جدل).
لكن المفضل عند اللغويين هي شدة الخصومة، وفي الحديث الشريف: (ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه، الا أوتوا الجدل،
أبن ماجة المقدمة 48).
اما اصطلاحاً، فهو مقابلة الحجة بالحجة، وللمجادلة معانٍ اخرى، كالمناظرة والمخاصمة والمناقشة، والحوار. وفي
الحديث الشريف: هو الجدل على الباطل وطلب المغالبة به لاظهار الحق فأن ذلك محمود بقوله تعالى: (وجادلهم بالتي هي
احسن،النحل 125) ولقوله تعالى: (قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي الى الله, والله يسمع
تحاوركما...المجادلة 1 )، وقوله تعالى: ( لا جدال في الحج، البقرة 197).
ولعل هذا المصطلح قد خاض نقاشات عديدة في الموضوعات الخاصة بالحوار، اذ حظي بالاهتمام لوروده في القرأن الكريم ،
وبسبب دخوله حلبة الصراعات الفقهية المذهبية في الاسلام. نتيجة تمسك
كل فقيه بمذهبه الأجتهادي المخترع دون رأي الاخر، لأبطال احدهما تعنتاً لا اقتناعاًً. لكن الجرجاني يؤكد على ان
القصد من الجدل عند المتجادلين هو ابطال قول الاخر (التعريفات ص66). اما أبن وهب فيقول فيه: ان الجدل والمجادلة
قول يقصد فيه اقامة الحجة فيما اختلف فيه اعتقاد المتجادلين (البرهان، ص222).
وفي القرآن الكريم آيات كثيرة تشير الى الجدل ملخصها: ان الجدل
هو في المحاججة او المعارضة لكسب الرأي. وبما ان الرأي صادر من العقل، فالدليل في الجدال هو الحجة على حد قول
الامام علي بن ابي طالب(ع)، تحفة العقول ج20ص312). وقال الامام (ع): بنظرية تطبيق ظواهر الطبيعة والمجتمع على
قوانين الجدل، حينما قال بنظرية الخلق المطلق من العدم، (انظر فلسفة الرازي ص252-253). وهي ما رددها ماركس من
منطق هيجل الجدلي حين اضاف اليها ماركس بان الجدل والجدلية هما وليدا التجربة والممارسة والدليل في المطلق.
وملخص ما دار من نقاشات حول الكلمة ومعناها هو ان الرسول (ص) جادل المشركين بالتي هي احسن لكسب ودهم وتقريبهم
الى الاسلام كما دار في صلح الحديبية. ويؤيد هذا القول ما جاء في القرآن الكريم: ( فبما رحمةٍ من الله لنت لهم
ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك، آل عمران 159).
ان كل ما جاء عند المفسرين الاسلاميين عن نظرية جدل الكون القرآنية هو محض حدس وتخمين لا يمت للعلم والحقيقة
بصلة بعد ان تغاضوا عن نظريات الامام علي (ع) في نظرية نشأة الكون. والا فأن السبق العلمي
للامام وليس لهيجل كما يدعون؟
نظرية جدل الانسان والكون لم تكن حديثة بل جاءت في كتب الفلاسفة الأغريق والرومان والتي مهدوا بها لمعرفة نظرية
الخلق للعالم والانسان، انظر(مقدمة في فلسفة هيجل ؛ص29). لا اعتقادهم ان مع نشأة التأمل الانساني يبدا التساؤل
عن الكون ونشأته. وشملت تلك التساؤلات عن كيفية خلق الانسان والكون والاصل لهما والمصير،
(مشكلة الفلسفة ص64 مترجم). ثم تحول طاليس الملطي (624-656 ق.م) الى البحث والتساؤل
في أصل الماء بأعتباره هو أصل كل شيء. ثم جاء النص في القرآن الكريم: (وجعلنا من الماء كل شيء حي، الأنبياء 30)
فدخلت النظرية الكونية في مساجلات ونقاشات فلسفية لا يسعها المقال هنا، لكنهم اكدوا ان سبل الصلاح والاصلاح يكمن
في العقل والفلسفة والأيمان بها ، وليس بالأديان التي تناقضت فيما بينها في الجدل والمناقشة. رغم ان الاديان
السماوية واحدة لا تناقض بينها سوى مرحلية الزمن.
ويبدو ان نظرية جدل الكون عند العلماء القدامي انحصرت في فكرة:
أن الزمان والاشياء في تغير وتحول دائمين، لذا قال هرقليط بالحركة الدائمة والصراع بين المتناقضات، لان موت أي
شيء يؤدي الى موت شيء اخر كما في احياء النار للهواء والعكس صحيح.
وكذلك في نظرية
الوجود والموت قال: الموت وجود يزول، كذلك الشر خير يتلاشى، والشر خير يزول، فالخير والشر والكون والفساد أمور
تتلازم وتنسجم في النظام العام. من هنا قال الفيلسوف أرسطو: بالكون والفساد، وهو لايقصد بمعنى الفساد الذي نفهمه
اليوم، بل يقصد :بالتحول الميكانيكي للشيء كتحول الارض الى شجرة والشجرة الى ثمرة.
وهنا يتدخل القرآن الكريم في هذا التصور الفلسفي الذي عجز الفقهاء عن تفسيره حين قال الحق:
(*انا خلقنا الموت والحياة لنبلونكم أيكم احسن عملا(الملك 1*). اي
ان الموت هو خلق والخلق هو موت كما قال في ذلك هرقليط في موت الهواء والنار.
ثم جاءت نظرية الامام علي(ع) في القرن السابع الميلادي في الخلق
المطلق من العدم لوحدانية المعتقد بالله مستنداً على الاية الكريمة ( هل من خالقٍ غيرُ اللهِ، فاطر 3). ويلخص
بعض العلماء المُحدثين ان لا وجه للممائلة بين القديم والمحدث، والثابت والمتغير، والكامل والناقص، فهو تعالى:
(ليس كمثله شيء ،الشورى 11). لكن يبدو انهم لم يتوصلوا الى نتيجة علمية ثابته لعدم ادراكهم تأويل النص القرآني ،
فراحوا يفسرون ماجاء به تفسيراً لغوياً لا تأويلا علمياً فوقعوا في اشكالية المعرفة لعدم وجود نظرية اسلامية في
المعرفة الانسانية عندهم. وهذا ما أكد عليه القرآن الكريم في الآية 7 من سورة آل عمران؟
وحتى الديانات الوضعية القديمة دخلت في جدل عقيم كالمانوية التي اعتقدت بالنور والظلمة، والحرانية (الصابئية)
التي اعتقدت بالكواكب والنجوم وهي ديانة قائمة على الوهم النفسي الى اقوال خرافية كثيرة اعتمدت على الحدس
والتخمين لا على البرهان والحجة، كما في الصوفية عند المسلمين التي اعتمدت على الماورائيات في الحجة والدليل؟
وخلفت لنا كل هذه الشعوذة والغلو في الايمان دون دليل؟
وحين التحدث عن نظرية الكون والانسان من منطلق الايات القرآنية التي وردت فيه لابد لنا من البحث في جدلية تناقض
الشيئين الذي يؤدي الى هلاك الشيء بأستمرار وفيه يكمن السر في الاستمرار والبقاء بعد الموت، فكل ميت يُخلق من
بعده اخر حي، يقول الحق: (ولا تَدعُ مع الله الهاً اخرَ لا اله الا هو كلُ شيء هالكُ الا وجَههُ...القصص 88).
وجدلية تلائم الزوجين في الخلق: (وأنه خلق الزوجين الذكر والانثى، النجم 45)، والذي ولد منهما حالات كثيرة اخرى
كالزواج وما تبعته من تشريعات قانونية واخلاقية عديدة، أصبحت قانونا اجتماعيا لا فكاك عنه ابدا. وجدلية تعاقب
الضدين، الليل والنهار، وتبعهما الحب والكراهية، يقول الحق: ( خلق السموات والارض بالحق يكور الليل على النهار
ويكور النهار على الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري لاجل مسمى ...،الزمر 5). وتدخل في حساب النظرية البعث
والحساب، والجنة والنار، واستقرار النقيضين فيهما (...وان الاخرة هي دار القرار، غافر 39).
واذا تتبعنا الامر بحسب ما ورد في التنزيل الحكيم نرى هناك مفارقات كبيرة لا يفهمها الا العالمون . فكيف ادركها
الفقهاء منذ القرن الثالث الهجري وهم لا زالوا حديثي عهدٍ بالتفسير، وعلينا اتباعهم. وتقف ظاهرتي المجتمع
الدنيوي والاخروي في وجود ظاهرة العمل والصحة والمرض والخير والشر والحرب والسلام في الاول واختفائها في الثاني:
(الحاقة 23)، العنكبوت، 64نالحجر 47، ص64. فهنا نقع في اشكالية صراع المتناقضات الدنيوية واستقرارها في
الاخروية، فكيف تفسر مثل هذه النظريات وفق قانون الترادف اللغوي الخاطئة عند فقهاء المسلمين. هنا كل التفاسير
القرآنية الحالية بحاجة الى اعادة النظر فيها من الوجهة العلمية لجماعة علماء التخصص وليس لفقهاء التفقه.
مشكلة لابد من الدخول في حوارها واختراق المآلوف الخاطىء الذي
تعودنا عليه واصبحنا جزءٍ من الخطأ الدائم الذي فرضته علينا مؤسسات الدين لمنفعة سيطرتهم وسيطرة السلطة
الغاشمة. منذ عهود الأمويين والعباسيين ومن جاء من بعدهم من السلطويين .
اما نظرية جدل الانسان فهي نظرية مادية صرفة، ولان الانسان مادة، فلابد من الدخول في حوار الفكر الانساني وليس
في شيء اخر، هذا الفكر الذي مُنعنا من محاورته من مرجعيات الدين، استنادا الى الاية الكريمة: (...تلك حدود الله
فلا تقربوها ، البقرة187 ..).علما بان الاية الكريمة تحتم علينا الزامية اتباعها لمعرفة الوصول الى الاشكالية
العلمية الكبرى التي يطرحها القرآن سواءً في الملموسات المادية او الغيبيات والواجبات السلطوية تجاه المواطنين،
وان تكون السلطة متفاعلة مع الحقوق والواجبات وبعكسها فلا واجب في طاعتها شرعا وقانونا، يقول الحق: ( وَمَن
يَبتغِ غيرَ الاسلامِ ديناً فلن يقبلَ منهُ ....،آل عمران 85 ) اذ لا معنى لأيةِ آية قرأنية لا تأويل لها حينئذ
تصبح حشوا لا معنى له، وحاشى ان يكون في القرآن من حشوٍ أو زيادة كما صوروه لنا الفقهاء في الحروف التي جاءت في
اول بعض السور القرآنية حين عجزوا عن تفسيرها.
وحين يفتح المجال لعلماء الاختصاص في البحث القرآني بحرية دون دخل للقدسية والعاطفة ينفتح الفكر على مصراعيه
لمناقشة نظرية الرحمن والشيطان، والاعمار والارزاق والاعمال، والقضاء والقدر، والانزال والتنزيل، والحق والباطل،
والغيب والشهادة، والروح والنفس، والعقل والفكر، والبشر والانسان. ومصطلحات كثيرة وردت في القرآن وهي متضادة
وليست مترادفة قولا ومعنأً، وكلها لا زالت الى اليوم دون تفسير علمي لها صحيح، سوى تخريجات الفقهاء على الحدس
والتخمين؟ وهنا كان مقتلنا.
لكن النظرية الجدلية الحديثة دخلت معارك الفكر
الانساني على يد الموسوعيين الأوربيين على عهد الفيلسوف ديلامير في كتابه تاريخ الفكر البشري وتناقضاته
والذي آمن بالفكر والحرية والتقدم ولا شيء يناقضهما. ثم جاء الفكر الديكارتي والهيجلي فوضعت لنظرية الجدل
تخريجات كثيرة وقناعات علمية متعددة سنأتي عليها في مقالة اخرى.
ونعود لأدم وبداية النشأة الانسانية، بأعتباران آدم أبو الآنسنة وليس ابو البشرية، فقبل آدم وجد البشر قبل
ملايين السنين (أنظر تاريخ أنسان النايتدرال في الصين)، ومن بعده جاء التجريد الديني، وهي مرحلة الأصطفاء،
والاصطفاء هو الاختيار للمهمة الدنيوية في الأصلاح الأنساني وليس النبوة كما يدعون، يقول الحق: (ان الله أصطفى
أدم ونوحا وآل أبراهيم وآل عمران على العالمين، آل عمران 23). فالتجريد بدأ بأدم والنبوة بدأت بنوح وليس قبله،
يقول الحق: (انا أوحينا أليك كما أوحينا الى نوحٍ والنبيين من بعده، النساء163). لذا فأن القصص القرآنية هي ليست
بقصص كما يطرحها التفسير، بل هي رسالات ومعلومات ونبوات ابتداءٍ من نوح الى محمد (ص). من هنا فدراسة القصص
القرآنية يجب ان تكون وفق المنطق العلمي الجدلي في التأويل لاكما يقول لنا الفقهاء انها جاءت لتسلية النبي عند
التفكر والراحة والاستجمام لجهلهم بها.
ان الانبياء والرسل الذين بلغ عددهم ال 24 نبياًً ورسولاً من هؤلاء (13رسولا) والباقي أنبياء كما وردوا في السور
القرآنية المتعددة مثل نوح، والشعراء، ويونس، والحديد، ومريم، والصافات، وغافر، وآل عمران، والاحزاب. فكل منهم
جاء لينفذ مرحلة من مراحل الاسلام وكلهم من المسلمين، اما جماعة محمد(ص) فهم المؤمنون، بدلالة قوله تعالى: (ان
المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات....لهم مغفرةً وأجراً عظيماً، الاحزاب 35) والتفريق هنا قصدي لبيان
الفرق بين الكلمتين لفظاً ومعنىً، وليس على سبيل العضة والاعتبار كما يقول بعض المفسرين فصدقناهم على العمياني..
اذن لا فرق بين المسلم واليهودي والمسيحي والصابئي وكل من لديه كتاب في نظر القرآن الكريم، يقول الحق: (ان الذين
آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى من آمن بالله واليوم الأخر وعمل صالحاً فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون
،انظر سورة المائدة ،الآية 69. فكيف نحسبهم من الكافرين وكلهم أهل كتاب سماوي...؟ ألم يكن ذلك نقصاً في التشريع؟
وُفرقة خلقها الفقهاء قصدا دون دليل؟
بعد هذا الجهد الجهيد نستطيع ان نخلق نظرية اسلامية المعرفة مصاغة صياغة
معاصرة ومستنبطة حصرا من القرآن الكريم، لتعطينا ما يسمى باسلامية المعرفة، وبذلك نستطيع ان نعطي منهجا في
التفكير العلمي لكل مسلم، قائم على التأويل القرآني الصحيح للحدث التاريخي للتعامل مع الفكر الانساني برمته
دون تحريم، ولن نسمح لأمعات الفكر من التحكم بمصائرنا دون دليل. لان ليس كل فكر أنتجه الانسان هو عدو للاسلام
بالضرورة، لكن غياب المنهج المعرفي لدينا اليوم هو الذي جعلنا أسرى الوهم والتخلف.
نحن نعيش اليوم أزمة فقهية وردة حضارية قاتلة تدعونا الى ان نتحول الى استباط فقه جديد بعيدا
عن التفسير الفقهي الجامد الحالي للنص الديني وتحيد مفهوم السُنة النبوية الشريفة بعد ان افسدتها الحركات
الدينية الوهابية للمتطرفين كما في القاعدة والوهابيين وجيش النصرة ودولة العراق الاسلامية في العراق وبلاد
الشام، وكما عمل ابن هشام (ت218للهجرة في سيرة ابن اسحاق ت 150للهجرة وحولها الى تخريف). والتطرف المذهبي دون
تفريق وبعد ان مضى عليها اكثر من1400 سنة تغيرت فيها معاني الكلمات والافكار، لان الزمن يلعب دورا في عملية
التغيير.
فهل نبقى اسرى مرجعيات الدين المعزولة عن المواطنين؟
وهي ترفل بالترف والنعيم ؟
أن اللغة لم تنشأ دفعة واحدة لأرتباطها بالتفكير، بل نشات في اوقات متلاحقة بعد ان حافظت على أتساق نظامها، لذا
ظلت وستظل في تطور مستمر. وهذا ما يدعو اليه مؤتمرات المعاجم العربية التي أكتشفت ان توقف التطور اللغوي للغة
العربية أثر في التقدم الحضاري للامة وأبقاها في مكانها دون تقدم. فلا بد من الحل البديل، والاتجاه نحو هذا
الاصلاح أفيد للامة من الف مؤتمريعقد للأرهاب تصرف عليه الملايين كذبا وتدجيلا على المواطنين، وملايين الكتب
التراثية تطبع كل سنة لتوضع على الرفوف زينة وآبهة كما نراها في المكتبات وفي غرف المسئولين وهم لم يقرأوا منها
حتى العناوين .ولا علما ولا فائدة منها وتصرف عليها الملايين من قوت الشعوب دون مردود مفيد، وطلاب مدارسنا
يفترشون الارض وتحت رحمة البرد والحر دون وقاية من سنين؟. ومستشفياتنا بلا حتى اسرة واجهزة العناية للمرضى
المسنين .
هذا ما أدركته الشعوب الواعية بينما نحن فيه متمسكون. ان الامة بحاجة ماسة وملحة للخروج من هذا المآزق المنهجي
الخاطىء لنلحق بركب الامم التي سبقتنا، وكان المفروض ان نكون نحن من السابقين، ولربما سائل يسأل أذن لماذا لا
نبدأ؟، نقول له ان هذا المشروع هو مشروع بحاجة الى توعية المواطنين وحكم قانوني رصين لا يفرق بين المواطنين .
ان البحث عن التأسيس القرآني للمجتمع، أنما هو بحث في ظاهرة ميلاد مجتمع وأكتشاف القانون الذي يحكم الظاهرة التي
تفرض نفسها على كل مجتمع بعد ان تُدرس الظواهر في أنقى أشكالها تحررا من أي تشويه خارجي والعمل على الصحيح
فالعودة عبر الزمن مستحيلة . فهل يصحى النائمون ......؟ وهل بقي لنا قرآن يقرأ، وناس يعتقدون ويخافون...؟ اشك في
ذلك ؟ قال الامام علي (ع) السلطة والمال السائب تفسد اخلاق الرجال ...؟ :
اذا فسد الحاكم فسد الزمان كله فلا تقرأوا القرآن الا مع الصالحين؟