اشجار الصفصاف هى اشجار خفيفه وجذابة ذات اوراق رمحية تسقط فى الخريف طولها يصل الى 80 قدم تمتد جذورها الى مصدر
المياه وهى اول شجره تنتج زهور فى الربيع يوجد منها انواع عديده كاشجار الصفصاف البلدى وام الشعور او المتهدل والصفصاف الكبير
تحب الماء لذلك تزرع على ضفاف الأنهار حيث تمتد جذورها إلى مصدر المياه القريبة ،وهي
أول شجرة تنتج الزهور في الربيع
Willow Tree
ذكر الصفصاف في مخطوطات سومرية وفرعونية قديمة. ينمو في التربة الرطبة في نصف الكرة الشمالي. ويتواجد
الصفصاف في الكثير من أنحاء العالم حيث تزرع على جوانب الجداول والسواقي ليستفيد منها القرويين في عمل ظل وكسر سموم الرياح الحارة
صيفا والرياح الباردة شتاء, كما تستخدم لعمل مماسك لبعض الأدوات الزراعية وكذلك استخدام الأغصان الصغيرة كحطب. توجد منها ما يصل
طولها 30 متر ومنها ما هو قصير حتى 3 متر. تنمو الشجرة من الغصون المتكسرة توجد منها ما هو مذكر وما هو مؤنث. تحتوي قشرة الصفصاف
على مادة الاسبرين
تقول الاسطورة السومرية ان شجرة الصفصاف مقدسة، كانت تنمو على ضفاف نهر الفرات، ثم اقتلعتها رياح الجنوب ذات يوم، وحملتها مياه
الفيضان. وحينها كانت الألهة (أنانا) تسير على مقربة منها، حملتها الى مدينتها اورك (الوركاء: المدينة
السومرية والبابلية
على نهر الفرات، تبعد عن مدينة اور 35 ميل وتقع حوالي 30 كم شرق السماوة.)، وهناك زرعتها في حديقتها واولتها
عنايتها لتصنع من خشبها بعد ان تكبر سريرا. وبعد ان نمت الشجرة سكنتها افعى خبيثة، وبنى طائر الزو على اغصانها عشا، وحلً فيها
الشيطان. إلا ان كلكامش تمكن من تطهيرها من هذه الافات، فصنعت له أنانا من خشب هذه الصفصافة آلتين موسيقيتين، سمت الاولى باكو،
والثانية ماكو.
وكان الصفصاف يستعمل في الحضارة السومرية في التعاويذ. وقد جاء في احدى هذه التعاويذ :
(إذا جاءت شجرة الصفصاف من حقل وسط المدينة).
وفي تعويذة اخرى (وبفضل اغصان الصفصاف عسى ان ينهضوا).
كان الصفصاف الابيض يستعمل عند الحيض كمطهًر، ولأغراض علاجية اخرى.
وفي رسالة الغفران إشارة الى منزلة الصفصاف في الجنة. (فلما صرت الى باب الجنة، قال رضوان :
هل معك جواز؟ فقلت لا. فقال لاسبيل لك الى الدخول به. فدهشت، فقلت اعطني ورقة من هذه الصفصافة حتى اتمكن من الدخول، فقال: لا
اخرج شيئا من الجنة إلا بأذن العليً الأعلى، هذا ما جاء في الغفران.
وكانت Helice (اي الصفصاف Salix) اسم الشهر الخامس عند اليونانيين، وهو ايضا اسم نهرهم المقدس، وكانت اوراقه تستعمل
في اعمال السحر. و الاسطورة اليونانية تقول : ان Ion هو اب اليونانيين، - وعلى اسمه جاء اسم اليونان، بعد ان تزوجت هليكة
(الصفصافة)، ومن نسلها تحدرت الطبقات الاربع لسكان أثينا : الفلاحون والصناع و والكهنة والجنود.
كانت الصفصافة عند الساميين شجرة مقدسة، تستنزل المطر وتقترن بالقمر.
يُدعى الصفصاف عند العرب شجر (الخلاف)، واصنافه كثيرة. يطلق على الصفصاف خليفو بالاكدية، وخلف بالكنعانية، وحيلافا في السريانية،
وكالوبو بالسومرية. ويبدو ان معظم الاسماء الاوربية التي تقال للصفصاف، يرجع الى السومرية. وهذه الالفاظ كلها تذكرنا بمادة (هلً)
السامية. بمعنى سطع. وبكلمتي (الهلال) و (الهالة) العربيتين، يرد ذكر لبنات (هاء، ل، ل) وقد يكون المقصود منه، القمر الساطع !
والعلاقة بين الصفصاف والماء معروفة، اما علاقة
المار بالقمر، فمردها الى المد، وهو ارتفاع ماء البحر وامتداده الى البر. القمر يتم دورته في ثمانية وعشرين يوما، ولأن عدة ايام
الحيض ثمانية وعشرين ايضا، فقد كان الرقم 28 مقدسا في المجتمعات القديمة التي كانت السيادة فيها للأم. ومن هنا اقترنت عبادة المرأة
بعبادة القمر. كما كان يعتقد ان ميزة أماليد الصفصاف في الألتواء والانضفار اشارة الى الدورة الدموية للمرأة.
ومن الاسماء التي يظن ان لها صلة (بالصفصافة الام) : سلمى و سالم و سليم و وسلمان وسليمان. وهناك مادة (سلل) بالعبرية وتعني يُعلى.
ولكن من معانيها ايضا ينوس و يتذبذب، مثل اغصان الصفصاف وسعف النخيل. التي تستعمل في صنع السلال، تقابلها السلًي بالعراقية
الدارجة.
يضيف كاتب السطور قائلا :
أثناء سفرتي السياحية الى ايران حديثا، تلهفت لزيارة مرافقها التاريخية والاثرية، كان متحف
ابن سينا في مدينة همدان من ضمنها. كان مظهر بناية المتحف يوحي بعمارة اسلامية دون زخرف. وفي داخله سُطًرت نماذج مختلفة من
الاعشاب الطبية، معروضة في الجدار الدائري بقطر يناهز سبعة امتار حول شاهدة القبر، الموجودة في مركز هذه الدائرة، والشاهدة
عبارة عن صخرة رمزية، قرمزية اللون ضخمة، جُلبت من مدينة نيسابور، مسقط رأس ابن سينا، مكتشف سر الاعشاب المعروضة هذه.
كانت اوراق الصفصاف من بينها، وقد كُتب على العلبة الزجاجية التي تحويها باللغة الفارسية والانكليزية عبارة
( يشفي امراض البرد ). ولم يكن ابن سينا يعلم في حينه ان مادة الساليسيك في نبات الصفصاف هي عامل الشفاء. كان ذلك الاكتشاف قبل
اكثر من الف عام.
ابن سينا
حينها استذكرت ايام صباي في الاربعينيات حينما كنت استحضر (السبع عرقات) في دارنا بكربلاءعن طريق التقطير،
(Distellation)، بعد ان كانت اغصان الصفصاف تجلب الينا من البستان، اهيئه للمرحوم والدي الذي كان يمارس الطبابة عن طريق المعالجة
بالاعشاب البريًة، يداوي بها مرضاه المصابين بامراض البرد.
وفي خلال خمسينيات القرن الماضي تراني طالبا في كلية الطب لدوسلدورف بالمانيا. وقد هيأة ادارة الجامعة لطلاب دورتي سفرة استطلاعية
الى مدينة ( ليفركوزن ) لزيارة معامل الادوية فيها. وقد تفاجئت ان ارى هناك اقراص اسبرين باير المعروفة تصنع من حامض الساليسيك
المستخلص من اغصان الصفصاف.
يومها ادركت ان الشرق الاسلامي كان لا يكتفي بتصدير مكتشفاته العلمية الى اوربا فحسب، بل انما كان يمدً ابنائها بالعلوم الحياتية
المجدية عبر معاهدها العلمية في بلاد الاندلس، ابان الحضارة الاسلامية المزدهرة.
* علي الشوك في (جولة في اقاليم اللغة والاسطورة) مع اضافة لكاتب السطور.