ان المتتبع للتاريخ العام
لانتشار الاسلام ونشوء ما يعرف اليوم بالعالم الاسلامي الذي تجاوز تعداده 1500 مليون مسلم، يجد ان السبب قد يكون
: اما نتيجة لفتوح عسكرية مدت نطاق الاسلام بفضل قوته الذاتية الدافعة، والجدير بالذكر ان الاعمال الحربية لم
تنشر الدين الجديد وانما هي مهدت له الطريق وفتحت له الباب امامه، ثم انتشر الاسلام في البلاد المفتوحة. بعد ان
تركوا احرارا في امر دينهم، فمن شاء اعتنق الاسلام ومن شاء بقى على دينه ودفع الجزية طبقا للاية الكريمة (لا
اكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي)
البقرة.
والفكرة الاساسية التي سيرت المسلمين في هذا الموضوع هي ان الاسلام نعمة من نعم الله على الانسان – فمن اراد
الله خيره، فتح للاسلام قلبه، ففاز به. ومن لم يفتح الله عليه فلا معنى لفرض الاسلام عليه – لان النعم لا تفرض
على الانسان بل ينالها عندما يستحقها. ولهذا فسواء في العراق او مصر او الشام او المغرب او بلاد فارس، فتح العرب
البلاد ودعوا الناس لدخول الاسلام وبينوا لهم فضائله ثم تركوهم بعد ذلك يتمثلونه على مهل – وقد كانت هذه السياسة
اكثر فاعلية مما لو كان الفاتحون المسلمون قد اجبروا الناس على اعتناق الدين – لان الذي يسلم طواعية وبمحض
اختياره يكون اسلامه صحيحا شاملا – ومن هنا نرى كيف ان الاسلام لم يدخل بلدا ثم تلاشى منه – الا في حالة الاندلس
– وكانت هناك ظروف واسباب استثنائية.
واذا نظرنا الى
خارطة العالم الاسلامي،
راينا ان ثلثه فقط دخل في نطاقه نتيجة الفتوح والمتبقي انتشر فيه الاسلام انتشارا سلميا دون ان يستخدم لذلك اي
سلطان –
ففي كل بلاد افريقية المدارية والاستوائية بما في ذلك السودان وفي كل جزائر جنوب شرق آسيا وفي جانب كبير من شبه
القارة الهندية وجزر الهند الصينية وبعض بلاد امريكا اللاتينية، انتشر الاسلام بقوته الذاتية. دون ان يكون لاحد
في ذلك دور يذكر.
وبأستثناء الفتوح الاسلامية الاولى – وهي التي تمت خلال القرن الهجري الاول – كانت العادة ان يمتد الاسلام من
تلقاء نفسه فيما يجاور بلاده عن طريق السياح والتجار والمهاجرين من بلاد المسلمين، فكانوا ينشئون في البلدان
التي يستقرون فيها جماعات اسلامية - - - وفي الغالب كانت الجاليات الاسلامية خارج عالم الاسلام تنظم نفسها طبقا
لقواعد الاسلام – وكانت تعيش في سلام الى جوار غيرها من غير المسلمين. والعقيدة الاسلامية في العادة امتدت شيئا
فشيئا الى ان شملت الاقليم كله. كما حدث في بعض جزر المحيط الهادئ كالفلبين واندونيسيا.
والى جانب اخر كان يحدث عكس ذلك، عندما يظهر حادث غير عادي ويوقف انتشار الاسلام، كالذي حدث عندما عملت السلطات
الاستعمارية الاوربية على الحد من انتشار الاسلام فيما احتلته من البلاد الافريقية والاسيوية وذلك عن طريق العمل
المنظم لنشر المسيحية بواسطة هيئات التبشير المتخصصة – او عن طريق منع الناس من الانتقال من اقليم الى اقليم. –
وحركة انتقال الناس هذه كان لها ابعد الاثر في انتشار الاسلام.
وسنكتفي هنا بمثال واحد من اثر تدخل السلطات الاستعمارية لايقاف انتشار الاسلام بالقوة – فقد دخل الاسلام جزر
الفليبين
كما ذكرنا وفي الجزر التي تكونت منها فيما بعد جمهورتي اندونيسيا وماليزيا المسلمتين. كان ذلك قبل اكثر من خمسة
قرون وما ان دخل المستعمرون الاسبان هذه المناطق حتى وضعوا خطة محكمة لايقاف تقدم الاسلام بالقوة، لكي تجد
المسيحية مجالا للانتشار – لكنهم مع ذلك لم يستطيعوا ان يحققوا هدفهم. كل ذلك لان الاسلام في كيانه الاساسي هو
تنظيم صادق كعقيدة وشريعة وميزان خلقي واسع – وهو المثل الاعلى والامل المرتجى والطريق الصريح للسعادة البشرية.
من كتاب عالم الاسلام،
لمؤلفه الدكتور حسين مؤنس، مع التصرف
لماذا كانت
ثورة التغيير في الاسلام؟
لقد تجلت عظمة حركة التغيير والتجديد في الاسلام في شموليتها لمختلف نواحي الحياة الانسانية من خلال الجوانب
التالية:
كان الاسلام حركة تغيير كبرى في التاريخ البشري، فما اجدرنا هذه الايام بفراءة هذا التاريخ بعناية وتأمل لا
بالحفظ والغرغرة والتكرار كالببغاوات، حتى نستطيع تلمس الطريق الى التغيير الان والذي نحن باشد الحاجة اليه –
فالتغيير هو التجديد في الحياة. وما احوجنا الى اكتشاف الاسلام من جديد – فقد غاب عنا الاسلام منذ القرن العاشر
الميلادي لحد الان.
1 – في الجانب الديني كان الاسلام حركة تغيير حين نقل المجتمع العربي من مجتمعات الشرك الى مجتمعات التوحيد – من
مجتمعات عبادة الاصنام الى مجتمعات عبادة اله واحد احد في السماء- - وقام بما قامت به الاديان الاخرى من صدام
ديني عنيف مع الكتل التي كانت تسيطر على المجتمعات البشرية لتغيير افكارها.
2 – في الجتانب الاقتصادي، قام الاسلام بحركة تغيير كاملة لاقتصاد المجتمع العربي والصنمي ونقله من اقتصاد الربا
والاحتكار والتلاعب بالاسعار والموازين الى اقتصاد القرض الحسن والبيع والشراء بالعدل والقسطاس.
3 – في الجانب الاجتماعي قام الاسلام بحركة تغيير شاملة ايضا وجاء بقيم اجتماعية جديدة تتناسب ومجتمع التوحيد
وتلغي معظم القيم الاجتماعية في المجتمع الوثني – فاعطى للمرأة حقوقا مالية واجتماعية لم تكن موجودة قبلا وحرم
قتل الاطفال خشية املاق وحرم الزواج باكثر من اربع نساء وعند الضرورة.
4 – وفي الجانب الاخلاقي كان للرسالة الاسلامية الباع الاكبر في الاتيان بحزمة من فضائل الاخلاق، مقابل الغاء
معظم القيم الاخلاقية التي كانت موجودة في المجتمع الوثني والنابعة من طبيعة هذا المجتمع – فحرم الخمرة والميسر
والزنى ورمي المحصنات والكذب والغش.
5 – في الجانب السياسي جاء الاسلام بمفهوم جديد للدولة وهي الدولة الفكرية التي لا مكان لعنصر القومية المقيتة –
فالدولة الاسلامية من العهد الراشدي حتى نهاية العهد العباسي كانت تضم مسلمين ومسيحيين ويهود وربا ملحدين ومن
قوميات مختلفة من (فرس و عرب واكراد وهنود -- ) ضمن الامبراطورية الاسلامية الواسعة الارجاء قي ذلك الزمان.
6 – في الجانب العسكري
احدث الاسلام تغيير في دوافع الحروب وشروطها – وكان اهم هذه الشروط : ان المجتمعات
الطاغية هي التي تقتل الناس لاجل افكارها في سبيل ان ينتشر الحكم الفاسد – ان القتال في الحروب الباغية، يعد
قتالا مرفوضا وقتال تحت راية عمياء وجهاد الخوارج الذين يريدون ان يصلوا الى الرشد بوسائل الغي – ان الجهاد في
سبيل الله يجب ان يكون مستوفيا الشروط كما كان في عهد الرسول –
7 - اما في الجانب العلمي كان الاسلام حركة تغيير كبيرة حين امر المسلمين بان يتعلموت ويعقلوا ويتفكروا في خلق
الله ولم يلجأوا الى اعمال الشعوذة والدجل والسحر والتخيلات ولعل القران الكريم امتلأ بما لم يمتلئ به اي كتاب
سماوي اخر على ضرورة اعمال العقل
كالقران هو كتاب العقل وانه دعوة صريحة
لتحرير العقل من عقاله واستعمال العقل
ووزن كل شئ بميزانه وترك الحرية له لكي يرشدنا الى الصواب.
* لماذا لشاكر النابلسي مع
التصرف