الرياض وعلاقتها برئيس وزراء لبنان
د.هشام العلي
التفت الي احدهم وهو من يسكن الرياض للدراسه، وقال لي"هذا الوليد اغنى واحد، يمكن اغنى من الملك "
فالوليد بن طلال ومع كونه امير، الا ان شهرته كرجل اعمال وثري، كانت اكبر من شهرته بصفته كأمير . زاد من جماهيريته، عندما دعم الرياضه والاندية السعودية بتبرعاته السخيه للفريق الفائز
بالبطولة، ففي مقابلة تلفزيونية تتعلق بالاعمال، وبدعمه وتوجهاته الرياضية، وهذه المقابلات عادة ما تكون بعيده عن الرسميات، وفيها من رحابة الصدر، ما يميزها عن غيرها، فاتصل احد
الجماهير
" يا سمو الامير اريد اسألك سؤال، وان كان محرجا "
" لا عليك . تفضل "
" بصراحة، كم رصيدك في البنك ؟ "
" تريد تعرف رصيدي ؟ "
" نعم، ياطويل العمر، اذا سمحت "
" لكن انت ما قلت لي، تريد تعرف رصيدي، عندما ابتدأت بالسؤال ام عندما انتهيت من السؤال ؟ "
كذلك رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري، فحاله تتشابه مع حال الوليد بن طلال في المملكة العربية السعودية، فشهرته كرجل اعمال اكبر
واكثر من حديث الناس عنه كرئيس لوزراء لبنان ! .
ففي الرياض تصرخ الاماكن والمعالم، باسماء اكثر
شهرة واكبر اهمية، فالجامعة باسم الملك سعود، واما الشارع الذي يقطع الرياض من الجنوب الى الشمال وذو الأهيمة الكبرى هو " شارع الملك فهد " ولن تجد صعوبة في ان تعرف ان اهم شارع
يقطع الرياض شرقا الى الغرب هو " شارع الامير عبدالله " ليصبح بعد ذلك " شارع الملك عبدالله " بعد ان اصبح ملكا للمملكة العربية السعودية .
فالمال والاعمال في الرياض له جزء مخصص من حديث الناس
طبعا لا تتطبعا، فالمال قربه سعاده، وبعده شقاء، فان لم يكن للانسان من يده نصيب فيه، فلينل لسانه منه ما شاء وما رغب، امنية او تسلية، حقيقة ام خيالا، فلعل في الكلام ما يثير في
النفس همة، فيجلب منفعة ترجى، او لعل في الكلام عبرة لمن نسي مصير من ناءت اشد الرجال، بحمل مفاتيح خزائن امواله ... فاذا به خسفا مع الارض وكأنه لم يك شيئا ...
فالخوض في السياسة مهلكه
والحديث عن الظلم والعدالة والخروج على الحاكم، شبهة من شبه النار
ما اتى بها الا كافر، يريد ان يظل بها عباد الله
كلام نسمعه من منابر المساجد ومشايخ الندوات .
ارست قواعد القصور الملكية اعمدتها، كما ارتفعت الكتل الخرسانيه كأسوار للقصور على تصاميم " سعودي اوجي " تلك الشركة التي يمتلكها الرئيس رفيق الحريري، فامتدت جدران القصور ارتفاعا،
وامتدت في الاميال طولا، فكانت "سعودي او جي " الشركة الأولى عقاريا في دولة مملكة النفط .
فرفيق الحريري رجل من اباطرة التاريخ العقاري في المملكة، وهو رجل عصامي، خاض الغمار شابا طموحا، ولم يرث المال ارثا . فأتى الى المملكة في السبعينات معلما، وهو في الثلاثينات من عمره
. فاختار ساحة معركتة الصحراء، وما عرفها يوما، ولكن دهاء بتعب، ولعب بحذر، فرمى سهامه مع سهام الملوك، ورمى برمحه مع رماح الامراء، فأصاب سهمه يوم اصابوا،، فنال الرضى والقبول، بصدق
وعوده لهم، وانجز ما عجز غيره انجازه .
في جولة بالسياره مع احد اصدقاء العمل في وزارة التربية والتعليم بالرياض، قرر ان نذهب الى حي الناصريه، ثم الانطلاق الى الحي الدبلوماسي، ولا بأس بحي الخزامى ... هناك كان رفيق
الحريري، فهناك قصور الملوك والامراء، وهناك قصر المؤتمرات، الذي يعتبر تحفه معمارية مذهبة، واعمدة وقباب مزخرفة، تدلل على الامبراطورية الماليه للمملكة العربية السعودية، كما ارست
المناقصات اختيارا لا منافسة، على " سعودي اوجيه " بناء الديوان الملكي، ومجلس الشورى الحكومي، وجامعة الاميرة نوره، فقام ببناءها على اكمل وجه، واتقن عمله تفصيلا و هندسة .... حتى
بلغت ثروة رفيق الحريري 4 مليارات من الدولارات عدا ونقدا، رقما وحرفا .
انهى اجتماع الطائف الذي عقد بين الفصائل اللبنانية المتقاتله في نهاية الثمانينات من القرن الميلادي الماضي .. انهى الحرب، وبدأ رفيق الحريري اسما في السياسة كرجل لبناني، له الحضوة
والمكانة لدى الحكومه السعودية، فما كانت عام 1992 الميلادي الا ورفيق الحريري رئيسا للوزراء في لبنان . ومنها بدأ عهدا جديدا لعلاقات سعودية لبنانية . علاقات سياسية وعلاقات مالية،
وعلاقات اعلامية .... فتنافست سوريا بحضورها كيانا وعسكرة في لبنان، وتواجدت السعودية مالا ونفوذا وقرارا في لبنان .
كان مقتل رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري في العام 2005 الميلادي، في تفجير سيارة في العاصمة بيروت، هو انفجارا ايضا في العاصمة الرياض، فأقامت عائلته العزاء في الرياض، قبل
العزاء في بيروت لبنان . فالعائلة لديها الجنسية السعودية كما لديهم الجنسية اللبنانية .
اتذكر جيدا خبر مقتل رئيس الوزراء اللبناني، كنت في الرياض عصرا، في احد فروع بنك الرياض، حيث اتداول واتعامل، في بيع وشراء الاسهم للشركات السعودية، فيما يعرف عالميا بـ " البورصة "
واجتماعيا بـ " الشاشة "، حيث ان اسهم اسعار الشركات التي يتم من خلالها الشراء والبيع تعرض في شاشة تلفزيونية كبيرة واحيانا تعرض هذه الشركات على شاشة بروجكتر عملاقة، في قاعات مجهزة
لهذا الغرض من قبل البنوك، لذلك عرفت بـ " الشاشه " وليست بـ " البورصه " . خاض المجتمع السعودي بأفراده واسرته، بفئاته وطبقاته تجربة التجاره في " الشاشة "، وانا واحد منهم، لهذا
السبب كنت في البنك اتابع " الشاشة "
صاح احدهم " خبر عاجل، هناك انفجار"
" يا ستار، يالله "
كان شريط الاخبار يمر اسفل الشاشة معلنا عن انفجار يهز وسط العاصمة بيروت، ما زالت اسهم البورصة السعودية غير متأثره، فالأسهم باللون الاخضر، هذا معناه ان الشركات تحقق ربحا في
تداولاتها اليومية، وان الشراء يفوق بكثير الرغبة في البيع . " الشاشة " باللون الاخضر وهذا اريح للعيون من اي لون اخر . تتحرك الاموال في سوق الاسهم السعودي بمعدل 36 مليار ريال
يوميا، ونتيجة لوجود القوات الامريكية في العراق وافغانستان كانت اوضاع المنطقة غير مستقره من الخليح الى الشام . ولعظم الاموال التي تتدفق الى سوق الاسهم السعودي، كان لأي حدث في
المنطقة تأثير واثر على حركة واتجاه السيوله الماليه " فرأس المال جبان " مقولة قالها كثيرون ... ولم يعرفوا حقيقتها الا قليلون
" يا أخوان، السوق لم يتأثر من الانفجار "
" احنا في الرياض . ماحنا في بيروت، ليه يتأثر؟! "
حتى جاء الشريط الاخباري ان موكب الرئيس رفيق الحريري هو الذي تعرض للانفجار!، هنا كان الذهول على وجوه من في القاعة ... ذهول تعرفه بالصمت ... وتدل عليه ملامح الوجوه ... وما هي الا
لحظات ... واذا تنقلب الشركات من اللون الاخضر الى اللون الاحمر، رمز البيع،و رمز الخطر،ورمز الخسارة " المال جبان – بدأ بالهروب " ... وبدأت " الشاشة " يطغى عليها اللون الاحمر ...
عندها لا تعلم ايهما اشد احمرارا،حمرة الوجوه ام حمرة اسهم الشركات .. وهناك ايضا، لا تعلم ما السبب هل هو خسارة المال ام فقدان رجل الاعمال السعودي والذي هو رئيس وزراء لبنان رفيق
الحريري