كثيرا ما استوقفتني الاية الكريمة {وجعلناهم ائمة يدعون الى النار ويوم القيامة لا
ينصرون} لاتساءل مع نفسي، ترى كيف يصير الانسان اماما يقود الى النار؟ هل يمكن ان نتصور احد من بني البشر انه
امام للنار؟ واكثر من هذا، هل يمكن ان نتصور انسانا (مؤمنا) او (معمما) يلبس الزي الديني، هو امام يدعو الى
النار، ومعنى جعلهم أئمة يدعون إلى النار، تصييرهم سابقين في الضلال يقتدي بهم اللاحقون، على حد قول العلامة
الطباطبائي قدس سره؟.
بقيت في حيرة من امري اسال نفسي مرارا وتكرارا حتى سمعت (فقيه موزة) و (عالم فضائيتها) اليوم وهو يدلي بحديثه
(الديني) المتزمت والفوضوي الذي يدعو فيه الى القتل العشوائي، فصرخت باعلى صوتي، وجدته وجدته فهذا هو (امام
النار).
سمعته اولا يدعو الى تداول السلطة كل (5) سنوات في بلاد
المسلمين، ولقد كدت ان اصدقه لولا انني تذكرت انه يطلق دعوته التاريخية هذه من على منبر قناة تابعة لواحدة من
اسوأ الانظمة السياسية في العالم، واقصد به نظام القبيلة الفاسد الحاكم في دول الخليج.
وسمعته يقول بان الحاكم الذي يقتل مواطنا واحدا من شعبه يستحق
القتل، ومرة اخرى كدت ان اصدقه لولا انني تذكرت انه هو ذاته الذي حرض على قتل شعب البحرين عندما نعت ثورته
السلمية المباركة باقسى اوصاف الطائفية المقيتة، وبذلك حرض قوات درع الجزيرة على قتل هذا الشعب المسالم
والمظلوم.
واستمر يدلي بتصريحاته المعسولة التي تتذوق في حلاوتها السم السعاف، وفي كل مرة احاول ان اصدقه الا انني اتراجع
عن قراري عندما اتذكر انه احد ابرز دعاة الفتنة الطائفية في عالم اليوم ممن برر لكل الطغاة حتى آخر لحظة من
حياتهم، وعلى راسهم الطاغية الذليل صدام حسين، حتى جاء على آخر حديثه من دون ان اتمكن من تصديقه ولو في امر
واحد، لان حديثه شابه حديث المومس عن الشرف، وذوات الرايات عن العفة والطهارة.
ولشد ما يستغرب المرء كيف يجيز لنفسه مثل هذا الشيخ الطاعن في السن ان يكذب على شيبته ويضحك على ذقنه فيكذب
ويراوغ ويناور ويتجاهل ويتغافل ويتغابى لدرجة انه اضحى اضحوكة عصره، وظفه اعداء الاسلام والامة لتحقيق مآربهم
الرخيصة بل وحتى التافهة منها؟.
كنت اتصور ان صفحات التاريخ كتبت عن (بلعم) واحد في تاريخ البشرية ليتبين لي ان مسيرة البشرية فيها الكثير من
(البلاعم) وشيخنا الذي وصل الى ارذل العمر احدهم، وهو بالتاكيد سوف لن يكون آخرهم.
كنت اظن ان في التاريخ واحد فقط وصفه القران الكريم بقوله:
{وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ
آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ* وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ
فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ
يَتَفَكَّرُونَ* سَاء مَثَلاً الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَأَنفُسَهُمْ كَانُواْ يَظْلِمُونَ} |
لاكتشف اليوم بان (الكلاب) كثيرون
وليس كلبا واحدا، ولقد احتار العالم كيف يتصرف معهم، فان يحمل عليهم يلهثون وان يتركهم يلهثون.
وبالمناسبة، فان مثل الكلب هذا الوارد في القران الكريم لم يكن مشركا ولا كافرا، وانما كان مؤمنا ربما يعتم
بعمامة (رجال الدين) وربما كان من المقربين الى الله تعالى، الا انه، وحسب وصف القران الكريم اخلد الى الارض
ليصفه الله تعالى بالكلب، وها هو (فقيه موزة) يخلد الى اغراءات سيدة القناة موزة وبترودولار زوجها وخطاب قناتها
الطائفي المضلل، لينطق كفرا من على شاشتها، فيكون كلبا بوصف الله عز وجل.
ولولا انه لازال يضلل كثيرون لما اعرت كلامه اية اهمية، الا ان كثرة المضللين، من الذين استخف الشيخ بعقولهم، هو
الذي يدعوني الى ان اسلط ولو حزمة من ضوء على ما يهذي به.
ولكنني، ومن بعد حديث (فقيه موزة) الاخير في قناتها الطائفية سوف لن ابرر للمخدوعين باحاديثه (الدينية) ابدا،
فلقد فضح الرجل نفسه على لسانه، وتبين لكل ذي عين بصيرة انه اعمى البصيرة والقلب وان لم يكن اعمى البصر، فلقد
وصف الله تعالى العميان بقوله:
{أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ
يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} |
والا بالله عليك قل لي كيف راى
(فقيه موزة) القتل في سوريا مثلا، ولم يره في البحرين؟ وكيف رآه في ليبيا ولم يره في الجزيرة العربية؟ وكيف رآه
هنا او هناك ولم يره في مصر وفلسطين؟ الا يعني ذلك احد امرين، فاما انه اعمى عن حق وحقيق كما يقول المثل، او ان
معد البرنامج قدم امامه ورقة مكتوب عليها اسماء المناطق المسموح له بان يضرب بها مثلا، وتحتها تحذير يقول (ممنوع
المساس بموزة ومن حولها).
الم ير (فقيه موزة) عمليات القتل والذبح التي ترعاها في العراق وغير العراق سيدته (موزة) ورجالها واموالها
واعلامها؟ هل يعقل بان (فقيه موزة) يجهل الحقائق فلا يدري مثلا بان اموال بترودولار نظام القبيلة الفاسد الحاكم
في دول الخليج، خاصة قطر والمملكة العربية السعودية، هي التي تقتل في سوريا والعراق ومصر وليبيا والباكستان
والهند وفي كل مكان من بلاد العرب والمسلمين؟ ام انه لا يعرف بان الاعلام الطائفي الذي يموله نظام القبيلة
الفاسد والذي يحرض على العنف والكراهية هو السبب الاول والاخير للمجازر والمذابح التي تشهدها الكثير من بلاد
العرب والمسلمين وبشكل يومي يروح ضحيتها المئات من الابرياء من نساء واطفال وشيوخ؟.
واسال من (شيخ موزة) هل ان هؤلاء القتلة مشمولون بالفتوى (الدينية) التي اطلقتها من على شاشة (موزة) ام ان في
الفتوى استثناء يشمل كل من يقف خلفك ويدعمك ويحرضك ويستفيد منك ويوظف فتاواك التدميرية؟ ام ان دم العراقيين مثلا
او البحرينيين والمصريين ابيض فسكت عنهم وان دماء السوريين والليبيين احمر فافتيت لهم؟ ام ان نظام القبيلة
الفاسد الحاكم في دول الخليج خرج بدليل من تحت عباءة فتواك (الدينية)؟.
لماذا تدعو الى ان يتداول الزعماء السلطة كل (5) سنوات وحولك زعماء استولوا على السلطة حتى قبل ان تلدك امك،
وقبل ان ترى النور بعينك؟.
لماذا لا تفتي لموزة مثلا وتدعوها لترك السلطة مع زوجها وقبيلته بعد (5) سنوات من الان على الاقل؟ لماذا لم تدع
آل سعود لان يتركوا السلطة بعد (83) عاما من الحكم الفاسد المغلف بغلاف الدين والدين منهم براء؟.
هنا، نحن لا نرد على ما ذهب اليه، ولكننا نقول بانه {كلمة حق يراد بها باطل} فلو ان (شيخ موزة) كان صادقا لبدأ
بتطبيق فتاواه في بلد المنشا اولا، واعني به مصر الكنانة التي تشهد اليوم مجازر وحشية ضد المتظاهرين الابرياء
والعزل، وكذلك في البلد الذي يعيش فيها، واقصد بها (دولة قطر العظمى) او اخواتها من نظام القبيلة الفاسد.
كلنا نستهجن القتل، وكلنا نرفض الظلم، وكلنا يطالب بالديمقراطية التي تتجلى في نظام تداول السلطة، وكلنا نعتقد
ونؤمن بان القاتل والراضي بالقتل والساكت عن القتل شركاء ثلاثة، ولكننا نرفض الانتقائية والتحريض الانتقائي،
خاصة في الفتوى، فهي موقف شرعي لا يجوز ان تميز بين قاتل وآخر او بين ديكتاتور مستاثر بالسلطة وآخر، فذلك هو
الخطا بل الجريمة التي نرفضها رفضا باتا، ولو ان (فقيه موزة) مؤمن بما يقول وانه واع لما يقول لكان اول
المطلوبين للعدالة ليقتل وتقطع يديه من خلاف لانه افسد في الارض اكثر من مرة والله تعالى يقول في محكم كتابه
الكريم :
{إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ
فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي
الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} |
اليس كذلك؟.
ان (فقيه موزة) ومن على شاكلته، مثل اولئك الذين اصدروا فتاوى القتل والعنف والذبح جماعات ووحدانا لتحريض المغرر
بهم للذهاب الى العراق ابان سقوط الصنم، ليرتكبوا من المجازر الوحشية ما لم يفعله التتار ابان سقوط الدولة
العباسية، انهم اول المشمولين بفتوى (فقيه موزة) القاضية بقتل او محاكمة كل من يحرض على القتل.
ان فتاواهم التي حرضت على القتل والذبح هي التي ورطت الاطفال
واليافعين لترك بلدانهم والذهاب الى العراق لتفجير انفسهم وارتكاب المجازر بحق الابرياء العزل ظنا منهم بانهم
سيلتقون فور مقتلهم برسول الله (ص) في جنان الخلد على مائدة العشاء، حسب فتاوى المشايخ من امثل (فقيه موزة) ومن
لف لفه.
وان فتاواهم هي التي حرضت اصحاب رؤوس الاموال على بذل اموالهم
لتسليح الارهابيين وتغطية نفقات سفرهم الى العراق ومن ثم لتغطية نشاطاتهم الارهابية في الاعلام.
وان فتاواهم هي التي صنعت من الذباح والقاتل والمجرم بطلا
وانموذجا يقتدي به الشباب المغرر بهم.
وان فتاواهم هي التي شوهت سمعة دين الله تعالى الاسلام، فشجعت
كل من هب ودب للتعدي على حرمة الاسلام ورسوله الكريم (ص) كما حصل ذلك في هولندا والدنمارك والولايات المتحدة
الاميركية وغيرها.
وبكلمة مختصرة، فان فتاواهم تقطر اليوم من دماء الابرياء ليل نهار، فمن الذي يجب ان تنفذ بحقه، يا ترى، فتوى
(فقيه موزة)؟.
من الذي يجب ان يذعن لفتوى (فقيه موزة) الحاكم المستبد اولا، ام الفقيه المضلل؟.